النووي يدق أبواب أوكرانيا... 5 سيناريوهات تصعيدية للحرب
5 سيناريوهات تصعيدية للحرب.. من يملك قرار الحرب النووية في روسيا؟

ترجمات -السياق
بعد مرور أكثر من عام على الأزمة الأوكرانية، التي أعادت ترتيب أولويات الغرب وحساباته، يفكر البلدان في كيفية انتهاء الحرب، التي غابت عنها أفق السلام.
ومع خفوت صوت السلام، كانت هناك مخاوف -طوال الصراع- من استخدام بيلاروسيا مرة أخرى، كقاعدة انطلاق لشن هجوم، أو أن تنضم قوات مينسك إلى الصراع.
إلا أن تلك المخاوف باتت حقيقة، بعد تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي قال فيها إن موسكو توصلت إلى اتفاق مع بيلاروسيا، لنشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي جارتها الأصغر، ما يجعل بعض ترسانتها أقرب إلى بقية أوروبا.
ورغم أن بوتين وجه -مرارًا وتكرارًا- تهديدات نووية، صعَّد خلالها لهجة الخطاب النووي، بعد شن عمليته العسكرية على أوكرانيا، لكن هذه المرة الأولى التي يعلن فيها خطة لنشر أسلحة نووية في بلد آخر.
وتمتلك موسكو 5977 رأسًا نوويًا في مخزونها، وفقًا لاتحاد العلماء الأمريكيين، ولديها -منذ فترة طويلة- القدرة على ضرب هدف بأي مكان في العالم، بينما الولايات المتحدة لديها عدد أقل قليلا من الرؤوس النووية "5428".
إعلان الرئيس الروسي، الذي جاء عبر التلفزيون الحكومي، يعني أنه لن يخرق اتفاقيات حظر الانتشار النووي، وأنه سيتطابق مع الترتيبات المماثلة، التي أبرمتها الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين.
وقال بوتين إنه كان يتصرف بعد مفاوضات مع رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الذي قال إنه أثار «منذ فترة طويلة مسألة نشر نووي على أراضي بلاده»، مضيفًا: «لا شيء غير عادي هنا أيضًا: أولاً، كانت الولايات المتحدة تفعل ذلك منذ عقود».
ويظهر مقطع التقط من فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية -الشهر الماضي- القوات الروسية في مناورة مع الجيش البيلاروسي.
ويقدر مركز الحد من التسلح وعدم الانتشار، أن هناك قرابة 100 سلاح نووي أمريكي -قنابل الجاذبية المحمولة جواً- مخزنة في أوروبا عبر ست قواعد في خمس دول، رغم الاحتفاظ بها في سيطرة الولايات المتحدة.
وأضاف الرئيس الروسي: «اتفقنا على أننا سنفعل الشيء نفسه، من دون انتهاك التزاماتنا، أؤكد من دون انتهاك التزاماتنا الدولية بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية».
أسلحة نووية
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية –السبت- إنه لا مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام أسلحة نووية بعد إعلان موسكو، مضيفة: «لقد رأينا تقارير عن إعلان روسيا وسنواصل مراقبة هذا الوضع».
وبحسب «البنتاغون»، فإن الوزارة «لم تر أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي، ولا أي مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي، نظل ملتزمين بالدفاع الجماعي عن حلف الناتو».
بيلاروسيا من الأصدقاء القلائل المتبقيين لروسيا، بحسب صحيفة الغارديان، التي قالت إن لوكاشينكو سمح للكرملين بغزو أوكرانيا من أراضيها بداية الحرب، التي شهدت محاولة موسكو الفاشلة للاستيلاء على كييف، لكنها لم تنضم إلى الحرب نفسها، ولا يزال من غير المحتمل حدوث هجوم آخر عبر البلاد.
جاءت تصريحات بوتين المتلفزة بعد أيام من توقيع الكرملين إعلانًا مشتركًا مع الصين، بتقييد نشر الأسلحة النووية في المستقبل بالخارج، بعد زيارة رئيس بكين شي جين بينغ، إلى البلاد.
وقال بوتين إن روسيا ستكون قد أكملت بناء منشأة تخزين للأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا، بحلول الأول من يوليو، لكن لم يحدد جدول زمني لموعد انتقال القنابل إلى البلاد.
جدول زمني ضيق
من جانبه، قال بافيل بودفيج، مدير مشروع القوات النووية الروسية، أحد الخبراء المستقلين البارزين بالعالم في الترسانة النووية الروسية، إنه لم يتضح ما إذا كان موقع التخزين قيد الإنشاء.
