بين فيتنام وأوكرانيا... كيف يمكن للحرب أن تنتهي؟
تقول صحيفة ذا ناشيونال انترست الأمريكية، إن اتفاقيات التسوية هي القاعدة، في الحروب التي تهم الولايات المتحدة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

ترجمات - السياق
بعد مرور أكثر من عام على الحرب الأوكرانية، التي لم تضع أوزارها، بدأ كثيرون يفتشون في الماضي، لعله يكون مرشدًا لكيفية انتهاء تلك الحرب، التي أثارت مخاوف، من تحولها إلى«نووية».
إلا أن ذلك الماضي بين جنباته كثير من الدروس، التي استخلصها الأمريكيون من الحروب التي خاضوها، بينها حرب فيتنام، بحسب صحيفة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية.
ورغم أن هناك اختلافات كبيرة بين فيتنام وأوكرانيا، فإن إنهاء هذه الحرب -من المرجح مرة أخرى- أن ينطوي على إقناع حليف أوكراني بقدر ما ينطوي على ضغط من خصم روسي، وفقًا للصحيفة.
هذا الأسبوع يصادف مرور خمسين عامًا على سحب الولايات المتحدة آخر قواتها من فيتنام، لتنهي صفحة الحرب الأكثر دموية، منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هذه التجربة أثارت اهتمامًا بإنهاء الحروب، التي أصبحت محورًا للتفكير في النزاعات اللاحقة.
المسار الصحيح
وبحسب "ذانا شيونال إنترست"، فإن اتفاقية السلام الموقعة عام 1973، كانت المسار الصحيح للعمل الأمريكي في ذلك الوقت، مشيرة إلى أن عدم التوصل إلى هذا الاتفاق، أو إلى شيء يشبهه -إلى حد كبير- يعني إدامة التورط الأمريكي المكلف، في صراع كان سيخسر حتمًا لصالح حركة فيت مينه، التي أصبحت النظام الفيتنامي الشمالي.
وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن بعض الاتفاقات التي تُنهي الحرب، لا تحظى بشعبية حتماً بقدر ما هي ضرورية، مشيرة إلى أن النقد المحلي لسياسات كيسنجر والرئيس ريتشارد نيكسون في فيتنام، جاء في المقام الأول من أولئك الذين جادلوا بأن الولايات المتحدة كان يجب أن تنسحب من تلك الحرب في وقت أقرب.
لكن الانتقادات جاءت أيضًا، رغم الاعتقاد الذي ظل قائماً في دوائر صغيرة لعقود، أن الولايات المتحدة لا يزال بإمكانها تحقيق نتيجة ناجحة لحرب فيتنام، إذا كانت قد أوقفتها.
هذه الصورة تتوازى مع الانتقادات الموجهة لسياسات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحرب في أوكرانيا، حيث يجادل البعض بأن الولايات المتحدة يجب أن تتراجع عن دعمها للمجهود الحربي الأوكراني، بينما دعا آخرون إلى زيادة تلك المساعدة.
اتفاقيات التسوية
تدور هذه الخلافات حول كيفية خوض الحرب، لكنها أيضًا حول كيف يمكن للحرب أن تنتهي وضرورة انتهائها، لأن الحجج تحمل نتائج طبيعية الظروف في ساحة المعركة، التي ستؤدي أو لا تؤدي إلى ظروف على طاولة المفاوضات، تفضي إلى اتفاق سلام.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن اتفاقيات التسوية هي القاعدة، في الحروب التي تهم الولايات المتحدة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أنه عادة ما يترك الجانبان طاولة المفاوضات غير راضين عن بعض الأشياء.
وبحسب «ذا ناشيونال إنترست»، فإن الحروب الخاطئة عرضة بشكل خاص للفوضى، عندما تنتهي، أو عندما تنسحب الولايات المتحدة منها، مشيرة إلى أنه عادة ما ينطوي الخطأ ذاته على فشل النظام العميل، في أن يصبح قوياً بما يكفي، وشرعياً بما يكفي، للوقوف بمفرده.
