وزير ليبي في قبضة الأمن الفرنسي... هل ينهي ضبطه ازدواجية الحكومتين؟
قال مصدر ليبي، في تصريح لـ -السياق-، إنه من المقرر أن يمثل الطرابلسي -خلال يومين- أمام قاضٍ فرنسي بسبب الأموال المضبوطة معه في باريس

السياق "خاص"
ضربة جديدة للمليشيات المسلحة في ليبيا، وحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، قد تقود إلى انفراجة في أزمة الحكومتين في البلد الإفريقي، وتنهي الانقسام السياسي.
تلك الضربة تتمثل في اعتقال السلطات، وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عماد الطرابلسي في مطار شارل ديغول، بالعاصمة الفرنسية باريس، بحوزته مبلغ كبير.
وقالت وسائل إعلام محلية، إن الطرابلسي الذي خضع للاستجواب من السلطات الفرنسية، بشأن حيازته مبالغ تجاوزت 200 ألف يورو، أرجع هذه المبالغ التي ضبطت بحوزته، إلى أنها للإنفاق الشخصي، لقضاء عطلة في باريس.
وبحسب التقارير المحلية، فإن سبب مصادرة المبلغ الذي كان بحوزة الطرابلسي، عدم إقرار الأخير لسلطات المطار بوجود ما يستوجب التصريح به جمركيًا عندما سُئل عن ذلك.
وقال مصدر ليبي، في تصريح لـ«السياق»، إنه من المقرر أن يمثل الطرابلسي -خلال يومين- أمام قاضٍ فرنسي بسبب الأموال المضبوطة معه في باريس، مشيرة إلى أن السلطات الفرنسية صادرت المبلغ الذي كان بحوزته، لتخطيه الحد المسموح به من السلطات المحلية.
ماذا يعني القبض على الطرابلسي؟
يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إنه رغم أن القبض على وزير داخلية عبدالحميد الدبيبة كان لأسباب غير سياسية، تتعلق بخرقه لأنظمة إدخال العملة الى فرنسا، فإن القرار فضيحة دولة تعكس فساد الحكومة منتهية الولاية.
وأوضح المحلل الليبي، أن القرار له تداعيات سياسية وأمنية على العلاقات بين فرنسا وحكومة الدبيبة، خاصة أن عماد الطرابلسي جاء إلى كرسي وزارة الداخلية، لا لإمكاناته العلمية أو المهنية، وإنما كرشوة له لشراء ولائه، ولشق صف ميليشيات الزنتان، التي انضمت إلى حكومة فتحي باشاغا.
وأشار إلى أن المخابرات الفرنسية لديها ملف عن أنسطة الميليشيا التي يقودها عماد الطرابلسي، وكل عمليات التهريب التي كانت تقوم بها، بما في ذلك الاتجار بالبشر والوقود والسلاح، منذ عام 2014.
وأكد المحلل الليبي أن الطرابلسي يواجه ملفًا ثقيلًا من الجرائم في باريس، إلا أن التساؤل سيظل: هل قررت فرنسا فتح هذا الملف أم تكتفي بمصادرة الأموال التي حجزت من وزير داخلية الدبيبة وتوجيه رسالة تحذيرية له؟
عبء على الحكومة
وعن إمكانية أن يقوِّض القبض على الطرابلسي حكومة الدبيبة، استبعد المحلل الليبي ذلك، قائلًا إن مصلحة الإتيان بعماد الطرابلسي إلى منصب وزير الداخلية انقضت، مشيرًا إلى أن تقارير أكدت أنه أصبح عبئًا على الحكومة، لخلافاته المتزايدة مع بعض النافذين المحيطين بعبد الحميد الدبيبة، ومنهم ابن عمه إبراهيم الدبيبة ووزير الاتصال وليد اللافي.
وأشار إلى أن الدبيبة سيجد الفرصة مواتية للتخلص من الطرابلسي بعد هذه الفضيحة، ما يفسر صمت حكومة الدبيبة وعدم احتجاجها على توقيف وزير بحجم وزارة الداخلية.
أما عن سعي الطرابلسي للفرار، فنفى المحلل الليبي ذلك، قائلًا إن عماد الطرابلسي كان مناكفًا شرسًا للمحيطين بالدبيبة، الذين يتدخلون بشكل مباشر في اختصاصات كل وزراء الدبيبة «ضعاف الشخصية».
