رغم العقوبات والحرب.. روسيا أكبر مستثمر في الاقتصاد الإيراني

حققت إيران -الشهر الماضي- أعلى مستوى لها من صادرات النفط منذ عامين على الأقل، متجاوزة بذلك أعلى مستوى لها عند 1.3 مليون برميل يومياً، رغم العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

رغم العقوبات والحرب.. روسيا أكبر مستثمر في الاقتصاد الإيراني

ترجمات - السياق

رغم العقوبات الغربية المفروضة عليها، على خلفية الحرب في أوكرانيا، كشف وزير الاقتصاد والمالية الإيراني إحسان خاندوزي، أن روسيا أصبحت أكبر مستثمر أجنبي ببلاده، العام الماضي، باستثمارات بلغت 2.76 مليار دولار خلال السنة المالية التي انتهت هذا الأسبوع.

وأوضح، في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن إيران حققت -الشهر الماضي- أعلى مستوى لها من صادرات النفط منذ عامين على الأقل، متجاوزة بذلك أعلى مستوى لها عند 1.3 مليون برميل يومياً، رغم العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

وحسب الصحيفة، كثفت الدولتان الخاضعتان لعقوبات غربية شديدة، التعاون منذ غزو أوكرانيا، بينما ارتفعت صادرات طهران النفطية إلى أعلى مستوى في عامين.

وأضاف الوزير الإيراني: "نرى أن علاقاتنا بروسيا استراتيجية، ونعمل معًا في عدد من الجوانب، لا سيما الشأن الاقتصادي، إذ إن الصين وروسيا الشريكان الاقتصاديان الرئيسان لنا، وستعمل إيران على توسيع علاقاتها معهما، من خلال تنفيذ الاتفاقيات الاستراتيجية".

 

تعزيز العلاقات

وترى "فايننشال تايمز" أن تصريحات خاندوزي تُسلط الضوء على تعزيز إيران وروسيا علاقاتهما، منذ أن فرض الغرب عقوبات على موسكو، بعد غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا في 24 فبراير العام الماضي.

وأشارت إلى زيارة وفود الأعمال الروسية إلى طهران، سعيًا إلى عقد صفقات جديدة، وللحصول على إرشادات لكيفية تجنب العقوبات، قائلة إن إيران حريصة على تطوير علاقات تجارية جديدة لتعزيز اقتصادها الخاضع للعقوبات.

وتتهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إيران ببيع طائرات مُسيرة إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا، وهو ما تنفيه طهران، لكنها أقرت بأنها أرسلت مُسيرات إلى روسيا قبل الغزو.

ووصف خاندوزي الصراع في أوكرانيا بأنه "مؤسف"، لكنه لم يرد عندما سُئل عما إذا كانت طهران قد حصلت على عائدات من مبيعات الأسلحة إلى روسيا.

ووقع البنكان المركزيان الإيراني والروسي اتفاقًا في يناير الماضي، لربط أنظمة الاتصال بين البنوك، في محاولة لتعزيز التجارة الثنائية.

وحيال ذلك، يرى خاندوزي، أن روسيا وبعض الدول الأخرى كانت حريصة على استخدام بعض الآليات مثل اتفاقات التبادلات النقدية أو التبادلات التجارية، في إشارة لتجنب العقوبات الغربية، مضيفًا: "لم نتفاوض مع موسكو فحسب، ولكن أيضًا مع الصين وشركاء آخرين، بما في ذلك تركيا، ومن الناحية الفنية، فإن الشبكة المالية بين إيران وروسيا تبدو في وضع أفضل من غيرها".

ويشكك المحللون في المدى الذي يمكن أن يطور إليه الطرفان التجارة، لأن كليهما لديه اقتصادات قائمة على السلع الأساسية التي لها منتجات مماثلة، ولكن الصحيفة نقلت عن دبلوماسي غربي، لم تكشف هويته، قوله: "الخوف هو أن تصبح هذه الديناميكية وسيلة للاكتفاء الذاتي".

وذكرت الصحيفة البريطانية، أن إيران عانت عقودًا من العقوبات الغربية، وانقطعت عن النظام المالي العالمي، منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرضه قيودًا جديدة على طهران.

وأوضحت أن هذه العقوبات أدت إلى زيادة إحباط قدرة طهران على جذب الاستثمار الأجنبي، لافتة إلى أن ثاني أكبر استثمار أجنبي بعد روسيا يأتي من أفغانستان المجاورة ، بـ 256 مليون جنيه إسترليني، بينما بلغ الاستثمار الصيني نحو 131 مليون دولار فقط، خلف العراق، ما يؤكد -وفق الصحيفة- أن الشركات الغربية ليست وحدها التي تؤجل ممارسة الأعمال التجارية في إيران.

