حاخام أمريكي: في أعقاب الاتفاق الإبراهيمي... ازدهار العلاقات السعودية الإسرائيلية

روى الحاخام اليهودي الأمريكي، رابي ماير ماي، المدير التنفيذي لمركز سيمون ويزنتال، تفاصيل زيارته إلى السعودية

حاخام أمريكي: في أعقاب الاتفاق الإبراهيمي... ازدهار العلاقات السعودية الإسرائيلية

ترجمات - السياق

قبل نحو عامين، فوجئ العالم بتوقيع إسرائيل وعدد من الدول العربية الاتفاق الإبراهيمي، وهو ما فتح الباب على مصراعيه نحو التساؤل عن إمكانية انضمام المملكة العربية السعودية إلى هذا الاتفاق.

ورغم عدم إعلان ذلك رسميًا، فإن حاخامًا أمريكيًا سلَّط الضوء على ما سماه "ازدهار العلاقة بين السعودية وإسرائيل خلال الفترة الأخيرة".

وروى الحاخام اليهودي الأمريكي، رابي ماير ماي، المدير التنفيذي لمركز سيمون ويزنتال، في مقال بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، كيف أنه كان يستبعد تمامًا فكرة زيارة السعودية، إلا أنه مؤخرًا حدث عكس ما كان يتصور، قائلًا: "لنكن صادقين، زيارة المملكة العربية السعودية لم تكن على رأس قائمة الأشياء التي أتصورها".

وأضاف أنه -كحاخام أمريكي- ليس لديه أي مشكلة في التعامل مع العرب.

 

موقف مختلف

الحاخام الأمريكي، كشف أنه غيَّـر رأيه بخصوص السعودية، بعد أن اغتنم الفرصة للانضمام إلى وفد رفيع المستوى، في أول زيارة للمملكة مع الممثل الأمريكي الخاص السابق للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، وعدد من قيادات اتحاد (يو جي إيه) في نيويورك -وهو اتحاد الأعمال الخيرية اليهودية في نيويورك- واثنين من الحاخامات البارزين فيها.

وأوضح أن أحد المستثمرين المشهورين في الأسهم -الذي يدرس معه- قال له ذات يوم بشكل عابر: "إذا كنت تعتقد أن ما يحدث في الخليج أمر مثير، فقط انتظر حتى ترى ما يحدث في السعودية".

وأشار إلى أنه في وقت لاحق، دعاه إيلي إبستين -أحد مؤسسي منظمة رؤى أبراهام (في أوه إيه)- التي تدعو لتطوير وتحسين العلاقات بين الأديان، للانضمام إلى هذه المهمة، أي زيارة السعودية.

وأوضح ماي أن كلا الرجلين، المستثمر الشهير، وإبستين -الذي رأى إمكانية العلاقات الدافئة بين المسلمين واليهود قبل ثلاثة عقود، والذي قدمه لأول مرة إلى الإمارات العربية المتحدة- جعلاه يحلم بإمكانات وصداقات جديدة مع المملكة العربية السعودية.

 

هنا الرياض

وأوضح ماي أنه بمجرد وصوله إلى العاصمة السعودية الرياض، حظي باحتفاء رائع من المضيفين في رابطة العالم الإسلامي، وأشار إلى أنه تفتحت عيناه على فرص مثيرة ومذهلة، لبناء علاقة ثنائية مع المملكة العربية السعودية الجديدة وشعبها.

وقال إن الرؤية الجديدة للمملكة (رؤية 2030)، التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، تُعد إطارًا استراتيجيًا للمضي قدمًا بالسعودية بسرعة، من خلال بناء مجتمع نابض بالحياة، يقوم على أساس المبادئ الإسلامية المعتدلة، موضحًا أن هذه الرؤية تم التعبير عنها في الاجتماعات التي شارك فيها خلال وجوده بالرياض.

