رغم المخاوف الأمنية.. لماذا يفضل الشباب الأمريكي التطبيقات الصينية؟
تتعرض شركة بايت دانس الصينية -المالكة لتطبيق تيك توك- لضغوط متزايدة من نواب أمريكيين، يطالبون إدارة الرئيس جو بايدن بحظر التطبيق، بسبب مخاوف من أن بيانات المستخدمين الأمريكيين قد تقع في يد الحكومة الصينية.

ترجمات - السياق
رغم أنه لم يحظ بتلك الشعبية في بلده الأصلي، فإن تطبيق تيك توك الصيني، يُعد الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، بنحو 150 مليون مُستخدم -أي ما يقرب من نصف السكان- ما أثار التساؤل عن أسباب تفضيل الشباب الأمريكي هذه التطبيقات، رغم المخاوف الأمنية التي تبديها السلطات الأمريكية؟
القلق الأمريكي من تطبيق تيك توك، لفت الانتباه إلى كيفية تفضيل الشباب الأمريكي للتطبيقات الصينية، التي أصبحت شائعة، وفق صحيفة وول ستريت الأمريكية.
وتتعرض شركة بايت دانس الصينية -المالكة لتطبيق تيك توك- لضغوط متزايدة من نواب أمريكيين، يطالبون إدارة الرئيس جو بايدن بحظر التطبيق، بسبب مخاوف من أن بيانات المستخدمين الأمريكيين قد تقع في يد الحكومة الصينية.
لكن، وفقًا لشركة إنسايدر إنتليغنس للأبحاث، من المتوقع أن تصل عائدات "تيك توك" من الإعلانات في الولايات المتحدة إلى 6.83 مليار دولار هذا العام، ارتفاعًا من 780 مليون دولار عام 2020.
واستحوذت التطبيقات الصينية على أربعة من خمسة، الأكثر استخدامًا بالولايات المتحدة في مارس الجاري، وغالبًا ما يُنسب الفضل بذلك إلى الخوارزميات، التي تعد سر جاذبية التطبيقات الصينية، وفقًا لـ "وول ستريت جورنال".
أسباب التميز
وعن أسباب تميز التطبيق الصيني، ذكرت "وول ستريت جورنال"، أن من الجوانب الأخرى التي غالبًا ما يكون التغاضي عنها، أن المنافسة الشرسة للمستخدمين في الولايات المتحدة، منحت الشركات الصينية ميزة على المنافسين الغربيين.
وحسب الصحيفة، فإنه بالوتيرة نفسها التي صعدت بها الصين إلى هيمنة التصنيع قبل عقود، سخرت شركات التكنولوجيا الصينية مجموعة من الفنيين بأسعار معقولة، لتحسين ميزات المنتجات باستمرار.
ونقلت عن فان لو، وهو مستثمر في رأس المال الاستثماري بشركة ميوزكلي، التي سبقت "تيك توك"، قوله: "الجميع يعملون على تحسين حرفتهم".
ووفقًا لشركة سيسنور تاور لإحصاءات السوق، فإن تطبيق تيمو الذي أطلِق قبل سبعة أشهر فقط، كان الأكثر تنزيلًا عبر متاجر التطبيقات في الولايات المتحدة، خلال الأسابيع الأولى من مارس، تبعه "كاب كات" لتحرير الفيديو، ثم "تيك توك" في المركز الثالث، وأخيرًا تطبيق شي إن للتجزئة والأزياء السريعة، بينما كان "فيس بوك" الوحيد غير الصيني ضمن الخمسة الأوائل.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن تلك التطبيقات أسسها جيل جديد من رواد الأعمال الشباب في مجال التكنولوجيا، الذين يبحثون عن نمو عالمي، ولديهم مجموعة كبيرة من المواهب التقنية في الصين.
