بعد هزيمة حلفائها في الانتخابات.. إيران تتحرك لاحتواء خسائرها في العراق

رغم مرور أكثر من شهرين على إجراء الانتخابات، فإن القضاء العراقي مازال يحقق في مزاعم عدة عن تزوير الانتخابات، تقدمت بها الفصائل المحسوبة على إيران، بعد تعرُّضها لخيبة أمل كبيرة، وخسارتها للأغلبية.

بعد هزيمة حلفائها في الانتخابات.. إيران تتحرك لاحتواء خسائرها في العراق

ترجمات – السياق

بعد الخسارة الثقيلة لحلفائها بالانتخابات النيابية الأخيرة في العراق، بدأت إيران استراتيجية جديدة في العراق، للتقليل من الأضرار التي لحقت بها جراء هزيمة حلفائها، التي أدت إلى تراجع نفوذها في البلاد، بحسب مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية.

ورغم مرور أكثر من شهرين على إجراء الانتخابات، فإن القضاء العراقي مازال يحقق في مزاعم عدة عن تزوير الانتخابات، تقدمت بها الفصائل المحسوبة على إيران، بعد تعرُّضها لخيبة أمل كبيرة، وخسارتها للأغلبية.

وأشارت "ناشيونال إنترست" إلى أن نسب المشاركة المنخفضة في انتخابات العراق الأخيرة، يجب أن يُنظر إليها على أنها علامة تحذير لمستقبل الاستقرار، مشيرة إلى أن مشاركة نحو 41 في المئة فقط من المواطنين في الانتخابات، علامة واضحة على أن أغلبية العراقيين يفقدون الأمل، في إمكانية تحقيق تغيير جوهري، من خلال صندوق الاقتراع.

وتصدرت الكتلة الصدرية، بزعامة رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، نتائج الانتخابات التشريعية العراقية، التي جرت في العاشر من أكتوبر، والتي تلتها اتهامات بالتزوير وجَّهتها فصائل موالية لإيران.

وحصل "تحالف الفتح"، الممثل الرئيس لفصائل الحشد الشعبي في البرلمان، بعد اعتراضه على النتائج الأولية بدعوى حدوث تزوير، على 17 مقعدًا بعدما كان يشغل 48 مقعدًا في البرلمان المنتهية ولايته، بينما فاز تحالف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، والمتحالف مع الفتح بـ 33 مقعدًا.

 

إحباط عام

وقالت "ناشيونال إنترست": "العراقيون يمرون بحالة إحباط عام، جراء المعاناة التي عاشوها طوال العامين الماضيين، بسبب الفوضى، وخروج المظاهرات في كل مكان، وعنف الدولة وغيرها ضد المدنيين، والتحالفات السياسية الهشة، والتدخل الأجنبي.

وأوضحت، أنه من خلال هذا المنظور، فإن مجرد المشاركة المنخفضة في الانتخابات، بصرف النظر عن النتائج، يجب أن يُنظر إليها على أنها علامة تحذير لمستقبل الاستقرار في العراق.

ومع ذلك -حسب المجلة الأمريكية- لم تكن نتائج الانتخابات أقل أهمية، إذ أشارت إلى تغيير كبير في تكوين المعسكرات المنتصرة، مشيرة إلى أن الفصائل الشيعية المقرَّبة من إيران، التي دخلت السباق الانتخابي تحت مظلة التنسيق الشيعي، الخاسر الرئيس.

وأضافت، أنه مع إعلان النتائج الأولية، بدأت المجموعات التابعة لإيران الطعن على النتيجة، بدعوى "تزوير انتخابي" ودعت إلى إلغاء نتائج الانتخابات، مشيرة إلى أنه في غضون ذلك، نزل أنصار تلك الجماعات إلى الشوارع للاحتجاج على النتائج، وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف، إذ اشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن العراقية في العاصمة بغداد.

 

الخاسر الأكبر

ورأت "ناشيونال إنترست" أن نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، تكشف أن الفصائل الشيعية المقربة من إيران هي الخاسر الأكبر، وهو ما يعني ضربة لنفوذ إيران داخل العراق، الأمر الذي دعا أنصار هذه الفصائل، إلى النزول إلى الشارع والاحتجاج على النتائج والطعن فيها.

