تظاهرات غاضبة في ليبيا... مطالب نادرة وتفاعل الأمم المتحدة وأوروبا
تظاهرات غاضبة جابت ليبيا من شرقها إلى غربها، احتجاجًا على تردي الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، وللمطالبة بانتخابات برلمانية ورئاسية تزيح الأجسام الحالية.

السياق
تظاهرات غاضبة جابت ليبيا من شرقها إلى غربها، احتجاجًا على تردي الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، وللمطالبة بانتخابات برلمانية ورئاسية تزيح الأجسام الحالية.
تلك التظاهرات، التي حاولت حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية، أرسلت رسائل عدة إلى الأجسام الموجودة، مفادها الاتفاق أو التنحي.
في العاصمة طرابلس نظم تيار بالتريس الشبابي وبعض المحتجين، تظاهرة في ميدان الشهداء، طالبوا فيها بسرعة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
كما طالب تيار بالتريس، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، بتفويض المجلس الرئاسي أو المجلس الأعلى للقضاء، لحل الأجسام السياسية والتنفيذية الحالية ( مجلسي النواب والأعلى للدولة، والحكومتين)، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.
مطالب سياسية واقتصادية
ولم تكن مطالب المتظاهرين سياسية فحسب، بل إنهم طالبوا بحل أزمة الكهرباء، وإلغاء مقرر مقترح حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية برفع الدعم عن الوقود، وتحديد سعر الخبز.
وفي محاولة من حكومة الدبيبة منتهية الولاية لإخماد جذوة التظاهرات، أطلقت مليشيات تابعة لها، الرصاص على المتظاهرين لتفريقهم من طريق السكة بطرابلس، إلا أن إدارة الإعلام والاتصال الحكومي بالحكومة المقالة نفت صلتها بمن أطلقوا النار صوب المتظاهرين.
ومن طرابلس إلى مصراتة غربي ليبيا، كان البلد الإفريقي على موعد مع احتجاجات غاضبة، ضد تردي الأوضاع المعيشية، بينما رفع المتظاهرون راية اللاءات الثلاث: لا للأجسام السياسية الحالية الموجودة بالسلطة، ولا لتأجيل الانتخابات، ولا لاستمرار الأوضاع الحالية.
المطالب نفسها حملها المتظاهرون الذين خرجوا من مدينة طبرق، شرقي ليبيا، منددين بالأوضاع الحالية، التي لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حلحلتها.
وطالب المتظاهرون الذين أضرموا النيران في مبنى مجلس النواب بطبرق، بحل البرلمان وإجراء الانتخابات، محملين الأجسام السياسية مسؤولية تردي الأوضاع.
وأعلن المتظاهرون، الذين قُدروا بالعشرات، تفويض المجلس الرئاسي لهذه الخطوة والإشراف على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الجاري، وفق قاعدة دستورية يتفق عليها الجميع.
البرلمان يتدخل
وبعد أن أضرم المتظاهرون النار في المجلس، قال المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان فتحي المريمي، إن مجلس النواب بإمكانه عقد جلساته في أي مدينة ليبية، مشيرًا إلى أنه لديه قاعات عدة، من الممكن استعمالها في طبرق، لكنه ضد التخريب وأعمال العنف والخروج عن القانون.
وتعليقًا على التظاهرات، قال مستشار البرلمان، إن الحرس القائمين على حماية مقر النواب تحلوا بالصبر وضبط النفس ولم يقابلوا المحتجين بالعنف، إيمانًا منهم بحقهم في التظاهر وتحسين الأوضاع المعيشة وإجراء الانتخابات.
وأشار إلى أن مدراء الإدارات في مجلس النواب يحتفظون بنسخ إلكترونية لأعمالهم داخل البرلمان، خشية الحرق والتخريب والعبث بما هو موجود، مؤكدًا أن عددًا من المدن -منها طبرق ودرنة والبيضاء- تستعد لإلقاء بيانات تؤكد فيها أنها ضد ما حدث من تخريب وعبث.
الجنوب الليبي لم يكن بعيدًا عن ذلك الحراك، فمدينة سبها شهدت خروج مواطنين إلى ساحة الاستقلال للاحتجاج على الأوضاع الحالية، مطالبين بإجراء الانتخابات وإسقاط الأجسام السياسية.
وفي مدينة بني وليد، أشعل متظاهرون النار في إطارات السيارات أمام مقر المجلس البلدي، مطالبين بإنهاء المراحل الانتقالية وإسقاط الأجسام السياسية والحكومات، التي تسببت في تردي الأوضاع المعيشية.
حكومة الدبيبة تتحايل
تلك التظاهرات حاولت كل الأطراف الدخول على خطها، لتحقيق مكاسب، فعبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة منتهية الولاية، قال عبر «تويتر»، إنه يؤيد التظاهرات التي اندلعت في عموم البلاد، والاحتجاجات على جميع الأجسام ومطالبتها بالرحيل بما فيها الحكومة.
ورغم أن رئيس الحكومة منتهية الولاية أيد تلك الاحتجاجات، فإنه قال: لا سبيل لإزاحة تلك الأجسام، إلا عبر الانتخابات، مؤكدًا أن الأطراف المعرقلة للانتخابات يعلمها الشعب الليبي، ونفسها التي عرقلت الميزانيات وأغلقت النفط، الذي أسهم في تفاقم الأزمة المعيشية، متجاهلًا أن حكومته هي التي أوصلت البلد الإفريقي إلى الانسداد السياسي.
"الرئاسي" يتدخل
ومن حكومة الدبيبة إلى المجلس الرئاسي، تفاعل الأخير مع التظاهرات الأخيرة وما صاحبها من أعمال عنف، قائلًا إنه سيكون في حالة انعقاد دائم، حتى تتحقق إرادة الليبيين في التغيير، وإنتاج سلطة منتخبة يرضى عنها الليبيون.
وأكد المجلس الرئاسي -في بيان مقتضب- أنه لن يخيب آمال الليبيين، وإرادة المواطنين بالعيش في دولة تنعم بالأمن والاستقرار.
تلك الأحداث أثارت إدانات محلية ودولية، فالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، أكدت أنه ينبغي احترام وحماية حق الشعب في الاحتجاج السلمي.
وأوضحت المبعوثة الأممية، أن أعمال الشغب والتخريب، كاقتحام مقر مجلس النواب في طبرق، غير مقبولة على الإطلاق، مشيرة إلى أنه من الضروري الحفاظ على الهدوء وتعامل القيادة الليبية بمسؤولية مع الاحتجاجات وممارسة الجميع لضبط النفس.
بدوره، علق سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا خوسيه ساباديل، على الاحتجاجات الأخيرة في ليبيا، قائلًا إن الليبيين يريدون التغيير من خلال الانتخابات، مؤكدًا أنه يجب سماع أصواتهم، لكن يجب أن تتم الاحتجاجات بشكل سلمي.
وطالب الدبلوماسي الأوروبي، بتجنُّب العنف، وضبط النفس، خصوصًا في ضوء الوضع الهش.