وأشارت إلى أنه رغم أن "تيمو" موقع تسوق، فإن أكثر من نصف القوى العاملة فيه من المهندسين الذين يعملون على جذب المستخدمين، للتنقل والشراء من خلال التطبيق.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مستثمرين ومهندسين ومحللين، قولهم: الكفاءة التنظيمية لشركات الإنترنت الصينية يغفلها منافسوها الأمريكيون، حيث تنفق الشركات الصينية بسخاء لدفع تطبيقاتها في الولايات المتحدة، إذ تستفيد من مستخدمي الإنترنت في الصين، البالغ عددهم مليار مستخدم، لاختبار تفضيلات المستخدم وتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم في المنزل، ثم تصدير التكنولوجيا إلى الخارج.
وقال قوه يو، كبير المهندسين الرئيسين السابقين في شركة بايت دانس، بين عامي 2014 و2020: شركات الإنترنت الصينية ناجحة حتى الآن، في دحر نظيرتها الأمريكية بالأسواق، ما يضطر الأخيرة إلى تكرار منتجاتها أملًا بتلبية طلبات المستخدمين.
واشنطن تعلن الحرب على التطبيق الصيني.. بيع تيك توك أو حظره
توتر سياسي
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن شعبية التطبيقات الصينية في الولايات المتحدة -خصوصًا "تيك توك"- وضعتها في صدارة التوتر الجيوسياسي بين واشنطن وبكين.
فقد هددت إدارة بايدن بفرض حظر على التطبيق، إذا لم تبع شركة بايت دانس حصصها في "تيك توك"، وقد أكد منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أن هناك مخاوف أمريكية من "تيك توك" تتعلق بالأمن القومي.
وأضاف في تصريحات صحفية، مساء الأحد، أنه يتعين أن تنتهي اللجنة الأمريكية للاستثمار الأجنبي من مراجعتها، قبل اتخاذ أي قرار بحظر التطبيق.
يأتي ذلك في وقت تتزايد الدعوات في الولايات المتحدة لحظر "تيك توك" المملوك لشركة بايت دانس ومقرها الصين، أو لإقرار مشروع قانون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لمنح الرئيس جو بايدن السلطة القانونية الإدارية لطلب الحظر.
ومؤخرًا، انتقد المشرعون الأمريكيون، السنغافوري شو زي تشيو، الرئيس التنفيذي لـ"تيك توك" بشأن تأثير بكين المحتمل في التطبيق.
وترى الصحيفة -نقلًا عن مديرين تنفيذيين سابقين في "تيك توك" وشركة بايت دانس- أن قدرة تشيو على اتخاذ القرارات محدودة، وأن مؤسس "بايت دانس" زانغ ييمينغ هو الذي يتولى زمام الأمور في الشركة.
في المقابل، عارضت بكين بيع "تيك توك"، وقالت إنها لن تطالب الشركات بجمع البيانات بشكل غير قانوني من الخارج.
في الوقت نفسه، فإن مشروع قانون يكتسب زخمًا في واشنطن، سيؤدي إلى حظر شامل لفئات واسعة من التكنولوجيا الصينية، بما في ذلك التطبيقات المفضلة للمراهقين الأمريكيين، حال تمريره.
فقد سعى تطبيقا شي إن وتيمو، إلى تجنب التدقيق الذي يتعرض له "تيك توك"، وعام 2021 غيّرت شركة شي إن شركتها الأم من شركة مسجلة في هونغ كونغ إلى شركة مسجلة في سنغافورة، بينما يقع مقر تيمو في بوسطن وتدير أعمالها في الولايات المتحدة، من خلال شركة مقرها ولاية ديلاوير.
كان موقع شي إن، الذي يمتلك سلسلة إمداد متجذرة في مقاطعة جوانغدونغ جنوبي الصين، حتى وقت قريب، أفضل تطبيق تسوقًا في الولايات المتحدة.
