صراع عروش أم استعداد لإسرائيل.. هل ينجح صائد الجواسيس في إنقاذ إيران؟

النظام الإيراني قرر تعيين كاظمي رئيسًا لدائرة الحرس الثوري الإيراني، في محاولة لإبعاد رجال مجتبي خامئني، نجل المرشد علي خامئني، والمرشح أن يكون خليفة لوالده.

صراع عروش أم استعداد لإسرائيل.. هل ينجح صائد الجواسيس في إنقاذ إيران؟

السياق

مع تصاعد حرب الظل بين إيران وإسرائيل، التي حققت فيها تل أبيب اختراقات أمنية وُصفت بـ«المهمة» داخل طهران، أسفرت عن قتل بارزين، بدأ النظام الإيراني يأخذ خطوات لرد كبريائه، الذي انكسر على صخرة إسرائيل.

ورغم أن إسرائيل أطلقت تحذيرات عدة لمواطنيها في عدد من البلدان أبرزها تركيا، ناشدتهم فيها العودة تحسبًا لأية عمليات أمنية قد تشنها إيران ضدهم، يبدو أن خطوات طهران كانت في الاتجاه المعاكس، إذ بدأت بمعالجة الخلل الذي بدا واضحًا في نظامها الأمني المترنح.

إحدى تلك الخطوات، التي كانت مفاجئة بشكل كبير، تمثلت في إطاحة رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسن طائب، وتعيين محمد كاظمي بدلًا منه.

ذلك القرار الذي أكد خبراء تحدثوا إلى «السياق»، أنه يبدو للوهلة الأولى طبيعيًا على خلفية الاغتيالات النوعية التي ضربت إيران، إلا أنه يحمل دلالة أخرى تجسد ما سموه «صراع العروش» داخل طهران، الذي اتخذ من الانكشاف الأمني مبررًا لإبعاد الرجل القوي في النظام الإيراني.

وفسَّر الخبراء قرار تعيين كاظمي، بأمرين، أولهما: تقويض نفوذ المرشد داخل الأجهزة الأمنية، والآخر يتمثل في الإعداد لاستراتيجية أمنية جديدة، تعتمد على الهجوم والفعل وليس رد الفعل.

صراع أجنحة

إلى ذلك، قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية في تصريحات لـ«السياق»، إن النظام الإيراني قرر تعيين كاظمي رئيسًا لدائرة الحرس الثوري الإيراني، في محاولة لإبعاد رجال مجتبي خامئني، نجل المرشد علي خامئني، والمرشح أن يكون خليفة لوالده.

وأضاف أبو النور أن رئيس دائرة الاستخبارات السابق حسين طائب، كان أحد رجال خامئني، مشيرًا إلى أنه كان موثوقًا جدًا لديه، حتى أنه تولي هذه الدائرة منذ عام 2009 حتى إقالته.

وأوضح أن رئيس دائرة الاستخبارات السابق حسين طائب، نفذ العديد من العمليات التي عززت سيطرة النظام على الأوضاع الداخلية والخارجية، بينها استهدف معارضي النظام الإيراني بالخارج، مشيرًا إلى أن التخلص منه واستبدال محمد كاظمي به، يعني تعزيز قبضة رجال حسين سلامي، الذي يرأس الحرس الثوري على المؤسسات الأمنية شديدة الحساسية.

رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أكد أن تعيين كاظمي له دلالة أخرى، تتمثل في اعتراف إيران بانكشافها أمنيًا، خصوصًا مع تزايد الاختراقات الإسرائيلية، وهو ما أشار إليه يوسي كوهين رئيس الاستخبارات الإسرائيلي، بقوله إن بلاده لديها  5 آلاف جاسوس في الداخل الإيراني، ما يعبر عن ضعف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها جهاز استخبارات الحرس الثوري.

وبينما قال إن هناك شكوكًا في وجود عملاء إسرائيليين داخل جهاز الحرس الثوري، أكد أن معرفة حسين طائب لهذا الأمر، وفشله في ضبطهم أو عدم معرفته، يحمله مسؤولية الانكشاف الأمني الكبير الذي  أدى إلى عمليات اغتيال متتالية وواسعة في قلب طهران.