وكشف الحاخام الأمريكي، أنه تم عقد اجتماعات مع الجهات الحكومية المسؤولة عن تحديد ومكافحة التطرف والجماعات المتطرفة، ومع كبار الشخصيات في وزارتي الدفاع والخارجية، واصفًا الاستقبالات بأنها كانت (كريمة ودافئة).

وقال: "لقد بذل نظراؤنا قصارى جهدهم للتعبير عن تقديرهم لزيارتنا التاريخية، وفي كل اجتماع، تم الترحيب بي لارتداء الكيباه علانية"، وهي غطاء رأس صغير ومستدير الشكل، يرتديه اليهود الأرثوذكسيون.

وأشاد بتعامل فريق السفارة السعودية الذين رافقوا البعثة، واصفًا إياهم بأنهم كانوا (منفتحين وصادقين)، أثناء مرافقتهم لزيارة بعض النماذج المذهلة للمدن المخطط لها بتكلفة تصل إلى تريليون دولار، مثل نيوم، والآثار التاريخية في العلا.

 

نتائج الزيارة

وعما اكتسبه الفريق من زيارته إلى السعودية، أوضح ماي أنه لاحظ تحولًا شديدًا في ثقافة السعوديين، وباتوا يشاركون بقوة في محاربة الأيديولوجية المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المنتديات العامة.

وبيّن أن الحكومة أيضًا من جانبها، تكثف تركيزها على تطوير الفرص لشبابها وجيلها الجديد الناشئ من القادة، مشيرًا إلى أن العديد من المشاركين في الاجتماعات كانوا شبابًا وطموحين ومفكرين مبتكرين.

وأضاف: "كما رأينا النساء يعاملن على قدم المساواة وباحترام، ويجلسن جنبًا إلى جنب مع نظرائهن الرجال"، متابعًا: "كما خدمنا موظفو الفندق بحرارة، رجالا ونساءً" ، لافتًا إلى أنه ربما كانوا لأول مرة يشاهدون مجموعة تؤدي الصلاة اليهودية.

 

هل ينضم السعوديون إلى اتفاقيات إبراهيم؟

وعن إمكانية انضمام السعودية إلى اتفاقيات إبراهيم، قال ماي: "كان هذا خارج نطاق زيارتنا الأولى، إلا أنه من المرجح أن ينضم كبار المسؤولين في وزارة الخارجية السعودية، الذين التقيناهم، إلى الاجتماع المقبل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في الرياض لبحث الأمر".

يذكر أن بايدن سيزور الرياض هذا الشهر، في جولة تتضمن إسرائيل وتركيا.

وبيّن الحاخام الأمريكي، أن المسؤولين في وزارة الخارجية السعودية، أوضحوا لهم العديد من العوامل الجيوسياسية التي يجب أن تكون في مكانها أولاً -قبل أي خطوة رسمية نحو الانضمام لاتفاقيات إبراهيم- وكيف تظل السعودية الحصن الذي يعيق الجهات الفاعلة المتطرفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط من أي تحركات متهورة.

وأضاف: "مهما كان الأمر، تبدو العلاقات الثنائية مع إسرائيل حتمية وربما تحدث في الكواليس، مثل اجتماع مارس السري الذي حضره رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال أفيف كوخافي وكبار القادة العسكريين العرب، بمن في ذلك رئيس هيئة الأركان في المملكة العربية السعودية المشير فياض الرويلي في شرم الشيخ، لبحث مواجهة التهديدات الإقليمية المتصاعدة التي تشكلها إيران".

واستطرد: "من جميع الانطباعات، فإن السعودية الجديدة، مثل جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، ترحب بحماسة بالفرص الاقتصادية والتكنولوجية التي ستتبع تحالفًا رسميًا أو غير رسمي مع إسرائيل".

وأنهى مقاله: "دائمًا ما تتغير رمال الصحراء العربية، رأيناهم يتحولون ببطء أمام أعيننا، وقد تشرفت أنا وزملائي المسافرين بأن نكون جزءًا من الرياح المتغيرة والرمال المتحركة لهذا الحوار الأولي بين القيادة السعودية واليهودية".