ماذا يعني تقديم الغرب المركبات المدرعة الجديدة لأوكرانيا؟
توفير الحلفاء الغربيين لمركبات قتال مشاة، يشير إلى دعمهم لهجمات جديدة خلال الأشهر المقبلة، كما تمثل تغيرًا في سياسات الغرب تجاه الحرب، ومحاولة لإخراج الروس من أوكرانيا

ترجمات -السياق
رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن حزمة الأسلحة الجديدة التي قدمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى كييف، ستغير شكل الحرب في أوكرانيا، وتمكن القوات الأوكرانية من تحقيق مكاسب ميدانية جديدة ونقل الصراع إلى داخل روسيا.
ونقلت عن محللين قولهم: توفير الحلفاء الغربيين لمركبات قتال مشاة، يشير إلى دعمهم لهجمات جديدة خلال الأشهر المقبلة، كما تمثل تغيرًا في سياسات الغرب تجاه الحرب، ومحاولة لإخراج الروس من أوكرانيا.
وتشمل الحزمة الجديدة 50 مدرعة برادلي من نوع (إم تو إيه تو) مزودة بمدفع 25 ملم وقاذفة صواريخ مضادة للدبابات، ويمكن أن تحمل ستة مقاتلين، إضافة إلى الطاقم.
هذه المركبات المدرعة قادرة أيضًا على إطلاق صواريخ "غافلين" المضادة للدبابات، التي استخدمها الأوكرانيون -على نطاق واسع- بداية الصراع ضد روسيا.
كان البيت الأبيض، أعلن الجمعة، حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا بـ 3 مليارات دولار، وقال إنها أكبر حزمة مساعدات إلى كييف حتى الآن.
وأوضحت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان-بيار، أن المساعدات ستشمل مركبات مشاة قتالية من طراز برادلي وناقلات جنود ومدافع هاوتزر ذاتية الدفع.
وأفاد الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، في تصريحات للصحفيين، بأن مركبات برادلي "مهمة للغاية في ما يتعلق بالقدرة على ما نطلق عليها حرب مناورات بالأسلحة المشتركة".
بدوره، أفاد الناطق باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر بأن مركبات برادلي "ليست مدرّعة بل قاتلة مدرّعات"، مضيفًا: "نحن على ثقة بأنها ستساعدهم في ساحة المعركة".
كان البنتاغون قال إنه سيدرب القوات الأوكرانية على استخدام مركبات برادلي القتالية.
ومن المقرر -حسب الصحيفة- أن تدخل مركبات (إيه إم إكس10) الفرنسية وماردر الألمانية وعربة القتال برادلي إم تو الأمريكية، الحرب في أعقاب هجومين أوكرانيين ناجحين، استهدفا القوات الروسية شمالي شرق البلاد وجنوبها.
عام دموي
وبينت "نيويورك تايمز" أن حزمة الأسلحة الجديدة تشير إلى أن الحلفاء الغربيين يستعدون لعام دموي آخر مع دخول الحرب مرحلة جديدة من الهجمات الأوكرانية ضد القوات الروسية.
ولذلك -حسب الصحيفة- ليس من المستغرب أن تكون الحكومة الأوكرانية منتشية وسعيدة، وهو ما بينه وزير الخارجية، دميترو كوليبا، حينما قال عبر "فيسبوك": "مرحبًا بالمعدات الفتاكة الجديدة. لقد ولى زمن حظر الأسلحة".
في المقابل، فإن روسيا بدت غاضبة جدًا، إذ شجبت السفارة الروسية في برلين الاتفاق، وقالت في بيان: "ندين قرار ألمانيا إرسال مركبات مشاة قتالية لكييف، ونعد ذلك خطوة باتجاه التصعيد".
بينما زاد الاتفاق مخاوف الخطوط الأمامية الروسية التي غالبًا ما تشتكي من أن الأسلحة التي يقدمها الحلفاء تُشكل عقبة كبيرة أمام تقدمهم.
لكن يبدو أن الأسلحة الجديدة تمثل تغييرًا في السياسة في واشنطن وباريس وبرلين، حيث تقدم دعمًا أكثر فتكًا للمشاة الأوكرانيين، ما يشير إلى قلق أقل بشأن التصعيد الروسي والتطلع لتحقيق المزيد من الانتصارات الأوكرانية الأكثر حسمًا عام 2023.
