مساران لإخماد احتجاجات إيران... ماذا نعرف عن المتظاهرين الذين أعدموا ومن ينتظرون المصير المشؤوم؟

دعت العشرات من النقابات والروابط إلى إضرابات عامة وخروج المواطنين في احتجاجات، الأحد

مساران لإخماد احتجاجات إيران... ماذا نعرف عن المتظاهرين الذين أعدموا ومن ينتظرون المصير المشؤوم؟

السياق

طبيب ومغني راب وبطل كاراتيه وحلاق وممثل وأبناء وأحفاد وآباء، بين 13 شخصًا حكمت عليهم إيران -على عجل- بالإعدام، في حملتها لقمع الانتفاضة المستمرة منذ أشهر ضد النظام.

تلك الانتفاضة، التي تعد التحدي الأكبر لإيران منذ 1989، حاول النظام قمعها بكل السبل، من عنف ومناورات وأحكام إعدام، فشلت جميعها في «تخويف» الإيرانيين أو قمع التظاهرات.

جديد الاحتجاجات

كانت مدينة زاهدان، جنوب شرقي إيران، على موعد مع تظاهرات عارمة، الجمعة، بهتافات ضد النظام الإيراني والمرشد خامنئي، رغم هيمنة الأجواء الأمنية والعسكرية في مدينة زاهدان، ما أسفر عن اعتقال عديد المواطنين. 

وردد أهالي زاهدان، هتافات، بينها: «الموت لخامنئي، وهذا العام عام الدم، وخامنئي سيسقط، والموت للحرس الثوري، والموت للباسيجي»، بينما شهدت الاحتجاجات حضورًا ملحوظًا للنساء رفعن فيه شعارات: «كل هذه السنوات من الجريمة، الموت لولاية الفقيه، الموت أو الحرية».

وغداة تلك الاحتجاجات، أصدر عديد من المواطنين والحركات المدنية داخل إيران دعوات لاحتجاجات وإضرابات غدًا الأحد، تضامنًا مع دعوة أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية لتنظيم احتجاجات بمختلف الدول، في ذكرى إسقاطها بصواريخ الحرس الثوري، ما أسفر عن قتل جميع الركاب.

وقالت رابطة أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية في «تويتر»: «العدل سيفوز. في الذكرى الثالثة لجريمة إسقاط الطائرة الأوكرانية وتضامنًا مع الثورة في إيران، انضموا إلى التجمعات عبر العالم، 8 يناير».

وبحسب وسائل إعلام إيرانية معارضة، فإن هناك تنسيقًا -حتى الآن- للتجمعات في عشرات الدول، بما في ذلك سويسرا، وكولونيا، وميونيخ، وبون، وشتوتغارت، ونورمبرغ في ألمانيا، وفي المجر، والعديد من المدن الكندية مثل أوتاوا، وتورنتو، والنمسا، ونيوزيلندا، وفنلندا، وإيطاليا، واليابان، وهولندا، وإستونيا، ومدن أسترالية عدة مثل ملبورن، وسيدني، وعدد من مدن السويد والنرويج وجمهورية التشيك وإسبانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وبريطانيا والبرتغال وبلجيكا.

ومن المقرر إقامة تجمعات في عشرات المدن بالولايات المتحدة، مثل لاس فيغاس، ولوس أنجلوس، ونيويورك، وفيلادلفيا، وسياتل، وسان فرانسيسكو، وواشنطن، وأورلاندو، وناشفيل، ومينيابوليس، وسان دييغو، وشارلوت، وآن أربور، وتالاهاسي وغيرها.

وداخل إيران، دعت العشرات من النقابات والروابط إلى إضرابات عامة وخروج المواطنين في احتجاجات، غدًا الأحد، بينها: اتحاد الطلاب الرائدين، ونقابة الأطباء، واتحاد الأطباء والكوادر العلاجية، والطلاب الجامعيون المطالبون بالحرية بجامعة نوشيرواني بابل، شمالي إيران، واللجنة العامة لطلاب كردستان، واتحاد التلاميذ الثوار في طهران، واتحاد طلاب جامعة أصفهان الصناعية، واتحاد جامعة شيراز الطلابية، واتحاد الطلاب في طهران، ولجنة طلاب الجامعات الأهلية في خوراسكان وسط إيران.

مساران لإخماد الاحتجاجات

في محاولة من النظام الإيراني لإخماد الاحتجاجات، اتخذ مسارين: الأول إصدار المرشد علي خامنئي، السبت، مرسوماً بتعيين الفريق أحمد رضا رادان قائداً عاماً لقوى الأمن الداخلي خلفاً للجنرال حسين أشتري.