وردًا على إمكانية أن يسعى البرلمان لاستغلال الحادث للتخلص من المليشيات، قال المحلل الليبي إن البرلمان سبق أن جرم كل الميليشيات، ودعا إلى تفكيكها وإدماجها في الجيش والأجهزة الشرطية والأمنية، مشيرًا إلى أن واقع سيطرة كل الحكومات التي جاءت بعد 2014 لم يساعد البرلمان الذي أعد كل التشريعات للقضاء على ورم الميليشيات.
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن ضبط الطرابلسي متعلق بحيازة مبالغ ضخمة تجاوزت مليون يورو، ما يخالف القوانين الفرنسية، مشيرًا إلى أن الأمر لا علاقة له بالوضع السياسي في ليبيا.
المسار السياسي
وأكد المحلل الليبي، أن اللافت في الأمر ارتكاب خطأ كهذا من وزير داخلية في الحكومة، ما يضع حكومة الدبيبة في موقف يثير الشكوك والشبهات.
ورغم تأثير ضبط الطرابلسي، فإن المحلل الليبي، قال إنه لن يؤثر في المسار السياسي الليبي، لكنه يبقى صفعة دبلوماسية ستضرب الحكومة، وقد تستخدم كورقة ضدها في الاتفاقيات المقبلة، خاصة مع الجانب الفرنسي.
وأشار إلى أن البرلمان -في هذه الفترة- مشغول بنقاشاته مع البعثة الأممية التي سببت له صراعًا جديدًا، مقللًا من إمكانية أن يهتم البرلمان بهذا الملف.
وعن إمكانية استغلال أزمة الطرابلسي لفتح ملف المليشيات، قال المحلل الليبي إنها ستبقى ورقة ضغط تستخدم في ما بعد، ضد الدبيبة وحكومته، خاصة أن المبعوث الأممي عبدالله باتيلي يسعى لإزاحة هذه الحكومة.
من هو الطرابلسي؟
عماد الطرابلسي قيادي ميليشياوي، كان يقود مليشيا تسمى «قوات العمليات الخاصة»، جمعت قرابة 5000 دينار عن كل ناقلة تمر، عبر نقاط التفتيش التابعة لها، إضافة إلى تورطه ومليشياته في عمليات تهريب الوقود.
يتحدر الطرابلسي من مدينة الزنتان، وقاتل في صفوف قوات الزنتان ضد قوات فجر ليبيا، إضافة إلى أنه قاد مليشيا الصواعق، التي دخلت في مواجهة سنة 2014 مع قوات من مدينة مصراتة.
وتبسط المليشيا التي يقودها الطرابلسي قبضتها على الضواحي الغربية في طرابلس، وخاضت في أبريل 2019 معارك ضد الجيش الوطني في منطقة العزيزية.
ورد اسم الطرابلسي، عام 2018، في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان، حيث مسحت لجنة من خبراء الأمم المتحدة انتهاكات الحقوق في ليبيا.
وقالت لجنة الخبراء الأممية في تقريرها الصادر عام 2018، إن الطرابلسي كان مُدرجًا على أنه رجل ميليشيا ومتلقي أموال حصل عليها بشكل غير قانوني.
وفي تحول كبير في مسار الطرابلسي، أصدر رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج، قرارًا في سبتمبر 2020، بتكليف القيادي المليشياوي البارز عماد الطرابلسي نائبًا لرئيس جهاز المخابرات الليبية.
وفي سبتمبر الماضي، قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، تعيين قائد مليشيا الأمن المركزي عماد الطرابلسي وكيلًا عامًا بوزارة الداخلية، في خطوة فسرها مراقبون حينها بأنها كانت محاولة من الدبيبة لإرضاء المليشيات المسلحة وضمان ولائهم في الصراع الدائر بينه وبين رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا.
إلا أنه بعد قرابة شهر من ذلك القرار، أصدر الدبيبة، قرارًا ثانيًا بتعيين الطرابلسي وزيرًا مؤقتًا لتسيير مهام وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، في أعقاب استقالة الوزير السابق خالد التيجاني مازن.