رفعت عنها السرية.. ما استراتيجية واشنطن لتحييد خطر الصين عن أمريكا؟  

الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا حظر تيك توك و WeChat وكل تطبيق صيني آخر من الهواتف الأمريكية

رفعت عنها السرية.. ما استراتيجية واشنطن لتحييد خطر الصين عن أمريكا؟   
لجنة مجلس النواب الأمريكي الخاصة بالحزب الشيوعي الصيني

ترجمات - السياق

حماية الوطن الأمريكي، والحفاظ على السلام من خلال سياسة القوة، وتعزيز الرخاء الأمريكي... أهداف ثلاثة وضعتها الاستراتيجية الأمريكية، نصب عينيها لأخطر تهديد واجهته الولايات المتحدة منذ الحرب الباردة.

وتقول صحيفة فورين أفيرز، في تقرير ترجمته «السياق»، إن هناك وعيًا متزايدًا من الحزبين في الولايات المتحدة (الديمقراطيين والجمهوريين) بأن الطموحات الشمولية للحزب الشيوعي الصيني، تجعله أخطر تهديد واجهه العالم الحر منذ الحرب الباردة، وربما على الإطلاق.

واعترافًا بهذا التهديد، أعلن مجلس الأمن القومي، التابع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استراتيجية شاملة للصين في مايو 2020، ثم رفع السرية عن استراتيجيته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه يحسب للرئيس الأمريكي جو بايدن أنه نفذ الخطوط العريضة لاستراتيجية سلفه وحقق بعض النجاحات الملحوظة في مواجهة الصين، بينها اتفاقية «أوكوس» الدفاعية مع أستراليا والمملكة المتحدة، وفرض حظر على صادرات أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين، والقائمة السوداء لشركة YMTC لصناعة الرقائق وحظر 21 لاعبًا صينيًا رئيسًا في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي، والاتفاقيات الثنائية مع حلفاء المحيط الهادئ لتحسين الدفاع المتبادل.

وأشارت إلى أنه يمكن للكونغرس البناء على هذه الخطوات، من خلال تدابير تعزز استراتيجية الصين، التي حددها ترامب والتي يتبناها بايدن إلى حد كبير، وحماية الولايات المتحدة من التهديدات الصينية وتعزيز موقف واشنطن العسكري والاقتصادي تجاه بكين.

وبحسب «فورين أفيرز»، فإن لجنة اختيار مجلس النواب للحزب الشيوعي الصيني، بقيادة رئيسها الجمهوري مايك غالاغر، من ولاية ويسكونسن، والعضو البارز راجا كريشنامورثي، الديمقراطي، النقطة المحورية لهذا الجهد، لكن على الكونغرس أن يستغل هذه الفرصة لدفع الأجندة، لحماية أسلوب الحياة الأمريكية من تأثير الصين غير المبرر، والحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى لا غنى عنها في العالم الحر، وتعزيز المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.

تطبيقات المراقبة

الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا -بحسب فورين "أفيرز"- حظر «تيك توك» و«WeChat» وكل تطبيق صيني آخر من الهواتف الأمريكية.

ويقول مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ في مارس 2023، إن «تيك توك» يتنكر في شكل وسائل التواصل الاجتماعي، لمراقبة ملايين الأمريكيين وتعريض هواتف العسكريين الأمريكيين للخطر.

إلا أن المسؤولين التنفيذيين في «تيك توك» ينكرون أن شركتهم الأم، ByteDance ، تخضع لسيطرة الحكومة الصينية، وأن التطبيق يستخدم لمساعدة جهودها الاستخباراتية.

ورغم ذلك، فإن هذه الادعاءات يصعب تصديقها، فرئيس سابق لوحدة داخل عمليات السلامة في «تيك توك»، قال لصحيفة واشنطن بوست، إن كبار المديرين في الشركة كانوا «يكذبون على مسؤولي الحكومة الأمريكية بشأن خصوصية البيانات»، مضيفًا، أن «ترتيبًا مانعًا للتسرب لبيانات الأمريكيين، يتطلب إعادة هندسة كيفية تشغيل تيك توك».

وقدم مجلس النواب مشروع قانون لحظر «تيك توك»، بينما قدم السناتور جوش هاولي، الجمهوري من ولاية ميسوري، تشريعات مماثلة في مجلس الشيوخ.

لكن ينبغي للكونغرس ألا يهمل تطبيقات الوسائط الاجتماعية الصينية الأخرى، بما في ذلك WeChat، التي تحظى بشعبية بين الصينيين، الذين يعيشون في الخارج، والتي يستخدمها الحزب الشيوعي الصيني لاستهداف المعارضين، وفقًا لدراسة جامعة مونماوث.

