ضربة جديدة لإخوان تونس... هل اقتربت محاسبة الغنوشي على جرائم العشرية السوداء؟

التحقيقات في محاكمة راشد الغنوشي وقيادات حركة النهضة، وصلت مرحلة لا يمكن التراجع عنها

ضربة جديدة لإخوان تونس... هل اقتربت محاسبة الغنوشي على جرائم العشرية السوداء؟
راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية

السياق

محاكمة القادة وفتح ملفات «العشرية السوداء»، ضربة جديدة لتنظيم الإخوان في تونس، الذي يترنح، إثر الهزائم المتوالية التي مُني بها في البلد الإفريقي.

فمن «الجهاز السري» الذي تورَّط في عمليات الاغتيالات السياسية  بتونس خلال العشرية الأخيرة، مرورًا بتسفير الشباب التونسي إلى مناطق الصراعات، وتلقي حركة النهضة تمويلات مشبوهة، إلى توريط البلاد في فوضى وأزمات اقتصادية واجتماعية، ملفات عدة فتحتها الدولة التونسية، في إطار محاكمة التنظيم الإرهابي وقادته، وسط توقعات بحظر حركة النهضة الإخوانية.

وأحالت النيابة العامة التونسية -قبل أيام- نجل راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس، إلى التحقيق في تهم تتعلق بتمويل الإرهاب، مستندة إلى التحقيقات التي أثبتت ضلوعه في جرائم تتعلق بتبييض وغسل الأموال والاشتباه في تمويل أشخاص أو تنظيمات مرتبطة بالإرهاب.

وبينما تعهد قاضي التحقيق في قضية الغنوشي الابن، بفتح التحقيق أيضًا ضد مسؤولين سابقين وحاليين من جمعية «نماء تونس» الخيرية، بدأ استجواب الموقوفين في القضية التي تضم أكثر من ثلاثين شخصًا من التنظيم الإرهابي.

ولم يكن الغنوشي الابن وحده وبعض قادة التنظيم الإرهابي مَنْ يقفون خلف أسوار الاتهامات، في انتظار مصيرهم المحتوم على جرائمهم، بل إن راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، يواجه –كذلك- 18 اتهامًا بينها الانضمام إلى تنظيم إرهابي، بحسب عبدالناصر العويني المحامي التونسي، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، في تصريحات لـ«السياق».

نقطة اللاعودة

إلى ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار حاجبي، في تصريحات لـ«السياق»، إن التحقيقات في محاكمة راشد الغنوشي وقيادات حركة النهضة، وصلت مرحلة لا يمكن التراجع عنها، متوقعًا كشف خفايا التهم المنسوبة إليهم.

 وأوضح حاجبي، أن هذه التحقيقات استندت إلى إمكانية ضلوع سياسيين من الصف الأول في أعمال خطرة، من شأنها تهديد الأمن الوطني وهز استقرار البلاد.

كان سيف الكبسي، محامي المستشار السابق لرئاسة الحكومة، القيادي في حركة النهضة عادل الدعداع، قال -في تصريحات صحفية- إن موكله كان محلّ 3 تحقيقات: قضية تتعلق بصلة بمنظمة يشتبه في ضلوعها في الإرهاب، وقضية تتعلق بملف «انستالينغو» وقضية ثالثة تتعلق بجمعية «نماء».

ورغم أنه أكد أن عادل الدعداع كشف معلومات وبيانات حساسة، يمكن أن توجه اتهامات لقادة النهضة وتعرِّض حياة موكله للخطر، قال إن التحقيق أظهر عدم وجود صلة بين موكله والجمعية المشتبه في كونها منظمة إرهابية.

الجهاز السري

من جانبه، أكد أيمن الزمالي، الكاتب والمحلل السياسي التونسي في تصريحات لـ«السياق»، أن الملفات التي يشتبه في تورط حركة النهضة فيها كثيرة، بينها «الجهاز السري» وكشف تورطه في عمليات الاغتيالات السياسية بتونس خلال العشرية الأخيرة.

الزمالي أكد أن حركة النهضة مسؤولة عن تسهيل سفر الشباب التونسي الى مناطق الصراعات مثل سوريا والعراق، إضافة إلى شبهات في تلقيها تمويلات مشبوهة، أنفقت في سياقات انتخابية، وأخرى تتعلق بتمويل الإرهاب، وهو اتهام له أدلته التي توصلت إليها تحقيقات القضاء التونسي.

المحلل السياسي التونسي أشار إلى أن كشف دور حركة النهضة الإخوانية، في توريط البلاد بفوضى وأزمات اقتصادية واجتماعية مازالت تعانيها تونس حتى اليوم، ليس بالأمر السهل.

وأكد أن حركة النهضة الإخوانية، أحكمت قبضتها على مفاصل الدولة التونسية، وتغلغلت في المواقع والقطاعات الحساسة على غرار القضاء، ما يجعل الوصول إلى الأدلة التي تدينها صعبًا.

وأوضح المحلل التونسي، أن بعض القضاة، أكدوا تورط قضاة نافذين طوال السنوات العشر الأخيرة، في إعدام الملفات أو وضعها على الرفوف، خصوصًا تلك المتعلقة بالإرهاب وأيضًا بحركة النهضة وقيادتها، على رأسهم راشد الغنوشي، مشيرًا إلى أن ذلك الملف الأكثر حساسية، الذي تعمل سلطة ما بعد 25 يوليو في تونس على حله، وفك ارتباط حركة الإخوان بمفاصل الدولة وقطاعاتها الحيوية، بما في ذلك السلطة القضائية.

تلك الجهود التونسية في محاصرة الإخوان، التي وصفها بـ«الملموسة» رغم بطئها، قال عنها المحلل السياسي التونسي، إنها تؤكد استعادة الدولة التونسية لعافيتها، ومساعيها الحثيثة لفك الارتباط مع محاولات تدجين أجهزتها.

وأشار إلى أن تلك الجهود بدت واضحة في محاولات تصحيح مسار القضاء التونسي، وتطوير التشريعات، خاصة تلك التي كانت خلال العشرية الأخيرة، أبرزها العمل على وضع دستور جديد ونظام سياسي جديد وقانون انتخابي جديد، ستسهم في كشف الجرائم المرتكبة بحق الشعب التونسي ودولته خلال العشرية الأخيرة.

افتقاد الشجاعة

رغم ذلك، فإن محمد بوعود، الباحث والمحلل السياسي التونسي أكد في تصريحات لـ«السياق» أن محاكمة الغنوشي بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية، مرحلة من الشجاعة لم يصل إليها القضاء التونسي.

وأوضح المحلل التونسي، أنه رغم قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، الرامية لتطهير القضاء، التي بموجبها أطاح سبعة وخمسين قاضيًا، وأبعد الإخوان عن الحكم، فإن المحاكمات لا تبدو قريبة في الوقت الحالي.

وعن سبب تأخر النظر في تلك القضايا، قال بوعود، إن القضاء لم ينظر هذه القضية، لأن الغنوشي وحزبه كانوا يسيطرون على المشهدين السياسي والقضائي، مشيرًا إلى أن التنظيم متورط في قضايا عدة، بينها التمويل الأجنبي في ما يعرف بعقود «اللوبيينج»، التي حاول من خلالها الفوز بمقاعد في البرلمان.