وتعليقًا على الأمر، نقلت الصحيفة عن أولريش شبيك، الخبير في مركز جيرمان مارشال فاند للدراسات في برلين، قوله: "القرار الثلاثي يوضح الدعم الغربي لأوكرانيا وسط هجوم محتمل خلال الأشهر المقبلة، وهذه إشارة إلى موسكو بأننا لسنا على مسار أي مفاوضات للسلام قريبًا".
ويرى شبيك أن القرار يعكس أيضًا تغيرًا تصاعديًا في مواقف العواصم الغربية الكبرى تجاه الحرب، مع انخفاض عامل الخوف من الاشتباك المباشر مع روسيا، وهو ما يعني "أن موسكو أقل قدرة أو استعدادًا للتصعيد".
كان المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبيستريت، أعلن –الجمعة- أن بلاده سترسل 40 مدرعة من طراز ماردر إلى الجيش الأوكراني، في الربع الأول من عام 2023، غداة إعلان برلين وواشنطن مرحلة جديدة من الدعم العسكري لكييف.
وقال هيبيستريت، خلال مؤتمر صحفي دوري للحكومة، الجمعة، إن 40 مركبة ستكون جاهزة في الربع الأول ويمكن إرسالها لأوكرانيا، بعد تدريب لمدة ثمانية أسابيع للجيش الأوكراني.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، الخميس، إرسال مركبات قتال مدرعة لمساعدة أوكرانيا في الحرب مع روسيا، لكن من دون تحديد عددها ولا توقيت عمليات التسليم.
وقال هيبيستريت: "حان الوقت لتسليم دبابات حماية بتكنولوجيا غربية"، مشيرًا إلى محادثات مكثفة منذ منتصف ديسمبر الماضي بين الحلفاء، أدت إلى هذا القرار الذي يشكل نقلة نوعية في شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الألمانية إن الوزيرة كريستينه لامبرشت، تحدثت مع نظيرها الأمريكي لويد أوستن، الجمعة، للتنسيق بشأن إرسال مركبات قتالية ودفاعات جوية إلى أوكرانيا، بعدما انضمت برلين إلى واشنطن وباريس في إرسال مزيد من الأسلحة إلى كييف.
إخراج الروس
وقالت "نيويورك تايمز": "من شبه المؤكد أن المركبات القتالية المدرعة الجديدة، تهدف إلى إخراج الروس من أوكرانيا بشكل نهائي".
ونقلت عن روب لي، المحلل العسكري في معهد أبحاث السياسة الخارجية، قوله: "الأوكرانيون يخططون لمزيد من العمليات الهجومية ضد المواقع الروسية، لذا فإن الحصول على مركبات قتال مشاة أفضل للاقتراب من المواقع الدفاعية أمر مهم".
ووفقًا لمسؤول أمريكي وآخر أوكراني، ستصل المعدات الجديدة في الوقت المناسب، وأشارا إلى أنه بعد أكثر من 10 أشهر من القتال الدامي، تعرضت المركبات الأوكرانية، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، والتي تعكس قدرات إيه إم إكس، وإم تو، وماردر، للتدمير والتلف ببطء.
ولكن -حسب الصحيفة- إذا لم تُرسل بأعداد كبيرة، من المحتمل أن تتغير الإضافات المدرعة الأخيرة قليلاً في ساحة المعركة الأوسع، وتضيف عبئًا لوجستيًا متزايدًا إلى أوكرانيا، حيث يكافح الميكانيكيون الأوكرانيون مع أسطول متنوع من المركبات، التي لكل منها قطع غيارها ومتطلباتها من الذخيرة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه رغم أن المركبات الثلاثية لم تكن الأولى من المركبات المدرعة التي أرسلها الغرب إلى أوكرانيا، فإنها تعد الأكثر تقدمًا، إذ إنها مختلفة عن ناقلات الجند المدرعة، لافتة إلى أنه رغم أن بعضها يمكن أن يحمل جنودًا، فإنها لا تعد دبابات بالشكل المتعارف عليه.