وبمجرد معالجة المخاطر الملحة، التي تشكلها تطبيقات المراقبة الصينية، على الكونغرس أن يوجه انتباهه إلى دور الصين في جائحة كورونا، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن على لجنة الرقابة بمجلس النواب، التي تجري هذا التحقيق، كشف مصدر الفيروس والتستر اللاحق للحكومة الصينية، ما أسهم في انتشار المرض الصامت إلى الولايات المتحدة والعالم، بين أكتوبر 2019 ويناير 2020.

حظر بيع الأراضي الأمريكية
وقالت «فورين أفيرز»، إن الخطوة التالية يجب أن تكون حظر بيع الأراضي الزراعية الأمريكية للشركات الصينية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تمتلك 900 مليون فدان من الأراضي الزراعية، التي تنتج أكثر من 177 مليار دولار من الصادرات.

ومن المثير للقلق، أن ملكية الصين للأراضي الزراعية الأمريكية، قفزت بأكثر من 20 ضعفًا بين عامي 2010 و 2020، من 81 مليون دولار إلى 1.8 مليار دولار، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن دعم بكين الواسع النطاق لهذه الاستثمارات، يبدو أنه جزء من استراتيجية أوسع، تهدد بمنح الصين السيطرة على قدر كبير من الإمدادات الغذائية الأمريكية، وكذلك موطئ قدم بالقرب من القواعد العسكرية الأمريكية، التي يمكن للحزب الشيوعي الصيني إجراء المراقبة من خلالها.

وأشارت إلى أنه حال سنِّ قانون تعزيز الضمانات الزراعية والأمن، الذي قدمه النائبان الجمهوريين إليز ستيفانيك من نيويورك وريك كروفورد من أركنساس، سيمنع الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا من شراء شركات الزراعة الأمريكية أو الأراضي، وسيزيد الإشراف على عمليات الاستحواذ الأجنبية، ويتطلب من وزير الزراعة الأمريكي كشف مشتريات الأعمال الزراعية الأجنبية.

أبراج الاتصالات

وبحسب «فورين أفيرز»، فإن هناك نقطة ضعف أخرى يجب معالجتها تتعلق بالاتصالات، مشيرة إلى أن على الكونغرس أن يسن قوانين تطالب شركات الاتصالات بتفكيك أبراج الخلايا التي تتضمن مكونات صينية الصنع، بدءًا من تلك الموجودة بالقرب من المنشآت العسكرية الحساسة.

ووفقًا لشبكة سي إن إن الأمريكية، فإن تحقيقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وجد أن المعدات من شركة الاتصالات الصينية «هاواوي» المحظورة من أجهزة الحكومة الأمريكية، قادرة على تعطيل اتصالات وزارة الدفاع، بما في ذلك تلك الخاصة بالوكالة التي تشرف على مخزون الأسلحة النووية الأمريكية.

وأشارت إلى أن على الكونغرس حظر تركيب المعدات الصينية في أنظمة الاتصالات الأمريكية والتمويل المناسب، لتعويض شركات النقل عن تكلفة الانتقال إلى بائعين جديرين بالثقة.

وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن على الكونغرس أيضًا تسليط الضوء على المخاطر التي تشكلها الشركات المرتبطة بأكاديمية العلوم الصينية، وهي مؤسسة بحث علمي قوية تعمل على نطاق واسع مع الجيش الصيني وأجهزة المخابرات، مشيرة إلى أنه يجب إضافة جميع الشركات المرتبطة بـ CAS إلى ما تسمى قائمة الكيانات التابعة لوزارة التجارة الأمريكية، ما يمنعها من الوصول إلى التقنيات الأمريكية الاستراتيجية.

معاهد كونفوشيوس

وشددت «فورين أفيرز»، على أن على الكونغرس اتخاذ إجراءات ضد معاهد كونفوشيوس، التي أنشأتها الحكومة الصينية منذ عام 2004، في العالم، حيث وفرت المدرسين والكتب المدرسية وصناديق التشغيل.

ووجد تقرير صدر عام 2017 عن الرابطة الوطنية للعلماء غير الربحية، أن معاهد كونفوشيوس تقوِّض النزاهة الأكاديمية، وتستورد الرقابة مباشرة إلى نظام التعليم في الولايات المتحدة.

وأكدت ضرورة حظر أي كلية أو جامعة أمريكية، تستضيف هذه المؤسسات من تلقي التمويل الفيدرالي، بما في ذلك قروض الطلاب ومنح بيل.

صواريخ جديدة... سفن قديمة

إلا أنه مع ذلك، لا يكفي الاحتراس من التهديدات الصينية على الجبهة الداخلية، فعلى الولايات المتحدة السعي لتحقيق السلام، من خلال القوة لردع المغامرات الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وخارجها، بحسب «فورين أفيرز».

ورغم أن تنفيذ هذه السياسة يتطلب الكثير، فإن هناك حاجتين أساسيتين: نشر صواريخ تفوق سرعة الصوت وإعادة بناء البحرية الأمريكية.

