كواليس صفقة تركيا مع فنلندا والسويد... عضوية الناتو مقابل قطع الإمدادات
تخلت تركيا عن معارضتها لقبول دول الشمال بالحلف، منهية حق النقض الذي دام ستة أسابيع، في ما يتعلق بمخاوف الإرهاب

السياق
خطوة جديدة تمهد الطريق أمام فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف الناتو، بعد أن تخلت تركيا عن معارضتها لقبول دول الشمال بالحلف، منهية حق النقض الذي دام ستة أسابيع، في ما يتعلق بمخاوف الإرهاب.
فعشية القمة السنوية لحلف الناتو في مدريد، وقَّعت الدول الثلاث (فنلندا والسويد وتركيا) مذكرة مشتركة بعد ساعات من محادثات الثلاثاء، أنهت نزاعًا ألقى بظلاله على حدث وُصف بأنه إظهار للوحدة ضد روسيا، ودعم لأوكرانيا وتجديد لمنهج المفهوم الاستراتيجي للحلف، للدفاع عن حلفائه في أوروبا الشرقية.
وقال رئيس فنلندا سولي نينيستو: «وقَّع وزراء خارجيتنا مذكرة ثلاثية تؤكد أن تركيا ستدعم -في قمة مدريد هذا الأسبوع- دعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى عضوية الناتو»، مشيرًا إلى أن الخطوات الملموسة لانضمامنا إلى الحلف سيتم الاتفاق عليها من قبل حلفاء الناتو خلال اليومين المقبلين، لكن هذا القرار وشيك.
وقف الدعم
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز، عن أحد المسؤولين الأتراك قوله، إن دول الشمال وافقت على عدم تقديم الدعم للميليشيات الكردية في سوريا، التي تعدها أنقرة إرهابية، وهي خطوة سيعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أنها فوز سياسي في تركيا، في الفترة التي تسبق الانتخابات التي يجب أن تكون ضرورية.
وقال المسؤول، إن فنلندا والسويد اتفقتا أيضًا على وقف الدعم لحركة غولن، وهي طائفة تتهمها تركيا بتدبير محاولة انقلاب عنيفة عام 2016.
وركزت محادثات اللحظة الأخيرة بين نينيستو وأردوغان ورئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون ورئيس "الناتو" ينس ستولتنبرغ، على إيجاد صفقة لتهدئة مخاوف تركيا من أن دول الشمال كانت متساهلة للغاية مع الجماعات المتطرفة، بحسب «فايننشال تايمز».
وتؤكد المذكرة المشتركة -الموقعة بين البلدان الثلاثة- التزام فنلندا والسويد وتركيا بتقديم دعمها ضد التهديدات التي يتعرض لها أمن بعضها، بينما قال نينيستو إن انضمامنا إلى حلفاء الناتو يعزز هذا الالتزام.
"الناتو" يتدخل
وبينما قال رئيس حلف الناتو ستولتنبرغ إن الاتفاقية «تعالج مخاوف تركيا، بما في ذلك صادرات الأسلحة ومكافحة الإرهاب»، أكدت وزارة الخارجية التركية أن نائب وزير الخارجية السويدي روبرت ريدبيرج سيتوجه إلى أنقرة –الأربعاء- لإجراء محادثات شاملة.
وفي حديثه قبل الاجتماع مع نظيريه السويدي والفنلندي، حذر أردوغان من أنه يريد رؤية النتائج، وليس «كلامًا فارغًا».
بداية القصة
تقدمت فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى الحلف في مايو الماضي، ردًا على العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا، وهي خطوة قال مسؤولو "الناتو" إنها ستتم الموافقة عليها -على الأرجح- في غضون أسابيع.
لكن تركيا - في "الناتو" منذ عام 1952- استخدمت حق النقض ضد طلب البلدين، مدعية أن دول الشمال لم تكن صارمة بما فيه الكفاية بشأن الجماعات التابعة لحزب العمال الكردستاني، التي قاتلت الدولة التركية لعقود من الزمن، وصنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
كما اعترضت أنقرة على دعمهم لأكراد سوريين لهم صلات وثيقة بحزب العمال الكردستاني، كانوا العمود الفقري للحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد «داعش».
وتحدث أردوغان -عبر الهاتف- مع الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل مغادرته إلى مدريد. ومن المتوقع أن يعقد الزعيمان اجتماعًا وجهًا لوجه على هامش القمة.
ورحب بايدن -في بيان الثلاثاء- بالاتفاق بين تركيا وفنلندا والسويد، قائلًا إنه يمهد الطريق لقوى "الناتو" لدعوة الثنائي الاسكندنافي للانضمام إلى الحلف في قمة مدريد.
أمن "الناتو"
وقال بايدن، إن عضوية فنلندا والسويد ستعزز الأمن الجماعي لــ "الناتو" وستفيد التحالف عبر الأطلسي، مشيرًا إلى أنه يتطلع إلى العمل مع الأمين العام للحلف ستولتنبرغ والحلفاء والكونغرس، «لضمان أن نتمكن من الترحيب بهم بسرعة في تحالفنا».
ويعتقد بعض المسؤولين الغربيين أن الرئيس التركي سعى إلى استغلال قضية عضوية السويد وفنلندا في "الناتو" لتأمين التزامات من واشنطن، لا سيما في ما يتعلق بدفع أنقرة لشراء طائرات مقاتلة أمريكية جديدة من طراز F-16، إضافة إلى مجموعات التحديث الحالية للطائرات، بحسب «فايننشال تايمز».
إلا أنه بينما أشارت إدارة بايدن إلى دعمها لعملية البيع، قال مسؤولون أمريكيون إن الكونغرس بحاجة إلى توقيع الصفقة، مؤكدين أن اعتراضات تركيا الصاخبة على قبول السويد وفنلندا لم تساعد قضيتها في مبنى الكابيتول هيل المتشكك بالفعل.
وقال أردوغان –الثلاثاء- إن أنقرة تريد إحراز تقدم أسرع في طلبها لطائرات F-16، متهمًا الولايات المتحدة بـ«المماطلة في الإجراءات».
نقطة شائكة
بينما قالت تركيا إنها حصلت على ما تريده في الاتفاق، بما في ذلك التعاون في «تسليم المجرمين الإرهابيين»، أكد مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية أن هناك نقطة شائكة ما زالت عالقة.
ذلك التطور قالت عنه «سي إن إن»، إنه مهما كان الخلاف، فإن القادة صاغوا النتيجة على أنها انتصار، فبعد أكثر من أربعة أشهر على الحرب الروسية في أوكرانيا، يستعد "الناتو" لاستقبال عضوين جديدين.
بدوره كتب بايدن في «تويتر»: «أهنئ فنلندا والسويد وتركيا على توقيع مذكرة ثلاثية، وهي خطوة حاسمة نحو دعوة (الناتو) إلى فنلندا والسويد، ما يعزز تحالفنا وأمننا الجماعي، وطريقة رائعة لبدء القمة».