وسط أجواء شديدة الحر.. نحو  مليوني حاج يقفون على صعيد عرفات

في الساعات الأولى من فجر الثلاثاء، توجّه الحجاج إلى جبل عرفات، لأداء الركن الأعظم من الحجّ

وسط أجواء شديدة الحر.. نحو  مليوني حاج يقفون على صعيد عرفات

السياق

بدأ أكثر من 1.6 مليون حاج، الصلاة والدعاء عند جبل عرفات قرب مكة المكرمة، منذ فجر الثلاثاء، في ذروة مناسك الحجّ، التي يتوقع أن تسجّل أعدادًا قياسية هذا العام، وسط أجواء شديدة الحرارة.

وأمضى الحجّاج، الليل في مخيّمات مكيفة بوادي منى، على بُعد سبعة كيلومترات من المسجد الحرام، في مكّة المكرّمة.

وفاضت شوارع منى، التي أصبحت أكبر مدينة خيام في العالم، بآلاف الحجّاج من الجنسيّات كافّة، بعدما سمحت السعوديّة للمسلمين بأداء الفريضة هذا العام، من دون قيود على عدد الحجّاج ولا أعمارهم.

في الساعات الأولى من فجر الثلاثاء، توجّه الحجاج إلى جبل عرفات، لأداء الركن الأعظم من الحجّ. وسيبقون طوال اليوم في الموقع نفسه، يصلّون ويبتهلون ويتلون القرآن الكريم، وكثيرون منهم سيعتلون جبل الرحمة ويجلسون بين صخوره.

وبعد غروب الشمس، يتوجّه الحجّاج إلى مزدلفة، منتصف الطريق بين عرفات ومنى، ليناموا في الهواء الطلق، قبل بدء رمي الجمرات (الأربعاء) أول أيام عيد الأضحى.

"غير مصدق"

قال التاجر السوري محمد حجوج (59 عامًا) لوكالة فرانس برس وهو يغالب دموعه: "أنا أؤدي فريضة الحج. ما زلت غير مصدق".

وأكّد الموظف النيجيري سليم إبراهيم (39 عامًا): "حتى لو كانت الحرارة أقوى سأؤدي الحج مجددًا. إنها تجربة تستحق العناء"، مشيرًا إلى أنه يواجه الحرارة بشرب كميات كبيرة من المياه.

مساء الأحد، أنهى مئات الآلاف من الحجاج الطواف في المسجد الحرام بمكة. وحمل كثيرون منهم مظلات ملوّنة، للاحتماء من أشعة الشمس الحارقة، حيث تجاوزت الحرارة 44 درجة مئوية ظهرًا.

بعد ذلك، بدأوا شق طريقهم إلى منى، حيث باتوا في الخيم البيضاء المكيفة المتراصة.

وركب مئات الآلاف منهم حافلات مكيفة، تدفقت في أفواج متتابعة على المكان، بينما اختار قلة السير نحوه من مكة المكرمة، ببطء شديد وهم يحتمون بالمظلات.

بعد منتصف النهار، كانت المخيمات شبه مكتملة العدد، بينما كانت تكبيرات الحج تصدح في المكان.

تقول المعلمة المغربية جميلة حمودي (62 عامًا)، التي اعتمرت قبعة حمراء عليها علم بلادها بفرحة غامرة: "حلمي تحقق". وتابعت: "سأدعو بالخير لجميع الناس".

وتقع منى في واد تحيط به الجبال الصخرية، على بعد نحو سبعة كيلومترات من المسجد الحرام، وتتحول كل عام إلى مخيم واسع للحجاج.

 

تنقل الحجاج

ووصل أكثر من 1.62 مليون حاجّ من خارج المملكة، كما أعلنت السلطات السعوديّة الأحد.

ويتجاوز هذا الرقم عدد حجاج العام الماضي (926 ألف حاج) بفارق كبير، بينما لم تُعلن أعداد الحجّاج من داخل السعودية.

