توافق على خارطة طريق... هل يكون 2023 عام الانتخابات الليبية؟
قال المحلل اللسياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ-السياق-، إن هذا الاتفاق لن يختلف عن سابقيه، فالواقع السياسي في ليبيا لم يتغير والنقاط الخلافية ما زالت قائمة.

السياق
في أيامه الأولى، خط العام الجديد في صفحاته كثيرًا من التطورات على الأزمة الليبية، التي تعاني مياهها الركود منذ 12 عامًا، دفع خلالها الليبيون الثمن، نتيجة عدم الاستقرار والأزمات المتعاقبة.
تلك الأزمات التي كانت عقبات كأداء على طريق البلد الإفريقي نحو الاستقرار، فجَّرها لاعبون دوليون ومحليون، حاولوا اللعب على وتر استمرار الأزمة الليبية، أملًا في حصد المزيد من المكاسب.
إلا أن عام 2023 الذي حل قبل أيام، حمل معه مزيدًا من الأمل بعد كثير من الألم، وسط آمال ليبية بأن يطوي معه صفحات المعاناة، التي سطرت بدماء ليبية أزهقت، وبثروات استنزفت، وبمستقبل أوشك على الضياع.
ومع ذلك الأمل الكامن في النفوس، بدأ المسار السياسي المأزوم يتحرك شيئًا فشيئا لينفض الغبار الجاثم على صدره، بالتلميح والتصريح بالانتخابات البرلمانية والرئاسية التي غيبتها القوة القاهرة.
فما الجديد؟
في مؤتمر صحفي بالعاصمة المصرية القاهرة، مساء الخميس، أعلن رئيسا مجلسي النواب عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري، اتفاقهما على إحالة اللجنة المشتركة بين المجلسين، الوثيقة الدستورية إلى مجلسي النواب والدولة لإقرارها طبقًا لنظام كل مجلس.
وبحسب بيان مخرجات الاجتماع، الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، فإن المجلسين اتفقا على خارطة طريق واضحة ومحددة، يعلن عنها لاحقًا، لاستكمال الإجراءات اللازمة للعملية الانتخابية، سواء التي تتعلق بالأسس القانونية أو بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات.
بيان مشترك طال انتظاره، رحبت به السفارة الأمريكية في ليبيا، قائلة على لسان السفير والمبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إن ختام النقاشات بين رئيسي مجلسي النواب والدولة في القاهرة، لا يترك أي سبب لتأجيل وضع تاريخ مبكر لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وقال الدبلوماسي الأمريكي، في البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه: «نرغب، ككل الليبيين، في رؤية القادة الليبيين يتبنون الإجراءات اللازمة في أقرب وقت ممكن، للسماح لمفوضية الانتخابات بتفعيل العملية الانتخابية».
من جانبها، قالت البعثة الأممية في ليبيا، في بيان مقتضب اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها تحث مجلسي النواب والدولة على الإسراع بالاتفاق على ترتيبات نهائية ومحددة لإجراء الانتخابات في العام الجاري، مؤكدة أن على القادة السياسيين البناء على الاتفاقات السابقة للمجلسين لحل الأزمة، بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
وفي بيان لاحق، قالت السفارة الأمريكية، إنها تقدر الحكومة المصرية لتيسيرها لهذا «الإنجاز»، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تؤيد بشدة دعوات الممثل الخاص للأمين العام والمبعوث الأممي عبد الله باتيلي، للتوصل إلى توافق وطني في ليبيا، بشأن وضع جدول زمني واضح للانتخابات، مؤكدة أنه لا طريقة أخرى لتأمين الاستقرار والسلام على المدى الطويل.
من جانبه، توقَّع عضو المجلس الأعلى للدولة، المرافق للمشري في القاهرة بلقاسم قزيط، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، تصويت مجلسي النواب والدولة على الوثيقة الدستورية التي أُعلن عنها في القاهرة بالتصديق لتصبح نافذة، مشيرًا إلى أن لقاءً بين عقيلة والمشري قد يعقد في مدينة طبرق شرقي ليبيا، خلال الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن المواد الخلافية انحصرت في مادتين: ترشح العسكريين، وترشح مزدوجي الجنسية، متوقعًا صياغتها بشكل يكسبها توافقًا وتصديقًا.
