الإخوان في حقبة صلاح عبدالحق... هل بدأت الجماعة المناورة؟
يقول المحلل السياسي أحمد رفعت لـ السياق، إن الخلاف داخل جبهات الإخوان نوع من لعبة توزيع الأدوار التي يجيدها التنظيم، لتشتيت الأنظار عن محاولة إعادة بناء الجماعة والعودة إلى المشهد السياسي.

السياق "خاص"
تأسيس ثالث للجماعة، أم استمرار للانقسامات والتشرذم حتى الاندثار؟، سؤال طرح نفسه، بعد التطورات الأخيرة التي ضربت الإخوان، وكشفت عن سير على غير هدى، وصراع غير قابل للحل على إرث حسن البنا.
فبعد اختيار جبهة لندن صلاح عبدالحق قائمًا بأعمال المرشد، تضاربت المؤشرات من النهج الذي سيتبعه الرجل، لإدارة المشهد الذي يغذيه الصراع والانقسامات.
فبينما رجح مراقبون أن يتتبع عبدالحق خطوات سلفه إبراهيم منير بالابتعاد عن العمل السياسي والصدام مع السلطات المصرية، كان ماضي الرجل وانتماؤه إلى «تنظيم 65» المعروف بـ«تنظيم سيد قطب»، يؤشر إلى غير ذلك.
ومما زاد من المؤشرات المتضاربة، تلك الرسائل التي ألقاها في ندوة بعنوان «على خطى الإمام البنا... عهد جديد»، بتأكيده أن الجماعة تحتاج إلى وضع شرعي ونشاط علني، ما يؤكد مضيه قدمًا على نهج القطبيين، في إدارة مواءمات إخوانه مع السلطات المصرية.
إشارة أخرى كانت في الاتجاه المعاكس، بتأكيده أن «تجربة الجماعة وعملها، متروك للأخذ والرد والنقض والاختبار»، ما يوحي بأنه سيعمل على مراجعة تجربة الإخوان خلال الفترة الماضية، بعد الانتكاسات التي مُنيت بها، لكن تساؤلًا طرح نفسه: أي مسار للإصلاح يطرحه؟ وهل ينجح في التعامل مع جبهة اسطنبول؟
إلا أن إجابة لأحد هذين التساؤلين، كانت حاضرة في ثنايا تصريحات عبدالحق، قائلًا إن «اللحظات المحبطة هي الأنسب للمبادرات الشجاعة، والبحث عن مخارج (...) من يمد يده للإخوان لن يجد منهم غير الوفاء، فلابد للحياة أن تعود إلى طبيعتها»، في دعوة صريحة لجبهة اسطنبول وأعضائها للانضمام إلى الجماعة، وسعيه نحو ما يعرف بـ«التأسيس الثالث للجماعة».
تفجير الخلافات
إلى ذلك، قال الكاتب الخبير في شؤون الإسلام السياسي الدكتور عمرو عبدالمنعم، في تصريحات لـ«السياق»، إن اختيار صلاح عبدالحق حسم الصراع داخل الإخوان.
وأوضح الخبير في شؤون الإسلام السياسي، أن الخلاف على المنصب داخل الجماعة، بدأ عندما ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على محمود عزت، القائم بأعمال المرشد بمصر في 28 سبتمبر 2020، في عملية نوعية، تفاصيلها مازالت غائبة.
وأشار إلى أن غياب محمود عزت عن المشهد التنظيمي، فجر الخلافات بصورة كبيرة داخل الجماعة، فبينما كان يرى محمود حسين عضو مكتب الإرشاد، أمين عام التنظيم، أحقيته بأن يحل محل عزت، في منصب القائم بأعمال المرشد، كان إبراهيم منير أمين عام التنظيم الدولي حينها، يعتقد أنه الأولى بتولي المنصب ذاته.
ورأى الخبير في شؤون الإسلام السياسي، تأخر جبهة لندن عن تسمية القائم بأعمال المرشد، خلفًا للراحل إبراهيم منير الذي وافته المنية في 4 نوفمبر 2022، رغم تواتر الروايات التي تفيد باختيار صلاح عبدالحق، أحد القيادات القطبية، المتهم في قضية تنظيم سيد قطب عام 1965، كان محاولة من جبهة لندن لترتيب أمورها، وتنسيق أفكارها في الصراع مع جبهة اسطنبول.
صلاح عبدالحق يشعل الخلاف داخل جبهتي الإخوان... هل يتفكك التنظيم؟
ضربة قوية
وأشار إلى أن قيادات الإخوان داخل السجون المصرية، لم تكن فاعلة في ذلك الاختيار، كونها تخضع لقيود رقابية ومتابعة يومية بشكل مشدد من أجهزة الأمن في مصر.
وأكد أن اختيار صلاح عبدالحق كان ضربة قوية لجبهة محمود حسين، أمام القواعد، محاولًا استنزافها وحصارها، إذ حاولت بعض الأطراف المقربة من الجماعة تقديم مبادرات للصلح، لكنها باءت بالفشل، آخرها تلك التي حاول إجراءها الدكتور أيمن نور الإخواني المصري الهارب خارج البلاد.
وبحسب عبدالمنعم، فإن الخلافات الجوهرية بين جبهتي اسطنبول ولندن، فاقمها اختيار عبدالحق، وأكد استمرار الجماعة على النهج القديم نفسه، بالانقسامات وتعدد الجبهات.
هل حسم قيادات السجون التناحر على منصب مرشد الإخوان؟
توزيع الأدوار
رؤية أخرى عرضها المحلل السياسي المصري أحمد رفعت قائلًا في تصريحات لـ«السياق»، إن الخلاف داخل جبهات الإخوان نوع من لعبة توزيع الأدوار التي يجيدها التنظيم، لتشتيت الأنظار عن إعادة بناء الجماعة والعودة إلى المشهد السياسي المصري بل والعربي.
وأوضح المحلل السياسي المصري، أن ذلك الخلاف الظاهر بين جبهات الإخوان «صنيعة أجهزة مخابراتية»، تعمل على الهيمنة على الجماعة لتحقيق مصالحها، مشيرًا إلى أن اختيار صلاح عبدالحق قائمًا بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان، خلفًا للراحل إبراهيم منير، يؤكد تلك الرؤية.
وأشار إلى ما يصفه بـ«الخطر» الذي يستوجب الانتباه في التعامل مع جماعة الإخوان، المتمثل في انتماء صلاح عبدالحق إلى «تنظيم 65» المعروف بـ«تنظيم سيد قطب»، ووصوله إلى موقع مرشد الإخوان، ما يؤكد استمرار هيمنة القطبيين على الجماعة، منذ مصطفى مشهور حتى اليوم.
وعن التصالح مع السلطات المصرية، قال المحلل السياسي، إن الحكومة المصرية لن تتصالح مع جماعة الإخوان مرة أخرى وتقبل عودتها إلى الشارع السياسي المصري، مشيرًا إلى أن الجماعة لن تقبل -من الناحية الأخرى- طرح فكرة المراجعات الفكرية، لإجراء صلح كهذا.