خيارات بوتين العسكرية في أوكرانيا.. الضربات الجوية أم الغزو؟
مسؤولون غربيون: هناك أدلة على أن موسكو تحرك الدعم اللوجستي الضروري لشن عملية دائمة

ترجمات - السياق
بينما يهدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعمل عسكري محتمل على أوكرانيا، يقول المحللون العسكريون الغربيون، إنه يفكر في مجموعة من السيناريوهات، من الضربات الصاروخية المستهدفة إلى التوغل المحدود من شرقي البلاد أو جنوبها، أو حتى الغزو واسع النطاق، المدعوم من الحرب السيبرانية، بحسب صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
وأضافت الصحيفة، في تقرير، أنه بعد نشر نحو 100 ألف جندي روسي، بالقرب من الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية لأوكرانيا، حذر بوتين من أن "جميع الخيارات ستكون مطروحة" إذا لم تتم تلبية مطالبه بشأن أوكرانيا وأنشطة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الكتلة السوفيتية السابقة.
ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، فإن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، المشتركة مع الحلفاء الأوروبيين، تشير إلى أن روسيا تستعد لغزو محتمل، لكنهم حذروا من أن بوتين لم يتخذ قرارًا، قائلين إن حشد القوات يمكن أن يهدف إلى الحصول على تنازلات دبلوماسية من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
بايدن وبوتين
وأشارت "فايننشال تايمز"إلى محادثة بايدن وبوتين ليل الخميس، قبل المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة والدول الأعضاء بالناتو في يناير المقبل.
ولكن نشر الوحدات الرئيسة والأسلحة المتطورة، إلى جانب خطاب موسكو الحاد، أديا إلى زيادة احتمال تحويل الحرب بالوكالة، التي تشتعل ببطء في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا، إلى صراع شامل، فقد قُتل أكثر من 14 ألف شخص منذ بدء القتال، بعد وقت قصير من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014.
ونقلت الصحيفة عن الباحث البارز في مؤسسة "CNA" الأمريكية للدراسات السياسة مايكل كوفمان قوله: "يتمتع بوتين بأكبر سجل لاستخدام القوة، لتحقيق غايات سياسية أكثر من أي زعيم آخر".
صحيح أن بوتين نفى وجود خطط للغزو، لكنه أوضح أن روسيا مستعدة لاستخدام "الإجراءات العسكرية المناسبة للرد بقسوة على الخطوات العدائية"، حسب الصحيفة.
غزو محدود
ونقلت "فايننشال تايمز" عن اثنين من المقربين السابقين من بوتين قولهما، إن السبب الأرجح للحرب، سيكون أشبه بذلك الذي أشعل فتيل الحرب، التي استمرت أربعة أيام مع جورجيا عام 2008، حيث ردت روسيا في ذلك الوقت على محاولات تبليسي (عاصمة جورجيا) لتأمين الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون المدعومون من موسكو بغزو بري مدعوم بالضربات الجوية والمدفعية والحصار البحري والهجمات الإلكترونية، وأضافا أن روسيا ستصوِّر الصراع مع أوكرانيا على أنه خطوة لحماية منطقة دونباس الناطقة بالروسية، ما قد تصفه بالعدوان الأوكراني.
ويقول خبراء أمنيون، إن حجم ومدة أي تصعيد يعتمدان بعد ذلك، على مدى سرعة استسلام أوكرانيا لمطالب روسيا، بينما يقول مسؤولون غربيون، لم تكشف الصحيفة هويتهم، إنه بحلول منتصف ديسمبر الجاري، جمعت روسيا نحو 100 ألف جندي في محيط الحدود الأوكرانية، متوقعين أن يتم نشر نحو 175 ألف جندي نهاية يناير المقبل، عندما تتجمَّد الأرض، وبذلك تكون أكثر ملاءمة للدبابات في حال حدوث غزو بري.
ويضيف المسؤولون الغربيون، أن عمليات الانتشار الحالية تفتقر إلى الدعم اللوجستي اللازم لشن عملية مستدامة، مثل مخزونات الذخيرة والمستشفيات الميدانية وبنوك الدم، لكن هناك أدلة على أن موسكو كانت بصدد نقل مثل هذا الدعم نحو الحدود.
ضربات جوية
يمكن لروسيا أن تلحق أضراراً كبيرة بالجيش الأوكراني، من خلال شن الهجمات الجوية على الخطوط الأمامية والمنشآت العسكرية والبنية التحتية الحيوية، وفقًا لما نقلته الصحيفة عن باحثة السياسات البارزة في مؤسسة "راند" دارا ماسيكوت.
وأضافت ماسيكوت: "رغم أن القوات الجوية الروسية لم تحلق ضد دفاع جوي معاد منذ الحرب الجورجية، فإن هناك الكثير من صواريخ كروز وأخرى بالستية، يمكن استخدامها إما من البحر الأسود أو من داخل روسيا، ما يجعل نظام الدفاع الجوي الأوكراني في وضع صعب للتغلب عليها.
وتابعت ماسيكوت: "يمكن أن تستخدم الضربة المحتملة صواريخ محمولة جواً، وكذلك مدفعية ثقيلة وقاذفات بعيدة المدى، وهو ما سيكون مدمراً بشكل لا يُصدق بالنسبة للقوات البرية الأوكرانية".
وقد تعهدت أوكرانيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 41 مليون نسمة، بمقاومة أي غزو روسي، وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "كييف" الدولي لعلم الاجتماع هذا الشهر، أن 58% من الرجال على استعداد لحمل السلاح ضد روسيا، في حال حدوث غزو، كما انضم بعضهم إلى قوات دفاع مدني مؤقتة.
بينما يقول كوفمان، إن التفوق العسكري الروسي سيمكن موسكو من التغلب على الجيش الأوكراني في أسابيع، من خلال شن هجمات على جبهات عدة، بما في ذلك من بيلاروسيا والبحر الأسود.
غزو شامل
ورأت "فايننشال تايمز" أن الغزو الشامل لروسيا، سيسمح لها بالسيطرة على مساحات من الأراضي، يمكن استخدامها لشن هجوم مضاد في دونباس، كما أنه سيكون مناسباً لرؤية بوتين، المتمثلة في أن المناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا، شرقي نهر دنيبرو "تابعة لموسكو تاريخياً".
ويرى المحللون أن هذا السيناريو أقل احتمالاً، بسبب القوة البشرية الهائلة التي قد يتطلبها تنفيذه، والخسائر الكبيرة المحتملة للقوات الروسية.
ونهاية التقرير، قالت الصحيفة إن مدى الهجوم يعتمد على حجم الضرر الذي سيكون على موسكو أن تلحقه بكييف، لإجبارها على الاعتراف بالهزيمة، حيث يمكن أن يتسبب الهجوم في عشرات الآلاف من الضحايا بعد يومين، ويمكن أن يؤدي إلى تقويض القدرة العسكرية لأوكرانيا في الشرق، لكن هل يكون ذلك كافياً لإجبار كييف على التنازل؟ وأجابت الصحيفة أن ذلك يعتمد على حسابها للتكلفة والنتائج المتوقعة من هذا التنازل.