ومع ذلك -تضيف المجلة- فإن نهج إيران تجاه الانتخابات وما أعقبها، يمثل خلافات جوهرية مع حلفائها العراقيين، إذ إنه بعد يوم واحد فقط من الانتخابات، وبينما تساءلت الفصائل الموالية لإيران، عن طريقة تعامل الحكومة العراقية مع نتيجة التصويت، هنأ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده "الحكومة والأمة والممثلين المنتخبين للشعب العراقي"، على إجراء الانتخابات بنجاح.

وفي الأول من ديسمبر الجاري -في ما بدا أنها محاولة من طهران لإبعاد نفسها عن الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات في العراق- قال خطيب زاده، إن كل ما تهتم به طهران هو "انتقال ديمقراطي وسلمي للسلطة" في العراق، مضيفًا أن إيران تدعم "بشكل قانوني"، العملية الديمقراطية في البلد المجاور.

وذكرت "ناشيونال إنترست" أنه في غضون ذلك، كانت هناك مؤشرات عدة إلى أن طهران تحاول تهدئة حلفائها العراقيين، من خلال إرسال مسؤولين رفيعي المستوى إلى بغداد، ومن هؤلاء اللواء إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

وتوضح المجلة، أن هذه التناقضات الظاهرة بين معادلات القوة المتغيرة في العراق، على حساب الجماعات المدعومة من إيران، ونهج طهران الحذر في عراق ما بعد الانتخابات، قد تثير تساؤلات عن حسابات إيران واستراتيجيتها، في ما يتعلق بالوضع الجديد.

 

استراتيجية حذرة

وترى المجلة الأمريكية، أن إيران أمامها تحديات عدة تتطلب منها استراتيجية "حذرة للغاية"، في مقدمتها فوز "مقتدى الصدر" الذي حصلت كتلته على أكبر حصة من المقاعد في البرلمان الجديد.

وأوضحت، أن الصدر استطاع -خلال العامين الماضيين- تقديم نفسه كشخصية وطنية مستقلة، مستغلًا تزايد موجة القومية العراقية والمشاعر المعادية لإيران، إذ لم يتردد في انتقاد الميليشيات المدعومة من طهران علنًا.

كما سعى الصدر -حسب المجلة- إلى تولي دور "محور السياسة الشيعية في العراق"، التي كانت يتحكم فيها قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، حيث شهدت بعض الميليشيات الشيعية الموالية لإيران بعض الخلافات، بما في ذلك داخل قوات الحشد الشعبي.

ويرجح تحليل "ناشونال إنترست" أن تتبع إيران استراتيجية خاصة بالفترة المقبلة، في محاولة منها لاحتواء الأضرار التي وقعت بعد الانتخابات البرلمانية، ترتكز ثوابتها على "منع نشوب صراع مسلح أو عنف واسع النطاق يشارك فيه حلفاؤها في العراق، والحفاظ على التماسك بين الجماعات الشيعية، ومنع تشكيل حكومة أغلبية أو إعادة هيكلة للدولة العراقية".

وأضافت المجلة، أن طهران ستسعى أيضًا إلى إيجاد "حكومة توافق، وليس حكومة أغلبية بقيادة مقتدى الصدر".

كما تعارض طهران "إلغاء نظام المحاصصة" رغم أنه مطلب الشارع العراقي منذ عامين، والإبقاء على رئاسة الحكومة بشخصية شيعية، ورئيس البرلمان بشخصية سُنية، ورئيس كردي.

وذكرت "ناشونال إنترست" أن التركيز الأهم لطهران في هذه المرحلة، يتمثل في منع الصدر من إقامة أي تحالف محتمل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الأمر الذي من شأنه أن يساعد رجل الدين الطموح في الاقتراب خطوة مهمة من تشكيل حكومة أغلبية، لذلك -حسب المجلة- بعد أيام قليلة من الانتخابات، أفادت أنباء بإرسال قائد في الحرس الثوري الإيراني إلى أربيل، لتحذير الأكراد من الانضمام إلى الصدر.