وعند وصوله إلى الولايات المتحدة في موسم الأعياد العام الماضي، نجح تطبيق تيمو في تسجيل 13 مليون عملية تنزيل، خلال الربع الأخير، أي أكثر من ضعف ما نُزل من موقع شي إن.
ومثل "شي إن" يربط تيمو الباحثين عن الصفقات في الولايات المتحدة بالشركات المصنعة في الصين، ويقدم أسعارًا أقل من دون الاعتماد على وسطاء.
لماذا تخشى الولايات المتحدة تيك توك؟
سباق الخيل
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مهندسين سابقين لدى "بايت دانس"، قولهم: إن الشركة تضع واحدة من أكثر الخطط جدية في تنفيذ استراتيجية تعرف في الصناعة بـ "سباق الخيل"، بتعيين فرق عدة لبناء المنتج أو الميزة مع اختلافات طفيفة، وبمجرد أن يتضح أي إصدار يعمل بشكل أفضل، يمنح الفريق الفائز مزيدًا من الموارد، بينما تلغى الإصدارات الأخرى.
وأشاروا إلى أن الشركة لديها بروتوكولات وأنظمة قياسية ومقاييس مفصلة، لتقييم ما يرغب فيه المستخدمون، ما يساعدها في طرح تحديثات جديدة خلال أيام.
وبينت شركة "بي دي دي" المالكة لتطبيق تيمو، أن استثماراتها في البحث والتطوير لعام 2022، قفزت 15% عن العام السابق، حيث ذهب كثير منها لجذب المواهب.
وحسب الصحيفة، غالبًا ما تجاوزت نفقات المبيعات والتسويق الفصلية لشركة بي دي دي إيراداتها بين عامي 2017 و2020، عندما زاد عدد المشترين النشطين على منصة بيندوودو الصينية -الشقيقة لشركة تيمو- بأكثر من ثلاثة أضعاف من 244.8 مليون مشترٍ إلى 788.4 مليون.
ومؤخرًا، أزال عملاق التكنولوجيا الأمريكي "غوغل"، تطبيق بيندوودو -وهو من أكبر التطبيقات استخدامًا وتحميلًا- من متجره عبر الإنترنت، وحثّ أولئك الذين نزلوا التطبيق على إزالته من أجهزتهم على الفور.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فقد صدر التنبيه العاجل بسبب مخاوف أمنية مع تطبيق التسوق بيندوودو، بسبب العثور على بعض إصدارات خدمة البيع بالتجزئة الصينية ذات الميزانية المحدودة، التي تضم قرابة 900 مليون مستخدم، تحتوي على برامج ضارة يمكن أن تعرض بيانات المستخدمين للخطر.
بينما حققت الشركة -التي تكسب من الإعلانات- أرباحًا لأول مرة بعد طرحها للاكتتاب العام، في الربع الثاني من عام 2021.
يذكر أن تيمو -مثل بيندوودو وشي إن- يوزع الكوبونات والحوافز الأخرى بحرية لتنزيل التطبيق، على أمل أن يتحدث المستخدمون عن التطبيقات في شبكاتهم الاجتماعية.
وتحاول الحملات التسويقية لـ"تيمو" الوصول إلى المشترين المحتملين في كل قناة تقريبًا، من لافتات "فيس بوك" إلى رسائل البريد الإلكتروني المستهدفة.
وفي فبراير الماضي، بثت "تيمو" أول إعلان تجاري في سوبر بول -وهي مباراة التتويج لبطولة كرة القدم الأمريكية أوائل فبراير- وتحظى بمتابعة كبيرة جدًا من الجمهور الأمريكي.
ورغم ذلك لم تلق محاولات الشركات الصينية للتوسع دوليًا نجاحًا هائلًا باستمرار، حيث يعد موقع علي بابا للتسوق، الموجود منذ أكثر من 13 عامًا، بعيدًا عن أن يكون اسمًا مألوفًا في الولايات المتحدة.