ناشيونال إنترست: خطة سلام مقترحة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

أدت الحرب إلى أكبر أزمة لاجئين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من خمسة ملايين أوكراني غادروا البلاد، بينما نزح ثمانية ملايين داخل أوكرانيا

ناشيونال إنترست: خطة سلام مقترحة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

ترجمات - السياق

مع اقتراب العملية العسكرية لروسيا في أوكرانيا، من إكمال شهرها الرابع، وسط انعدام أي أفق للحل، سلطت مجلة ناشيونال إنترست الضوء على خطة سلام مُقترحة لإنهاء الحرب، مُشيرة إلى أنه يمكن لفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وتركيا، وإسرائيل، التوسط لإنهاء الأزمة الحالية.

وتوقع الضابط السابق بالجيش الأمريكي ديفيد باين، في تحليل نشرته المجلة، أن تستمر الحرب لأشهر، إن لم تكن سنوات، وستؤدي إلى قتل عشرات الآلاف من الأوكرانيين، وتدمير المزيد من المدن، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية هناك، في حال عدم الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

كانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قد أكدت أن أكثر من 4000 مدني أوكراني قُتلوا خلال الغزو الروسي، بينما تزعم الحكومة الأوكرانية أن عدد القتلى تجاوز 27500.

وحسب المجلة، فقد أدت الحرب إلى أكبر أزمة لاجئين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من خمسة ملايين أوكراني غادروا البلاد، بينما نزح ثمانية ملايين داخل أوكرانيا.

ووصفت المجلة هذه الأرقام بالـ"مذهلة"، مشيرة إلى أنها تعادل إجبار أكثر من ثلث مواطني أوكرانيا على ترك منازلهم.

علاوة على ذلك، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن القوات الروسية تسيطر على 20% من أراضي أوكرانيا.

 

تراجع أوكراني

وأشارت "ناشيونال إنترست"، إلى أنه بينما تواصل وسائل الإعلام الغربية الإعلان -بالخطأ- عن انتصار أوكرانيا في الحرب، كشف وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن روسيا تحرز تقدمًا تدريجيًا نحو تحقيق أهدافها العسكرية.

ووفقًا لتقرير استخباراتي غربي حديث، فإنه رغم أن الولايات المتحدة تزود أوكرانيا بمساعدات عسكرية أكثر من أربعة إلى خمسة أضعاف ما تنفقه كييف على قواتها المسلحة كل عام، تخسر أوكرانيا معركة دونباس وتعاني "خسائر فادحة".

وذكرت المجلة، أن ذخيرة القوات الأوكرانية أوشكت على النفاد، بينما أصبحت معنويات الجنود محبطة بشكل متزايد، بل بدأ بعضهم الفرار من المعركة.

وحسب المجلة الأمريكية، كشف التقرير الاستخباراتي أيضًا أن معظم المدفعية الأوكرانية يقتصر مداها على خمسة وعشرين كيلومترًا، بينما يمكن للمدفعية وقاذفات الصواريخ الروسية أن تضرب اثني عشر ضعف هذه المسافة.

ورأت المجلة، أن الموقف التفاوضي الأوكراني بات ضعيفًا، لأن روسيا لديها أكثر من عشرة أضعاف عدد أسرى الحرب في أوكرانيا.

وأشارت المجلة أيضًا إلى التراجع الأمريكي، لافتة إلى أنه بينما اعترف الرئيس جو بايدن بمخاطر التصعيد النووي الروسي، إلا أنه أوضح أن الولايات المتحدة لا تسعى لخوض حرب مباشرة مع روسيا، ولن تدعم إطاحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأوضحت أنه بعدما أعلنت -الشهر الماضي- أن هدفها إضعاف روسيا وتدمير قدرتها على شن حرب هجومية، عادت إدارة بايدن لتقول إن الغرض من المساعدة العسكرية الأمريكية، تعزيز قدرة أوكرانيا في التفاوض على اتفاقية سلام أكثر ملاءمة.

بل وصل الأمر إلى أنه حينما سُئل عما إذا كانت أوكرانيا قد تضطر إلى التنازل عن بعض أراضيها في اتفاقية سلام تفاوضية مع روسيا، لم يستبعد بايدن هذا الاحتمال، حسب المجلة الأمريكية.

 

خطة سلام مقترحة

وبينما تسير الأمور نحو انتصار روسي محتمل، سلطت "ناشيونال إنترست" الضوء على خطة سلام مقترحة من خمس عشرة نقطة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرة إلى أن هذه أفضل الشروط وأكثرها واقعية، التي يمكن أن تأملها أوكرانيا للخروج بأقل الخسائر.

وأوضح التحليل أن هذه الخطة من شأنها أن تُسهم في وقف العمليات العسكرية في الداخل الأوكراني، لاسيما إقليم دونباس، مؤكدًا أن هذه الخطة ستكون بداية حل للخلافات العالقة بين روسيا وأوكرانيا.

وأشار إلى أن هذا الاقتراح يعالج أيضًا بعض المخاوف الأمنية الأكثر إلحاحًا لروسيا، بينما يعمل على تعزيز أمن أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) من خلال تقليل احتمالات نشوب صراع مستقبلي مع روسيا.

ولخص تحليل "ناشيونال إنترست" هذه الخطة في نقاط، من أبرزها:

أولًا: يجب أن تُدخِل أوكرانيا بعض التعديلات على الدستور الخاص بها، ما من شأنه أن يضمن حيادها من قِبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن،وفي المقابل تعترف روسيا بالحكومة الأوكرانية الحالية، فضلًا عن تخليها عن فكرة استبدال نظام موالٍ لموسكو بالنظام الحالي في أوكرانيا.

