الحرب أو السلام.. أسبوع حاسم لمصير أزمة أوكرانيا

موسكو وواشنطن تقتربان من ذروة تضارب مصالحهما في ما يتعلق بالشكل المستقبلي للنظام الأوروبي

 الحرب أو السلام.. أسبوع حاسم لمصير أزمة أوكرانيا
الرئيسان الأمريكي والروسي

ترجمات - السياق

بين الحرب والسلام والجمود، رأت صحيفة إندبندنت البريطانية، أن هذا الأسبوع سيكون حاسمًا لمستقبل أوكرانيا، إما باستمرار توتر الأوضاع وبدء روسيا عملية الغزو المحتملة، وإما التوصل إلى سلام ينهي الأزمة.

وقالت في تقرير: "حتى لو لم يحدث الغزو الروسي في الأيام المقبلة، فإن الأزمة تصل إلى نقطة انعطاف حرج، مع وضع الاستقرار الأوروبي ومستقبل العلاقات بين الشرق والغرب في الميزان".

وأشارت إلى أن تقارب الأحداث هذا الأسبوع، يمكن أن يحدد ما إذا كان المأزق قد حُل سِلمياً، أو أن أوروبا في حالة حرب فعلية.

أيام حاسمة

ونقلت "إندبندنت" عن إيان كيلي، الدبلوماسي المتقاعد والسفير الأمريكي السابق لدى جورجيا، قوله: "ستكون الأيام العشرة المقبلة أو نحو ذلك حاسمة".

وأمام هذه التوقعات والتحديات، قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن: "إن الغزو قد يحدث في أي لحظة"، وحددت موعدًا محتملًا للغزو هو (الأربعاء 16 فبراير)، وفقًا لمعلومات استخبارية التقطتها الولايات المتحدة، وأمام هذا التطور الخطير، أعلنت واشنطن أنها ستجلي جميع موظفي سفارتها في كييف بأسرع وقت.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن المكالمة الهاتفية بين بايدن والزعيم الروسي فلاديمير بوتين، التي جرت السبت الماضي، لم تقدم شيئًا لتخفيف التوترات، بينما تحدث بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد عن توتر الأوضاع.

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، حذر نظيره الروسي، من أن موسكو ستدفع "ثمنًا غاليًا وفوريًا" إذا اجتاحت أوكرانيا.

كانت موسكو حشدت قوات قوامها 100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا، لكنها نفت اعتزامها اجتياح البلاد.

وقال الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، السبت إن التحذيرات من الغزو تثير الذعر، " الأمر الذي يصب في مصلحة أعدائنا"، على حد تعبيره.

وتعليقًا على ذلك، قالت "إندبندنت": "حتى قبل أحدث التحذيرات والتحركات الدبلوماسية الأمريكية، يرى محللون أن هذا أسبوع حاسم بالنسبة لمستقبل أوكرانيا".

تضارب المصالح

ونقلت "إندبندنت" عن المحلل السياسي تيموفي بورداتشيف، رئيس مركز الأبحاث الأوروبية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، قوله: إن موسكو وواشنطن تقتربان من ذروة تضارب مصالحهما في ما يتعلق بالشكل المستقبلي للنظام الأوروبي"، مشيرًا إلى أن الطرفين قد يتخذان إجراءات عدوانية ضد بعضهما، تتجاوز بكثير ما كان مقبولاً في الآونة الأخيرة.

وأوضحت الصحيفة، أن واشنطن و"الناتو" يتوقعان خلال هذا الأسبوع، الرد الرسمي من موسكو بعد رفضهما مطالبها الأمنية بعدم توسع الحلف بضم الدول السوفيتية السابقة خصوصًا أوكرانيا، مشيرة إلى أن التدريبات العسكرية الروسية في بيلاروسيا، -التي أجريت كجزء من انتشار عسكري بالقرب من أوكرانيا- ستنتهي خلال أيام، ومن ثم سيكون مصير القوات الروسية الموجودة الآن في بيلاروسيا، مفتاح الحكم على نية الكرملين بشأن عملية الغزو.

وأضافت: "في الوقت نفسه، ستنتهي الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين، التي غالبًا ما يُشار إليها باعتبارها رادعًا محتملاً للعمل الروسي الفوري، في 20 فبراير"، مشيرة إلى أنه رغم أن المسؤولين الأمريكيين قالوا إنهم يعتقدون أن الغزو قد يحدث قبل ذلك الحين، فإن التاريخ لا يزال مهمًا، إضافة إلى ذلك، سيُعقد مؤتمر أمني دولي مهم في مدينة ميونيخ الألمانية نهاية هذا الأسبوع، بحضور كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، وكبار المسؤولين الأوروبيين.

