ملياردير في بلد يئن من الفقر.. هل يستطيع ميقاتي حلحلة أزمات لبنان؟
الرئاسة اللبنانية، أعلنت قبل يومين، أن الرئيس ميشال عون كلَّف نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة جديدة، بعد 10 أيام من اعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن عدم تشكيلها، عقب تسعة أشهر من تسميته.

السياق
ملياردير تولى رئاسة الحكومة، في بلد يعاني الفقر والعجز عن سداد الديون المستحقة عليه، وسط مفارقة صارخة، بين من يرأس أعلى سُلطة سياسية في البلاد، ومواطنين يقبعون تحت خط الفقر.
الرئاسة اللبنانية، أعلنت قبل يومين، أن الرئيس ميشال عون كلَّف نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة جديدة، بعد 10 أيام من اعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن عدم تشكيلها، عقب تسعة أشهر من تسميته.
الملياردير نجيب ميقاتي، كان الأوفر حظًا، بعدما حظي بدعم كتل نيابية أساسية، بينها كتلة حزب الله، وكتلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وحاز دعم 72 نائبًا، من 128 نائبًا في البرلمان اللبناني.
حكومة قريبة
الرئيس اللبناني ميشال عون، استقبل في قصر بعبدا الأربعاء، الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي، لاستكمال بحث تشكيل الحكومة.
وقال رئيس الحكومة المكلَّف نجيب ميقاتي، بعد انتهاء لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون:" قدَّمت للرئيس عون اقتراحاتي للتشكيلة الحكومية، ولمست قبولًا من جانبه، وأخذت ملاحظاته بالاعتبار، وإن شاء الله نصل إلى حكومة قريبًا".
فمَنْ هو الملياردير الذي تعلِّق لبنان آمالها عليه؟
وهل يستطيع إخراج البلد العربي من أزمته؟
وما فرص نجاحه؟
نجيب ميقاتي، ولد في 24 نوفمبر1955، درس في الجامعة الأمريكية ببيروت، وأكمل دراسته العليا في فرنسا وجامعة هارفرد في الولايات المتحدة.
في خضم الحرب الأهلية في لبنان (1975 – 1990)، بدأ بناء شركته في مجال الاتصالات، إلا أنه باع حصته لمجموعة إم تي إن للاتصالات في جنوب إفريقيا، بـ 5.5 مليار دولار عام 2006.
بعد ذلك بعام، وتحديدًا عام 2007، أسس مجموعة إم 1 التي تملك وتدير استثمارات متنوعة، آخرها شراؤها الحصة التشغيلية لشركة الاتصالات النرويجية تيلينور في ميانمار بـ 105 ملايين دولار.
تولى ميقاتي رئاسة الحكومة اللبنانية في أبريل 2005 لمدة 3 أشهر، بعد اغتيال رفيق الحريري، وسحب القوات السورية من لبنان، وأشرف على الانتخابات النيابية، التي فاز بها التحالف الذي يقوده تيار المستقبل بزعامة الحريري.
عاد ميقاتي رئيسًا للحكومة مرة أخرى في يونيو 2011، إلا أنه استقال في مايو 2013 وسط استقطاب عميق، بين المعسكرات السياسية، بسبب الصراع في سوريا.
كان ميقاتي وزيرًا للأشغال العامة والنقل، في ثلاث حكومات متعاقبة، بين عامي 1998 و2004، كما انتُخب عام 2000 نائبًا عن مدينة طرابلس حتى عام 2005 ثم أعيد انتخابه عام 2009 نائبًا عن دائرة طرابلس.
ميقاتي عضو في المجلس الاستشاري للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «إنترناشونال كرايزس غروب»، ورئاسة منتدى استشراف الشرق الأوسط، إضافة إلى مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي المجلس الاستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو.
عام 2019، اتهم المدعي العام اللبناني، ميقاتي الذي يتحدر من طرابلس، وهي واحدة من أفقر مدن شمال لبنان، بتهمة الإثراء غير المشروع، إلا أن الأخير نفاها.
هل يستطيع إخراج لبنان من المأزق الحالي؟
استدعى لبنان نجيب ميقاتي، الرجل الذي وضعته مجلة فوربس الأمريكية عام 2011، في المركز الـ409 عالميًا، والتاسع عربيًا لأغنياء العالم، بثروة قُدِّرت بـ 2.8 مليار دولار، بينما قُدِّرت ثروته وشقيقه طه عام 2019 بـ5 مليارات دولار.
ورغم تلك الثروة الطائلة، فإن رئيس الوزراء المكلَّف، نجيب ميقاتي، (65 عامًا) أكد في أول تصريحاته الصحفية بعد توليه المنصب، أنه «لا يملك عصا سحرية»، مشيرًا إلى أنه يعوِّل على تضافر الجهود للنجاح في مهمة «إخماد الحريق المتمدِّد في لبنان».
لميقاتي علاقات جيدة برئيس النظام السوري بشار الأسد، إضافة إلى علاقاته المتميزة بفرنسا، وقيادات تركية وعربية، ما يضمن له فرصًا عالية للنجاح في تشكيل الحكومة، التي حدَّد نحو 3 أشهر للانتهاء منها.
وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء اللبناني المكلَّف، قائلًا، إن أولوية الحكومة المقبلة، ستكون تنفيذ المبادرة الفرنسية، لإنقاذ لبنان.
وعن آلية تشكيل تلك الحكومة، قال ميقاتي -في تصريحات صحفية- إنه يسعى إلى تشكيل حكومة اختصاصيين في لبنان، بأسرع وقت ممكن، مشيرًا إلى أنه سيطلع رئيس الجمهورية ميشال عون، على نتائج الاستشارات النيابية التي عقدها الثلاثاء، للعمل على تشكيل الحكومة.
