الإندبندنت.. تنظيم الإخوان كان نقطة تحول في حياة زعيم القاعدة أيمن الظواهري

إعدام قطب عام 1966 هو الذي ألهم الظواهري

الإندبندنت.. تنظيم الإخوان كان نقطة تحول في حياة زعيم القاعدة أيمن الظواهري
زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري

ترجمات - السياق

قتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، أعاده مرة أخرى لدائرة الضوء، ودفع الكثيرون للتفتيش في ماضيه، وكيف تحول من طبيب شهير، لأحد أكثر «الإرهابيين» تطرفًا في العالم.

فالرجل ذو اللحى الكثيفة، الذي كان يرتدي نظارة طبية، عرفه العالم بأنه القائد الثاني للقاعدة، في حياة أسامة بن لادن، وأن يداه الملطختان بالدماء هي التي وجهت الحركة «الإرهابية» الأكثر شهرة في العالم.

دور الإخوان

ورغم ذلك فإن المثير في الأمر، هو دور تنظيم الإخوان الإرهابي في تحويل دفة الطبيب المصري إلى التطرف، بحسب «إندبندنت» البريطانية، التي قالت إن الظواهري كان شابًا مخلصًا وموهوبًا أكاديميًا، وقد تأثر -في وقت مبكر من حياته- بأحد أعمامه، محفوظ عزام، وهو منتقد متطرف "للحكومة العلمانية" في مصر -وقتها-، إضافة إلى كتابات سيد قطب، المؤلف والمفكر المصري الذي أصبح أحد مؤسسي «التطرف» في القرن العشرين.

ووفقًا لرواية لورانس رايت في كتابه الحائز جائزة بوليتزر The Looming Tower، فإن إعدام قطب من قِبل الحكومة المصرية عام 1966 هو الذي ألهم الظواهري، الذي كان يبلغ من العمر 15 عامًا آنذاك، في تنظيم مجموعة من الأصدقاء الشباب في زنزانة تحت الأرض لإطاحة الحكومة المصرية وإقامة "دولة دينية".

المجموعة الصغيرة من أتباع الظواهري نمت في النهاية إلى منظمة تعرف بجماعة الجهاد، بحسب «إندبندنت» التي قالت إنه حتى مع تشدد آرائه السياسية، فإن الظواهري كان يتابع مهنته في فنون العلاج، وحصل على شهادة في الطب من جامعة القاهرة وعمل فترة وجيزة جراحًا في الجيش.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الظواهري كان يرعى أحيانًا المرضى في عيادة بالقاهرة برعاية جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، مؤكدة أنه أثناء عمله، دُعي الظواهري لأولى زيارات عدة لمخيمات اللاجئين على طول الحدود الأفغانية الباكستانية.

وأضافت أنه ضمد هناك جروح المجاهدين، الذين كانوا يقاتلون السوفييت في أفغانستان، وتقاطع مع الشاب ذي الشخصية الجذابة أسامة بن لادن، مشيرة إلى أن الظواهري كان في ذلك الوقت منشغلاً بإدارة حركته الثورية.

وبدأت جماعة الجهاد التابعة له سلسلة من المؤامرات أوائل الثمانينيات لاغتيال قادة مصريين، ولعبت دورًا في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981، بحسب «إندبندنت» التي قالت إن الحملة الحكومية الواسعة التي أعقبت ذلك أدت إلى سجن الظواهري مع مئات من أتباعه.

وبحسب الصحيفة البريطانية فإنه تم الإفراج عن الظواهري، بعد أن قضى حكماً بالسجن ثلاث سنوات.

وخلال سنوات ما بعد السجن، سافر الظواهري بشكل متكرر إلى جنوب آسيا، ووجد بشكل متزايد عوامل مشتركة مع المجاهدين ومع بن لادن نفسه، الذي اعتمد على الظواهري كطبيب شخصي.

