دعوات لتحقيق دولي في انفجار بيروت... هل تسفر عن تقديم متهمين جدد للعدالة؟

الانفجار نتج عن التخزين غير الآمن لـ2700 طن من نترات الأمونيوم، لكن لا تزال مسألة كيفية وصولها إلى هناك ولماذا تركت ضعيفة للغاية من دون حل

دعوات لتحقيق دولي في انفجار بيروت... هل تسفر عن تقديم متهمين جدد للعدالة؟

ترجمات - السياق

رغم مرور قرابة 3 أعوام على انفجار بيروت، فإن العدالة لم تنصف الـ220 ضحية، الذين لقوا حتفهم، بينما انطلقت دعوات دولية لإجراء تحقيق في ملابسات الحادث، وكيفية وصول 2700 طن من نترات الأمونيوم إلى ذلك الموقع، بلا تأمين كافٍ لها.

وتقول صحيفة ذا ناشيونال إنترست، إن انفجار بيروت 2020 لن يُذكر في التاريخ كحدث فحسب، بل كذكرى حية مؤلمة لأولئك الذين فقدوا أحباءهم.

فبينما يمكن إعادة بناء المنازل، والتئام المشاعر مع مرور الوقت، فإن الذي قُتل لن يعود، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن أفضل طريقة لتكريم الضحايا، كشف الحقيقة من دون تردد ولا اعتذار، عبر تحقيق نزيه وشفاف وخالٍ من تأثير السياسات اللبنانية المثيرة للانقسام والمؤسفة.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن أحزابًا سياسية وأصواتًا بارزة في لبنان، تطالب بتحقيق دولي في انفجار بيروت 2020، مشيرة إلى أنه بين أكثر الأحزاب اللبنانية صوتًا، كان حزب القوات اللبنانية، الذي يعد أكبر حزب سياسي في البلاد، الذي عقد مؤتمرًا صحفيًا في 9 مارس الجاري، بفندق Citea Apart في ضاحية الأشرفية ببيروت.

المؤتمر الذي أطلق عليه «الأمم المتحدة من أجل بيروت»، بدأ بالوقوف دقيقة صمت حداداً على 220 ضحية لقوا حتفهم في الانفجار، وعزف فيه النشيد الوطني اللبناني.

تحقيق مستقل وسريع

في كلمته خلال المؤتمر، أيد الدكتور ريتشارد كيوميجيان، الوزير السابق، دعوة أستراليا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 7 مارس الجاري، للسلطات اللبنانية إلى تحقيق مستقل وسريع في حقيقة انفجار الميناء.

ومن المعروف أن الانفجار نتج عن التخزين غير الآمن لـ2700 طن من نترات الأمونيوم، إلا أنه مع ذلك، لا تزال مسألة كيفية وصولها إلى هناك ولماذا تركت ضعيفة للغاية من دون حل.

وقبل أن يدلي مسؤولو القوات اللبنانية بتصريحاتهم، عُرض شريط فيديو لتفجير بيروت وما تلاه، أظهر ميناءً مدمرًا ومدينة مدمرة، مع مشلولين من الرعب الذي عانوه.

ووفقًا للكتلة اللبنانية والكتلة الجمهورية القوية، التي ينتمي إليها الجيش اللبناني، فإن بيان مجلس حقوق الإنسان خطوة حاسمة في جهودهم المستمرة لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة للمتضررين من انفجار بيروت.

وقال كيومجيان: «علمنا منذ اللحظة الأولى أن التحقيق المحلي لن يتوصل إلى نتائج سعيدة»، منتقدًا محاولات حزب الله عرقلة الإجراءات القانونية، الهادفة إلى كشف حقيقة الانفجار، حتى لو كان ذلك يعني الخروج عن القانون.

وذكّر الحضور بوفيق صفا، مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله، الذي توجه إلى قصر العدل لإرسال رسائل تهديد إلى القاضي طارق بيطار رئيس محكمة جنايات بيروت ورئيس التحقيق في المرفأ.

