داعش تنشط في روسيا.. ما دلالة التوقيت؟

قال حسام حسن، الباحث بجامعة فيينا في تصريحات للسياق، إن تنظيم داعش يسعى لاستغلال الحرب الروسية الأوكرانية للانتقام من موسكو إثر دورها ضد التنظيم في سوريا.

داعش تنشط في روسيا.. ما دلالة التوقيت؟

السياق

ثلاث سنوات مرَّت على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، إلا أن ذئابه المنفردة ما زالت تعيث فسادًا في الأرض، متخذة من دول عدة أهدافًا تعدُّها مشروعة.

هؤلاء الإرهابيون، لا توجد أرقام تحدد بدقة أعدادهم ولا أماكنهم، إلا أن الضربات الأمنية الأخيرة لهم في دول عدة، كشفت انتشارهم في معظم بلدان العالم، بعد أن هُزم التنظيم في سوريا والعراق، قبل ثلاث سنوات.

إحدى الدول، التي طالتها السهام المارقة لتلك الذئاب المنفردة، كانت روسيا، التي أعلنت سلطاتها الأمنية القبض على إرهابيين كانوا يسعون إلى ضرب أهداف في العمق الروسي، خصوصًا في إقليم القرم.

آخر تلك العمليات، ما أعلنه جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أمس، من إحباطه هجوماً إرهابياً لـ"داعش" على موقع للمواصلات في إقليم ستافروبول، ومصادرة متفجرات وذخائر لأسلحة خفيفة اشتراها الإرهابي الذي كان يسعى إلى تنفيذ ذلك الهجوم.

العمليات الأمنية الروسية الأخيرة، كشفت أن موسكو باتت محطة وضعها تنظيم داعش الإرهاب نصب عينيه، ما يثير الكثير من التساؤلات عن طبيعة تغلغل التنظيم الإرهابي في البلد الأوراسي، وما إذا كان فتح باب التطوع للأجانب للقتال في أوكرانيا، أحد العوامل التي أدت إلى زيادة الاستهدافات الإرهابية لموسكو؟

وهو ما أشار إليه مراقبون، أكدوا أن فتح باب التطوع للأجانب للقتال في أوكرانيا، كان "حصان طروادة" لتغلغل تنظيم داعش داخل أوروبا كخطوة، يتمكن خلالها من استهداف روسيا.

وأوضح المراقبون أن تركيبة جنسيات التنظيم الإرهابي، تساعد في التغلغل داخل روسيا وأوروبا، خاصة أن عشرات الآلاف من مقاتليه يحملون جنسيات دول أوروبا الشرقية والغربية.

تحذيرات المراقبين، جاءت بعد دعوة مباشرة من أبي عمر المهاجر المتحدث باسم تنظيم داعش، دعا فيها إلى استغلال الحرب الروسية الأوكرانية، لإثارة الفزع في أوروبا وشن هجمات إرهابية.

مشروع خاص

إلى ذلك، قال أحمد سلطان الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية في تصريحات لـ"السياق"، إن تنظيم داعش الإرهابي لديه مشروعه الخاصة، مشيرًا إلى أنه يحاول استغلال الأزمة الأوكرانية عن طريق تكثيف الهجمات الإرهابية، سواء في روسيا أم في أوروبا، ليتغلغل في صفوف تلك الدول.

إلا أن سلطان يرى أن تفكيك هذه الخلايا، لا يعني أن داعش دخل على خط الأزمة الأوكرانية، أو أنه يسعى إلى ضرب روسيا خدمة للمصالح الأمريكية، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي موجود ولديه شبكات، استطاع الأمن الروسي تفجير بعضها.

وقال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إن تنظيم داعش سيواصل العمل شمالي القوقاز، كما سيحاول الاستفادة من الأزمة الحالية، وسيظل تهديدًا على المدى الطويل.

وعن إحباط روسيا عملية لتنظيم داعش، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية إنها ليست المرة الأولى التي يجرى فيها تفكيك خلايا وشبكات لتنظيم داعش في البلد الأوراسي، مشيرًا إلى أن موسكو تواجه تهديدًا "جهاديًا" في القوقاز.

الانتقام من موسكو

من جانبه، قال حسام حسن، الباحث بجامعة فيينا في تصريحات لـ"السياق"، إن تنظيم داعش يسعى لاستغلال الحرب الروسية الأوكرانية لـ"الانتقام" من موسكو إثر دورها ضد التنظيم في سوريا.

ويرى أن إحباط روسيا هجومًا للتنظيم الإرهابي، جنوبي البلاد، بالتزامن مع عملية مشابهة في شبة جزيرة القرم "تطور خطير"، لكنه متوقع ومخطط له من التنظيمن في ضوء قراءة مسار الأحداث.

الباحث في جامعة فيينا، أكد أن تحرك "داعش" بدافع الانتقام، لا يقتصر على روسيا، لكنه موجه أيضاً ضد أوروبا، إذ يستغل التنظيم وأنصاره وخلاياه النائمة، انشغال الغرب في الحرب الدائرة بأوكرانيا لشن الهجمات، انتقامًا لقتل قائده إبراهيم القرشي، متوقعًا شن هجمات إرهابية في روسيا، عبر خلايا التنظيم النائمة انطلاقًا من أوكرانيا.

وحذر من أن التنظيم سيستغل حالة الفوضى وفتح الباب للمرتزقة للقتال في الحرب مع طرفي الحرب الأوكرانية، في تهريب قواته المدربة إلى هناك، ومنها إلى روسيا ودول أوروبا المجاورة، في إطار استمرار حركة اللجوء عبر الحدود.

وأكد أن خطر شن تنظيم داعش هجمات في أوروبا، في الوقت الحالي، بلغ أعلى مستوياته، خاصة في الدول القريبة من أوكرانيا بداية من بولندا وانتهاءً بألمانيا والنمسا.

اختراق داعشي

تصريحات حسن وافقه فيها، ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، الذي أكد أن هناك شواهد تدعم اختراق "داعش" للحرب في أوكرانيا، كاشفًا أن أحمد زكاييف الزعيم الشيشاني المنفي، عرض اتفاقًا مع حكومة أوكرانيا للقتال إلى جانبها ضد الروس.

وأكد فرغلي، في تصريحات لـ"السياق"، أن داعش -كالجماعات الإرهابية- يرى في حرب أوكرانيا سبيلًا لإنهاك روسيا، التي دعمت النظام السوري، مشيرًا إلى أن تلك التنظيمات تقاتل في أوكرانيا من باب النكاية في روسيا.

وأشار إلى ضرورة عدم إغفال دور ما تسمى "المليشيات القوقازية" في تنظيم داعش الإرهابي، عقب انهياره في سوريا والعراق، التي يمكن أن تشارك في القتال ضد روسيا أو التسلل داخلها، لتنفيذ عمليات كنقطة انطلاق بديلة، موضحًا أن التقديرات الأمنية تشير إلى أنها تضم نحو 12 ألف مسلح، جرى تدريبهم على قتال الشوارع في الشرق الأوسط.

وحذر فرغلي من أن روسيا، ستصبح هدفًا لتنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، كبداية للتدريب على تنفيذ عمليات معقدة وذات تأثير في أوروبا.