الاتفاق النووي... سيناريوهات المفاوضات وخيارات أمريكا لإبرام الصفقة المعقدة
مع فشل المفاوضات النووية الإيرانية، التي عُقدت الأيام الماضية، في التوصل إلى أي اختراق جديد، كثرت التساؤلات عن الخطوة التالية، خاصة أن طهران على مقربة من امتلاك قنبلة ذرية.

ترجمات – السياق
مع فشل المفاوضات النووية الإيرانية، التي عُقدت الأيام الماضية، في التوصل إلى أي اختراق جديد، كثرت التساؤلات عن الخطوة التالية، خاصة أن طهران على مقربة من امتلاك قنبلة ذرية.
تلك التساؤلات أجابت عنها وكالة بلومبرغ، في تقرير ترجمته «السياق»، رجحت فيه استئناف الجهود التي تتم بوساطة أوروبية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة هذا الشهر، خاصة عقب فشل جولة المحادثات المكثفة قبل أيام، في حل الخلافات.
وقال دبلوماسيان أوروبيان مطلعان على مفاوضات هذا الأسبوع، إنه في حين أن المحادثات لم تتقدم، من المتوقع أن تستمر الجهود لإحياء الاتفاق إلى ما بعد الموعد النهائي في يوليو الجاري، الذي اقترحته الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
بينما قال ثالث مطلع على المحادثات، إن الجهود قد تستأنف بعد زيارة بايدن، مشيرًا إلى أنه بينما ركزت المحادثات على عقوبات النفط، فإن المجالات الأخرى قيد المناقشة، أبرزها: وصول إيران إلى الأموال المحظورة في كوريا الجنوبية، والعقوبات على شركات الطيران، ورفع عقوبات العمليات التجارية عن مليشيات الحرس الثوري.
وقال المصدر، الذي تحدث بشرط عدم كشف هويته لحساسية الأمر، إنه من غير المرجح أن يتم الاتفاق على هذا الأخير (رفع العقوبات عن الحرس الثوري)، إلا أن النقاط الأخرى قابلة للتحقق.
نافذة ضيقة
وعرض اتفاق 2015 تخفيف العقوبات على إيران، بما في ذلك صادرات النفط، مقابل قيود على أنشطة التخصيب وعمليات التفتيش التدخلية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وانسحب دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018 وأعاد فرض العقوبات، إلا أنه بينما سعى الرئيس جو بايدن -منذ أكثر من عام- لإحياء الاتفاق، كانت إيران قد وسّعت نطاق أنشطتها النووية بسرعة، مع تقليص الرقابة الدولية -بشكل مطرد- خلال المفاوضات.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية -باجتماعها الأخير في 9 يونيو الماضي، إن مفتشيها لن يعودوا قادرين على التحقق من الأنشطة النووية الإيرانية، المسموح بها بموجب الاتفاق، حال عدم التوصل إلى تسوية دبلوماسية في غضون شهر، ما يضبط عقارب الساعة على المحادثات.
وقال المسؤولون الأمريكيون -مرارًا وتكرارًا- إن نافذة الاتفاق ضيقة، لأن الوتيرة المتسارعة للعمل النووي الإيراني، تهدد بجعل شروط الصفقة الأصلية عفا عليها الزمن.
وأكد فريق التفاوض الإيراني –مجددًا- التذمر من انتقادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لعدم تعاون إيران مع المراقبين، وفقًا لأحد الدبلوماسيين الأوروبيين.
وقال الدبلوماسي الأوروبي الآخر إنه بينما يمكن لمحققي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الإبلاغ بدرجة عالية من اليقين بأن إيران لا تقوم بتحويل أي من موادها النووية المعلنة، فإن هناك اقتناعًا أقل بما يحدث داخل ورش أجهزة الطرد المركزي في البلاد.
ويشعر بعض المراقبين بالقلق من أن إيران يمكن أن تتحوط ضد الجمود الدبلوماسي، عن طريق إخفاء قدرة تخصيب اليورانيوم في موقع غير معلن، بحسب «بلومبرغ»، التي قالت إن من المحتمل البحث عن حل وسط حتى الربع الثالث على الأقل، وهي الفترة التي ستجري الولايات المتحدة فيها انتخابات للكونجرس، ما قد يضعف موقف بايدن.