وأضاف بودفيج، أنه يأمل تحديد موقعه بمتخصصين مستقلين بسرعة، باستخدام صور الأقمار الاصطناعية لأن «ثلاثة أشهر تبدو كأنها جدول زمني ضيق».
وقال بوتين إن روسيا نشرت 10 طائرات في بيلاروسيا، قادرة على حمل أسلحة نووية تكتيكية، وجهزتها بشكل مناسب، مشيرًا إلى أن فرق الطائرات ستتدرب من 3 أبريل المقبل.
وبحسب الرئيس الروسي، فإن موسكو منحت بيلاروسيا أنظمة صواريخ إسكندر، التي يمكن استخدامها لإطلاق أسلحة نووية، رغم أنه لم يتضح ما إذا كان ذلك يعكس نوع القنابل التي ستنشرها.
كما ادعى الزعيم الروسي أن لوكاشينكو سأل عن الأسلحة النووية، بعد تصريح المملكة المتحدة بأنها ستزود أسطولها من دبابات تشالنجر2 بقذائف اليورانيوم المنضب.
واليورانيوم المستنفد منتج ثانوي لعملية التخصيب، لصنع أسلحة نووية أو وقود، وبذلك يكون أقل إشعاعاً، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إن الغرض العسكري منه أن يكون معدنًا صلبًا وقابلًا للاختراق للقذائف. وفي حين أن سميته تجعل استخدامه في ساحة المعركة مثيرًا للجدل، فإنه ليس بأي حال من الأحوال سلاحًا نوويًا.
ويُعتقد أن الأسلحة النووية الأمريكية مخزنة في ست قواعد: كلاين بروغل في بلجيكا، قاعدة بوشل الجوية في ألمانيا، قاعدتا أفيانو وغيدي الجويتان في إيطاليا، قاعدة فولكل الجوية في هولندا، وإنجرليك في تركيا.
وقالت وزارة الخارجية لشبكة سي إن إن، إنها «ستواصل مراقبة تداعيات خطة روسيا لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، لكنها لن تعدل استراتيجيتها الخاصة بالأسلحة النووية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل: «لم نر أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي، ولا أي مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي».
بينما قال متحدث آخر باسم وزارة الخارجية، إن روسيا وبيلاروسيا ناقشتا نقل الأسلحة بعض الوقت، بعد بيانات عدة العام الماضي.
كانت واشنطن قالت إنه ستكون هناك عواقب لأي استخدام للأسلحة النووية في أوكرانيا، حتى الأجهزة التكتيكية منخفضة القوة، لكنها توقفت عمداً عن توضيح ما ستكون عليه.
وبحديثه في أكتوبر الماضي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: «سيكون من غير المسؤول بالنسبة لي التحدث عما سنفعله أو لا نفعله»، ردًا على الاستخدام النووي من قبل روسيا، لكن بايدن ألمح إلى احتمال تصعيد سريع للأحداث.
وقال: «الأخطاء التي ارتكبت، وسوء التقدير يمكن أن يحدث، ولا يمكن لأحد أن يكون متأكدًا مما سيحدث ويمكن أن ينتهي في هرمجدون».
القدرات النووية الروسية
تشير التقديرات التي نُشرت في 21 سبتمبر 2022 إلى أن روسيا تمتلك (5.977) رأساً نووياً، مع أن هذا الرقم يشمل قرابة (1.500) رأس نووي أحيلت إلى التقاعد ومن المقرر تفكيكها.
ومن بين الـ (4.500) رأس نووي أو ما يقارب هذا العدد المتبقية، معظمها أسلحة نووية استراتيجية، أي صواريخ بالستية أو صواريخ يمكن توجيهها إلى أهداف بعيدة المدى، وهذه هي الأسلحة التي ترتبط عادة بالحرب النووية.
وقالت الدكتورة باتريشيا لويس مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني «تشاتام هاوس»، إن أي تحرك لتجهيز ونشر الأسلحة النووية الروسية، سيكون مرصوداً ومراقباً من الأقمار الاصطناعية للولايات المتحدة وغيرها التي يمكنها الرصد في كل الأجواء، رغم وجود سحب أو ظلام دامس.
واعتماداً على المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الأخرى، وفي ظل فشل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا بالعدول عن تصرفها، قد تقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق تلك الأسلحة بمختلف الوسائل.
