خلافات قطبي السياسة في كردستان العراق تتفاقم.. لقاء واحد لا يكفي

يقول مراقبون، إن محاولة حكومة مسرور بارزاني البقاء في السلطة من دون برلمان، إلى حين توفر الظروف المناسبة لإجراء انتخابات جديدة، تزيد حدة الخلافات بين شريكي الائتلاف الحكومي في كردستان، وتدفع الأحزاب الممثلة في البرلمان، إلى تركيز الانتقادات على حكومة أربيل.

خلافات قطبي السياسة في كردستان العراق تتفاقم.. لقاء واحد لا يكفي

السياق

بعد قليل من معركة الموازنة التي ربحها الاتحاد الوطني، على حساب الديمقراطي الكردستاني، وما أثار ذلك من خلافات بين قطبي السياسة في كردستان، يبدو أن الحزبين نحيا خلافاتهما جانبًا، وبدآ يشقان طريقهما نحو المشاركة لا المغالبة.

ففي خطوة تمهد لطي صفحة الخلافات، بين الحزبين الكرديين في العراق، الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني، عقد الحزبان اجتماعًا، الأسبوع الجاري، لمناقشة الانتخابات البرلمانية والعلاقة بالحكومة الاتحادية في بغداد، إضافة إلى العلاقات الثنائية بينهما.

اجتماع عقد الاثنين، بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني والمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، حضره فاضل ميراني، هوشيار زيباري، سيداد بارزاني، فؤاد حسين ومحمود محمد من الحزب الديمقراطي، وبافل طالباني، قباد طالباني وشيخ جعفر وعدد من المسؤولين الآخرين في الاتحاد الوطني.

شن الحزبان مؤخرًا هجمات ضد بعضهما، في النزاع على فقرة في قانون الموازنة العامة، تمنح رئيس الحكومة المركزية في بغداد سلطة الفصل في الخلاف على الحقوق والآليات والالتزامات الخاصة بتمويل وإدارة حسابات إقليم كردستان المالية.

خلافات تصاعدت وتيرتها مؤخرًا، يرى محللون أن إنهاءها عبر اجتماع واحد، مستبعد، لأن المسألة تتجاوز الخلافات على بعض المسائل الإجرائية، سواء في العلاقة بالانتخابات أم في قضايا تهم الشأن الحكومي، إلى صراع على النفوذ بين الطرفين.

إلا أن الاجتماع يعد الثاني من نوعه، بعد آخر عقد أواخر مايو الماضي، انتهى -كذلك- من دون حل القضايا الخلافية بينهما، التي تحتاج إلى نقاشات أكثر في اجتماعات مقبلة، بحسب نص البيان الصادر عن ذلك الاجتماع.

 

أبرز الخلافات

الصراع على النفوذ داخل الإقليم وعلى الموارد المالية، أحد أهم الأسباب التي تعكر صفو العلاقة بين الحزبين، ما يعكر صفو الانتخابات المقبلة، رغم تحديد رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني الثامن عشر من نوفمبر المقبل موعدًا لإجرائها.

إحدى النقاط الخلافية الأخرى، ذلك التنافس بينهما على كسب الكتل السياسية الأخرى، فكل من الحزبين الكبيرين يعتقد أن استمالة هذه الكتل سوف تمهد له الطريق لإزاحة الشريك المنافس.

ويحكم الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، بموجب تحالف مع الاتحاد الوطني، لأنه لا يملك أغلبية مطلقة في برلمان الإقليم، ورغم ذلك، فإن الوقائع تشير إلى أنه لم يبق من هذا التحالف إلا الاسم فقط.

إقرار الموازنة الجديدة الشهر الجاري، كان بالمخالفة لرغبات الديمقراطي الكردستاني، ما يؤكد انحسار المشروع الانفصالي الذي قاده بارزاني، فعائدات الإقليم، سواء ما يتعلق بحصته من الموازنة العامة أم بمداخيله من عائدات النفط، خاضعة لرقابة وإشراف الحكومة الاتحادية في بغداد.

وعلى خلفية النزاعات السياسية بين الحزبين الكبيرين على كيفية تقسيم الدوائر الانتخابية، مدد برلمان الإقليم المكون من 111 مقعداً في أكتوبر الماضي دورته عامًا إضافيًا، مرجئاً الانتخابات التي كان يفترض أن تحصل في الشهر نفسه، إلا أن الخلافات أرجأتها إلى 18 نوفمبر المقبل.

 

أهمية البرلمان في الإقليم

لبرلمان إقليم كردستان دور كبير في الإقليم، لأنه يمنح الثقة للحكومة ورئيسها، ويقر القوانين المحلية في الإقليم الذي يملك أيضاً قواته الأمنية الخاصة.

وبينما يملك الحزب الديمقراطي الأغلبية في البرلمان بـ45 مقعداً، يليه الاتحاد الوطني بـ21، يسعى الأخير لزيادة حصته من المقاعد في الانتخابات المُزمع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري، ليستطيع تسمية رئيس الإقليم الجديد وتشكيل الحكومة.

إلا أن قرار المحكمة الاتحادية في بغداد، الذي قضى بعدم الاعتراف بقانونية برلمان كردستان بالتمديد لنفسه، عندما تنتهي ولايته في نوفمبر المقبل، كان صدمة للحزب الديمقراطي الذي يفتش عن خيارات بديلة، من دون التخلي عن السلطة.

 

فهل ينجح؟

يقول مراقبون، إن محاولة حكومة مسرور بارزاني البقاء في السلطة من دون برلمان، إلى حين توفر الظروف المناسبة لإجراء انتخابات جديدة، تزيد حدة الخلافات بين شريكي الائتلاف الحكومي في كردستان، وتدفع الأحزاب الممثلة في البرلمان، إلى تركيز الانتقادات على حكومة أربيل.

إلا أن قيادة الحزب الديمقراطي تخشى ظهور خارطة أو كتل سياسية جديدة، بعد النزاع الحالي والاختناقات الاقتصادية التي يعانيها الإقليم، إضافة إلى الخلافات التي أججت الأزمة بين الحزبين الكبيرين على الامتيازات والمنافع.

وضع أكد مراقبون، أنه سيدفع الحزب الديمقراطي إلى تقديم تنازلات للأحزاب الكردية الأخرى، دون الاتحاد الوطني، الأمر الذي يحاول الأخير أن يتداركه، بالبحث عن بدائل أو تحالفات، لا تؤثر في حصته بالبرلمان، بل تقود إلى إجبار خصمه على مواصلة الحكم بلا برلمان.