بعد رفض قاطع تراجعت... لماذا تدعم تركيا انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو؟
إدارة بايدن أعلنت دعمها لإمكانية بيع طائرات مقاتلة من طراز F-16 لتركيا بعد يوم من رفع أنقرة حق النقض -الفيتو- على عضوية فنلندا والسويد في الناتو

ترجمات - السياق
رفض قاطع، فمفاوضات، ثم صفقة تضمنت موافقة تركيا، لتتحول من حجر عثرة في طريق انضمام فنلندا والسويد إلى "الناتو" لرفعها حق الفيتو أمام طريقهما إلى حلف شمال الأطلسي.
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، سلطت الضوء على الصفقة الأخيرة، بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والتركي رجب طيب أردوغان، مشيرة إلى أنه بينما تقدم واشنطن الدعم لإتمام صفقة إف 16 الأمريكية لأنقرة، تتخلى الأخيرة عن معارضتها لانضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأشارت الصحيفة، إلى أن إدارة بايدن أعلنت دعمها لإمكانية بيع طائرات مقاتلة من طراز F-16 لتركيا بعد يوم من رفع أنقرة حق النقض (الفيتو) على عضوية فنلندا والسويد في "الناتو".
ونقلت الصحيفة البريطانية عن سيليست والاندر، مساعدة وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في البنتاغون قولها إن الولايات المتحدة "تدعم" خطط تركيا لتحديث أسطولها من طراز F-16 في تعليق يعد أقوى دعم عام من واشنطن للطلب منذ أن قدمته أنقرة في أكتوبر الماضي.
ورأت والاندر أن الولايات المتحدة تدعم تحديث تركيا لأسطولها المقاتل، لأن ذلك يسهم في أمن "الناتو"، وكذلك الأمن الأمريكي، مضيفة: "هذه الخطط في طور الإعداد ويجب العمل عليها من خلال عمليات التعاقد لدينا".
مماطلة
كان الرئيس التركي قد اتهم الولايات المتحدة بـ "المماطلة" في الصفقة، في وقت توترت فيه العلاقات بين البلدين
وكانت تركيا قد قدمت طلبًا في أكتوبر إلى الولايات المتحدة لشراء 40 مقاتلة من طراز F-16 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، وما يقرب من 80 مجموعة تحديث لطائراتها الحربية الحالية.
وبينت الصحيفة أنه بينما أكد البيت الأبيض أنه لم يقدم "أي تنازلات لتركيا، لضمان منح الضوء الأخضر" لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، إلا أن مسؤولين أمريكيين قالوا إن الموافقة العلنية -على ما يبدو- تساعد في تحسين الأجواء.
ونقلت عن مسؤول كبير في الرئاسة الأمريكية -طلب عدم كشف هويته- قوله: "الجانب التركي لم يطلب شيئًا من الأمريكيين لتقديم تنازل معين"، مضيفًا أن قرار تركيا يوفر دفعًا قويًا لوحدة الحلف.
معارضة داخلية
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى وجود معارضة داخل أروقة الكونغرس بشأن إتمام الصفقة مع تركيا، حيث بلغ التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا أوجه عام 2019، حين أقصت واشنطن أنقرة من مشروع لتطوير مقاتلات "إف-35"، ردًا على شراء الأتراك منظومة "إس-400" الصاروخية الروسية المضادة للطائرات.
وذكرت أنه في فبراير الماضي -أي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا- أرسل أكثر من 50 مُشرِّعًا أمريكيًا -بقيادة عضو الكونغرس الديمقراطي فرانك بالوني من نيوجيرسي- خطابًا إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكين ووزير الدفاع لويد أوستن، يحثهم على رفض طلب تركيا لأن أنقرة تجاهلت التزاماتها للولايات المتحدة و(الناتو)، ولأن حكومة أردوغان استمرت في ارتكاب "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
كان النائبان الأمريكيان، جوس بيلراكيس، وفرانك بالوني، دعيا، إدارة بايدن، إلى رفض طلب تركيا شراء 40 طائرة مقاتلة من الجيل التالي من طراز "إف - 16" وتحديث جيشها.
وأكدا في رسالتهما أنه في عهد أردوغان، استخدمت تركيا قوتها العسكرية لزعزعة استقرار شرقي المتوسط والشرق الأوسط وجنوب القوقاز وشمال إفريقيا، كما أوضحا أن تركيا والقوات المدعومة منها "استخدمت أسلحة أمريكية خلال هذه التوغلات لارتكاب جرائم حرب، وأن الموافقة على طلب تركيا يؤدي -على الأرجح- إلى مزيد من الموت والدمار في المنطقة".
