الهجوم على كنيسة جربة في تونس... ما علاقة الإخوان؟
يقول المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، في تصريحات لـ -السياق-، إن لتنظيم الإخوان يد في الهجوم، فالموت والرعب ثقافة التنظيم الإرهابي، التي زرعها في الشارع التونسي، التي لم يكن معهد الشرطة والحرس بعيدًا عنها.

السياق
بعد أيام من حملة اعتقالات، شنتها السلطات التونسية على قادة وأعضاء الإخوان، بدأ التنظيم الإرهابي يكشر عن أنيابه بضربات هنا وهناك.
فبينما يحاول اللعب على وتر الأزمة الاقتصادية، لإثارة غضب الشارع التونسي على حكومته، كانت ذئابه المنفردة تعبث بأمن البلد الإفريقي، بهجمات تحاول من خلالها ضرب موسم السياحة الذي بدأ يتعافى.
ماذا حدث؟
نفذ أحد رجال الأمن هجومًا خارج كنيس يهودي في جزيرة جربة (شرق) خلال موسم الزيارة اليهودي، ما أدى إلى قتل اثنين من زملائه وزائرين، قبل أن يُقتل بالرصاص.
كنيس جربة هو الأقدم في إفريقيا، واستُهدِف عام 2002 بهجوم انتحاري بعربة مفخخة، ما أسفر عن 21 قتيلًا.
وعن الهجوم على الكنيس، قالت وزارة الداخلية -في بيان- إن هجوم الثلاثاء نُفذ على مرحلتين، مشيرة إلى أن «عون حرس، التابع للمركز البحري للحرس الوطني، أقدم -مساء الثلاثاء- على قتل زميله بسلاحه الفردي والاستيلاء على الذخيرة».
وأضافت أنه بعد ذلك «حاول الوصول إلى محيط معبد الغريبة وعمد إلى إطلاق النار بصفة عشوائيّة على الوحدات الأمنيّة المتمركزة بالمكان، التي تصدت له ومنعته من الوصول إلى الكنيس وأردتهُ قتيلًا»، مشيرة إلى أن اثنين من زوار المعبد قُتلا برصاص المهاجم، قبل قتله.
وأشارت وزارة الداخلية إلى أن الهجوم أسفر عن إصابة 4 أشخاص بجروح، نُقلوا إلى المستشفى، مؤكدة إصابة ستة من الأمن بجروح، إضافة إلى قتل شخصين كانا يُشاركان باحتفال ديني يهودي في كنيس الغريبة.
وبينما فتحت السلطات التونسية -الأربعاء- التحقيق في ملابسات الهجوم، قال متحدث باسم محكمة مدنين فتحي البكوش: «فُتح بحث وتحقيق في عملية إجرامية مبدئيًا».
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن قوات أمنية انتشرت –الأربعاء- حول محيط الكنيس، ما أدى إلى إغلاق الطرق المؤدية إليه.
وفي بيانها الثلاثاء، قالت وزارة الخارجية التونسية، إنّ "المتوفّيَيْن من الزوار هما تونسي (30 عامًا) وفرنسي (42 عامًا)، من دون أن تكشف هويتيهما.
وفي بيان آخر صدر الأربعاء، واطلعت «السياق» على نسخة منه، قالت وزارة الخارجية التونسية: «إثر الهجوم البشع والجبان الذي كان أمس على هامش موسم الزيارة السنوي بكنيس الغريبة بجزيرة جربة، الذي أسفر عن قتل مدنيّيْن اثنين تونسي وتونسي-فرنسي من بين الزوار، وثلاثة من أفراد قوات الأمن، تتقدّم الوزارة بأحرّ التعازي والمواساة وأسمى عبارات التعاطف مع أسر الضحايا والتضامن مع زوار كنيس الغريبة».
وبينما أعربت الخارجية التونسية عن أمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين من قوات الأمن، الذين تصدّوا لهذا الهجوم، وسيطروا على الوضع بكل اقتدار، قالت: «هذا الهجوم على الأبرياء لن يؤدي إلا إلى تعزيز وحدة البلاد وتصميمها على مواصلة مقاومتها بلا هوادة، لكل أشكال الجريمة، ودحر من يقف وراءها».
وأشارت وزارة الخارجية التونسية، إلى أن تحقيقات تجرى، لتحديد المسؤول عن هذا الهجوم، الذي وصفته بـ«الجبان».
