ضبط متلبساً.. روسيا تكشف تفاصيل اعتقال صحفي أمريكي بتهمة التجسس

ترجمات - السياق

في تصعيد محتمل للخلافات بين روسيا والولايات المتحدة، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي -الخميس- أنه اعتقل مراسل صحيفة وول ستريت الأمريكية، إيفان غيرشكوفيتش، للاشتباه في تجسسه لمصلحة واشنطن، بينما نفت الصحيفة "بشدة" الاتهامات الموجهة لمراسلها، وطالبت بإطلاق سراحه فورًا.

وحسب "وول ستريت جورنال"، فإن جهاز الأمن الفيدرالي قال -في بيان- إنه "أحبط نشاطًا غير قانوني للمراسل المعتمد للصحيفة في مكتب موسكو"، موضحًا أنه يشتبه بـ"تجسس" الصحفي لحساب الولايات المتحدة.

وأشار الجهاز الأمني الروسي، إلى احتجاز غيرشكوفيتش وهو أمريكي في مدينة يكاترينبرغ شرقي البلاد.

ووفقًا لبيان جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، جمع غيرشكوفيتش معلومات تُشكل سِرًا من أسرار الدولة "عن أنشطة إحدى الشركات التابعة للمجمع الصناعي العسكري الروسي" بناءً على تعليمات من الولايات المتحدة.

 

نفي وتلبس

من جانبها، أصدرت "وول ستريت جورنال" بيانًا جاء فيه، أن "الصحيفة تنفي بشدة مزاعم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ونطالب بالإفراج الفوري عن مراسلنا الموثوق والمخلص إيفان غيرشكوفيتش"، مضيفة: "نحن متضامنون مع إيفان وعائلته".

وأعربت الصحيفة الأمريكية، عن "قلقها البالغ" لتوقيف مراسلها، وقالت في البيان: "وول ستريت جورنال تشعر بقلق بالغ على سلامة غيرشكوفيتش".

وأشارت إلى أن التقرير، الذي اتُهم غيرشكوفيتش بشأنه، إنما هو "جزء من عمل مكتب الجريدة في موسكو".

وأفادت بأن مراسلها، معتمد لدى موسكو من قِبل وزارة الخارجية الروسية.

وهو ما رد عليه جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بالقول، إنه "أوقف الأنشطة غير القانونية" التي كان يقوم بها غيرشكوفيتش، وفُتحت قضية تجسس ضده في يكاترينبرغ.

بينما قالت الرئاسة الروسية إن "مراسل وول ستريت جورنال ضُبط -حسب علمنا- متلبسًا".

وقال المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، دميتري بيسكوف، تعليقًا على اعتقال مراسل "وول ستريت جورنال" إيفان غيرشكوفيتش، إن الأمر لا يتعلق بالاشتباه، فقد ألقي القبض عليه متلبسًا.

كما تابع أن الأمر لا علاقة له بشكوك في نشاط الرجل، وإنما بعد التأكد من فعلته، لافتاً إلى أن موظفي المكتب سوف يعملون بشكل طبيعي، ما دام هناك اعتماد صحفي يصرح لهم بذلك.

وأوضح بيسكوف للصحفيين، ردًا على سؤال عما إذا كانت موسكو ستتعاون مع وكالات المخابرات الأمريكية في القضية: "هذا من صلاحيات جهاز الأمن الفيدرالي، لقد أصدروا بيانًا بالفعل من خدمة الأمن الفيدرالية، ليس لدينا ما نضيفه هنا.. الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله أنه، على حد علمنا، ألقي القبض عليه متلبسًا".

وردًا على سؤال عما إذا كان هذا الحادث يمكن أن يثير مراجعة من الولايات المتحدة للمراسلين الصحفيين الروس، قال بيسكوف: "نأمل ألا يحدث ذلك، ويجب ألا يحدث، لأنني مرة أخرى أكرر أن الأمر لا يتعلق بالشكوك، بل بحقيقة أنه ألقي القبض عليه متلبسًا".

