خطوة تنتظر ضوءًا أخضر.. ماذا بعد مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش في الرياض؟
حذر المركز الأوروبي، من أن تخوف الدول الأوروبية والغرب من استعادة مقاتليهم من سوريا والعراق، لأسباب سياسية، وبسبب الرفض المجتمعي، سيجعل هؤلاء المقاتلين قنبلة موقوتة، وحاضنة جديدة للتنظيم الإرهابي.

ترجمات – السياق
ما أن أسدل الستار على اجتماع وزراء خارجية التحالف الدولي لهزيمة داعش، في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، حتى باتت الأنظار تترقب الخطوة التالية.
فالاجتماع الذي عُقد بدعوة من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد دعم التحالف المستمر لبرامج مكافحة الإرهاب في إفريقيا والعراق وسوريا وجنوب ووسط آسيا، ما يؤكد اتساع رقعة التحالف ومواصلة الالتزام بتقليص قدرات داعش.
وأعاد وزراء التحالف، تأكيد أن القتال ضد داعش في العراق وسوريا، لا يزال أولوية للتحالف، مشددين على ضرورة تخصيص الموارد الكافية لدعم التحالف والشركاء الشرعيين.
واتفق الوزراء على تحديث المبادئ التوجيهية الحالية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، التي أقرت عام 2018، بما يعكس نمو التحالف في العضوية من مختلف المناطق والأولويات.
الخطوة التالية
في فقرتهم عن سوريا، التي جاءت في البيان الختامي، تحدث وزراء التحالف عن ضرورة ضمان إيواء إرهابيي داعش المحتجزين في سوريا بشكل آمن وإنساني، وتحسين الظروف الأمنية ووصول المساعدات الإنسانية لأفراد أسرهم المقيمين في مخيمي الهول والروج النازحين.
وأكد البيان، أن التحالف سيعمل مع المجتمع الدولي، لتحديد الفرص للمساهمة بشكل أفضل في الاحتياجات الأساسية المستمرة للمساعدات الإنسانية، ومساعدة إعادة الإدماج للعائدين، والتدابير الأمنية، وتحقيق الاستقرار للمجتمعات المحررة من داعش شمالي شرق سوريا.
قابلية التحقيق
يقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات -في دراسة- إن ملف عائلات وأطفال داعش، لا يحظى بكثير من الاهتمام على أجندات محاربة التطرف والإرهاب، لأسباب عدة، بينها: تراجع ملف التطرف والإرهاب، وانشغال العالم في النزاعات الدولية التي باتت هي الأخرى أكثر خطورة وتهديداً من الإرهاب والتطرف، إضافة إلى احتمال نشوء نظام دولي جديد، وما قد يتبعه من تغيرات سياسية وموازين القوى في العالم.
عائلات داعش في سوريا
يقيم في مخيم الهول، الذي يوصف بأنه «أخطر مخيم في العالم»، أكثر من 53 ألف شخص، ورغم أن ساكني المخيم لا يدعمون «داعش»، فإنهم النازحون من مناطق سيطر عليها «داعش» في سوريا والعراق، كما يُطلق عليهم.
ويتحدر معظم سكان المخيم من العراق وسوريا، إلا أن هناك ما بين 10 آلاف و11 ألف شخص من دول أجنبية، بما في ذلك جنسيات أوروبية وأمريكية وكندية، بينما يشكل الأطفال والنساء معظم سكان المخيم.
وبحسب تقديرات أممية، فإن ما بين 60 و64% من سكان المخيم من الأطفال، ومعظمهم دون سن الثانية عشرة، بينما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش، بتقرير في نوفمبر الماضي، إن أكثر من 30 دولة، بما في ذلك دول أوروبية، عملت على إعادة مواطنيها من المخيم، بينما وصل عدد من جرى ترحيلهم من المخيم إلى 1464 امرأة وطفل منذ عام 2019.
في السياق نفسه، قالت منظمة أنقذوا الأطفال، إنه جرى تسجيل زيادة بنسبة 60 بالمئة في عمليات إعادة الأجانب.
هل يعود قاطنو المخيم إلى دولهم؟
منذ عام 2019، أعادت 34 دولة على الأقل، أكثر من 6000 أجنبي، ورغم سير العملية ببطء، فإن عام 2022 شهد زيادة في وتيرة عمليات إعادة أعضاء داعش، مع عودة أكثر من 3100 أجنبي إلى أوطانهم.
ورغم ذلك، فإن هناك أكثر من 42 ألف أجنبي، متهمون بصلات مع داعش، ما زالوا متروكين من بلدانهم في المعسكرات والسجون شمالي شرق سوريا.
