دعوات حثيثة لنزع الأسلحة النووية في مواجهة التصعيد الروسي
بعد 35 عامًا من تراجع الترسانة النووية في العالم، يدفع السياق الحالي العديد من القوى لإعادة التفكير في استراتيجياتها النووية، وفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام

السياق
إثر التهديد الروسي المتزايد باستخدام الأسلحة النووية، لأول مرة منذ دخولها حيز التنفيذ بداية عام 2021، يجتمع دبلوماسيون ونشطاء وخبراء، من الثلاثاء إلى الخميس، لتفعيل الوثيقة التي صدقت عليها -حتى الآن- 65 دولة (من 86 دولة موقعة)، على خلفية هذا الخطر النووي الروسي.
بعد 35 عامًا من تراجع الترسانة النووية في العالم، يدفع السياق الحالي العديد من القوى لإعادة التفكير في استراتيجياتها النووية، وفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام .
"سيف ديموقليس"
قال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ، في مستهل الاجتماع: "منذ الحرب الباردة، لم يسبق أن كان خطر حدوث تصعيد نووي حاضرًا كما هو اليوم"، وأضاف أن ما شبهه بـ "سيف ديموقليس" يقترب منا.
في سياق حربي كالذي نشهده اليوم، قال جان ماري كولين، المتحدث باسم الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية في فرنسا: "هذه هي المرة الأولى التي يُعقد فيها اجتماع لنزع السلاح"، موضحًا -في مقابلة مع وكالة فرانس برس- أن "عدم القيام بأي شيء يعني أننا نتجه نحو كارثة، لا يمكننا -ببساطة- أن نُركن إلى اعتقادنا بأن ذلك لن يحدث".
"طلقه تحذير"
يعرب رئيس المؤتمر الدبلوماسي النمساوي ألكسندر كمينت عن قلقه بقوله: "نحن أمام خطر عودة الوضع إلى ما كان عليه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، في وجود مزيد من الجهات الفاعلة".
وهو يريد على العكس من ذلك أن يرى في النزاع الدائر حاليًا "طلقة تحذير للابتعاد عن نموذج الردع النووي المحفوف بالمخاطر".
"هشاشة النظام الروسي"
في مقابلة مع وكالة فرانس برسن، قال كمينت المتخصص في نزع السلاح، أحد مهندسي المعاهدة الدولية لحظر الأسلحة النووية: إن الإشارات الصريحة إلى استخدام القنبلة الذرية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "تظهر هشاشة هذا النظام".
من جانبه قال داريل كيمبال، مدير جمعية مراقبة الأسلحة خلال مؤتمر للخبراء في فيينا -الاثنين- إن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) تشيد بالأهمية الوقائية لترسانتها من هذه الأسلحة، لكن "في الواقع، أثبتت أسلحتها عدم جدواها في منع العدوان الروسي على أوكرانيا".
وحذر من أن روسيا القوية بفضل أسلحتها النووية، تشن هجومًا يحتمل أن يكون "أكثر خطورة".
وأشار إلى محاكاة أجرتها جامعة برينستون الأميركية، بينت أن تصعيدًا نوويًا بين "الناتو" وموسكو يمكن أن "يخلف نحو 100 مليون ضحية في الساعات الأولى فقط".
"شر مطلق"
تمثل إزالة الأسلحة النووية، لا رجوع فيه ويمكن التحقق منه، الهدف النهائي للموقعين على المعاهدة الدولية لحظر الأسلحة النووية، التي "تدرج مواضيع مبتكرة مثل أخذ الضحايا في الاعتبار، بما في ذلك خلال التجارب النووية"، وفق كولين.
"القوى النووية"
ورغبة في أن تكون "مكملة" لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي مضى عليها نصف قرن، يجب أن تحدد هذه الوثيقة الجديدة أيضًا موعدًا نهائيًا للقوى النووية التي تنضم إليها.
لكن المشكلة تكمن في أن أيًا من الدول التسع التي تملك للسلاح النووي: الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، لم توافق على التوقيع ولا حتى المشاركة في الاجتماع وإن كأطراف مراقبة.
"حجر الزاوية"
في مقال بصحيفة لوموند الفرنسية اليومية -الأسبوع الماضي- دعا 56 برلمانيًا فرنسيًا وأعضاء في البرلمان الأوروبي، باريس إلى عدم ترك مقعدها فارغًا في مواجهة "تلميحات" بوتين.
بينما تخشى وزارة الخارجية الفرنسية من جانبها، أن هذه المعاهدة "ستضعف معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، حجر الزاوية في نظام عدم الانتشار".
يقول كمينت: "علينا إقناع هذه الدول، لكن الأمر سيستغرق وقتًا... لن نجعل الأسلحة النووية تختفي بحركة من عصا سحرية".
"اليابان"
لكن الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، رحبت بإرسال أربع من دول "الناتو": ألمانيا والنرويج وبلجيكا وهولندا. كما تشارك في الاجتماع أستراليا التي تستفيد من المظلة النووية الأميركية.
استبعدت اليابان حليفة واشنطن -في الوقت الحالي- الانضمام إلى العملية رغم أنها الدولة الوحيدة التي تعرضت لضربات نووية.
"لماذا هذا الرفض؟"، تساءل سوتشي كيدو البالغ من العمر 82 عامًا في فيينا، أمام جمع بينه رئيسا بلديتي ناغازاكي وهيروشيما.
وقال كيدو وهو من "الهيباكوشا"، وهو لقب يُطلق على الناجين من القنبلة الذرية، إنه "سلاح الشر المطلق" الذي يقضي على الأحياء بضربة واحدة ولا يدع الناجين يعيشون في سلام.