وأشارت «إندبندنت»  إلى أن ثبات الظواهري في تقديم المساعدة بمواجهة القصف السوفييتي لأفغانستان، عزز سمعة الطبيب بين رفقاء القتال، فضلاً عن صداقته الدائمة بابن لادن، مؤكدة أن الظواهري أجرى زيارة واحدة على الأقل للولايات المتحدة في التسعينيات، وهي جولة قصيرة في مساجد كاليفورنيا باسم مستعار لجمع الأموال للجمعيات الخيرية الإسلامية التي تقدم الدعم للاجئين الأفغان.

في الوقت نفسه، واصل الضغط على أتباعه المصريين نحو هجمات أكبر وأكثر إثارة في الداخل، معتقدًا أن هذه التكتيكات الوحشية المروعة ستجذب انتباه وسائل الإعلام وتطغى على الأصوات الأكثر اعتدالًا التي تدعو إلى التفاوض والتسوية.

وأثناء إقامته في أفغانستان عام 1997، ساعد الظواهري في التخطيط لهجوم «وحشي» على السياح الأجانب في أطلال الأقصر الشهيرة في مصر، وهي عملية قتل استمرت 45 دقيقة أودت بحياة 62 شخصًا بينهم سائحون يابانيون، وفتاة بريطانية تبلغ من العمر خمس سنوات وأربعة مرشدين سياحيين مصريين.

تحول المعارك

بعد ذلك بوقت قصير، أخبر الظواهري أتباعه بأن العمليات في مصر لم تعد ممكنة، وأن المعركة كانت تتحول إلى إسرائيل وحليفتها الرئيسة، الولايات المتحدة، بحسب «إندبندنت» التي قالت إن جماعة الجهاد انضمت رسمياً مع تنظيم القاعدة الذي يتزعمه بن لادن الأكبر حجماً والأفضل تمويلاً.

كان الظواهري أحد كبار مستشاري بن لادن وقت وقوع أول هجمات إرهابية بارزة للقاعدة، وهي تفجيرات عام 1998 لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.

وبعد ثلاث سنوات، ساعد في الإشراف على التخطيط لما كان أحد أكثر الهجمات الإرهابية جرأة في التاريخ، وهي هجمات 11 سبتمبر.

وأشارت «إندبندنت» إلى أنه عندما تم إرسال مختطفي الطائرات في 11 سبتمبر لبدء التدريب، تم تكليف الظواهري بمهمة التخطيط لمتابعة موجات الهجمات الإرهابية، التي تهدف إلى زيادة إضعاف الاقتصاد الأمريكي.

وأطلق برنامجًا طموحًا للأسلحة البيولوجية، وأنشأ مختبرًا في أفغانستان، وأرسل تلاميذه للبحث عن علماء متعاطفين، إضافة إلى سلالات قاتلة من بكتيريا الجمرة الخبيثة.

أسلحة بيولوجية

ويعتقد مسؤولو المخابرات أن جهود الظواهري كانت ستنجح لو لم ينفد الوقت، ففي غضون أسابيع من انهيار مركز التجارة العالمي، أدت حملة عسكرية مدعومة من الولايات المتحدة إلى طرد حلفاء القاعدة من حركة طالبان من السلطة في أفغانستان، وأجبرت الظواهري على التخلي عن معمل الأسلحة البيولوجية الخاص به.

واستهدفت الطائرات الامريكية مكاتب ومنازل قادة القاعدة، بما في ذلك المجمع الذي يعيش فيه الظواهري.

وفر الظواهري مع بن لادن إلى المنطقة القبلية في باكستان، حيث اختبأ الرجلان لتجنُّب الاعتقال، ورغم عدم وجود مشاهدات مؤكدة لأي من الرجلين في العقد التالي، شنت وكالة المخابرات المركزية ما لا يقل عن ضربتين صاروخيتين داخل باكستان، عامي 2006 و2008.