وقالت وسائل إعلام محلية، إن خامنئي دعا القائد الجديد إلى تحسين قدرات المؤسسة الأمنية، وحماية كرامة الموظفين وتدريب الشرطة المتخصصة لمختلف الإدارات الأمنية.

المسار الثاني

في رسالة تحذيرية إلى المتظاهرين، أعلنت وكالة أنباء القضاء الإيراني، السبت، إعدام المتظاهرين محمد مهدي كرمي، وسيد محمد حسيني، في قضية قتل عضو الباسيج روح الله عجميان، بعد 4 أيام من تأكيد المحكمة العليا، حكم الإعدام الصادر بحقهما.

وأعلن مدير العلاقات العامة بالمحكمة العليا، أمير هاشمي، في «تويتر»، نتائج استئناف الـ 16 متهمًا في قضية روح الله عجميان، قائلاً إن المحكمة العليا أكدت حكم الإعدام بحق محمد مهدي كرمي، وسيد محمد حسيني، لكن حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين الثلاثة الآخرين في هذه القضية: حميد قره حسنلو، وحسين محمدي، ورضا آريا، قد نُقض بسبب نقص التحقيقات.

في غضون ذلك، قالت قناة اتحادات الطلاب في إيران، إن عددًا من نزلاء سجن كرج، بمن فيهم الطالب أرجنك مرتضوي، دخلوا في إضراب عن الطعام منذ مساء الخميس، احتجاجًا على تأكيد عقوبة الإعدام بحق عدد من المحتجين المعتقلين، بينما يستمر إضراب 15 سجينة محتجة، منهن أرميتا عباسي، وإلهام مدرسي، وحميدة زراعى، وفاطمة حربي، وجاسمين حاج ميرزامحمدي، وعدد من السجينات.

وبحسب الأنباء، فإن جليل عزيزبور، وهو مواطن ورياضي من إيلام يبلغ من العمر 31 عامًا، دهسته سيارة تابعة لقوات الأمن في 29 نوفمبر، يعاني حيث اعتقل من كسر في الساق، بينما لم يتلق أي علاج منذ اعتقاله.

وأعلن مدير صفحة تويتر الخاصة بمغني الراب المسجون توماج صالحي، عن احتمال أن يفقد توماج بصره نتيجة الضربات، مشيرًا إلى مرور نحو 70 يومًا على سجن توماج في الحبس الانفرادي.

وقالت والدة محمد قبادلو، أحد المتظاهرين المحكوم عليهم بالإعدام، إنه منذ الخميس، دخل والد محمد وحدة العناية المركزة بالمستشفى، ويخضع لرعاية خاصة بسبب التوتر العصبي الناجم عن موافقة المحكمة العليا على حكم إعدام نجلهما.

أحكام إعدام سابقة

في يناير الماضي، أعدمت السلطات الإيرانية رجلين في تتابع سريع، بعد أيام من إعدام آخرَيْن، بينما لا يزال تسعة عرضة لخطر الإعدام، بحسب منظمة العفو الدولية. 

وبحسب «نيويورك تايمز»، وُجهت إلى معظم المتهمين تهمة «المحاربة»، وهو مصطلح واسع يعني شن حرب على الله، ويعاقب عليه عادة بالإعدام في إيران، مشيرة إلى أنه جرى تسريع محاكماتهم خلف أبواب مغلقة من نظام المحكمة الثورية الإيرانية، حيث يمثل المحامون المعينون من الحكومة المدعى عليهم. 

وغالبًا ما كانت الأدلة المقدمة مبهمة، وتعتمد أحيانًا على اعترافات بالإكراه أو مقاطع فيديو ملفقة، بحسب جماعات حقوقية تقول إنه في بعض قضايا المتهمين، هناك روايات وأدلة على التعذيب.

وبحسب منظمة العفو الدولية، اتهم ما لا يقل عن 15 بارتكاب جرائم يعاقب عليها بالإعدام وينتظرون صدور أحكام، بينما لا يمكن تأكيد تفاصيل الإجراءات القضائية أو الجرائم المزعومة.

محتجون يواجهون الإعدام

وحاولت السلطات الإيرانية القضاء على الاحتجاجات، بالاعتقالات الجماعية واستخدام الذخيرة الحية، وترهيب من ترى أنهم مرتبطون بالمتظاهرين أو يدعمونهم، كما اتهمت قوى غربية بتأجيج الاضطرابات.

