تحذيرات أممية تطرق أبواب الفرقاء الليبيين... هل تؤدي إلى حراك في ملف الانتخابات؟

في محاولة منه لكسر حالة الجمود الداخلي في ليبيا، عبر إجراء انتخابات هذا العام، أكد المبعوث الأممي أنه لن يقبل أي تحرك لعرقلة إجراء الانتخابات.

تحذيرات أممية تطرق أبواب الفرقاء الليبيين... هل تؤدي إلى حراك في ملف الانتخابات؟

السياق

بعد قرابة شهر من إعلانه مبادرة جديدة، لتسريع العملية السياسية في ليبيا، ما دفع مجلسي النواب وما يعرف بـ«الأعلى للدولة»، إلى تشكيل لجنة للنظر في قوانين الانتخابات، دخل المبعوث الأممي مجددًا على خط الأزمة الليبية.

ورغم أن الخطة الأممية التي كشف عبدالله باتيلي عنها قبل قرابة شهر، لم تجد قبولًا لدى الساسة الليبيين، الذين سارعوا إلى رص الصفوف، في مواجهة ملامح مشروع الأمم المتحدة، الذي قال مراقبون إنه يهدف لتنحية الأجسام السياسية، فإن المبعوث الأممي حاول القفز مجددًا على الساحة السياسية بتحذير، وإجراءات بديلة.

فما خطة المبعوث الأممي؟

«سننظر في الإجراء البديل الذي يمكن أن نسلكه»، بهذه الكلمات المقتضبة، أشار مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي، إلى الخطة التي لم يكشف تفاصيلها، مؤكدًا عزمه تطبيقها إذا فشلت الهيئات التشريعية بليبيا في التوصل إلى اتفاق على قوانين الانتخابات، في الوقت المناسب. 

وفي محاولة منه لكسر حالة الجمود الداخلي في ليبيا، عبر إجراء انتخابات هذا العام، تضع حدًا لتفويض الهيئات السياسية الانتقالية المستمر منذ فترة طويلة، أكد المبعوث الأممي أنه لن يقبل أي تحرك لعرقلة إجراء الانتخابات.

وفي مقابلة مع وكالة رويترز، قال المبعوث الأممي: «عليهم أن يتوصلوا إلى هذا الاتفاق في الوقت المناسب»، مضيفًا: «بالطبع إذا لم يفعلوا ذلك، سيكونون مسؤولين أمام الشعب الليبي والمجتمع الدولي والزعماء الإقليميين الذين يدعمونهم في هذه العملية».

واعترف المبعوث الأممي بأن عديد الليبيين «أعربوا عن شكوكهم في قدرة مجلسي النواب والأعلى للدولة أو حسن نيتهما لوضع حد لمدة تفويضهما»، مؤكدًا أنه «لا يمكن أن يكون ذلك مجرد تطور آخر في لعبة الكراسي الموسيقية».

فـ«لا يمكن أن نرى شرعية دائمة في أي مكان في العالم، حيث ينتخب البرلمان بطريقة غير محددة لمدة غير محددة»، قال المبعوث الأممي، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن تكون هناك «انتخابات حرة ونزيهة في ظل الانقسام الحالي للأجهزة الأمنية».

ورغم ذلك، فإنه قال إن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، تعمل مع الفصائل المسلحة وغيرها، للتوصل إلى اتفاق على كيفية إجراء الانتخابات، مشيرًا إلى أن اجتماعات الأسبوع الماضي في تونس والأسبوع المقبل في طرابلس، ستضم شخصيات من المناطق المعنية في حوار، للمشاركة في عملية تكون فيها الانتخابات آمنة.

وعن البديل، إذا لم يتوصل المجلسان إلى اتفاق، قال المبعوث الأممي: «سنتحدث عن ذلك في وقته».

كان المبعوث الأممي، قال إن اللجنة التي شكلتها الهيئتان التشريعيتان، يجب أن توافق على قوانين الانتخابات في يونيو، لإجراء الانتخابات هذا العام.

فما بدائل المبعوث الأممي؟

يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن المبعوث الأممي يلوح بما لا يريد كشفه في خطته، وهو جسم جديد على غرار ما سُمي «ملتقى الحوار» الذي أنتج الوضع الراهن واستمر به أربع سنوات، ما زاد انقسام ليبيا.

وبحسب المحلل الليبي، فإن المبعوث الأممي ومن خلفه الولايات وبريطانيا، يهدفون إلى إحكام السيطرة على ليبيا، واستبعاد البرلمان والمجلس الأعلى، وتشكيل جسم تشريعي من شخصيات ليبية موالية لهم حصرًا، على أن يتولى هذا الجسم إصدار التشريعات والقوانين المفصلة، لاستبعاد شخصيات وطنية معروفة بنزعتها السيادية، من الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية، ما يعني استمرار حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية ومليشيات الفساد والفوضى في حكم ليبيا سنوات طويلة.

وأشار المحلل السياسي الليبي، إلى أن هذا السيناريو الخطير الذي يدفع باتجاهه عبدالله باتيلي، من دون أن يعي عواقبه المدمرة، لن يقود ليبيا إلا للحرب الدامية، تحت ذريعة توحيد البلاد وإخراج "فاغنز".

ما مصير الخطة الأممية؟

وتوقع المحلل الليبي، أن يفشل المبعوث الأممي، لأن هناك اصطفافًا وطنيًا كبيرًا ضد أجسام جديدة مشبوهة، مشيرًا إلى أن تجربة ملتقي الحوار الوطني لن تنطلي هذه المرة على الشعب الليبي، الذي أصبح لا يثق بحلول تأتيه من الخارج، لخدمة مصالح ومخططات لا علاقة لليبيا بها. 

كما توقع استمرار دوامة الفوضى، والدولة الفاشلة، مشيرًا إلى أنه إذا استمر المبعوث الأممي في تسوية مخططات لا تخدم القضية الليبية، فإن البلد الإفريقي سيكون بعيدًا عن تنظيم الانتخابات.

وأشار المحلل الليبي إلى أن المبعوث الأممي لم يحرك ساكنًا تجاه خطر الوجود التركي العسكري المباشر على الأرض الليبية، مؤكدًا أن هناك آلافًا من المرتزقة السوريين شمالي غرب البلاد، في مؤشرات لا تعطي انطباعًا بأن الانتخابات ستنظم.

بدوره، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تصريحات المبعوث الأممي عبدالله باتيلي والحديث عن بدائل، لا يتعدى كونه تهديدًا لفظيًا.

وأوضح المحلل الليبي، أنه لن يكون له أي وجود على أرض الواقع، لاعتبارات عدة، أبرزها أن البعثة متهمة بعرقلة التوافقات الليبية، مشيرًا إلى أن البعثة الأممية لم تسع للوصول إلى حل شامل للأزمة، رغم قدرتها على ممارسة ضغوط أكبر على الأجسام السياسية ودفعها نحو الانتخابات. 

وأشار إلى أن الأطراف المحلية لها مواقف متباينة من الانتخابات، لكن أغلبيتها تبحث عن مصالحها الخاصة وليس الوصول إلى الانتخابات بشكل مباشر، مؤكدًا أن هذه الأطراف تسهم أيضا في عرقلة الانتخابات بشكل واضح لأهداف خاصة.

وعن موقف هذه الأطراف من البعثة الأممية، قال المحلل الليبي، إن تهديد البعثة بالذهاب إلى بدائل، لن يغير مواقف هذه الأطراف ولا مخططاتها.