أعداد تحتجزها قوات سوريا الديمقراطية، معظمهم من الأطفال، إلى جانب 23 ألفًا و200 سوري، في المخيمات التي باتت خطرة وعنيفة بشكل متزايد، خاصة بعد أن نفذ المحتجزون، بمن فيهم عديد من الموالين لداعش، هجمات ضد محتجزين آخرين وسلطات المخيمات وعمال الإغاثة، ما أسفر عن قتل 90 شخصًا في الهول عام 2021، بحسب بيانات أممية.
ورغم تلك الأعداد المحتجزة، فإن ملف إعادة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم، لا يزال موضع نقاش سياسي وقانوني، بشأن ما إذا كانت الدول الأعضاء في الواقع ملزمة باستعادة رعاياها.
قرارات إعادة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم، تتخذها -في الغالب- كل دولة على حدة، بينما لا توجد برامج وطنية مستقرة -حتى الآن- تحدد بشكل منهجي وتعود بنشاط إلى الاتحاد الأوروبي المواطنين من سوريا والعراق، رغم بعض الإجراءات المعمول بها.
مراحل عودة البالغين
يقول المركز الأوروبي، إن هناك ثلاث مراحل للعائدين للبالغين، تتضمن: «تقييم المخاطر من أجهزة المخابرات أو قضاة التحقيق، بدعم من الشرطة وأجهزة الاستخبارات، والملاحقة والاعتقال وإعادة التأهيل، وإعادة الاندماج في المجتمع».
ورغم التفرقة في مراحل العودة، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لا تفرق بين النساء والرجال في مرحلة التقاضي، فالنساء يتعامل معهن كأفراد يتمتعون بالاستقلالية، وهو ما حدث في ألمانيا، بالاعتراف بأن المرأة هي الأخرى متورطة بجرائم داعش في الغالب أكثر من كونها من ضحايا التنظيم الإرهابي.
هل يعود داعش؟
أصبح ملف المقاتلين الأجانب، ورقة ضغط سياسية، وشد وجذب بين الولايات المتحدة إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية وأوروبا ودول المنطقة من جانب آخر.
وحذر المركز الأوروبي، من أن تخوف الدول الأوروبية والغرب من استعادة مقاتليهم من سوريا والعراق، لأسباب سياسية، وبسبب الرفض المجتمعي، سيجعل هؤلاء المقاتلين قنبلة موقوتة، وحاضنة جديدة للتنظيم الإرهابي.
وأكد أن ترك عائلات وأطفال ومقاتلي داعش، شمالي وشرقي سوريا، يعني نزوحًا نحو التطرف، وتنظيم داعش بنسخة جديدة أكثر تشدداً، مشيرًا إلى أن ترك عائلات داعش هناك، يعني تدويرهم في مناطق النزاع، ما يعني أن ترك مقاتلي داعش شمالي وشرقي سوريا، يهدد الأمنين الإقليمي والدولي.
وضع يأتي إلى جانب ما تشهده إفريقيا من نشاط إرهابي مكثف، بوجود عديد من مقاتلي تنظيم داعش الناشطين في بحيرة تشاد ومنطقة الساحل في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا وموزمبيق ودول أخرى غربي إفريقيا.
تأتي تلك التهديدات التي تشكلها هذه الجماعات الإرهابية، التي لها آثار دولية ومحلية، إلى جانب اتجاه أفغانستان نحو كارثة إنسانية، بسبب الجفاف ووقف المساعدات المالية الخارجية، التي جرى تعويضها جزئيًا بالمساعدات الإنسانية الطارئة، ما يهدد البلاد بالمجاعة والانهيار الاقتصادي، بشكل يعد بيئة حاضنة لتنظيم داعش.
تحييد «داعش»
وضع المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، وصفة أوروبية لمكافحة «داعش»، تتضمن: أن يكون هناك تحالف دولي جديد لمحاربة التطرف والإرهاب، أكثر من محاربة تنظيم داعش، وأن تنهض دول المنطقة بأمنها القومي من دون الاعتماد على الولايات المتحدة أو دول أوروبا.
وبحسب المركز الأوروبي، يجب أن يكون هناك مؤتمر دولي أو منتدى، لمعالجات وتدابير استعادة الدول رعاياها، مشيرًا إلى أن على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ومنها الهلال والصليب الأحمر ومنظمات الإغاثة، أن تنهض لتقديم خدمات أفضل إلى رعايا داعش في مخيمات سوريا.
وشدد على ضرورة دعم قوات سوريا الديمقراطية من بقية الدول، للنهوض بمسؤولياتها الخاصة بإدارة المخيمات وتأمين وسلامة الأطفال والنساء.
واقترح المركز الأوروبي، أن يكون هناك تحالف جديد لمحاربة التطرف والإرهاب دوليًا، واستعادة جميع الدول مواطنيها من مخيمات سوريا، بعقد مؤتمر دولي خاص لإيجاد حل لأزمة ملف المقاتلين الأجانب شمالي سوريا.