ترهيب وفوضى في انتظار الانتخابات النصفية... هل تشهد أمريكا أحداث كابيتول جديدة؟
حذّرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا جينيفر ماكوي من موسم انتخابي تسوده الفوضى، قد ينجم عن دعوة ستيف بانون المبكرة لمن ينكرون الانتخابات لتسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيمها أو مراقبتها، مع ما يرافق ذلك من تضليل إعلامي يشكك في نزاهة التصويت.

السياق
فوضى وترهيب وأعمال عنف، قد تشهدها الولايات المتحدة في انتخابات "منتصف الولاية"، حسب تحذيرات محللين، بعد عزم نشطاء يمينيين مؤثرين، ممن يدعمون مزاعم دونالد ترامب بشأن التزوير الانتخابي، على تعبئة "جيش" من المراقبين لمتابعة الانتخابات.
ومن هؤلاء النشطاء شخصيات حاولت قلب نتائج انتخابات عام 2020 التي خسر فيها ترامب، على غرار مستشاره السابق ستيف بانون، وحسب وكالة الأنباء الفرنسية فإنهم يستخدمون التضليل الإعلامي سلاحًا مع ما يعرف بنزعة "إنكار الانتخابات" لتشجيع آلاف الأشخاص على التسجيل للاشتراك في العملية الانتخابية بصفة مراقبين.
التعبئة جعلت انتخابات منتصف الولاية، على مسافة أسبوعين من موعدها، أكبر اختبار للنظام الديمقراطي الأمريكي منذ تأكيد ترامب -من دون أي دليل- أن الانتخابات سُرقت منه.
وفي منصته الإلكترونية "غرفة الحرب" هذا الشهر، حث بانون جمهوره على التسجيل للمشاركة في تنظيم العملية الانتخابية، واصفًا الأمر بأنه نداء سياسي "لحمل السلاح".
وقال بانون لمستمعيه إن انتخابات منتصف الولاية "لا يمكن أن تكون مماثلة لتلك التي أجريت عام 2020".
الأسبوع الماضي، قضت محكمة أمريكية بحبس بانون أربعة أشهر، لرفضه التعاون مع تحقيق الكونغرس في عملية اقتحام مناصرين لترامب مقرّ مجلسي النواب والشيوخ في السادس من يناير 2021.
وعُلّق تنفيذ الحكم بعدما استأنفه بانون، ما مكّنه من البقاء خارج السجن بانتظار البت في الطعن.
ارتباك هائل
وحذّرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا جينيفر ماكوي من "موسم انتخابي تسوده الفوضى"، قد ينجم عن "دعوة ستيف بانون المبكرة لمن ينكرون الانتخابات لتسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيمها أو مراقبتها، مع ما يرافق ذلك من تضليل إعلامي يشكك في نزاهة التصويت".
وقالت ماكوي: "يمكن أن نشهد ارتباكًا هائلًا، إذ قد يُمنع ناخبون من التصويت، كما قد تُقدّم طعون كثيرة خلال عملية الفرز لأن هؤلاء العاملين الجدد في تنظيم الانتخابات والمراقبين الحزبيين، سيطعنون بالنتائج التي لا تعجبهم".
جيش من المواطنين
واستضاف بانون في منصته المحامية كليتا ميتشل، التي أسهمت في مساعي ترامب لقلب نتائج انتخابات عام 2020، المنشغلة حاليًا في تعبئة ما تقول إنه "جيش من المواطنين" لمراقبة الانتخابات.
وتقول المحامية إن منظّمتها "شبكة نزاهة الانتخابات" درّبت أكثر من 20 ألف شخص على العمل بصفة مراقبين للانتخابات في مختلف أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن كثيرين منهم في ولايات يتوقع أن تشهد معارك انتخابية.
وجاء في تعليق لها نشرته هذا العام أن "اليسار كان منذ أمد بعيد يتولى الفرز والتحكم بالعملية الانتخابية من دون أي إشراف من جهتنا"، مضيفة: "لقد ولّت تلك الأيام".