وحتى الآن، قُتل ما لا يقل عن 516 متظاهراً بينهم 70 طفلاً، واعتُقل 19262، بحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هيرانا) التي تتخذ من الخارج مقراً لها، كما أفادت بقتل 68 من أفراد الأمن.

وتحدثت وكالة الأنباء الفرنسية عن إعدام متظاهرين والحُكم على 12 بالإعدام، مشيرة إلى أن نصفهم ينتظرون إعادة المحاكمة.

بطل بناء أجسام

قُبض على سهند نور محمد زاده في 23 سبتمبر بطهران، بعد مشاركته في احتجاجات، وقد اتُهم بإحراق سلة مهملات وإطارات وتدمير قضبان على الطرق السريعة، بينما اعتمدت أدلة المحكمة على مقطع فيديو قال محاميه إنه لا يصوره.

وقال زاده في مكالمة هاتفية مع عائلته بثتها «بي بي سي فارسي»، إنه قيل له في اليوم الذي ألقي القبض عليه إنه سيعدم.

نور محمد زاده، لاعب بناء أجسام، وفقًا لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وفاز بميداليات في مسابقات على مستوى الولاية.

كان يعمل في محل مجوهرات صغير بمركز تجاري، حيث اندلعت الاحتجاجات بالقرب منه في سبتمبر. 

وقال نور محمد زاده، إن كل ما فعله هو ركل سلة مهملات خارج المركز التجاري، وتحريك القضبان التي كانت مكسورة بالفعل، وفقًا للشريط المنشور على "بي بي سي" فارسي. 

ماهان صدر مراني

اعتُقل أواخر أكتوبر الماضي في طهران، واتُهم بمهاجمة أحد أعضاء الباسيج بسكين، وإشعال النار في دراجة نارية، وإتلاف هاتف نقال، بينما استندت أدلة المحكمة إلى لقطات فيديو منخفضة الجودة لا يظهر فيها سكين، بحسب منظمة العفو الدولية.

محمد بورغاني

قبض على مغني الراب محمد بوروغاني في بكداشت، كرج، بالقرب من طهران. واتُهم باستخدام منجل وإضرام النار في مبنى الحاكم وإصابة مسؤول مناوب بسكين. 

واستشهدت المحكمة برسائل على "إنستغرام" ووصفته بأنه «زعيم أعمال الشغب» في بكداشت.

«نزلت إلى الشوارع بسبب قصة نشرها صديقي على (إنستغرام). لا أعرف أي شيء عن السياسة»، قال بورغاني في محاكمته، وفقًا لتقرير وكالة أنباء تسنيم. 

وعندما سأله القاضي عن سبب تسجيله مقاطع فيديو للاشتباكات، أجاب: «أطلب الصفح والرحمة. لقد علقت في اللحظة وفعلت هذه الأشياء».

محمد غبادلو

قُبض على محمد غوبادلو في طهران 22 سبتمبر الماضي، واتُهم بدهس ضابط شرطة بسيارة، ما أسفر عن قتل شخص وإصابة خمسة. كدليل اعتمدت المحكمة على اعتراف قالت منظمة العفو إنه انتُزع تحت التعذيب.

وعمل غبادلو في صالون حلاقة بطهران، ففي مقاطع الفيديو على صفحته بـ«إنستغرام» قال: «إنهم في إيران يسمون أبناء السياسيين الأثرياء، لكن الآغازادة الحقيقيين هم من يكسبون رزقهم». وفي 24 ديسمبر الماضي، أعلنت المحكمة العليا أنها أيدت الحكم ضد غوبادلو.

سامان سيدي

ألقي القبض على سامان سيدي، المعروف باسم ياسين، في 2 أكتوبر الماضي بطهران. واتهم بحيازة مسدس وإطلاق النار في الهواء ثلاث مرات خلال الاحتجاجات. وكدليل اعتمدت المحكمة على اعترافات قالت منظمة العفو إنها انتزعت تحت التعذيب.

وسيدي، مغني راب وفنان غرافيك، من الأقلية الكردية في إيران وعاش مع والديه وشقيقتيه. ونشر مقاطع الفيديو الموسيقية الخاصة به في "إنستغرام"، وغالبًا ما كان يغني باللغة الكردية عن الظلم الاجتماعي.

وقال والد سيدي، وهو من قدامى المحاربين في الحرب العراقية الإيرانية، لوكالة أنباء إيلنا إنه كان يعمل في مصنع للأخشاب وفقد ابنه في حادث سيارة، مضيفًا أنه وأفراد أسرته كرسوا حياتهم للدفاع عن إيران وأن عديدين منهم، بمن فيهم شقيقه، شهداء الحرب.