وأوضح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن دائرة التحقيق التابعة له، رفعت قضية جنائية ضد الأمريكي بموجب المادة 276 من القانون الجنائي الروسي (التجسس).

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا عبر "تلغرام": "ما كان يفعله مراسل (وول ستريت جورنال) الأمريكية في يكاترينبرج لا علاقة له بالصحافة".

 

من هو؟

أشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن غيرشكوفيتش البالغ من العمر 31 عامًا، سبق أن عمل مراسلًا لوكالة فرانس برس "وموسكو تايمز" في موسكو، موضحة أنه من أصل روسي ويجيد اللغة الروسية، بينما يقيم والداه في الولايات المتحدة.

وأفادت بأنه يعمل مراسلًا في روسيا منذ عام 2017، بينما كان قبل ذلك محررًا بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، لافتة إلى أنه تخرج في كلية بودوين الأمريكية، وأنه نشر تقريرًا عن تأثير العقوبات الغربية في الاقتصاد الروسي.

وترى الصحيفة الأمريكية، أن إنجاز التقارير الصحفية في روسيا أصبح أكثر صعوبة، منذ أن شنّ الرئيس فلاديمير بوتين -في فبراير من العام الماضي- غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا، قبل أن يقمع أي معارضة داخلية ضد الحرب.

وأشارت إلى أن روسيا أقرت -في مارس الماضي- قانون رقابة يجعل نشر ما تعده السلطات معلومات كاذبة عن العمليات العسكرية في أوكرانيا غير قانوني.

ونتيجة لذلك، أوقفت عديد المنافذ الإخبارية المحلية عملياتها أو غادرت البلاد، وقيدت وسائل الإعلام الأجنبية -بشكل كبير- التقارير داخل روسيا، وسحبت عديدًا من مراسليها وموظفيها.

كان بوتين قد شدد -في أكتوبر الماضي- القيود على المجتمع الروسي بمرسوم رئاسي، يفرض الأحكام العرفية، ويمنح الحكومات المحلية في مناطق البلاد سلطة جديدة لمعالجة المخاوف الأمنية.

وقال بوتين في ذلك الوقت، إن هذه الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على النظام العام، وتعزيز الإنتاج الصناعي لدعم الحملة العسكرية وحماية البنية التحتية الحيوية.

 

رئيس "فاغنر" يسخر

إلى ذلك، سخر يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، من حادثة اعتقال الصحفي الأمريكي.

وقال لدى سؤاله عن اعتقال جهاز الأمن الروسي لمراسل "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إيفان جيرشكوفيتش: "لست على عِلم باحتجاز إيفان جيرشكوفيتش في يكاترينبورغ".

وسخر بريغوجين من سؤال صحيفة "The Daily Beast" بأن كتاب المراسل الأخير عن "فاغنر" سبب اعتقاله، قائلًا: "إذا أردتم يمكنني فحص قبو التعذيب في منزلي لمعرفة ما إذا كان هناك، من بين الصحفيين الأمريكيين، الذين أحتفظ بعشرات منهم... للوهلة الأولى، لم أره".

وأضاف عبر قناته قي "تلغرام": "يمكنني أيضًا، إذا أردتم، رؤية القبور الجديدة للصحفيين الأجانب في قطعة الأرض المجاورة لمنزلي، لكن إذا لم أكن مخطئا، فإننا لم ندفنه هناك أيضًا".

 

سبب الاعتقال

في السياق رجح مراقبون، أن سبب اعتقال الصحفي الأمريكي قد يكون آخر تقرير نشره غيرشكوفيتش عن الاقتصاد الروسي، الذي يعاني ثقل العقوبات الغربية.

وسلَّط التقرير الضوء على تراجع الاقتصاد بقوة في روسيا، وصعوبة عودته إلى سابق عهده.