 

استثمارات بالمليارات

وفقًا لبيانات وزارة المالية الإيرانية، فإن روسيا استحوذت على ثلثي إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر البالغ قرابة 4.2 مليار دولار في طهران، خلال هذا العام المالي.

لكن وفقًا لبيانات التجارة للأمم المتحدة، اجتذبت إيران استثمارات أجنبية مباشرة بـ 1.45 مليار دولار فقط عام 2021.

وبينّت "فايننشال تايمز" أن حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المتشددة منحت الأولوية لتطوير العلاقات التجارية الإقليمية والآسيوية منذ توليها السلطة عام 2021 في محاولة لمواجهة تأثير العقوبات.

آخر هذه الاتفاقات، ما كان بوساطة صينية، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، بعد سبع سنوات من قطع العلاقات بينهما.

وأشار خاندوزي إلى أن إيران حققت -الشهر الماضي- أعلى مستوى لها من صادرات النفط منذ عامين على الأقل، متجاوزة بذلك أعلى مستوى لها عند 1.3 مليون برميل يوميًا، رغم العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

وأردف: "الصادرات غير النفطية، التي بلغت 53 مليار دولار، كانت أيضًا أعلى بنسبة 12% في الـ11 شهرًا الأولى من هذا العام المالي، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق، كما بلغت الواردات 60 مليار دولار خلال الفترة ذاتها"، مشددًا على أن "الاقتصاد الإيراني لا يمكن عزله".

ومع ذلك ، كافحت الحكومة الإيرانية، لاحتواء الضائقة الاقتصادية التي اجتاحت البلاد، حيث ارتفع التضخم إلى أعلى من 47 في المئة، وانخفض الريال بنسبة 60 في المئة تحت إشراف رئيسي.

وفي ذلك، يُلقي الاقتصاديون الإيرانيون باللوم على السلطات في تأجيج التضخم، من خلال الإفراط في طباعة النقود.

 

انهيار العملة

ديسمبر الماضي، استبدلت طهران محافظ البنك المركزي الذي ظل في المنصب 15 شهرًا فقط، حيث تراجعت العملة الوطنية إلى مستويات منخفضة قياسية مقابل الدولار الأمريكي، في حين واجه النظام مظاهرات استمرت لأشهر، احتجاجًا على قتل فتاة تدعى مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق، بدعوى عدم ارتدائها الحجاب بالشكل اللائق.

أواخر ديسمبر، سجلت العملة الإيرانية انهيارًا غير مسبوق منذ عام 1979، حيث بلغت قيمة الدولار 440 ألف ريال، ما دفع الرئيس إبراهيم رئيسي إلى إقالة محافظ البنك المركزي علي صالح آبادي وتعيين محمد رضا فرزين بدلاً منه.

ودافع خاندوزي عن قرارات حكومة رئيسي بشأن مواجهة التضخم، مشيرًا إلى أنه يعتزم إصلاح البنك المركزي الذي سيكون "مسؤولا عن تحقيق أهداف التضخم"، منوهًا إلى أنه سيُمنح أيضًا "السلطة اللازمة للتحكم في الإجراءات التي تجلب عرضًا نقديًا".

واستطرد في حديثه إلى "فايننشال تايمز": "نجحنا أيضًا في خفض معدل نمو المعروض النقدي، الذي بلغ 39 في المئة العام الماضي"، متوقعًا أن يصل إلى 30 في المئة نهاية هذه السنة المالية، مشددًا: "نحن مصممون على خفض معدل التضخم".

وبيّن خاندوزي أن الحكومة عززت تحصيل الضرائب، وشددت على التهرب من أجل زيادة الإيرادات غير النفطية، بينما خفضت في الوقت نفسه ضريبة الشركات بـ 5 نقاط مئوية.

ورغم تصريحات خاندوزي، فإن التحدي الأكبر للحكومة في طهران، هو تخفيف الضغط الاقتصادي على الإيرانيين.

ويحذر محللون من أن المظالم الاقتصادية التي تشهدها طهران "قنبلة موقوتة وسط غضب شعبي واسع النطاق من النظام".

ويعلق خاندوزي على ذلك: "عندما تعاني البلاد مشكلات اقتصادية ، يبذل المسؤولون بالتأكيد جهودًا أكثر، ويقضون وقتًا أطول في خدمة الناس".