ماذا يعني استئناف المحادثات الغربية مع إيران؟
قالت مصادر، لـCNN، إن الولايات المتحدة استأنفت بهدوء المحادثات غير المباشرة مع إيران أواخر العام الماضي في محاولة لتقييد برنامج طهران النووي

ترجمات - السياق
كشفت "سي إن إن"، أن الأسابيع الأخيرة شهدت نشاطا دبلوماسيا مكثفا بين إيران والدول الغربية، مما زاد الآمال في تراجع التوترات مع استمرار الدولة الشرق أوسطية في استعداء الغرب بدعمها لروسيا والتقدم المستمر في برنامجها النووي، وأشارت إلى أن إيران تُجري في الوقت الحالي "محادثات متزامنة" مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
فالأسبوع الماضي، التقى كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كاني، وسيط الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا في العاصمة القطرية الدوحة، في محاولة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية المعروفة بـ"الاتفاق النووي"، إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي -على عكس الولايات المتحدة- طرفًا في هذا الاتفاق.
بيئة إيجابية
من جانبه، وصف مصدر دبلوماسي مطلع على الاجتماع لشبكة سي إن إن، بيئة المفاوضات الحالية، بأنها "إيجابية" لتهدئة التصعيد، خصوصًا بعد اتهام طهران بأنها تمد موسكو بطائرات مسيرة، تستخدمها الأخيرة في حربها ضد أوكرانيا.
كانت مصادر مطلعة للشبكة الأمريكية، قد أفادت بأن واشنطن "استأنفت بهدوء" محادثاتها غير المباشرة مع إيران، أواخر العام الماضي "في محاولة لكبح جماح برنامج طهران النووي".
وبينت المصادر أن هناك مؤشرات لـ"إحراز تقدم" في هذا المسار، لكن أحد المصادر أكد "لم نصل إلى اتفاق على هذا الصعيد".
وأشارت "سي إن إن" إلى أن الولايات المتحدة وإيران نفتا التوصل إلى "اتفاق مؤقت"، ومع ذلك، رأت الشبكة الأمريكية أن هذه المحادثات جددت الآمال بأن يكون التعاون مثمرًا.
وتأكيدًا لتواصل اللقاءات بين الجانبين، نهاية عام 2022 التقى روبرت مالي، المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة.
وتواصلت الاتصالات في مايو 2023 عندما التقى بريت ماكغورك، منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفدًا من إيران في سلطنة عُمان.
وصف أحد المحللين، بأنها تعد محادثات التقارب الأولى بين الأمريكيين والإيرانيين منذ أشهر، ما يشير إلى أنها يمكن أن تكون قناة مهمة لمزيد من المشاركة.
ويدعو الدبلوماسيون الأمريكيون إلى اتفاق غير رسمي وغير مكتوب، حيث توافق إيران على عدم تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز مستوى إنتاجها الحالي البالغ 60%، وكذلك إيقاف الهجمات التي تستهدف الأمريكيين في سوريا والعراق، والتعاون مع المفتشين النوويين الدوليين، والامتناع عن بيع الصواريخ البالستية لروسيا.
ويرى هنري روم من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن إدارة بايدن بذلك تجاوزت أهدافها المتمثلة في استعادة الصفقة، أو إنشاء إطار إقليمي أوسع لنهج "الخطة ج"، الذي يمنح الأولوية لمحاولة تقييد إيران والحد من أسوأ النتائج للتصعيد النووي في الشرق الأوسط.
لماذا الآن؟
عن سبب محاولات التقدم في ملف المفاوضات، ذكرت "سي إن إن" أن استئناف المحادثات يثير تساؤلات عن التوقيت والدوافع لدى الطرفين، إذ يحدث ذلك مع إحراز البرنامج النووي الإيراني تقدمًا تجاوز متطلبات الطاقة النووية إلى متطلبات صناعة قنبلة نووية.
كما أثبتت طهران أيضًا أنها تُشكل تهديدًا في الحرب الأوكرانية، إذ أمدت روسيا بمئات المُسيرات الهجومية، وتواصل إحراز تقدم على مسار تطوير برنامجها الصاروخي، ما يُثير قلق الدول الغربية وجيرانها.
ورأت الشبكة أنه قد تكون هناك أيضًا ما سمتها "اعتبارات انتخابية" لدى الجانبين، فطهران بصدد إجراء انتخاباتها البرلمانية، العام المقبل، ومن ثمّ يمكن أن يمنح تخفيف العقوبات من الدول الغربية، حكامها الحاليين دفعة قوية في استطلاعات الرأي وصناديق الاقتراع.
في المقابل، وضعت الولايات المتحدة، التي تستعد لإجراء انتخاباتها الرئاسية عام 2024، تأمين "إطلاق سراح عديد من الأمريكيين المحتجزين في إيران" على رأس أولوياتها.
ونقلت الشبكة عن مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن، سانام وكيل، قولها: إن طهران وواشنطن تجدان فرصة سانحة قبل السباقين الانتخابيين -الانتخابات البرلمانية والرئاسية الخاصة بهما- للتوصل إلى حلول وسطى واحتواء الأزمة.
وعما إذا كان هناك أي مؤشر على إحراز تقدم من أي من الجانبين، ذكرت الشبكة الأمريكية، أنه في خضم تقارير عن استئناف المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران هذا الشهر، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إنه لا توجد أخطاء في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع الغرب، بشرط أن تظل البنية التحتية النووية في بلاده "كما هي"، من دون أن يتعرض لها أحد.
ورغم ذلك، تبشر الإشارات القادمة من الولايات المتحدة برياح تغيير، ففي الشهر الجاري، وافقت واشنطن على إعفاء يسمح بتحويل 2.7 مليار دولار من العراق إلى البنوك الإيرانية، في خطوة وصفها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر بأنها "متسقة مع المعاملات المالية التي جرت منذ سنوات".
جيران إيران
وفي ما يخص جيران إيران، أوضحت سي إن إن، أن اجتماعات عُقدت خلال الآونة الأخيرة، بين إيران والدول الغربية في دول الخليج العربي، حيث التقى مسؤولون إيرانيون أوروبيين في الإمارات وقطر، وكذلك مسؤولين أمريكيين في عُمان.
وأشارت الشبكة إلى أن الدول العربية، التي رحبت بانسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، عام 2018، عندما كانت التوترات مع طهران في أعلى مستوياتها منذ عقود، صححت الأمور مع إيران، وباتت أكثر حرصًا على تخفيف التوترات في المنطقة.
ورغم إعراب هذه الدول عن أسفها لاستبعادها من المحادثات مع إيران، عندما أبرمت القوى العالمية اتفاقًا مع طهران عام 2015، فإنها تنشط لتسهيل الحوار، حسب وصف الشبكة الأمريكية.
وذلك يبرز إسرائيل كدولة وحيدة تعارض استئناف المحادثات، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الشهر: "موقفنا واضح، إسرائيل لن تكون ملزمة بأي اتفاق مع إيران، وستواصل الدفاع عن نفسها".
ماذا يعني الاتفاق؟
كانت إيران قد أوضحت أنها غير عابئة بالتوصل إلى اتفاق يحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي".
أما الجانب الأمريكي، فمن المرجح أن تتطلب العودة إلى هذا الاتفاق موافقة الكونغرس، التي قد يكون من الصعب الحصول عليها.
ويرى محللون -تحدثوا للشبكة الأمريكية- أن إحياء هذا الاتفاق غير مرجح في الوقت الحالي، وبدلاً من ذلك، يمكن أن تتوصل طهران وواشنطن إلى اتفاق يقر إطلاق سراح بعض السجناء الأمريكيين البارزين في إيران، مقابل تخفيف بعض العقوبات، وهو ما قال وزير الخارجية العُماني سيد بدر البوسعيدي إنه "بات وشيكًا".
ووفقًا لتقارير عدة، قد تكون الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية -7 مليارات دولار- الخاصة بواردات النفط، التي أعاقتها العقوبات الأمريكية، أحد الموضوعات التي تشملها المحادثات الأمريكية الإيرانية.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن نيسان رافاتي، كبير محللي إيران في مجموعة الأزمات الدولية، قوله: إن هناك عددًا من القضايا غير النووية قيد التفاوض، مثل دعم إيران لروسيا "الذي تنظر إليه الحكومات الغربية بقلق بالغ".
وأضاف: "رغم ذلك، لا يزال هذا النوع من التفصيلات في هذه الملفات يثير علامات الاستفهام، بشأن إمكانية التنسيق بينها، وما إذا كانت ستجد مكانها المناسب".
بينما رجحت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاتام هاوس، أنه حال التوصل إلى اتفاق، سيكون "مجرد ضمادة أولية"، وليس "ترياقًا" للقضايا العالقة بين إيران والولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن "المفاوضين خاضوا هذا المسار من قبل، لكن من غير الواضح ما إذا كان هناك إجماع في طهران أو في إدارة بايدن، على إنهاء الأزمة".