توريث أم استحقاق؟.. جنبلاط يخلف والده وجده في رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي
سيتولّى تيمور جنبلاط رئاسة الحزب في وقت يُعاني فيه لبنان أزمة اقتصادية منذ نحو أربع سنوات، ويلقى اللوم فيها على فساد الطبقة السياسية الحاكمة، التي تعد عائلة جنبلاط إحدى مكوّناتها الأساسية

السياق
لم يكن مفاجئًا خبر "توريث" رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي من وليد جنبلاط إلى نجله رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور، إذ أخذ المنصب بالتزكية خلفاً لأبيه الزعيم الدرزي اللبناني، في بلد يقوم على نظام التسويات والمحاصصة بين القوى السياسية والطائفية.
جرى ذلك –الأحد- في مؤتمر عام للحزب، خُصص لانتخاب رئيس له ومجلس قيادة جديد، بعد استقالة جنبلاط الأب.
"أبًا عن جد"
وقد ورث وليد هو الآخر المنصب عن أبيه كمال جنبلاط، منذ اغتياله عام 1977 في خضم سنوات الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990)، واتهم فيها آنذاك سوريين.
وبعد إعلان فوز تيمور مع نائبين له "مسيحي وشيعي"، أعلن الرئيس الجديد للحزب "تجديد العهد لما وصفها بفكرة كمال جنبلاط الإنسانية الجامعة ولحزبه وشهدائه ومناضليه".
وقال وليد جنبلاط ردًا على ابنه: "الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء، سِر ولا تخف والله معك، مهما كانت تقلّبات الزمن ومفاجآت الأقدار وتغيّرات الأحوال".
وأضاف جنبلاط الأب: "شعارنا كان في النضال من أجل عروبة لبنان وتطوره الديمقراطي وضرورة إلغاء الطائفيّة السياسيّة وصولاً إلى المساواة بين المواطنين".
وتابع في كلمته: "الإصلاح الشامل والجذري أكثر من ضرورة، بعيداً عن الوصفات التجميليّة للهيئات الدوليّة، والحوار هو السبيل الأوحد للوصول إلى التسوية وتكريس المصالحة وتعزيزها".
وبين أن "رفض التقسيم أو الفيدراليّة لا يعني التهرّب من تحقيق اللامركزيّة الإداريّة والإنماء المتوازن وتطبيق اتفاق الطائف".
وقال نائب رئيس الحزب دريد ياغي، إن ما وصفه بالاستحقاق هو "المدخل الديمقراطي الذي نؤمن به لمتابعة هذه المسيرة".
وأضاف: "نستمر بحمل الشعلة التي تسلّمها كل واحد منا طوال السنوات الماضية، وقد كلفتنا شهداء وتعبًا وعذابات كثيرة لتحقيق الانتصار".
لكن ما يصفه أعضاء الحزب التقدمي الاشتراكي بأنه "عرس ديمقراطي"، في "توريث" جنبلاط منصب والده وجده، أثار سخرية كثيرين، للطبيعة المتعارف عليها في توريث الزعامات بين الطوائف في لبنان.
باقٍ في المشهد
يأتي ذلك في ظل تراجع ملحوظ لمكانة الحزب تحت قيادة وليد جنبلاط، باعتراف قيادات داخلية، إذ قال نائب رئيس "التقدمي الاشتراكي" الدكتور كمال معوض، إن الحزب تراجع على مستوى لبنان، ولدى بعض الشرائح اللبنانية، وانحصر في أماكنه التاريخية،
وأضاف: "النظام الطائفي في لبنان قمع الانفتاح الحزبي الكبير".
في حين أكد النائب في كتلة اللقاء الديمقراطي أكرم شهيب، أن وليد جنبلاط سيبقى في الخلفية، ولن يبتعد عن الحياة السياسية، لاسيما أن علاقاته الإقليمية والدولية وقراءته للسياسة حاجة للحزب.
وزكّى أعضاء الحزب بين نحو ألفي شخص من مناصريهم في قرية عين زحلتا، التابعة لقضاء الشوف معقل الطائفة الدرزية، النائب البالغ من العمر 41 عاماً، كزعيم جديد لهم، خلفاً لوالده الذي رأس الحزب 45 سنة.
وقال الحزب في بيان: "فاز النائب تيمور جنبلاط برئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي بالتزكية".
وسيتولّى تيمور جنبلاط رئاسة الحزب في وقت يُعاني فيه لبنان أزمة اقتصادية منذ نحو أربع سنوات، ويلقى اللوم فيها على فساد الطبقة السياسية الحاكمة، التي تعد عائلة جنبلاط إحدى مكوّناتها الأساسية.
الدروز
يمثّل الدروز نحو خمسة في المئة من سكّان لبنان، وتشكل الكتلة البرلمانية الصغيرة، التي يرأسها تيمور جنبلاط، ثقلاً مؤثراً حال تحالفها مع كتل أخرى، في بلد تتقاسم فيه الطوائف المناصب، وتعدّ الوراثة السياسية شائعة داخل العائلات والأحزاب.
وفشل البرلمان اللبناني، في 14 يونيو الماضي مرة جديدة، في محاولته لانتخاب رئيس للجمهورية، على وقع انقسام سياسي في البلاد، ما أدّى لاستمرار شغور منصب رئاسة الجمهورية منذ نحو ثمانية أشهر.
تأسّس الحزب على يد كمال جنبلاط، جدّ تيمور ووالد وليد، على أفكار يسارية، وصار أحد أبرز المكوّنات السياسية للطائفة الدرزية في لبنان.
تسلّم النائب وليد جنبلاط زعامة عائلته السياسية، إثر اغتيال والده عام 1977 في كمين مسلّح استهدف سيارته، ويتّهم جنبلاط النظام السوري -وقتها- باغتيال والده.
تيمور، الابن الأكبر لوليد جنبلاط من زوجته الأولى جيرفيت، من مواليد 1982 وتخرّج بالجامعة الأمريكية في بيروت، حيث تخصّص في العلوم السياسية، وتابع دراسات عليا في باريس.