وأشارت إلى أن انهيار ذلك النظام جزء من الخاتمة «القبيحة»، ففي فيتنام، جاء هذا الانهيار بعد ذلك بعامين، وسط صور لعمليات إنقاذ مروحية على الأسطح في سايغون، وفي أفغانستان، جاء ذلك مع انهيار حكومة أشرف غني في أغسطس 2021، وسط صور لأفغان يتشبثون بطائرات النقل في مطار كابل.
الانهيار الأخير
تقول الصحيفة الأمريكية، إن سرعة الانهيار الأخير أبرزت عدم جدوى العقدين الماضيين، من محاولات بناء الدولة في أفغانستان عبر القوة العسكرية، مشيرة إلى أن العلاقات بين واشنطن والأنظمة العميلة شكلت بُعدًا مهمًا لإنهاء الحروب وكذلك خوضها.
وأشارت إلى أن نيكسون استغل هذا البعد، خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 1968 عندما استخدم مبعوثين سِرًا لحثِّ الرئيس الفيتنامي الجنوبي نجوين فان ثيو على رفض مبادرة سلام إدارة جونسون التي إذا نجحت، ربما كانت ستحقق النصر للمرشح الديمقراطي هوبرت همفري.
وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن هناك أسئلة سياسة في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، حساسة وصعبة، في المقابل، عن العلاقة بين واشنطن وكييف، وكيف تتباعد مصالحهما، مشيرة إلى أن هناك اختلافات كبيرة بالطبع، بين تلك الحرب والحرب في فيتنام، بما في ذلك ليس فقط أن الولايات المتحدة لم تشارك بشكل مباشر قواتها الخاصة، لكن أيضًا أن أوكرانيا تقودها حكومة شرعية، تحظى بدعم شعبي كبير وكانت الضحية.
نهاية الحرب
وبحسب الصحيفة الأمريكية، من المرجح أن تتضمن نهاية هذه الحرب -مرة أخرى- إقناع حليف أوكراني بقدر ما ينطوي على ضغط خصم روسي، مشيرة إلى أن الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام داخل الولايات المتحدة، مستمرة بكميات كبيرة لسنوات، بحلول الوقت الذي وقفت فيه اتفاقية 1973.
وأشارت إلى أنه كان هناك نقص واضح في التقدير، لما يتطلبه إنهاء الحرب، فكان التعامل مع إجراء مثل تسريب أوراق البنتاغون على أنه عمل بطولي، رغم أن التسريب لم يفعل شيئًا للإسراع في سحب القوات الأمريكية، الذي كان قيد التنفيذ وقت التسريب.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن عدد القوات الأمريكية في فيتنام بلغ ذروته بـ 540 ألفًا، في الوقت الذي تولى فيه نيكسون الرئاسة، مشيرة إلى أن إعادة جيش بهذا الحجم إلى الوطن مهمة هائلة، ليس فقط من حيث الخدمات اللوجستية الأساسية، لكن في خضم حرب مستمرة، وأمور مثل أمن القوة واستمرار تناوب الأفراد، الذي يحافظ على هيكل قوة متوازن، حيث تستمر وظائف الدعم الأساسية.
كان من المفترض تنسيق انسحاب 25000 جندي أمريكي، لا يزالون في فيتنام عند توقيع اتفاقية باريس، مع إعادة أسرى الحرب الأمريكيين المحتجزين في فيتنام الشمالية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن التنسيق كان مُرضيًا حتى الأسبوعين الأخيرين، عندما تطلبت الخلافات بشأن حركة الأسرى تجميد رحلاتنا الجوية.
وأشارت إلى أن الأفكار بشأن مصير هذه الحروب الأمريكية المستقبلية، التي يجب أن تنتهي، لا يزال بإمكانها استخلاص بعض الدروس من تجربة فيتنام، لكن الذكريات تتلاشى، في ظل ما يقرب من ثلثي الأمريكيين على قيد الحياة اليوم، لم يولدوا حتى عام 1973.