ثانيًا: اعتراف أوكرانيا بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، وتأكيد كييف أنها لن تحاول استعادة شبة الجزيرة بالقوة، أو بأي طريقة أخرى.

ثالثًا: انسحاب القوات الروسية إلى مواقع ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، بما في ذلك من أقاليم خاركيف وزابوريزهيا وخيرسون، باستثناء إقليم دونباس، بالنظر إلى أن موسكو ترى في هذه المنطقة امتدادًا لنفوذها الاستراتيجي.

رابعًا: إجراء استفتاء شعبي بحلول سبتمبر 2022، لإقليم دونباس بما في ذلك منطقتا لوهانسك ودونيتسك عن رغبة مواطنيها في الاستقلال عن أوكرانيا، وفي هذا الصدد، رجحت المجلة الأمريكية أن يشرف على الاستفتاء مراقبون دوليون محايدون من الأمم المتحدة، ما من شأنه أن يُسهم في الإبلاغ عن أي خروق تحدث أثناء العملية الانتخابية.

وأشارت إلى أنه في حال تصويت أغلبية مواطنيها للبقاء جزءًا من أوكرانيا ، يجب أن تكون منطقة دونباس منزوعة السلاح بشكل دائم مع انسحاب القوات الروسية والأوكرانية، على أن تبقى القوات الروسية فقط، إذا دُعيت لذلك من قِبل حكومتي لوهانسك ودونيتسك.

 

دور "الناتو"

وتضمنت الاتفاقية أيضًا الموقف من انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو واستعادة العلاقات بين الجانبين، كالتالي:

- إنهاء أوكرانيا علاقتها بحلف الناتو، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة، إلى جانب وقف الإمدادات العسكرية الضخمة التي من شأنها أن تُعظم من قدرات كييف العسكرية، وفي هذا الصدد، أفادت المجلة الأمريكية بأن على أوكرانيا أيضًا حظر وجود قوات حلف الناتو على أراضيها، وإنهاء عضويتها في برنامج الحلف "الشراكة من أجل السلام"، وإنهاء العمل باتفاقية "الشراكة الاستراتيجية" التي أبرمتها مع الولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر 2021.

تحديد عدد قوات الجيش الأوكراني الموجودة في الخدمة، لتصل إلى ما لا يزيد على 150 ألف جندي، و100 ألف جندي احتياطي.

إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، واستعادة موسكو أموالها التي جرى الاستيلاء عليها، سواءً كانت عامة أم خاصة، بعد توقيع الجانبين الاتفاقية.

- تدمير أنظمة الدفاع الأوكرانية تحت إشراف روسي لتشمل المقاتلات، والطائرات الهجومية، وطائرات الهليكوبتر الحربية، والطائرات من دون طيار، المجهزة بقنابل أو صواريخ، فضلًا عن المدفعية وقذائف الهاون التي يزيد عيارها على 155 ملم.

- وفي هذا الإطار، توضح الاتفاقية أهمية أن تتخلى أوكرانيا عن الصواريخ البالستية، وصواريخ كروز، وصواريخ أرض-جو متوسطة إلى بعيدة المدى، ما من شأنه أن يُسهم في ضمان حياد أوكرانيا.

- إعادة أسرى الحرب واللاجئين وأي مدني في الأسر إلى بلدانهم، مع معاملتهم ورعايتهم حسب أحكام اتفاقية جنيف.

-  لن تكون هناك تعويضات صادرة عن أي من الجانبين ولا محاكم جرائم حرب دولية.

- تقديم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الدعم اللازم للمساعدة في عملية إعادة إعمار أوكرانيا.

- استئناف العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك بين روسيا ودول الناتو، بعد توقيع هذه الاتفاقية.

- تصدر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضمانات مكتوبة بأن حلف الناتو لن يتوسع شرقًا إلى جمهوريات سوفيتية سابقة إضافية أو على طول حدود روسيا (أي فنلندا).

- مقابل هذه الضمانات، ستوافق روسيا على انضمام السويد إلى حلف الناتو وكذلك قبول أي دولة أوروبية أخرى لا تقع على حدود روسيا وترغب في الانضمام إلى الحلف.

- ضرورة موافقة روسيا وحلف الناتو أيضًا على بدء المناقشات لإدراج روسيا في الهيكل الأمني لأوروبا، وتجديد معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.

ولتحقيق ذلك على الأرض، شددت "ناشيونال إنترست" على أهمية دخول روسيا وأوكرانيا سريعًا في مفاوضات جادة، لا سيما وأن أي تأخير في إجراء المفاوضات من شأنه أن يُسهم في تشجيع روسيا على ضم إقليم دونباس، ومدينة خيرسون رسميًا، مع الاحتفاظ بالسيطرة على 70% من الساحل الأوكراني المطل على البحر الأسود.

وتوقعت المجلة أن يؤدي تخفيف العقوبات ضد روسيا، في أعقاب اتفاق السلام إلى توفير الإغاثة الاقتصادية التي تمس الحاجة إليها للأمريكيين، من خلال تقليل أسعار الوقود والغذاء والطاقة بشكل كبير، كما أنه سيقلل من حدة أزمة الغذاء العالمية المتفاقمة، التي تهدد بتجويع الملايين جنوبي الكرة الأرضية.

وختمت بالقول: "لكل هذه الأسباب، من مصلحة الولايات المتحدة وأوكرانيا، الانتهاء من اتفاق سلام يُنهي الحرب في أقرب وقت ممكن".