في السياق نفسه، قال وزير السياحة التونسي السابق رينيه الطرابلسي، وهو من بين المسؤولين عن الجالية اليهودية التونسية في جربة، وكان في الكنيس حين وقع الهجوم، إن القتيلين تربطهما قرابة عائلية، وهما أفييل حداد يهودي تونسي يبلغ من العمر 30 عامًا، وبنيامين حداد (42 عامًا) ويعيش في فرنسا وكان في جربة للمشاركة في الزيارة.
وأوضح الوزير التونسي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن «مرتكب الهجوم كان يرتدي زيًا رسميًا أمنيًا وبزة واقية من الرصاص، لكن بفضل تدخل قوات الأمن جرى التنبه والتصدّي له بسرعة كبيرة»، مضيفًا: «لولا التدخل السريع لحدثت الكارثة لأن مئات الزوار كانوا في المكان».
وفي أعقاب الهجوم، أعلنت السفارة الفرنسيّة في تونس، أنها أنشأت خليّة أزمة ورقمًا للطوارئ، بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكية ماثيو ميلر، إن «الولايات المتحدة تندد بالهجوم الذي وقع في تونس ويتزامن مع موسم الزيارة اليهودي السنوي الذي يجتذب زوارًا من كل أنحاء العالم إلى كنيس الغريبة».
موسم الزيارة اليهودي في تونس
نُفذ الهجوم في وقتٍ كان مئات المصلين يشاركون في موسم الزيارة اليهودي السنوي في الغريبة، الذي أوشك على الانتهاء مساء الثلاثاء في هذا الكنيس.
ووفقًا للمنظمين، فإن أكثر من خمسة من اليهود، معظمهم من الخارج، أتوا للمشاركة في زيارة الغريبة، بعد انقطاع دام عامين بسبب كورونا.
وتنظم الزيارة إلى كنيس الغريبة سنويًا، في اليوم الثالث والثلاثين من عيد الفصح اليهودي، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيين، الذين لا يزيد عددهم على 1500، يعيشون بمعظمهم في جربة، مقابل مئة ألف قبل الاستقلال عام 1956.
ويفد إلى موسم الزيارة اليهودي، زوار من الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة أو حتى إسرائيل، لكن عددهم تضاءل إلى حد كبير بعد اعتداء عام 2002.
توقيت الهجوم
يأتي الهجوم في وقت تسجل السياحة في تونس، انتعاشة بعد تباطؤ حاد خلال جائحة كورونا، أثرت إضافة إلى عدم الاستقرار الذي أعقب أحداث عام 2011، في هذا القطاع الرئيس للاقتصاد التونسي إلى حد كبير بعد هجمات عام 2015 استهدفت متحف باردو في تونس وفندقًا في سوسة، وأسفرت عن 60 قتيلًا بينهم 59 سائحًا أجنبيًّا.
كما يأتي الهجوم في وقتٍ تشهد تونس أزمة مالية حادة تفاقمت منذ أن حاول تنظيم الإخوان إثارة الأزمات، مرة تلو الأخرى، بعد إطاحته في مسار 25 يوليو 2021.
علاقة الإخوان
يقول المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، في تصريحات لـ«السياق»، إن لتنظيم الإخوان يد في الهجوم، فالموت والرعب ثقافة التنظيم الإرهابي، التي زرعها في الشارع التونسي، التي لم يكن معهد الشرطة والحرس بعيدًا عنها.
وأوضح المحلل التونسي، أن يد الإخوان متورطة في هذه العملية، خاصة أن هذه تركتهم، في المجتمع التونسي عندما استأثروا بالسلطة، مؤكدًا أن هذا ما زرعوه في فكر الشرطة حينما تولوا مسؤولية وزارة الداخلية في العشرية المنصرمة.
وأشار المحلل السياسي التونسي، إلى أن أول هجوم إرهابي في تونس كان عام 2002، استهدف الكنيس نفسه، مؤكدًا أن الأحداث تعيد نفسها بعد قرابة 20 عامًا من وقوعها لأول مرة.
وبحسب المحلل التونسي، فإن الهجوم ستكون تبعاته صعبة على السياحة والاقتصاد التونسي، خاصة أن البلد الأفريقي كان يعول على موسم سياحي خارق للعادة، من خلاله تستطيع تونس استعادة ديمومة السياحة، بعد أن قررت ألا تكون مدانة لصندوق النقد الدولي.
وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن السياحة كورقة الفسطاط وهي مهمة لدى تونس، متسائلًا: أي استراتيجية لتونس لإنقاذ الموسم السياحي؟