تهديد معاهدة عدم الانتشار
ويعقد اجتماع رئيس لأعضاء معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية -الشهر المقبل- في نيويورك، وقد هددت إيران بالانسحاب من تلك الصفقة الأساسية، التي تحد من انتشار الأسلحة النووية -مقابل الوصول إلى التقنيات الذرية- في حال فشل المحادثات، ما أدى إلى إعادة الدولة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لفرض مزيد من العقوبات.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير اللهيان -في بيان الخميس- إن بلاده لا تزال مصممة على مواصلة المفاوضات «حتى التوصل إلى اتفاق يقوم على الواقعية»، وبينما رفض المسؤولون الغربيون كلمات إيران، إلا أنهم ليسوا مستعدين لإغلاق باب المحادثات.
وكتب الباحثان الإيرانيان فالي نصر وماريا فانتابي –الجمعة- في المجلة الأمريكية فورين أفيرز: «يجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تحدد استراتيجية لاستقرار الشرق الأوسط، لا تقوم فقط على الاحتواء والمواجهة مع إيران، أو تأمين خفض قصير الأجل لأسعار النفط».
من جانبها، قالت "فورين أفيرز" إن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو الجاري إلى الشرق الأوسط، تأتي في لحظة حساسة، مشيرة إلى أن هناك محاولة جارية لإحياء المحادثات المتوقفة بين الولايات المتحدة وإيران، لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي الصفقة التي تهدف إلى منع يران من تطوير سلاح نووي.
إلا أنها قالت إن إسرائيل وعدت -منذ فترة طويلة- بأنها لن تتسامح مع إيران مسلحة نوويًا، مشيرة إلى أن تل أبيب تعمل خارج المؤسسات المتعددة الأطراف لتحقيق هذا الهدف.
وفي سبيل تحقيقها هذا الهدف، اغتالت إسرائيل علماء ومسؤولين عسكريين إيرانيين، وشنت هجمات جوية على أهداف إيرانية في سوريا، ووسعت قدراتها الهجومية، استعدادًا لهجمات جديدة على المواقع النووية والمنشآت العسكرية الإيرانية.
وبدعم أمريكي، يسعى الإسرائيليون أيضًا إلى تنظيم عدد من الدول العربية في تحالف عسكري ضد إيران، وفقًا لـ "وول ستريت جورنال"، التي قالت إن الولايات المتحدة عقدت اجتماعاً في مارس الماضي مع مسؤولين أمنيين من مصر وإسرائيل والأردن وقطر والبحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لدمج تبادل المعلومات الاستخبارية وأنظمة الدفاع الجوي للقتال.
خطة إسرائيل
تقول «فورين أفيرز»، إنه بينما تعمل إدارة بايدن على إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تعدها أفضل طريقة للسيطرة على برنامج إيران النووي، إلا أنها تبدو مستعدة لتبني نهج إسرائيل الحالي لاحتواء إيران، ما يستلزم المزيد من تشديد الخناق الاقتصادي حول عنق إيران، من خلال إجبارها على الخروج من سوق النفط.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن تلك الرؤية تعني أن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل في تنفيذ هجمات داخل إيران، وفي جهودها لنسج تحالف من الدول العربية.
إلى الأمام
بحسب «فورين أفيرز»، فإن المشاركة الأمريكية ستكون في الأسابيع المقبلة حاسمة، لمنع حرب الظل بين إيران وإسرائيل، من الخروج عن السيطرة، محذرة من أن الهجمات المتصاعدة من إسرائيل والوكلاء الإيرانيين، يمكن أن تؤدي إلى مواجهة أكبر، ما يؤجج التوترات من بلاد الشام إلى شبه الجزيرة العربية، وقد يطيل أمد الأزمات السياسية في العراق ولبنان.
وأشارت إلى أنه يجب على إدارة بايدن وضع خطوط حمراء مع الحكومة الإسرائيلية، والإصرار على حدود الهجمات الاستفزازية، مؤكدة أنه يجب –كذلك- على الولايات المتحدة وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية استقرار الشرق الأوسط، لا تقوم فقط على الاحتواء والمواجهة مع إيران، أو تأمين خفض قصير الأجل لأسعار النفط.
ورغم أن الصحيفة الأمريكية، قالت إن الطريقة الأكثر فعالية لذلك إبرام صفقة نووية جديدة مع إيران، فإنها قالت إن الصفقة لن تحقق ما يكفي لإرضاء إسرائيل، ولن توقف أنشطة الحرس الثوري الإيراني ووكلاءه في المنطقة.
ومع ذلك، فإنها ستبقى على موقفها من برنامج إيران النووي، بطريقة تجعل التحرك الإسرائيلي العاجل غير ضروري.