وحث "دليل" توجيهي نُشر في الموقع الإلكتروني للمنظمة وتم توزيعه في الحصص التدريبية، في مختلف أنحاء البلاد، المواطنين على "الحضور الدائم" في مراكز الاقتراع، ومساءلة السلطات الانتخابية والتحقق من أهلية الناخبين.
كذلك حثت الوثيقة هؤلاء على تحديد ما إذا كان المسؤولون الموجودون في مكاتب النيابة العامة "أصدقاء أم أعداء".
وكتبت المحللة في "مركز برينان للعدالة" ميكيلا بانديثاراتني: "من خلال التوجيهات المشحونة والغامضة، والترويج غير المبرر لطيف التزوير الواسع النطاق، يمكن أن يؤدي الجهد غير المسبوق الذي يبذل لتشكيل جيش من المواطنين، إلى تأثير في الناخبين وترهيب لهم وطعون جماعية بأهلية ناخبين وخروق أمنية للانتخابات وأشكال أخرى من خرق القوانين في نوفمبر".
ترهيب بالسلاح
ولم تستجب المحامية ميتشل لطلب "فرانس برس" إجراء مقابلة معها.
الأسبوع الماضي، قالت السلطات الانتخابية في ولاية أريزونا إنها "قلقة للغاية" حيال سلامة الناخبين بعدما رُصد مسلّحان يرتديان زيًا عسكريًا وهما يراقبان صندوقًا لجمع البطاقات الانتخابية المرسلة بالبريد.
ونُشر النبأ بعدما تقدّم ناخبان على الأقل في أريزونا بشكويين رسميتين بشأن تعرّضهما للترهيب، وفق ما أفادت محطة تلفزيونية محلية.
وقال المحلل في "مؤسسة هوفر" لاري دايمند، في تصريح لفرانس برس: "شتّان ما بين مراقبة التصويت بشكل محايد وبشكل يرهب الناخبين الذين قد يكون انتماؤهم الحزبي مغايرًا".
وأشار إلى أن دخول "متطرفين مؤيدين لترامب ممن ينكرون نزاهة انتخابات عام 2020 بصفة مراقبين للانتخابات بشكل من شأنه ترهيب بعض الناخبين، على سبيل المثال، ذوي البشرة السوداء أو أشخاص من دوائر ذات كثافة ناخبين ديمقراطيين، قد يشكل تهديدًا لنزاهة الانتخابات".
يبدو أن حملة تعبئة مراقبي الانتخابات المؤيدين للحزب الجمهوري مموّلة بشكل جيد.
مؤسسة ميتشل تابعة لـ"معهد الشراكة المحافظة" الموالي لترامب، الذي يفيد تقريره السنوي بأنه جمع العام الماضي 19.7 مليون دولار.
مراقبة الانتخابات
بحسب اللجنة الفدرالية للانتخابات، وهي هيئة تنظيمية، يشمل المبلغ مليون دولار منحتها لجنة العمل السياسي في منظمة سيف أمريكا التي أنشأها ترامب بعد خسارته انتخابات عام 2020 وجمعت ملايين الدولارات.
ومن المتمولين المؤيدين لترامب، الذين يحاولون تعبئة مراقبين للانتخابات، منظّر المؤمرات الانتخابية باتريك بايرن، مؤسس متجر أوفرستوك للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت.
ومن خلال منظّمته غير الربحية "أمريكا بروجكت" يسعى بايرن إلى تجنيد "مواطنين لمراقبة الانتخابات".
ومع تصاعد نزعة إنكار الانتخابات، تواجه الولايات المتحدة خطر التحوّل إلى ما تصفه المؤرخة روث بين غايت بـ"الاستبداد الانتخابي".
وقالت بين غايت الأستاذة في جامعة نيويورك، إن ترامب ومناصريه "يسعون إلى نزع صفة الشرعية عن الانتخابات".
وتابعت: "يكمن الهدف في ربط التصويت بالفساد إلى حد يقوّض في أذهان الناخبين فكرة اعتماد الانتخابات وسيلة لاختيار القادة".