مجلة أمريكية تنتقد ذا إيكونوميست لتعميم تصوير العرب كإرهابيين
علينا أن نتخيل لو اختارت إحدى المجلات الكبرى نشر رسوم تظهر رجلاً يرتدي الكيباه -القبعة الصغيرة التي يرتديها اليهود- من أجل إدانة وحشية الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.

ترجمات - السياق
انتقدت مجلة نيو لاينز الأمريكية نظيرتها البريطانية "ذا إيكونوميست" لنشرها غلافاً قالت إنه يشبه القوالب النمطية العنصرية، التي عادةً ما يستخدمها الغرب مع العرب.
وقالت المجلة، التي تم تأسيسها كمبادرة من معهد نيو لاينز للاستراتيجية والسياسة، مقره واشنطن، إن "ذي إيكونوميست"، التي يعود تاريخها لعام 1843، نشرت غلافاً عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تضمن العديد من الرسوم التي وصفتها بـ"المسيئة للغاية".
وأوضحت المجلة أن الرسم الذي ظهر على غلاف المجلة البريطانية، يُظهر رجلًا يرتدي الزي السعودي التقليدي، مع تصوير العقال (وهو الحبل الأسود الذي يحيط بغطاء الرأس) على شكل عصا من الديناميت مع فتيل مشتعل، كما يظهر جزء آخر من الرسم رجلًا سعوديًا يرتدي الزي التقليدي، لكنه يُظهر الرجل على شكل صاروخ، وهناك جزء ثالث أظهر غطاء الرأس السعودي التقليدي مجوفاً بلا رأس داخله، مع وجود يد تحمل عود ثقاب مُضاء وتشكل اليد كلمة "الله" باللغة العربية.
ووصفت المجلة الأمريكية الرسم التوضيحي الذي نشرته "ذا إيكونوميست" بأنه "مسيئ للغاية" لأنه لا يتعلق بولي العهد السعودي، لكنه بدلاً من ذلك يحط من قدر مجموعة بأكملها ويصورها -بشكل جماعي- بأنها مرتبطة بالعنف والإرهاب.
وتابعت: "ظهور العقال بلا رأس بالتحديد، هو الذي يجعل هذه الرسومات تبدو بغيضة، لأن هذا الشكل لا يتعلق بزعيم صاعد يمثل قنبلة موقوتة، لكنه يظهر شعبًا بعاداته ومعتقداته الدينية، كأنه كيان خبيث، فعلينا أن نتخيل لو اختارت إحدى المجلات الكبرى نشر رسوم تظهر رجلاً يرتدي الكيباه (القبعة الصغيرة التي يرتديها اليهود) من أجل إدانة وحشية الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين".
وأشارت المجلة إلى أن العديد من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكدون أن المصمم الذي رسم غلاف "ذا إيكونوميست" إسرائيلي، قائلة إن الأمر لا يحمل أي أهمية، لأن المجلة بريطانية، والعنصرية ليست مقتصرة على جنسية معينة، وأضافت: "القوالب النمطية موجودة في كل مكان، فهي جزء من الطبيعة البشرية لمحاولة تبسيط العالم من حولنا إلى فئات سهلة الفهم، تتناقض مع التنوع الكبير في العالم، لكن دائماً ما تكون هذه القوالب ضارة، حتى لو لم تؤدِ -حتى الآن- إلى إثارة العنف أو التمييز على نطاق واسع، كما أن العرب أنفسهم يقومون باستخدام بعض الصور النمطية أيضاً، إذ لا يزال السوريون والمصريون يلقون النكات عن سكان حمص والصعيد، التي تسخر من مستوى ذكائهم، كما تنتشر العنصرية ضد السود، وتعد إساءة معاملة العمال من دول جنوب آسيا شائعة في المنطقة".
ووفقاً للمجلة، فإن هناك شيئًا مثيرًا للمشاعر السلبية بشكل خاص عن دخول وسائل الإعلام في هذا النوع من الممارسة، إذ إنه يتناقض مع المعايير العالية التي يضعونها لأنفسهم، صحيح أن العديد من الصحفيين الشباب المثاليين يقولون إنهم التحقوا بالمهنة من أجل إحداث فرق، وفضح الجرائم والفساد لإحداث التغيير نحو الأفضل في مجتمعاتهم، وهو هدف جدير بالثناء، لكنه يخطئ في فهم كيفية تغير تأثير وسائل الإعلام، ففي الأغلبية العظمى من الحالات، لا تؤدي التقارير الإعلامية أو الكشف عن الانتهاكات إلى تغيير السياسة بشكل مباشر، وإلا لكانت الحرب في سوريا قد انتهت قبل عقد من الزمان، لكن الحقيقية أن التقارير الإعلامية تؤدي إلى تغيير تدريجي، من خلال التراكم التدريجي للبيانات والحكايات والصور التي تشكل -نهاية المطاف- كيف ينظر المجتمع إلى جهات فاعلة معينة، سواء كانوا أفراداً أم دولاً.
وتابعت: "في حال فكرنا في رد فعلنا الأول على أي شيء، سواء كان ذلك عن أحد المشاهير أم أي بلد أم زعيم سياسي أم صراع بعيد، ثم فكرنا في ما إذا كان رد الفعل هذا يعتمد على تجربتنا المباشرة أم على الروايات الشائعة المرتبطة بهؤلاء الأشخاص أو البلدان أو الصراعات، فإننا نجد أنه رغم أن رد الفعل هذا ليس خاطئًا بطبيعته فإنه تم تشكيله من خلال وسائل الإعلام التي نتابعها، وهذا هو السبب في أنه دائماً ما يُنظر إلى إيران على أنها لاعب خبيث على المسرح العالمي، وإلى المملكة العربية السعودية على أنها دولة حاضنة للتطرف، وإلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أنه مستبد، وإلى العراق كدولة طائفية فاسدة بشكل ميؤوس منه، أو إلى أن الصراعات في الشرق الأوسط نتاج لكراهية قديمة تكرر نفسها، وهو ما كان يراه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، فهذه الآراء تشكل نظرة المجتمع العامة للعالم، لكنها تؤدي -في بعض الأحيان- إلى قرارات سياسية مأساوية وكارثية".
ونهاية التقرير، طالبت المجلة وسائل الإعلام بضرورة تجنُّب الترويج للصور النمطية العنصرية، محذرة من أن السوابق التاريخية الراسخة تشير إلى أن الأمر قد يؤدي -في كثير من الأحيان- إلى إثارة العنف الفردي والعنف من قِبل الدول، وحروب الاحتلال الأجنبية غير الحكيمة، وانتشار التعصب في الإعلام.