حميد غار حسنلو

حميد غار حسنلو، اختصاصي الأشعة، اعتُقل في 4 نوفمبر بكرج خارج طهران، واتُهم بالتورط في قتل أحد أعضاء الباسيج خلال الاحتجاجات.

وحُكم على زوجته فرزانة (46 عامًا) التي كانت برفقته بالسجن 25 عامًا من دون حق الزيارة. واعتمدت المحكمة على اعترافات قالت منظمة العفو إنها انتُزعت تحت التعذيب من زوجته التي سحبتهم في ما بعد.

وحشد المجتمع الطبي الإيراني عبر العالم جهوده، لوقف إعدام الدكتور غير حسنلو، حيث طالب آلاف الأطباء بالإفراج عنه وعن زوجته.

حسين محمدي

اعتُقل حسين محمدي في الخامس من نوفمبر من منزله بكرج، واتُهم بقتل أحد أعضاء الباسيج خلال احتجاج كبير في كرج. بينما قالت منظمة العفو إن المحكمة استخدمت الاعترافات القسرية التي بثها التلفزيون الرسمي ضده.

محمدي، فنان مسرحي حائز جوائز، وكتب قصائد وغنى ومثل في أفلام قصيرة ومسرحيات، وفاز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان فني محلي.

في 3 يناير الجاري، أعلنت المحكمة العليا أنها ألغت حكم محمدي، مشيرة إلى أوجه القصور في التحقيق، إلا أنه عرضة لخطر حكم الإعدام، خاصة أن القضية أعيدت إلى القاضي الأصلي لإعادة المحاكمة. 

منوشهر مهمان نافاز

اعتُقل منوشهر مهمان نافاز 25 سبتمبر الماضي في غرشك بمحافظة طهران، واتُهم بإضرام النار في مبنى حكومي وسيارات، ومهاجمة موقع لحارس أمني بإلقاء زجاجات حارقة. 

في قرارها ضده، اعتمدت المحكمة على رسائله النصية إلى صديق، بينما طالب الادعاء بشنقه علنًا في مكان الحرق العمد.

محمد مهدي كرامي

أعدم محمد مهدي كرامي في السابع من يناير الجاري، بعد نحو شهرين من اعتقاله في كرج. واتُهم بقتل أحد أفراد الباسيج خلال احتجاجات في تلك المدينة. 

واستندت المحكمة إلى الاعترافات القسرية التي بثها التلفزيون الحكومي، بحسب منظمة العفو.

وفاز كرامي بأكثر من اثنتي عشرة ميدالية في مسابقات الكاراتيه الوطنية، بحسب رسالة فيديو أرسلها والداه.

وبينما هاجرت عائلته من إقليم كردستان إلى كرج للعمل، قال والده لصحيفة اعتماد، إنه يبيع المناديل في الشارع.

سيد محمد حسيني

قُتل سيد محمد حسيني شنقًا في 7 يناير، أي بعد شهرين من اعتقاله أوائل نوفمبر الماضي. واتُهم بجريمة كرامي نفسها، أي قتل عضو الباسيج أثناء احتجاج كرج.

وبعد زيارة للسجن حيث كان محتجزًا، قال محاميه علي شريف زاده أردكاني في "تويتر" إن موكله تعرض لإساءات جسدية: «لقد تعرض لتعذيب شديد وضرب بأيدٍ مقيدة وعينين مغمضتين وركل في رأسه. وسقط فاقدًا للوعي، وضرب بقضيب حديدي على باطن قدميه، وصُعق بالصدمات الكهربائية في جسده».

محسن شكاري

أُعدم محسن شكاري شنقًا في 8 ديسمبر الماضي، بعد أقل من ثلاثة أشهر على اعتقاله. كان أول متظاهر يُعرف بأنه يُقتل في إعدام رسمي.

ووجهت إليه تهمة حرق سلة مهملات وقطع طريق وطعن أحد أفراد ميليشيا الباسيج بمنجل وتهديد السلامة العامة.

كان شكاري قد عاش في طهران مع والديه، وكان يعمل بمقهى في أحد أحياء الطبقة العاملة بطهران.  

وفي أحد مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن رؤيته وهو يغني في مقهى برفقة غيتار.

ماجد رضا رهنورد

كان ماجد رضا رهنورد قد اعتُقل 19 نوفمبر في مدينة مشهد بشمال شرق البلاد وشنق من رافعة علنًا 12 ديسمبر بعد أقل من شهر على اعتقاله. ووجهت إليه تهمة طعن اثنين من أفراد ميليشيا الباسيج حتى الموت وإصابة أربعة في مشهد.