مبادرة استقرار ليبيا.. طرابلس تستضيف مؤتمرًا دوليًا في توقيت حرج
بدأت الوفود الدولية، المشاركة في أعمال المؤتمر الوزاري الدولي، الوصول إلى العاصمة الليبية طرابلس، بينهم وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روز ماري ديكارلو

السياق
ساعات قليلة وينطلق المؤتمر الوزاري الدولي، المعني بمبادرة استقرار ليبيا، التي يعوَّل عليها في دفع البلد الإفريقي نحو انتخابات يسعى إلى عرقلتها تنظيم الإخوان الليبي.
تلك المبادرة، التي أعلنها المجلس الرئاسي الليبي قبل أشهر، تسعى من خلالها السلطات، إلى تجاوز الخلافات على الاستحقاق الدستوري، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإرساء دولة المؤسسات، بعد عشرية من الصراعات مزَّقت أوصال ليبيا.
بدأت الوفود الدولية، المشاركة في أعمال المؤتمر الوزاري الدولي، الوصول إلى العاصمة الليبية طرابلس، بينهم وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روز ماري ديكارلو، رفقة رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا يان كوبيتش، ووزير الخارجية بجمهورية الكونغو برازافيل، جون كلود جاكوسو.
وفي مسعى لإنجاح تلك الخطوة، عقدت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، لقاءً مع مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة روز ماري إني دس كارلو ورئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا يان كوبيتش، قدَّمت خلاله الوزيرة الليبية، لمحة عن مضامين ومسارات مبادرة استقرار ليبيا، بجوانبها العسكرية والأمنية، والاقتصادية.
وأكدت المنقوش، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن هدف المبادرة، وضع الآليات المناسبة، والإجراءات العملية الخاصة بالتطبيق الفعلي، لنتائج ومخرجات مؤتمري برلين1 الذي عُقد في يناير 2020، وبرلين2 الذي عُقد في يونيو 2021، وقراري مجلس الأمن ذات الصلة رقم 2570 و2571، وصولًا إلى الاستقرار في كل ربوع ليبيا.
اللقاء ناقش كذلك الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة نهاية ديسمبر المقبل، وكذلك أهمية تنفيذ مخرجات لجنة 5 + 5، وتقديم الدعم اللازم لها لإنجاز مهامها .
دعم أوروبي
حشدت الوزيرة الليبية، الدعم الأوروبي لإنجاح بنود وأهداف المؤتمر الوزاري الدولي، بعقد اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، تحدَّثت فيه عن مبادرة استقرار ليبيا، التى أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية، كأول مبادرة ليبية خالصة، تهدف إلى استقرار ليبيا، وصولًا إلى الاستحقاق الانتخابي، المقرر نهاية ديسمبر المقبل.
وأكدت المنقوش، أن هذه المبادرة بمضامينها ومساراتها العسكرية والأمنية والاقتصادية، إذا تم تفعيلها، تصل بليبيا إلى بر الأمان وتحقِّق استقرارها المنشود، وصولًا إلى إجراء الانتخابات المقبلة، داعية إلى تقديم الدعم الأوروبي لإنهاء المراحل الانتقالية .
لكن ما أهداف ومحاور مبادرة استقرار ليبيا، التي يعقد بشأنها مؤتمر الخميس؟ وكيف يمكنها حلحلة الأزمة الليبية؟ وهل تنجح في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء في الانتخابات المقبلة؟ «السياق» تجيب عن تلك الأسئلة في هذا التقرير.
تتركز مبادرة استقرار ليبيا على مسارين، الأمني العسكري، والمسار الاقتصادي، بحسب تصريحات لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، مشيرة إلى أن المسار الأمني العسكري، يأتي في مقدِّمة الأولويات، لأن عدم تحقيق تقدُّم ملموس فيه، وفق نهج واضح، وإرادة وطنية ودعم دولي، يجعل البلد الإفريقي غير مستقر، ما يهدد إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
المسار الأمني
تهدف المبادرة إلى تقديم الدعم السياسي والتقني اللازم لتنفيذ وقف إطلاق النار، ودعم مخرجات لجنة 5+5، وكذلك دعم وتشجيع الخطوات والإجراءات الإيجابية، التي توحِّد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة، بما يعزَّز قدرته على حماية أمن ليبيا وسيادتها ووحدة ترابها.
