بين العودة القسرية والطوعية.. ما مصير اللاجئين السوريين في تركيا؟
باتت قضية اللاجئين ورقة سياسية خطيرة تلوح بها الأحزاب، وعنوانًا رئيسًا في برامج المرشحين الانتخابية، في وقت بات الصوت الغالب على الشعب التركي، أنهم لم يعودوا يحتملون اللاجئين، خاصة السوريين

السياق
أزمة اقتصادية، تضخم في العملة، وارتفاع الأسعار ومعدل البطالة... عوامل تزيد المشاعر العدائية في نفوس الأتراك ضد اللاجئين في بلادهم خاصة من السوريين.
ضمن جنسيات متنوعة، منها أفغانيون وأوكرانيون، تستضيف تركيا من سوريا وحدها نحو 4 ملايين لاجئ، وفي السنوات الأخيرة زادت ضدهم معدلات الاضطهاد والجريمة، حسبما وثقت مراكز حقوقية.
وتزامنًا ارتفعت "مشاعر النزعة القومية" في نفوس عديد من الأتراك وباتت قضية اللاجئين ورقة سياسية خطيرة تلوح بها الأحزاب، وعنوانًا رئيسًا في برامج المرشحين الانتخابية، في وقت بات الصوت الغالب على الشعب التركي، أنهم لم يعودوا يحتملون اللاجئين، خاصة السوريين.
"سنعيدهم إلى بلادهم"
تعهّد زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو -في خطاباته- بإعادة ملايين المهاجرين، سعيًا لكسب تأييد القوميين المتشددين.
وكان أداء كليجدار أوغلو (74 عامًا) الأفضل للمعارضة، منذ تولى أردوغان السلطة قبل عقدين.
لكنه لم يرق إلى توقعات الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات، وخيّب آمال المعارضة.
أدخل زعيم المعارضة مذاك تغييرات في فريق حملته، وشدد رسالته لكسب الناخبين اليمينيين في الدورة الثانية المقررة 28 مايو.
شرف البلاد
واتهم كليجدار، وهو موظف حكومي سابق "أردوغان، بأنه لم يحمِ الحدود وشرف البلاد". وقال: "أدخلت عمدًا أكثر من 10 ملايين لاجئ إلى هذا البلد... فور وصولي إلى السلطة، سأعيد كل اللاجئين إلى بلدهم".
وقال هوارد إيسنستات، الخبير بالشأن التركي في معهد الشرق الأوسط، إنّ كليجدار أوغلو كان يسعى لجذب القوميين، من خلال مهاجمة السوريين، لأنّ الأكراد يشكّلون جزءاً مهماً من قاعدته.
وأضاف إيسنستات: "الأكراد جزء كبير من ائتلافه"، وتابع: "لكنّ السوريين هدف آمن نسبياً، لأنّهم في الغالب لا يستطيعون التصويت".
"أشقاء"
وحظي أردوغان وحزبه بتأييد واسع في أوساط مسلمي العالم، لاستقباله الفارين من النزاعات في بلدان مثل سوريا.
وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين والمهاجرين في العالم، نحو خمسة ملايين، خلال العقد الأخير.
وأسهم اتفاق منفصل عام 2016 بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، في تخفيف أزمة الهجرة التي واجهتها أوروبا، عبر السماح للساعين للوصول إلى غرب أوروبا بالاستقرار في تركيا.
حصلت تركيا من بروكسل على تمويل بمليارات اليورو من أجل البرنامج.
لكن الأزمة الاقتصادية تسارعت مع اقتراب الانتخابات، ما أدى إلى ازدياد حدة المشاعر المعادية للمهاجرين.
وحاولت حكومة أردوغان إيجاد حل وسط.
وقال وزير الداخلية سليمان صويلو -الخميس- إن تركيا أعادت حتى الآن أكثر من نصف مليون سوري.
وأضاف: "لن نحوّل تركيا إلى مستودع للاجئين ولم نفعل ذلك حتى الآن، لكن السوريين أشقاؤنا".
وتابع: "لا يمكننا إرسالهم إلى الموت. ولم نفعل ذلك. لا يريد طيب أردوغان أن يذكره على أنه الزعيم الذي أرسل السوريين إلى الموت".
رأي أردوغان
وقال إيسنستات إنّ إردوغان بدا مرتاحاً قبل جولة الإعادة ولم يكن بحاجة إلى تغيير لهجته بشكل جذري.
وأضاف المحلّل السياسي: "شعر كأنّه في خطر قبل الأحد... لا أظن أنه يشعر بهذه الطريقة بعد الآن".
وحسب "بي بي سي" فإنه حتى وقت قريب، كان الرئيس أردوغان يقول إنه لن يعيد أيًا من السوريين إلى بلادهم، ولكن قبل أيام من جولة الإعادة، أعلن أن تركيا ستعيد مزيدًا منهم.
ونقلًا نع" بي بي سي"، فإن أردوغان قال في حديثه إلى قناة تي آر تي خبر الحكومية: "لقد عاد 450 ألف لاجئ بالفعل إلى منازل مصنوعة من قوالب حجرية بنيناها".
وأضاف: "الآن، لدينا هدف إعادة مليون لاجئ إلى المنازل الجديدة التي ستبنى شمالي سوريا، ويمكن مناقشة خطة لذلك في المحادثات مع حكومة دمشق بعد جولة الإعادة".