وأكد ميقاتي، أن الدول الغربية مستعدة لدعم لبنان ومساندته، فور تشكيل حكومة جديدة.
ماذا ينتظر ميقاتي؟
يكافح لبنان أزمة مالية كبيرة منذ عام 2019، أضرت بالعملة الوطنية، ونشرت الفقر، وتسبَّبت في تعثُّـر سداد ديون سيادية، بينما واجهها المصرف المركزي، بكبح وصول اللبنانيين إلى حساباتهم الدولارية، وفرض قيود مصرفية، تحظر التحويلات المصرفية إلى خارج البلاد.
خط الفقر
كشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، أن قرابة 77% من الأسر اللبنانية، ليس لديها ما يكفي من الطعام، أو حتى المال الكافي لشراء مواد غذائية.
التقرير سبقه تقرير آخر للبنك الدولي، أكد فيه الأخير، أن الأزمة اللبنانية ربما تكون من أسوأ ثلاث أزمات على مستوى العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وقال التقرير، إن الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، يشهد انخفاضًا منذ عام 2018 بالتوازي مع سعر صرف غير رسمي، مشيرًا إلى أن «مثل هذا الانكماش الكبير والسريع، يرتبط عادة بالصراعات أو الحروب»، ما يجعل حكومة ميقاتي مسؤولة عن اتخاذ خُطوات سريعة، للحد من الفقر.
كساد اقتصادي
توقَّع البنك الدولي -في تقرير صادر الشهر الماضي- أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي للبنان، الذي يعاني كسادًا اقتصاديًا حادًا ومزمن، بنسبة 9.5% عام 2021.
وقال البنك الدولي، في تقريره، إن الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، تصنَّف ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وأشار إلى أن التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الإنقاذية، يهدِّد بتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، والسلام الاجتماعي الهش، مؤكدًا أنه لا تلوح في الأفق أي نقطة تحول واضحة.
إجمالي الناتج المحلي، انخفض -بحسب تقارير رسمية- من نحو 55 مليار دولار عام 2018 إلى نحو 33 مليار دولار عام 2020، وسط توقعات بانكماشها بنسبة 9.5% عام 2021، في تحدٍّ جديد يواجه حكومة ميقاتي المنتظرة.
سعر الليرة
الليرة اللبنانية شهدت الفترة الماضية، تدهورًا سريعًا، فالدولار الأمريكي تضخم مقابلها متجاوزًا نسبة الألف في المئة، وهي نسبة كبيرة في بلد يعتمد على الدولار بنسبة 75%، ويعيش على استيراد معظم حاجاته الأساسية والكمالية.
انهيار سعر الليرة اللبنانية، أدى إلى ارتفاعات صاروخية في أسعار المواد الاستهلاكية، لتصل أسعار بعض المنتجات غير المدعومة فوق 400 أو 500%.
ويواجه ميقاتي تحديًا كبيرًا، ممثَّلا في إعادة الاستقرار لليرة اللبنانية، وضرورة تمكين المدَّخرين من سحب مدخراتهم التي أودعوها بالدولار الأمريكي، التي يضع مصرف لبنان المركزي قيودًا على سحبها.
انقطاع الكهرباء
يواجه ميقاتي أزمة حادة في انقطاع الكهرباء، بسبب نقص المحروقات، ما أدى إلى فصل الخدمة بشكل شِبه كامل، عن أغلبية مناطق البلاد.
ورغم أن البلد العربي، وقَّع الأسبوع الجاري، اتفاقًا مع العراق، لبيعه مليون طن من النفط بالسعر العالمي، على أن يكون السداد بالخدمات والسلع، فإن البلاد ما زالت تواجه أزمة كبيرة في الكهرباء، بسبب حاجة المحطات إلى الصيانة، فضلًا عن أن الكمية المتعاقد عليها، لن تغطي حاجة البلاد.
الجيش اللبناني
يئن الجيش اللبناني من الأزمة الاقتصادية، بحسب البنك الدولي، الذي حذَّر من أن المؤسسة العسكرية، مهدَّدة الآن بأحد أسوأ الانهيارات المالية، التي شهدها العالم، خلال المائة والخمسين عامًا الماضية.
وقال البنك الدولي، في تقرير نشرته وكالة أسوشيتيد برس، إن «الانهيار الاقتصادي يشكل ضغوطًا غير مسبوقة على القدرات العملياتية للجيش، ما يؤدي إلى تجفيف رواتب الجنود وتدمير روحهم المعنوية».
هذا التدهور يهدِّد واحدة من القوى القليلة، التي توحِّد لبنان، في وقت تتصاعد فيه التوترات الطائفية ومعدلات الجريمة وسط الفقر المتزايد، بحسب الوكالة الأمريكية.
وقال قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، في تصريحات نادرة وغير معتادة في مارس الماضي: إن «الجنود يعانون مثل باقي اللبنانيين».
وانتقد المسؤول العسكري القيادة السياسية، قائلًا إنها أصيبت بالشلل بسبب الاقتتال الداخلي، ولم تفعل أي شيء تقريبًا لمعالجة الأزمة، محذِّرًا من مخاطر هذا الوضع.
مسؤول عسكري لبناني أكد -في تصريحات نقتلها «أسوشيتدبرس»- أن الوضع الاقتصادي أثَّر بشكل كبير في الروح المعنوية للجنود، كاشفًا عن «استياء كبير في صفوف الجيش».