كما تهدف المبادرة إلى تقديم الدعم الفني، في تفكيك ودمج المسلحين غير المتورطين في أعمال إرهابية وإجرامية وتأهيلها أمنيًا، ومدنيًا، إضافة إلى انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية، التي يشكل استمرارهم تهديدًا ليس فقط لليبيا، بل للمنطقة، بحسب الوزيرة المنقوش.
«حشد الدعم اللازم للانتخابات المقبلة، بصورة شفافة ونزيهة، إضافة إلى دعم مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، بما في ذلك عمل المفوضية العليا للمصالحة الوطنية»، أحد العناصر التي ترتكز عليها المبادرة في شقها الأمني والعسكري، بحسب وزيرة الخارجية الليبية، التي قالت إنه يشمل -كذلك- نشر الوعي بحقوق الإنسان، وانتهاج ديني، وخطاب إعلامي يدعو إلى التسامح ونبذ الإرهاب والتطرف والعنف والجهوية المقيتة.
المسار الاقتصادي
المسار الاقتصادي، أحد الجوانب الأساسية في مبادرة دعم الاستقرار، التي تهدف إلى دفع عجلة الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة الليبيين، وتوفير الخدمات اللازمة للمواطنين.
وقالت المنقوش، إن المبادرة تهدف لأن تكون ليبيا ساحة للمنافسة الاقتصادية الإيجابية، بهدف إيجاد آلية وطنية، وموقف دولي وإقليمي موحد داعم ومتناسق مع هذه الرؤية، ووضع آليات ضرورية لضمان استقرار ليبيا، خاصة مع قرب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، نهاية ديسمبر المقبل.
كما تهدف إلى دعم ومساندة السلطات الليبية، في تنفيذ خططها السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية، والدفع بكل ما من شأنه بناء دولة قوية وموحدة، تعزِّز فرص الاستقرار والتنمية والتعامل مع الأخطار والتحديات.
مخاوف أمنية
ورغم استعدادات حكومة الوحدة الوطنية، لاستضافة المؤتمر الوزاري الدولي، فإن مراقبين أعربوا عن تخوفاتهم من تأمين المؤتمر في العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها الميليشيات والمجموعات المسلحة.
وبحسب مراقبين، فإن المبادرة التي تأتي في توقيت وصفوه بـ«الحرج»، لن يكون لها تأثير على أرض الواقع، لأنها جاءت متأخرة قبل وقت قصير من الانتخابات، فضلًا عن الانقسام الذي يضرب الحكومة الليبية، بعد الخطابات الأخيرة بين رئيسها عبدالحميد الدبيبة ونائبه.
وأكد المراقبون، أن المبادرة تنضم إلى سابقاتها من المبادرات التي أعلنها، إلا أن الأخيرة يهدف من خلالها المجلس الرئاسي الليبي إلى إثبات وجوده، وأنه يسعى لحلحلة الأزمة الليبية، مشيرين إلى أن تلك المساعي، التي جاءت متأخرة، لن تحدث أية حلحلة.
ورغم التشاؤم الذي أبداه مراقبون، فإنهم أكدوا أن المبادرة قد تكون رسالة حسم لتنظيم الإخوان الليبي، الذي يطلق تهديده ووعيده للانتخابات الليبية المقبلة، ما أدى إلى تخوفات المواطنين والقوى الوطنية على الاستحقاق الدستوري المقبل ونتائجه، التي قد لا ترضي جماعة الإخوان.
حد فاصل
من جانبه، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، طارق الجروشي، إن أي مبادرة منظمة لا تصب في مجرى الانتخابات في موعدها «مؤامرة مدبَّرة، في ظل الظروف السياسية السيئة التي تعيشها البلاد»، مؤكدًا أن البرلمان يرى أن 24 ديسمبر المقبل، الموعد المحدد للانتخابات، الحد الفاصل بين الدولة واللادولة، وبين السلطة واللاسلطة.
وحذَّر البرلماني الليبي، من تبعات تأخير أو تأجيل الانتخابات، وتأثيره السلبي في المسار الديمقراطي، مشيرًا إلى أنه «من اللافت للنظر والمثير للجدل، أن تنظم حكومة الوحدة الوطنية قبيل شهرين من موعد الانتخابات مبادرة استقرار وسلام، لا تتضمن أهم عوامل نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
وأضاف: «الليبيون يعلمون أن المتطرفين السياسيين والمستفيدين من السلطات السياسية، يسعون لإيجاد مبررات مغذية لبقاء الوضع البائس كما هو عليه»، محذِّرًا من تبعات هذا الإجراء، على خارطة الطريق الأممية في ليبيا.