وتتوقّع السلطات السعوديّة مشاركة أكثر من 2.5 مليون حاج من 160 بلدًا بحج هذا العام في "أكبر موسم حج في التاريخ"، كما أفاد مسؤول في وزارة الحج والعمرة وكالة فرانس برس الأحد.

وذكرت قناة الإخبارية الحكومية السعودية، أنّ وزارة النقل تتابع انسيابية تنقل الحجاج نحو منى عبر طائرات مسيرة، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. كذلك وفرت حافلات ذاتية القيادة تحمل كل منها 11 راكبًا، لتسهيل تنقل الحجاج بين المشاعر المقدسة.

احذروا ضربات الشمس

قد يكون أداء مناسك الحجّ مرهقًا جسديًا، حتّى في الظروف المثاليّة، لكنّ الحجّاج يواجهون تحدّيًا إضافيًا مع اشتداد درجات الحرارة، إذ يؤدون المناسك تحت شمس حارقة وفي أجواء خانقة، تتسبب -بكثير من الأحيان- في ضربات شمس وحالات إعياء، إضافة إلى توقف عضلة القلب.

وتوقع المركز الوطني للأرصاد، أن تراوح الحرارة في مكة بين 43 و45 درجة نهارًا خلال الحج.

ومنذ عام 2017، يحل الحج في أغسطس ويوليو ويونيو، الأكثر حرًا في السعودية ومنطقة الخليج.

وتمنع المملكة العمل في الهواء الطلق، من الساعة 12 ظهرًا حتى الثالثة عصراً من 15 يونيو لمدة ثلاثة أشهر.

لكنّ أغلبية المناسك تكون في الهواء الطلق، خصوصًا خلال الوقوف على عرفات الثلاثاء.

كانت وطأة هذه الأجواء الحارة كبيرة على حبيبة زوجة التاجر المغربي رحيم عبدالناصر (62 عامًا) التي شعرت بإعياء شديد الأحد، تطلّب تدخلًا طبيًا.

وقال وهو يصب المياه على رأسها، وهي مستلقية في ظل فندق محاذ للحرم: "الأجواء حارة للغاية هنا مقارنة بالمغرب وتشعرنا بالإنهاك".

ودعت وزارة الصحة الحجاج، لاستخدام المظلات خلال النهار، كما نصحت "بتجنب ضربات الشمس"، ودعت المرضى وكبار السن لتجنب أداء المناسك منتصف النهار.

تعزيز الإجراءات الطبية

عززت السلطات السعودية الإجراءات الطبية، في العاصمة المقدسة.

وقالت وسائل إعلام رسمية إن 4 مستشفيات و26 مركزًا صحيًا جاهزة للتعامل مع أي حالة صحية في منطقة منى، إضافة لنشر 190 سيارة إسعاف.

وفي ساحات المسجد الحرام، يرش الرذاذ المائي من أعمدة طويلة ومراوح ضخمة على مدار الساعة، بينما يرش رجال أمن المياه على وجوه الحجاج.

عام 2019، شارك نحو 2.5 مليون مسلم، من جميع أنحاء العالم، في أداء فريضة الحج، التي تمثل تحديًا أمنيًا كبيرًا.

 

لاحج بلا تصريح

أعادت السلطات السعودية تأكيد أنه "لا حج بلا تصريح"، وحذّرت أن من يضبط يحج بلا تصريح "يعاقب بالسجن مدة تصل إلى 6 أشهر وبغرامة تصل إلى 50000 ريال (13300 دولار).

وتنتشر سيّارات المطافئ بألوانها الصفراء المميّزة في أرجاء المكان، إذ سبق أن تسبّبت حرائق بحوادث دامية في منى، على وجه الخصوص.

وبينما كان يبحث عن موقع سكنه في منى مساء الأحد، قال المهندس السوري فواز عبدالله (48 عامًا) الذي يحج مع زوجته للمرة الأولى: "أشعر بسعادة لا توصف. أشعر بأنني سأولد من جديد".