تصعيد متبادل بين أمريكا وإيران في سوريا... هل ينشب صراع بالوكالة بين واشنطن وطهران؟

التوترات الأخيرة، أثارت القلق من نشوب صراع بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة على الأراضي السورية، وما قد يجره ذلك من عدم استقرار إلى المنطقة.

تصعيد متبادل بين أمريكا وإيران في سوريا... هل ينشب صراع بالوكالة بين واشنطن وطهران؟

ترجمات -السياق 

متخذة من الأراضي السورية ساحة لها، كانت إيران والولايات المتحدة على موعد مع توترات تفاقمت وتيرتها خلال الساعات الماضية، من هجوم بطائرة مسيرة، إلى ضربات جوية دقيقة.

تلك التوترات، أثارت القلق من نشوب صراع بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة على الأراضي السورية، وما قد يجره ذلك من عدم استقرار إلى المنطقة.

فماذا حدث؟

استهدف، الخميس، هجوم بطائرة مسيرة، منشأة صيانة في قاعدة لقوات التحالف قرب الحسكة شمالي شرق سوريا، ما أدى إلى قتل متعاقد أمريكي، وإصابة خمسة عسكريين أمريكيين ومقاول أمريكي، في حادث رأت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنه بسبب طائرة من دون طيار «إيرانية المنشأ».

وردًا على هذا الهجوم، شنت الولايات المتحدة ضربات جوية دقيقة، أسفرت عن قتل 14 من الموالين لإيران، بحسب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي قال إنه بتوجيهات الرئيس جو بايدن، أذن لقوات القيادة المركزية الأمريكية، بشن ضربات جوية دقيقة الليلة شرقي سوريا، ضد منشآت تستخدمها مجموعات للحرس الثوري الإيراني.

في السياق نفسه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الضربات الأمريكية، طالت مواقع عدة شرقي سوريا، أبرزها مستودع أسلحة لمجموعات موالية لإيران داخل مدينة دير الزور، ما أدى إلى تدميره وقتل ستة أشخاص.

وأكد المرصد السوري، أن القصف استهدف مواقع في بادية مدينة الميادين وريف البوكمال، ما أدى الى قتل ثمانية مقاتلين موالين لطهران، مشيرًا إلى أن مجموعات موالية لطهران، متمركزة قرب مدينة الميادين، أطلقت ثلاثة صواريخ صباح الجمعة، سقط اثنان منها في حقل العمر، من دون أضرار، بينما سقط الثالث على منزل مدني، قرب الحقل الذي يضم قاعدة للقوات الأمريكية.

هل يمكن نشوب صراع بين أمريكا وإيران؟

تساؤل رد عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى كندا، قائلًا إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران، مضيفًا: «لا تخطئنّ الظنّ، الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران، لكنّها مستعدّة للعمل بقوة لحماية شعبها».

بدوره، قال فريد زكريا، المحلل السياسي، مقدم برنامج GPS بشبكة سي إن إن الأمريكية: «الوضع خطير للغاية، فإيران والولايات المتحدة تمران بأسوأ مرحلة علاقات منذ عقود».

وأضاف: كانت إيران تنصاع لحدود الاتفاق النووي، وكانت الولايات المتحدة في حوار معها، بعد ذلك انسحب ترامب من الاتفاق، لترى إيران نفسها محشورة بصندوق، فاقتصادها يُعصر وهي تبحث عن سبل لتظهر أن لها نوعًا من القدرة، وهذه القدرة بصورة كبيرة لاختلاق مشكلات، إذ تطلق مزيدًا من هذه الميليشيات، التي ليس لها سيطرة على بعضها.

وأضاف: إيران ليست لديها أي مكسب من تهدئة الأوضاع، والولايات المتحدة -بصورة مبررة- عليها الرد عندما تتعرض قواتها للتهديد، وعند جمع هذه الأمور فإن الأمر يصبح برميل بارود.

إلى ذلك، قالت صحيفة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، إن على واشنطن أن تعيد تقييم المكان الذي يمكن لجهودها أن تحدث فيه التغيير الأكثر إيجابية، والمكان الذي تكمن فيه مصالحها الوطنية الأكثر حيوية.

تذكير أخير

وأشارت إلى أن هجوم الخميس، كان تذكيرًا أخيرًا بأن الولايات المتحدة لا تزال في حالة حرب بسوريا، وأن الأمريكيين في خطر، مؤكدًا أن هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها أمريكيون في سوريا، ومن غير المرجح أن تكون الأخيرة. 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الجنود الأمريكيين لا يعانون نقص الأعداء في البلاد، فقد واجهوا هجمات منتظمة منذ وصولهم قبل أكثر من سبع سنوات، مشيرة إلى أن المهمة الرسمية لقمع «داعش» أدت إلى حجب الجهود الأمريكية لمواجهة روسيا وإيران.

مخاطر حقيقية

الأمريكيون في سوريا يواجهون مخاطر حقيقية، بحسب المعهد اليهودي للأمن القومي المتتبع للمقذوفات الإيرانية التابع لأمريكا، مشيرًا إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران استهدفت أفراد الخدمة الأمريكية، بما لا يقل عن 72 ذخيرة منذ عام 2017 (لا تشمل هجمات هذا الأسبوع)، مع أكثر من 90% من تلك الذخيرة، خلال العامين الماضيين. 

الجدير بالذكر أن هذه البيانات لا تشمل الهجمات التي شنتها الحكومة السورية ولا القوات المدعومة من روسيا، بما في ذلك مجموعة فاغنر، التي شنت هجومًا جريئًا وواسع النطاق على قرابة أربعين جنديًا أمريكيًا عام 2018 خلف ما بين 200 و300 قتيل من المهاجمين. 

الأسبوع الماضي فقط، أخبر قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بأن القوات الجوية الروسية تحلق بشكل متزايد فوق مواقع القوات الأمريكية بطريقة «استفزازية»، في سلوك حدث أيضًا على الأرض، فقد صدمت القوات الروسية القوافل الأمريكية.

ورغم تحرك بايدن لإنهاء أو تقليص «الحروب التي لا نهاية لها» للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، فإن هذه السياسة لم تمتد إلى سوريا، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه بدلاً من ذلك، فإن واشنطن ملتزمة ظاهريًا بمحاربة داعش.

مع ذلك، فإن واشنطن تدرك أن دمشق ليست معزولة كما كانت، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن التقارب الإقليمي مع سوريا على قدم وساق، ففي أعقاب الاتفاق الذي توسطت فيه الصين بين السعودية وإيران، من المتوقع أن يؤدي اتفاق السلام السعودي السوري الناشئ، إلى مزيد من التحول، في الجغرافيا السياسية بالشرق الأوسط.