وكشفت أن مركبات (إيه إم إكس10) الفرنسية تحتوي على مدفع عيار 105 ملم، بينما يمكن تزويد برادلي إم تو بمدفع 25 ملم وصاروخ موجه مضاد للدبابات، بينما جرت العادة على تزويد "ماردر" بمدفع 20 ملم.
تستخدم المركبات الثلاث أنواعًا مختلفة من الذخيرة، ما يعني المزيد من الصداع اللوجستي للقوات الأوكرانية التي تستخدمها.
ويمكن لكل من "برادلي وماردر" حمل الجنود، ما يجعلها حاسمة لأي نوع من العمليات الهجومية الأوكرانية المستقبلية، ضد دفاعات روسيا على طول خط أمامي يمتد أكثر من 600 ميل.
كانت أوكرانيا تضغط باستمرار على حلفائها الغربيين للحصول على معدات مشاة أكثر تطورًا، بما في ذلك مركبات قتال مشاة مدرعة ودبابات غربية على أعلى مستوى، مثل أبرامز الأمريكية والألمانية ليوبارد 2.
حاليًا، تستخدم القوات الأوكرانية دباباتها التي تعود إلى الحقبة السوفيتية في دور دعم أكبر، ما يجعلها محمية خلف الخطوط وتستخدم بنادقها الرئيسة الكبيرة مثل المدفعية، وغالبًا ما يعتمدون على ناقلات الجند المدرعة لتحريك القوات بسرعة في المناورات الهجومية.
كانت الحكومة الائتلافية الألمانية بقيادة المستشار الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز، حريصة على رسم خط بين الأسلحة الدفاعية، مثل مركبات غيبارد المتنقلة المضادة للطائرات، التي تحتوي على قواعد للدبابات، والأسلحة التي يمكن استخدامها في قتال المشاة الهجومي، مثل الماردر والفهد.
وأكدت برلين أنها لن تكون أول حليف في "الناتو" يزود أوكرانيا بهذه الأسلحة.
بينما اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفًا مماثلاً، وإن كان بهدوء أكبر، لكن الأربعاء، بعد مناقشات مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أعلن ماكرون فجأة أن فرنسا ستزود أوكرانيا بمركبة إيه إم إكس10 وهي مركبة مشاة قتالية ذات عجلات، وليست دبابة، وقد دخلت الخدمة منذ الثمانينيات، ومن المقرر التخلص منها تدريجيًا في الجيش الفرنسي.
وقال دبلوماسي في حلف شمال الأطلسي –الجمعة- إن فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة تناقش تزويد أوكرانيا بهذه المركبات، بما في ذلك الأمريكية برادلي والألمانية ماردر، لكن ماكرون مضى قدمًا بمفرده وأعلن قرار فرنسا.
الخميس الماضي، بعد محادثة بين الرئيس بايدن وشولتز، قال الألمان، إن الأمريكيين والألمان تشاوروا وأعلنوا قرارهم الخاص بتزويد برادليز وماردرز، مستوفين الشرط الألماني بأن برلين ليست أول من يزود فئة جديدة من الأسلحة الغربية لأوكرانيا.
كما أعلنت ألمانيا أنها ستزود أوكرانيا ببطارية صاروخ باتريوت، إضافة إلى البطارية التي كانت تزودها لبولندا، التي رفضت في البداية تسليمها مباشرة إلى أوكرانيا، وهو ما يعني أن الأسلحة المحظورة لم تعد كذلك.
وقالت أولريك فرانك، الخبيرة الألمانية في الشؤون الدفاعية لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "إنها خطوة أخرى للأمام بالنسبة لألمانيا، التي تمضي خطوة بخطوة لدعم الأوكرانيين منذ 24 فبراير، بدء الحرب".
وأوضحت أن أوكرانيا تطلب هذه الأسلحة منذ أبريل 2022، لكن بالنسبة لألمانيا "كان ذلك من المحرمات التي فرضتها على نفسها".
وأضافت: "نستمر في إجراء هذه المناقشات السخيفة بعض الشيء، الهجومية مقابل الدفاعية، والخفيفة مقابل الثقيلة، والحداثة مقابل القديمة، ثم بعد بضعة أشهر نغير خططنا مرة أخرى"، مشددة على أنه تطور مهم قد يغير مسار الحرب في أوكرانيا.