تمشيط إيران

وعن المحاور التي سينشط عليها كاظمي بعد توليه منصبه، قال أبو النور إنها ستبدأ بتمشيط إيران داخليًا، لكشف أكبر قدر من العملاء الإسرائيليين، مشيرًا إلى أن مزاعم إيران عن تفكيك خلية إسرائيلية في إقليم بلوشستان، وأخرى في محافظة أذربيجان الغربية، لا تشير إلى تمكن طهران من توقف التغلغل الإسرائيلي.

رؤية لرئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، استدل عليها باستمرار إسرائيل في قتل واغتيال العلماء والخبراء بالبرنامجين الصاروخي والنووي بإيران، مؤكدًا أن ذلك الانكشاف الأمني سيدفع كاظمي للسعي نحو معرفة هوية المزيد من جيش الجواسيس الإسرائيلي داخل إيران.

وتوقَّع رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن تتجاوز إيران مرحلة اغتيال واستهداف إسرائيليين بالداخل، إلا أنها لن تلجأ لهذا النمط خارجيًا، لأن لديها تاريخًا من هذه الأعمال في الأرجنتين ولبنان.

وقف تدهور الأمن

من جانبه، قال الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين، إن تعيين محمد كاظمي رئيسًا جديدًا لاستخبارات الحرس الإيراني الثوري، محاولة من النظام الإيراني لوقف التدهور الأمني على أكثر من صعيد.

وأوضح نجم الدين، في تصريحات لـ«السياق»، أن الحالة الأمنية داخل إيران في عهد رئيس الاستخبارات المعزول حسين طائب، الذي قضى في منصبه ما لا يقل عن أحد عشر عامًا، لم تكن كالحالة الأمنية داخل إيران في عهده، خصوصًا في السنوات الأخيرة.

وأشار المتخصص في الشؤون الدولية، إلى أن هناك اختراقات أمنية أسفرت عن اغتيال شخصيات إيرانية لها علاقة بالمشروع النووي الإيراني، إضافة إلى اختراق نظم المعلومات في مؤسسات إيرانية، في حوادث كان طائب مسؤولًا عن عدم منعها، وفشله في استهداف إسرائيليين بتركيا، وفشل طهران في الرد على اغتيالات من ارتبطوا ببرنامجها النووي والصاورخي.

صائد الجواسيس

وعن طرق معالجة تلك الاختراقات، قال نجم الدين إن كاظمي سيبدأ بضبط الاختراقات الأمنية التي تعانيها بلاده، وملاحقة الجواسيس والعملاء بالداخل.

فالرجل كان في الثمانينات ضمن وحدة مهمتها الكشف ومقاومة القوى التي تعارض الثورة، ثم بعد ذلك عين مسؤولًا عن التحقيقات، لتنظيف وجه النظام الإيراني من فضيحة قتل المعارضين، إلى أن تولى مهام رئاسة وحدة الإشراف على شؤون قادة الحرس الثوري الإيراني، بحسب الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية.

وأكد أن كاظمي عُرف بـ «صائد الجواسيس»، بعد أن نجح في عدد من عمليات التتبع واغتيال واختطاف معارضين للنظام، في استراتيجية يبدو أن إيران في حاجة إليها في الوقت الراهن.

وشدد المتخصص في الشؤون الدولية على أن الحرب الباردة بين إيران وإسرائيل هي التي فرضت هذا التغيير النوعي في المنظومة الأمنية الإيرانية، فوزير الدفاع الإسرائيلي قال إن طهران هي الخطر الاستراتيجي الأول، ما يعني أن العمل السري والاستخباراتي لها يجري على قدم وثاق.

وتوقع نجم الدين أن يعيد رئيس هيئة الاستخبارات الإيرانية الجديد، النظر في كوادر الجهاز الأمني الإيراني، وأن يلجأ لتصفية أكبر أفراد جهاز الأمن الإيراني في الداخل والخارج.

وأشار إلى أن كاظمي سيعيد النظر في فيلق القدس، متوقعًا حله، وإعادة تشكيل وحدات أمنية أخرى، لتنفيذ  استراتيجية أمنية جديدة ترتكز على شعار «الهجوم خير وسيلة للدفاع».