من جانبه، حذر بوتين الغرب، من أنه لن يتراجع عن مطالبته بإبقاء أوكرانيا خارج "الناتو"، مؤكدًا أنه إذا أصبحت أوكرانيا عضوًا بالحلف، ثم حاولت استخدام القوة لاستعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، فإن ذلك سيؤدي إلى دخول روسيا وحلف شمال الأطلسي في صراع محتوم.

بينما طلب وزير خارجيته، سيرجي لافروف، من الدول الغربية أن تشرح كيف تفسر مبدأ "عدم تجزئة الأمن" المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية التي وقعتها، وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إنها لن تقبل ردًا جماعيًا من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، مصرة على رد فردي من كل دولة.

وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنه في محاولة لمواجهة حجة "الناتو" بأن كل دولة لها الحرية في اختيار التحالفات، اتهمت موسكو "الناتو" بانتهاك المبدأ وتعريض أمن روسيا للخطر من خلال التوسع شرقًا.

مواجهة محتمة

وتعليقًا على هذه التطورات، قال بورداتشيف لـ "إندبندنت": "مطالب روسيا الجريئة ورفض الولايات المتحدة الصريح لها دفعا الأجندة الدولية نحو المواجهة أكثر من أي وقت مضى، منذ ذروة الحرب الباردة".

وأضاف أن توثيق العلاقات بالصين عزز موقف موسكو، متابعًا: "مهما كانت الأهداف التي يمكن لروسيا أن تسعى لتحقيقها الآن، يمكنها التخطيط لمستقبلها في ظروف قطع العلاقات بالغرب".

وحسب الصحيفة البريطانية، يؤكد المسؤولون الروس أن التفاوض على تسوية بشأن أوكرانيا، يعتمد على الولايات المتحدة، وأن الحلفاء الغربيين يسيرون فقط بناءً على أوامر واشنطن.

وأشارت إلى أنه في الماضي، سعت روسيا إلى بناء اتصالات وثيقة مع فرنسا وألمانيا، على أمل أن تساعد العلاقات الودية مع أكبر اقتصادات أوروبا، في تخفيف الضغط الأمريكي، إلا أن تلك العلاقات توترت بسبب تعرض زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني للتسمم عام 2020، إذ قضى خمسة أشهر في ألمانيا يتعافى مما وصفه بهجوم بغاز الأعصاب ألقى باللوم فيه على الكرملين، بينما نفت روسيا تورطها في هذا الأمر.

وفي الآونة الأخيرة -حسب الصحيفة- انتقد المسؤولون الروس موقف فرنسا وألمانيا في محادثات السلام المتعثرة شرقي أوكرانيا، وحمّلوهما مسؤولية الفشل في إقناع السلطات الأوكرانية، بمنح حكم ذاتي واسع النطاق للمنطقة الانفصالية التي تدعمها روسيا، كما هو مطلوب من قبل اتفاقية عام 2015.

وتابعت: "في خرق للقواعد الدبلوماسية، نشرت وزارة الخارجية الروسية الخريف الماضي، رسائل سرية تبادلها لافروف مع نظيريه الفرنسي والألماني، في محاولة لإثبات فشلهما في المساعدة في إحراز تقدم في المحادثات".

وفي حديثه بعد الجولة الأخيرة غير المثمرة من تلك المحادثات، أعرب ممثل الكرملين دميتري كوزاك عن أسفه لفشل المبعوثين الفرنسي والألماني، في إقناع أوكرانيا بالالتزام بالحوار مع الانفصاليين، كما نص الاتفاق.

وقالت "إندبندنت": رغم التوترات مع باريس وبرلين، أمضى بوتين أكثر من خمس ساعات، يتحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين الماضي، كما يستضيف المستشار الألماني أولاف شولتز الثلاثاء، إذ أعرب الرئيس الروسي عن امتنانه لنظيره الفرنسي، لمحاولته المساعدة في التفاوض على طريقة لتخفيف التوترات وقال إنهم سيتحدثون مرة أخرى.

وبينت الصحيفة البريطانية أن موسكو أعادت فتح نافذة للاتصالات الدبلوماسية مع بريطانيا، واستضافت وزيري الخارجية والدفاع، في الجولة الأولى من المحادثات، منذ أن تدهورت العلاقات بين الجانبين، بسبب تسميم الجاسوس السابق سيرجي سكريبال وابنته في بريطانيا عام 2018.

وأشارت "إندبندنت" إلى أن اجتماع لافروف مع وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس كان فاترًا، لكن محادثات وزير الدفاع البريطاني بن والاس مع وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، بدت أكثر عملية، حيث شددت الأطراف على الحاجة إلى الحفاظ على اتصال منتظم، للحد من خطر المواجهات العسكرية.