وعن خارطة الطريق التي أعلنها رئيسا مجلسي النواب والدولة في القاهرة، قال قزيط، إنها ستكون واضحة ومفصلية، بخصوص توقيت وآليات وإجراءات الانتخابات، وكل ما يخص العملية الانتخابية من إجراءات وقوانين.
هل يرى الاتفاق النور؟
وعن ملابسات الاتفاق بين عقيلة وصالح، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا الاتفاق وظروف عقده وتوقيته، جاء لتوافق مصالح طرفي الصراع الليبي، مشيرًا إلى أن هذين الطرفين لهما مصلحة في تحريك المياه الراكدة في الأزمة الليبية، ولاستباق أي خطوة مماثلة للدول الأخرى المتحكمة في الملف الليبي.
وأوضح المحلل الليبي، أن مجلسي النواب والدولة الليبيين يواجهان العزلة، مشيرًا إلى أن 3 دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا، تجاوزتهما بمبادرات أخرى.
سيناريوهات متوقعة
وأكد أن تحركات المجلس الرئاسي الليبي عنوان لهذه التحركات الأمريكية، التي تأتي للضغط على البرلمان، لقبول قاعدة دستورية تنظم على أساسها الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مشيرًا إلى أن مجلسي البرلمان والدولة ليسا مهتمين بنجاح اللقاء وتطبيق البيان الختامي، بقدر إبراز الأمر كحدث سياسي، يمكنهم من توجيه رسالة للأطراف التي تبحث عن تجاوزهم بأنهم موجودون ولن يستطيع أحد إقصاءهم.
وقال المحلل الليبي، إن السيناريو المتوقع هو ما تخطط له الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا، بإبقاء الوضع الراهن واستمرار حكومة عبدالحميد الدبيبة، التي لن تتردد في تلبية أي مطالب من هذه الدول، مهما كان نوعها.
وعن الربط بين تصريحات الدبيبة لأن يكون 2023 عامًا للانتخابات ولقاء المشري وعقيلة، قال المحلل الليبي إن تصريحات الدبيبة غالبًا متناقضة وعبثية، لأنه صرح قبلها بأنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة على أسس دستورية سليمة.
وأشار إلى أن الدبيبة دس الغث في السمين، ووضع شروطًا لهذه الحكومة الجديدة، بأن تكون «الأسس سليمة»، في مسألة وصفها بـ«التقديرية» التي يقررها هو حسب مصالحه.
نقاط خلافية... تكرار للماضي
في السياق نفسه، قال المحلل الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا الاتفاق لن يختلف عن سابقيه، فالواقع السياسي في ليبيا لم يتغير والنقاط الخلافية ما زالت قائمة، إضافة إلى أن أسباب عرقلة الانتخابات في الماضي أو ما سماها رئيس مفوضية الانتخابات «القوة القاهرة» لاتزال موجودة.
وأوضح المحلل الليبي، أن الاتفاق الأخير بين النواب والدولة لن يختلف عن سابقيه، إلا إذا بدأ المجلسان اتخاذ إجراءات حقيقية تبدأ بإعلان خارطة الطريق المنصوص عليها في الاتفاق.
وعن المطلوب لأن يصبح هذا الاتفاق نافذًا، قال المحلل السياسي الليبي إنه يجب أولًا التصويت من المجلسين على الوثيقة الدستورية، وعرضها في وسائل الإعلام بكل تفاصيلها، وتحويلها إلى مفوضية الانتخابات.
كما طالب بإعلان خارطة طريق واضحة المعالم وقصيرة الأمد، يجب أن تتضمن إقصاء حكومة الدبيبة، كونها أحد أسباب إفشال الانتخابات السابقة، مشيرًا إلى أنه على المجلسين الضغط للحصول على قرار من مجلس الأمن يدعم خارطة الطريق التي ستصدر عنهما.
وأكد المحلل الليبي، أنه إذا كان المجلسان جادين في مساعيهما نحو الانتخابات، فإنهما يملكان كل الطرق للضغط على المجتمع الدولي والحصول على دعم، وصولًا إلى قرار يصدر من مجلس الأمن.
أما عن ربط ذلك الاتفاق بتصريحات الدبيبة، فقال المحلل الليبي، إن المجلسين يحاولان رمي الكرة في ملعب الدبيبة، للخروج من دائرة الاتهام بتعطيل الانتخابات، مشيرًا إلى أنهما يحاولان دفع العملية الانتخابية لكشف هوية المعرقل الحقيقي لها، ولدفع الدبيبة لإظهار أوراقه بشأن الانتخابات.