كأن شيئًا لم يكن... هل يحاول الاتحاد الأوروبي التستر على 'قطرغيت'؟

يرى موقع زيرو هيدغ أنه نظرًا للمخاوف المتعلقة بالطبيعة البارزة للتحقيق الذي يشمل أعضاءً في البرلمان الأوروبي من الليبراليين، فإن الاتحاد الأوروبي لن يسمح للتحقيق بالمضي قدمًا نحو كشف الحقائق

كأن شيئًا لم يكن... هل يحاول الاتحاد الأوروبي التستر على 'قطرغيت'؟

ترجمات – السياق

رغم مرور أكثر من ستة أشهر، فإن صدى فضيحة الرشوة والفساد بالبرلمان الأوروبي المتعلقة بقطر، مازال يتردد، ما قد يعيق أي خطط للتستر عليها.

القضية التي وُصفت بالعائلية، ضمت النائبة إيفا كايلي، التي صعدت بسرعة الصاروخ من مذيعة تلفزيونية في اليونان إلى نائبة لرئيسة البرلمان الأوروبي، ووالدها، وصديقها الإيطالي فرانشيسكو جيورغي، الذي يعمل في البرلمان الأوروبي، ومن خلفهما نائب سابق في البرلمان، أكبر سنًا، كعقل مدبر للخلية، هو أنطونيو بانزيري وزوجته وابنته.

وارتبط اسم القضية بدولة قطر، لدرجة أنها عُرفت في الوسط الأوروبي بـ "قطرغيت".

ويرى موقع زيرو هيدغ -المتخصص في الشأن المالي- أنه بعد اعتقال النائبة اليونانية إيفا كايلي في فضيحة فساد "قطرغيت"، تواجه المفوضية الأوروبية بقيادة أورسولا فون دير لاين، حملة تدقيق جديدة، بعد كشف معلومات تتعلق بمفوض الاتحاد الأوروبي السابق ديميتريس أفراموبولوس.

كان أفراموبولوس مفوضًا للهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة بين عامي 2014 و2019 وعضوًا في المجلس الاستشاري لمنظمة "مكافحة الإفلات من العقاب" غير الحكومية المرتبطة بأنطونيو بانزيري، الذي اعتُقل لتورطه في مزاعم فساد ورشاوى قدمتها قطر.

ومع ذلك، قالت صحيفة لا ستامبا الإيطالية أن أفراموبولوس ليس فقط عضوًا في المنظمة، لكنه كان يتقاضى منها راتبًا قدرته بـ60 ألف يورو بين فبراير 2021 وفبراير 2022.

بينما قال أفراموبولوس إن هناك أطرافًا تحاول توريطه في "قطرغيت" لإبعاده عن اختيار الممثل الخاص المقبل للاتحاد الأوروبي للعلاقات مع دول الخليج.

ورغم ذلك، "يبدو طمس فضيحة الفساد مع عودة المتورطين إلى مهامهم البرلمانية وكأن شيئًا لم يكن"، وفقًا للنائب في البرلمان البولندي عن الحزب الحاكم (اليميني) ياتسيك ساريوس فولسكي.

 

دفن الفضيحة

ففي ديسمبر الماضي، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تجريد إيفا كايلي نائبة رئيسته من منصبها، بعد اتهامها وآخرين بتلقي أموال من قطر مقابل منح الدولة الخليجية تأثيرًا في القرارات السياسية ببروكسل.

وصوّت البرلمان على إنهاء ولاية كايلي مبكرًا بأغلبية 625 صوتًا مقابل صوت واحد معارض وامتناع عضوين عن التصويت.

وكانت الموافقة على قرار تجريد كايلي من مهامها كواحدة من 14 نائبًا لرئيس البرلمان الأوروبي تتطلب موافقة أغلبية الثلثين.

ونفت كايلي ارتكاب أي مخالفة، وبالمثل قطر.

ولكن بعد مرور أكثر من ستة أشهر، تخللها اعتقال كايلي نحو أربعة أشهر، كشف تقرير البرلمان الأوروبي، عودة المتورطين إلى مهامهم البرلمانية.

وهو ما وصفه النائب البولندي ياتسيك ساريوس فولسكي، بأنه محاولة من الاتحاد الأوروبي لـ"دفن فضيحة الفساد الهائلة".

وكان قد سُمح لكايلي بمغادرة السجن في أبريل الماضي، بعد نحو أربعة أشهر بشروط معينة، لكنها اضطرت -في البداية- إلى البقاء قيد الإقامة الجبرية ووضع سوار مراقبة إلكتروني.

وفي وقت لاحق من مايو، رفعت الإقامة الجبرية عن عضوي البرلمان الأوروبي المشتبه بهما في قضية الفساد، مارك تارابيلا وفرانشيسكو جورغي، شريك كايلي، حسبما ذكر متحدث باسم مكتب المدعي العام الأوروبي في بروكسل.

 

حياة مرفهة

وكُشفت فضيحة الفساد في ديسمبر 2022، وإثرها اعتُقلت كايلي، إذ اشتبه حينها في أنها تلقت رشاوى من قطر، مقابل منح الدولة الخليجية تأثيرًا في القرارات السياسية ببروكسل.

وحسب موقع زيرو هيدغ، اكتشفت الشرطة البلجيكية أكثر من مئة ألف يورو محشوة في أكياس ورقية وحقائب أوراق أثناء تفتيش شقتها.

وزعم المدعون حينها أن هذه الأموال كانت رشوة مالية تلقتها من دولة قطر.

واشتهرت كايلي بأسلوب حياتها المرفهة والفاخرة، ما فتح باب التساؤل عن كيفية تأمينها لبعض ممتلكاتها العقارية الراقية.

وإزاء ذلك، يرى الموقع أنه "نظرًا للمخاوف المتعلقة بالطبيعة البارزة للتحقيق الذي يشمل أعضاءً في البرلمان الأوروبي من الليبراليين، فإن الاتحاد الأوروبي لن يسمح للتحقيق بالمضي قدمًا نحو كشف الحقائق".

وأشار إلى ادعاءات بإمكانية مشاركة ما يصل إلى 100 عضو في البرلمان الأوروبي ضمن القضية، ما يحمل "عواقب بعيدة المدى بالنسبة للأحزاب الرئيسة في أوروبا".

واستشهد ساريوس فولسكي بعدد من الإجراءات التي اتُخذت لإبعاد المتهمين عن سير التحقيقات، بينها إعلان أن أنطونيو بانزيري -أحد أبرز المشبته بهم- مريض ولا يستطيع المثول أمام جهات التحقيق.

وأضاف: "هذا مثال على الإفلات من العقاب في ما يتعلق بالفساد الذي تورط فيه هؤلاء الأشخاص".

ورأى أن سبب محاولة التغطية على هذه القضية المهمة، أن الفضيحة يمكن أن تبتلع السلطة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي والتجمعات السياسية الأخرى غير الاشتراكيين.

من جهة أخرى، يجرى التحقيق مع إيفا كايلي في اليونان بتهمة غسل أموال، إذ يُشتبه في أنها وأسرتها استثمروا دخلًا غير مصرح به في عقارات.

وبيّن الموقع أنه إذا ثبتت إدانتها، من المحتمل أن تصدر المحاكم اليونانية عقوبة أشد من تلك الموجودة في بلجيكا.

إلا أن محاميها صرحوا -نهاية مايو الماضي- بأن بإمكانها العودة إلى مهامها البرلمانية، بشرط ألا تغادر بلجيكا.

وبالفعل سُمح لكايلي بحضور الجلسة المقبلة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ.