هل تقود سياسات بايدن إلى حرب باردة جديدة؟

أوضحت مجلة ذا ناشيونال إنترست، أن نهج بايدن إزاء الأزمة الأوكرانية يُحمِّل واشنطن أعباءً إضافية، قد لا تستطيع تحملها، مشددة على ضرورة أن يكون لأوكرانيا دور في تشكيل مستقبلها، بما يحول دون اتخاذ واشنطن وحلف الناتو خطوات تصعيدية ضد روسيا، تقود إلى حرب باردة جديدة.

هل تقود سياسات بايدن إلى حرب باردة جديدة؟

ترجمات - السياق

منذ دخول الرئيس الأمريكي جو بايدن البيت الأبيض قبل عام، أصر هو وكبار مستشاريه، على أنهم لا يبحثون عن عودة المنافسة بين القوى العظمى، أو عودة مصطلح الحرب الباردة، التي هيمنت على الشؤون العالمية، إلى ما يقرب من خمسة عقود، إلا أن كل تصرفاته تشير لخلاف ذلك.

وذكرت مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، أن بايدن يتخذ سياسات تدفع إلى حرب باردة جديدة، موضحة أن الرئيس الأمريكي أكد خلال مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن، في نوفمبر 2021، أن العالم يشهد مفترق طرق، وأنه لا بد من سيادة الأنظمة الديمقراطية.

 

استراتيجية طويلة الأمد

 

وبينّت "ناشيونال إنترست" أنه لإنجاز هذا العمل الفذ -سيادة الأنظمة الديمقراطية- كما قال بايدن، ستحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الاستعداد "لمنافسة استراتيجية طويلة الأمد" مع الصين.

وفي هذا السياق، رأت المجلة أن دعوات الرئيس الأمريكي قد تكون ذات تأثير سلبي، وربما تتسبب في تقسيم العالم إلى كتلتين أيديولوجيتين متنافستين، كتلة ديمقراطية وأخرى استبدادية، بما يقود إلى العودة إلى حقبة الحرب الباردة مجددًا.

وأوضحت أن تفكير بايدن هذا أيضًا، قد يصور بكين -التي يُنظر إليها على أنها زعيمة المعسكر المعارض- على أنها خصم لا هوادة فيه ومواجهة، في وقت تحتاج فيه واشنطن إلى العمل معها لحل المشكلات العالمية، بما في ذلك تغير المناخ، وتدفقات الهجرة، والانتشار النووي، وجائحة كورونا المستمرة.

وأضافت: "حتى الآن، بلغ هذا التفكير ذروته في قمة بايدن من أجل الديمقراطية، التي استضافها البيت الأبيض في ديسمبر الماضي، إذ إنه في حديثه إلى مسؤولين من أكثر من 100 دولة، وصف الرئيس الأمريكي، مقاومة الاستبداد في العالم بأنها "التحدي الحاسم في عصرنا".

ومع ذلك -حسب "ناشيونال إنترست"- فإن هذا الادعاء يتحدى المنطق، عندما يموت الآلاف في جميع أنحاء الكوكب كل يوم من كورونا، أو أن العالم يعاني بالفعل آثارًا كارثية من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مشددة على أنه لا يمكن لواشنطن أن تحل مشكلات القرن الحادي والعشرين بآراء القرن العشرين.

 

عقلية الحرب الباردة

واعتبرت "ناشيونال إنترست" أن كل ذلك يؤكد أن إدارة الرئيس بايدن مازالت تتصرف بعقلية الحرب الباردة، مشيرة إلى أن التوترات التي تشهدها العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية، تكشف أن "واشنطن" تبنت نهجًا ثنائيًا لحل الأزمة مع روسيا، ففي حين عكست محادثات جنيف احتمالات التقارب بين موسكو وواشنطن بشأن أوكرانيا، فإن رفض المطالب الروسية بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ووقف توسع الحلف شرقًا، عكست تصاعد حدة التوترات بين الطرفين، لا سيما في ظل التهديدات الأمريكية والأوروبية، بفرض عقوبات مشددة على روسيا، حال غزو أوكرانيا.

وأوضحت المجلة الأمريكية، أن نهج بايدن إزاء الأزمة الأوكرانية يُحمِّل واشنطن أعباءً إضافية، قد لا تستطيع تحملها، مشددة على ضرورة أن يكون لأوكرانيا دور في تشكيل مستقبلها، بما يحول دون اتخاذ واشنطن وحلف الناتو خطوات تصعيدية ضد روسيا، تقود إلى حرب باردة جديدة.

وأضافت: "في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تبنت إدارة بايدن مواقف متشددة بشكل متزايد، تعكس بعض أحلك أيام الحرب الباردة، إذ وصفت الصين بأنها منافس يجب على الولايات المتحدة مواجهته، بينما أفادت بعض الأنباء بأنه يفكر في مراجعة سياسة واشنطن القائمة على "الغموض الاستراتيجي" تجاه تايوان، لتصبح سياسة أكثر استفزازية، كما أعلن مقاطعة دبلوماسية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين (خطوة أقل من مقاطعة الرئيس جيمي كارتر لأولمبياد موسكو 1980)، وبموجب اتفاق  AUKUS تشارك تكنولوجيا الغواصات النووية مع أستراليا في محاولة لردع الصينيين.

في الوقت نفسه -حسب المجلة الأمريكية- وقَّع بايدن مؤخرًا ميزانية دفاعية بـ 768 مليار دولار، وهي من أكبر ميزانية الدفاع في التاريخ الأمريكي ، في وقت لا تخوض فيه الولايات المتحدة حاليًا أي حروب كبرى، أو تواجه أي تهديدات وجودية وشيكة.

وترى "ناشيونال إنترست" أن هذه القرارات والتصرفات، وسوء تقدير الإدارة الأمريكية للظروف المحيطة بها، قد تدفع إلى حرب باردة جديدة، الأمر الذي يشكل تهديدًا للنظام العالمي، ويقود إلى خسائر فادحة.

وأشارت إلى أنه رغم انتصار الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة، فإنها كلفت العالم ملايين الأرواح، ومن ثمّ لا يمكن لواشنطن التعويل على انتصارها في تلك الحرب، لا سيما أن الوقت الراهن يتطلب حلولًا أكبر وأكثر جرأة من تلك التي كانت، الأمر الذي يفرض على إدارة بايدن بلورة رد فعل مختلف بشأن الأزمة الأوكرانية.