ورغم المطاردة المكثفة، استمر الظواهري في الظهور بشكل منتظم في مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت.

ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه استمر أيضًا في توجيه العديد من العمليات الإرهابية، بما في ذلك حصار المسجد الأحمر في إسلام أباد بباكستان عام 2007، الذي أسفر عن قتل أكثر من 100 شخص.

ورغم أنه كان يتشاجر أحيانًا مع «الإرهابيين» الأصغر سنًا على التكتيكات -جادل بأن القتل الجماعي للمسلمين في العراق قد قوَّض الدعم للقاعدة- فإنه لم يتراجع عن كراهيته للغرب ولا دعمه للإرهاب.

ودفعت وفاة بن لادن عام 2011 الظواهري إلى المركز الأول، وهو الدور الذي ربما لم يكن مناسبًا له بشكل مثالي، بعد فوات الأوان، ففشل الطبيب المصري بأسلوبه العقلي الجاف، في إلهام الجهاديين بقوة مثل بن لادن أو القادة الأصغر سناً مثل أبي مصعب الزرقاوي،

وبعد اندلاع ما يعرف بـ«الربيع العربي»، سعى الظواهري إلى تأكيد سيطرته على خليط الجماعات «الإسلامية» ذات القيادة المحلية التي تقاتل من أجل الهيمنة في سوريا والعراق وليبيا، إلا أن جهوده فشلت في النهاية.

واختار الفرع الرئيس للقاعدة في سوريا، المعروف في البداية بجبهة النصرة -نهاية المطاف- أن ينأى بنفسه عن التنظيم الأم، رافضًا القبول رسميًا بعلامة القاعدة، أما الفصيل الرئيس الآخر، وهو تنظيم داعش، فقد انفصل عن الظواهري ووجَّه إدانة علنية له.

وفي العقد الذي تلا ذلك، كان أنصار المجموعتين يتنافسون على الاستراتيجية والتكتيكات وحتى المعتقدات الأساسية، لكن نادرًا ما نظروا إلى الظواهري للتوجيه أو حل خلافاتهم، إن حدث ذلك.

كان الظواهري قد قاد جماعته المتشددة، وكان رائدًا لنوع من الإرهاب يقدّر الهجمات المروِّعة والقتل العشوائي للمدنيين. عندما دمج مجموعته رسميًا مع القاعدة في التسعينيات، جلب معه تلك التكتيكات، إضافة إلى رؤية موسعة لمهاجمة الغرب.

وبحسب «إندبندنت»، فإن الظواهري الذي افترض أن هزيمة (العدو البعيد- الولايات المتحدة) كانت مقدمة أساسية لمواجهة «العدو القريب» للقاعدة، كتب في بيان صدر عام 1998: «قتل الأمريكيين وحلفائهم -مدنيين وعسكريين- واجب على كل مسلم يمكنه أن يفعل ذلك، في كل بلد يمكن أن يفعل ذلك فيه».

القوة الفكرية

ورغم افتقاره إلى الكاريزما الشخصية لابن لادن، أصبح الظواهري القوة الفكرية وراء العديد من طموحات القاعدة العظيمة، بما في ذلك جهودها الفاشلة على ما يبدو لامتلاك أسلحة نووية وبيولوجية.

وبعد الانسحاب القسري للجماعة من قاعدتها في أفغانستان أوائل عام 2002، كان الظواهري -إلى حد كبير- هو الذي قاد عودة تنظيم القاعدة في المنطقة القبلية الخارجة عن القانون عبر الحدود في باكستان، وفقًا لمراقبي الجماعة الإرهابية منذ فترة طويلة.

وظل زعيم الجماعة الإرهابية، لكنه فشل في منع انقسام الحركة الإرهابية في سوريا ومناطق الصراع الأخرى بعد عام 2011.

وأشيع أنه كان في حالة صحية سيئة، وأصبح معروفًا باختفائه الطويل عن الأنظار.