وأضافا أن نظام أردوغان يواصل أيضًا تنفيذ ممارسات غير ديمقراطية وانتهاكات لحقوق الإنسان داخل تركيا. وتابعا: "الموافقة على هذا الاقتراح تكافئ أردوغان لتجاهله التزامات تركيا تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي يواصل نظامه ارتكابها في الداخل والخارج".
اتفاق علاجي
أمام هذه التحديات، "ذكرت فايننشال تايمز" أن الرئيس بايدن لعب دورًا كبيرًا في الدبلوماسية المكثفة، خلال الفترة التي سبقت قمة الناتو في مدريد، الثلاثاء الماضي، التي انتهت بتخلي تركيا عن اعتراضاتها بالسماح للسويد وفنلندا بالانضمام إلى "الناتو".
وبينت أن الرئيس الأمريكي تحدث عبر الهاتف مع أردوغان قبل اجتماع بين الرئيس التركي وزعماء السويد وفنلندا، لافتة إلى أنه خلال اجتماع مدريد، توصلت الدول الثلاث إلى اتفاق يعالج مخاوف أنقرة بشأن التزاماتها بمكافحة الإرهاب.
صادرات الحبوب
كما التقى بايدن -على هامش الاجتماع- نظيره التركي، ووجَّه الشكر له على إبرام اتفاق مع فنلندا والسويد، مهد الطريق أمام دولتي الشمال الأوروبي للترشح لحلف شمال الأطلسي قريبًا.
وفي تصريحات مقتضبة، قبل اجتماع الرئيسين على هامش قمة حلف الأطلسي في مدريد، شكر بايدن أردوغان أيضًا على جهود أنقرة للمساعدة في إخراج الحبوب من أوكرانيا، بينما قال أردوغان إنه يأمل أن تساعد الدبلوماسية في حل القضايا المتعلقة بصادرات الحبوب الأوكرانية.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه بينما لم يتطرق أي منهما -بايدن وأردوغان- إلى صفقة طائرات F-16، إلا أن الرئيس التركي قال إنه يضغط دبلوماسيًا لإخراج الحبوب من أوكرانيا، مضيفًا: "هناك دول محرومة من الحبوب، وسنفتح ممرات، وسنسمح لهم بالوصول إلى الحبوب التي يحتاجونها بشدة".
توترات واشنطن وأنقرة
وحسب الصحيفة، كانت العلاقات بين واشنطن وأنقرة متوترة خلال السنوات الأخيرة، لخلافات على قضايا بينها دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد في سوريا، وعلاقات أنقرة بموسكو.
وذكرت أن الولايات المتحدة أزالت تركيا من برنامجها المتقدم للطائرات المقاتلة F-35 وفرضت عقوبات على صناعتها الدفاعية، بعد أن اشترى أردوغان نظام دفاع صاروخي روسي من طراز S400، قال مسؤولون أمريكيون إنه يشكل تهديدًا لطائرات الجيل التالي.
رغم هذه الخلافات، فإن "فايننشال تايمز" نقلت عن محللين ودبلوماسيين قولهم إن حرب بوتين ضد أوكرانيا أحدثت زخمًا للعواصم الغربية، لتحسين العلاقات المضطربة مع تركيا، العضو في (الناتو) والتي تحتل موقعًا استراتيجيًا على البحر الأسود.
وأشارت إلى أن أنقرة زودت كييف بطائرات من دون طيار مسلحة، وقيدت وصول الجيش الروسي إلى مجالها الجوي والممرات المائية، التي تربط البحر المتوسط بالبحر الأسود.
وتعليقًا على ذلك، قال بن هودجز، القائد العام السابق للولايات المتحدة: إحدى أهم نتائج قمة مدريد ليس فقط استمرار اتحاد الحلف بشأن مساعدة أوكرانيا ضد الغزو الروسي، وإنما أيضًا إجبار الولايات المتحدة على النظر بشكل استراتيجي إلى منطقة البحر الأسود، التي تشمل إصلاح العلاقة مع تركيا.
وأضاف: "توفير صفقة الأسلحة التي تحتاجها أنقرة سيكون أكثر منطقية، طالما كانت هناك استراتيجية قوية وشاملة للمنطقة".