أحداث أمنية

علاوة على ذلك، اتهم كيومجيان حزب الله بالوقوف وراء «أحداث أمنية، مثل حادثة الطيونة وعين الرمانة، التي أدت إلى شقاق بين أهالي الضحايا أنفسهم في محاولة لتعطيل التحقيق».

وكان حادث آخر من هذا القبيل عندما دعا بيطار، علي حسن خليل وغازي زعيتر، وكليهما من أعضاء البرلمان من حركة أمل "حزب سياسي"، للإجابة عن أسئلة عام 2021.

ولم يقتصر الأمر على رفض النائبين المثول أمام المحكمة، لكن بعد ذلك تلقى بيطار تهديدات من حركة أمل وحليفها حزب الله ، إلى جانب دعوات لإقالته على أساس أنه «حزبي».

وتحدث نائب رئيس الوزراء السابق غسان حاصباني بعد كيومجيان عن قدرة القضاء اللبناني على القيام بواجباته، قائلًا: «بعد وقت قصير من انفجار مرفأ بيروت، ومع ثقتنا بالقضاء اللبناني، بسبب استمرار وجود عدد من القضاة الملتزمين بالقانون والمبادئ، كنا أول من طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية لدعمها».

وأضاف: «القضاء اللبناني خوفًا من أي تدخل لعرقلة أو وقف التحقيق. وهذا ما حدث. دعمنا أهالي الضحايا والمتضررين من ذلك، إيمانًا منا بأن الدمار والموت والأضرار المادية والمعنوية التي لحقت ببيروت، وتحديدًا مناطق المرفأ والمدور والرميل والصيفي والأشرفية، لا يمكن أن تمر من دون كشف الحقيقة».

مطالب بالمحاسبة والتعويض

وطالب غسان بالمحاسبة والتعويض عن الأضرار، بصرف النظر عما إذا كان الجناة مذنبين أو مهملين أو متواطئين، مشيرًا إلى أن السياسيين المتهمين الذين يفشلون في الوفاء بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، يرتكبون انتهاكًا لحقوق الإنسان، تمامًا مثل الانفجار نفسه.

وبحسب غسان حاصباني، فإن الادعاءات الإجرائية المتكررة التي قدمها المتهمون، للطعن في الإجراءات التي اتخذها القاضي، الذي يرأس التحقيق ورفض الامتثال للطلبات القضائية، أحد أشكال عرقلة سير العدالة.

وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إنه عندما تفشل المؤسسة السياسية، ممثلة في السلطة التنفيذية، في تعيين قضاة المحكمة العليا لملء الشواغر في المجلس، ومنع المجلس من إصدار الأحكام على هذه الادعاءات، فإن ذلك يعد عملًا سياسيًا يعرقل التحقيق والعدالة.

وعن الاهتمام الدولي قال حاصباني، إن انفجارًا بهذا الحجم مع شبهات بصلات دولية، بنقل المواد المتفجرة، كان ينبغي أن يحظى باهتمام أكبر، لمنع مزيد من الأنشطة غير المشروعة، مؤكدًا أنه بسبب تسييس القضاء اللبناني، سيكون من المستحيل توقع نتيجة نزيهة.

وقال ويليام نون، الناشط الذي يطالب بالحقيقة والمساءلة عن فقدان شقيقه جو نون: «نحن نكافح اليوم لنجد حقيقة انفجار مرفأ بيروت منذ 31 شهرًا، السياسيون يتدخلون في نظام المحاكم اللبناني”

كان نون قد اعتقل في يناير من قبل أمن الدولة، بتهمة التهديد ضد قصر العدل إذا لم يوفِ بالتزاماته القانونية، إلا أنه أطلق سراحه في النهاية.

وبينما لم يوجه اتهامات بشأن من يجب أن يتحمل المسؤولية على وجه التحديد عن الانفجار، قال نون: «لسنا مسؤولين عن كشف من يقف وراء انفجار الميناء. هذا هو دور المحاكم، محليًا ودوليًا (...) كل الجهود لاكتشاف الحقيقة مرحب بها. نحن ندعم أي شخص يؤمن ويعمل على إيجاد طريق للحقيقة، بصرف النظر عما إذا كانت القوات اللبنانية أو جهة أخرى».