سيناريوهات الضربة النووية الروسية
السيناريو الأول: استعراض للقوة، بخيارات عدة، كأن تطلق القوات الروسية صاروخاً على البحر الأسود، أو طلقة نووية في مكان مرتفع فوق أوكرانيا، عبارة عن انفجار ينجم عنه نبضة كهرومغناطيسية، بما يكفي لتدمير كل شيء يعمل بالكهرباء، في منطقة تبلغ مساحتها مئات الكيلومترات المربعة، أو إلى منطقة غير مأهولة داخل أوكرانيا، لتجنب إصابات كبيرة.
ورغم أن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، فإنه قد يمثل صدمة ويدفع القوات الأوكرانية إلى التقهقر، ويضرب الروح المعنوية لدى عواصم الغرب الداعمة لكييف، ويمكن إيقاف التصعيد المحتمل عند هذا المستوى.
السيناريو الثاني: إجراء اختبار نووي على الأراضي الروسية، قد يكون على أحد مواقع التجارب النووية السوفيتية القديمة شمالي روسيا، مثل نوفايا زيمليا.
هذا الاختبار سيذكر العالم بأن لدى روسيا وسائل أخرى تحت تصرفها في شكل أسلحة مرعبة، وهي مصممة على استخدامها إذا لم يخرج "الناتو" نفسه من الصراع.
ورغم خرق معاهدة حظر التجارب في التجارب الجوية، فمن غير المرجح أن يستدعي هذا الخيار ردا عسكريًا من "الناتو".
السيناريو الثالث: ذري منخفض الطاقة، يتمثل بتوجيه ضربة تستهدف قاعدة جوية أو مرفأ عسكريًا أو قاعدة تجمع عبر صاروخ إسكندر المجنح، ما يشكل تطوراً خطيراً.
سيكون هذا الخيار غير فعال نسبياً، للطبيعة المنتشرة للقوات الأوكرانية، لكن من المحتمل أن يؤدي إلى هجوم انتقامي فوري وكبير مباشرة من الولايات المتحدة وقوات "الناتو".
السيناريو الرابع: قنبلة 50 كليو طن، ما يعني أن إسقاط قنبلة خمسين كيلوطن على أوكرانيا (4 أضعاف قنبلة هيروشيما) سيؤدي إلى تدمير مدن، وخسائر فادحة بالأرواح والممتلكات. هذا السيناريو سيجبر الغرب والولايات المتحدة على الدخول مباشرة في الحرب، وإلا عُدّ الأمر استسلاماً لموسكو.
السيناريو الخامس: ضرب بلد أوروبي آخر، وهذا السيناريو يتمثل بضربة بسلاح نووي تكتيكي، لهدف تابع لحلف الناتو وسط أوروبا، لإيجاد أكبر صدمة معنوية ممكنة مع ترجيح بولندا كهدف.
ويعد استهداف "الناتو" مبرراً للكرملين الذي يرى أن الحرب الحالية افتعلها هذا الحلف، لكن احتمال الرد الأمريكي سيكون أقوى.
ويعد هذا السيناريو الأكثر رعباً، الذي يعني اندلاع مواجهة نووية مباشرة بين روسيا وحلف الناتو.
السيناريو الأكثر ترجيحاً بين الخبراء أنه إذا كان بوتين سيستعمل أسلحته النووية أثناء حربه في أوكرانيا، فلن يختار نوع الأسلحة النووية «الاستراتيجية» بعيدة المدى التي تدمر مدناً، والتي كانت بارزة جداً خلال الحرب الباردة، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.
من يملك قرار النووي؟
وفقًا للعقيدة النووية الروسية، فإن بوتين يعد صانع القرار النهائي، عندما يتعلق الأمر باستخدام الأسلحة النووية الروسية، الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، وسط توقعات بأن وزير الدفاع الروسي الحالي سيرغي شويغو ورئيس الأركان العامة الحالي فاليري جيراسيموف يحملان حقيبتين أخريين.
وتشكل الحقيبة النووية أداة اتصال تربط الرئيس بكبار ضباطه العسكريين، ومن ثم بالقوات الصاروخية عبر شبكة القيادة والتحكم الإلكترونية (كازبيك) شديدة السرية.
لكن يمكن لبوتين أن ينشط ما يسمى نظام اليد الميتة كملاذ أخير، وهي أجهزة الكمبيوتر التي تقرر ما يُسمى «يوم القيامة»، ويوجه صاروخ تحكم بإطلاق ضربات نووية.
متى يفعل النظام ذلك؟
يفعل النظام ذلك، إذا اعتقدت روسيا أنها تواجه هجومًا نوويًا استراتيجيًا، فحينها يرسل الرئيس -عبر الحقائب- أمر إطلاق مباشر إلى قيادة الأركان العامة ووحدات القيادة الاحتياطية، التي تحمل رموزًا نووية.