وبحسب «فورين أفيرز»، فإن إدارة ترامب جعلت تطوير ونشر صواريخ تفوق سرعة الصوت، أولوية دفاعية قصوى للولايات المتحدة، في الوقت الذي أخذت الصين زمام المبادرة في تطوير منصات تفوق سرعة الصوت.

لكن منذ ذلك الحين، أطلقت القوات الجوية سلاح الرد السريع، وحققت الضربة السريعة التقليدية للجيش والبحرية -وكلاهما صاروخان متقدمان تفوق سرعة الصوت- تقدمًا كبيرًا في برامج الاختبار الخاصة بهم.

وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن على الولايات المتحدة المحافظة على زخمها في هذا المجال الحرج، بينما تبحث أيضًا عن مسارات جديدة للابتكار في الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت.

وأشارت إلى أن على واشنطن تمويل الجهود المبذولة، لابتكار إجراءات مضادة فعالة، لتطوير الصواريخ الصينية التي تفوق سرعة الصوت، مؤكدة أنه يمكن للكونغرس أن يشجع وزارة الدفاع على التعاون مع الدول الحليفة، مثل اليابان والمملكة المتحدة.

ورغم أهمية البحث والتطوير، فإن نشر كميات كافية من الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت، عبر القوات المسلحة، يجب أن يكون هدف الولايات المتحدة، تقول «فورين أفيرز»، مشيرة إلى أن تحقيق هذا الهدف بسرعة، أمر حيوي لاستعادة الردع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

تحقيق السلام بالقوة

وتحقيقا لهذه الغاية، على الكونغرس أن يوجه البحرية على الفور لتمديد عمر أكثر من نصف دزينة من الغواصات القابلة للحياة من فئة لوس أنجلوس (وتوفير الأموال لها للقيام بذلك)، ما من شأنه مساعدة البحرية في تجنُّب نقص الغواصات، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وأشارت إلى أنه يجب معالجة أعمال الصيانة المتراكمة على غواصات من فئة فرجينيا كأولوية قصوى، مؤكدة أن حقيقة عديد هذه الغواصات كانت تنتظر الصيانة سنوات «وصمة عار وطنية»، وتعيق قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن تايوان والشركاء الآخرين، في المحيطين الهندي والهادئ.

وبحسب «فورين أفيرز»، على الكونغرس الاستثمار في عديد من أنظمة إطلاق الصواريخ العمودية لسفنه السطحية لردع الصين، وإذا لزم الأمر، محاربتها، مؤكدة أنه مقابل أقل من مليار دولار لكل سفينة، يمكن للولايات المتحدة إطالة عمر طرادات فئة تيكونديروجا.

وحذرت من أن تقاعد هذه الفئة من السفن، بلا استبدال أنظمة الإطلاق العمودية الخاصة بها، يمنح CCP انتصارًا بحريًا ذا أهمية هائلة من دون إطلاق رصاصة، مؤكدة أن قيادة البحرية عازمة على فعل ذلك، لذا ليس أمام الكونغرس خيار سوى التدخل بقوة.

إعادة التدعيم والصداقة

لا تقل أهمية تعزيز القوة البحرية الأمريكية، عن الحفاظ على القوة الاقتصادية التي تدعمها، فالعام الماضي، اقترحت إدارة بايدن وأقر الكونغرس قانون CHIPS والعلوم، ما منح صناعة أشباه الموصلات الأمريكية دفعة قدرها 50 مليار دولار.

وستساعد الحوافز الفيدرالية، في إعادة هذه القدرة التصنيعية المهمة إلى الولايات المتحدة، بحسب «فورين أفيرز»، التي قالت إن على الولايات المتحدة أن تستمر في إعادة إنتاج وتصنيع أشباه الموصلات، والأدوية والعناصر الأرضية النادرة والبطاريات، التي تعد بالغة الأهمية لصناعات السيارات الكهربائية وذاتية القيادة.

وبحسب «فورين أفيرز»، على المشرعين الحرص على عدم تنفير شركات التكنولوجيا الكبرى، مؤكدة أن "البنتاغون" ومجتمع الاستخبارات يعتمدان على موارد وخبرات كبار المطورين الأمريكيين، للحفاظ على ميزة الولايات المتحدة في المجالات الرئيسة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأنظمة الإلكترونية والروبوتات والأنظمة المستقلة.

وأشارت إلى أنه من خلال مشروعها «الصين 2025»، تسعى بكين إلى السيطرة على هذه القطاعات، في غضون السنوات المقبلة، ما يتطلب من «الكونغرس» التوقف عن استهداف شركات التكنولوجيا الأمريكية باسم «المنافسة» الخادع.

وأكدت ضرورة معالجة القضايا المشروعة مثل النفوذ الأجنبي، والتحيز السياسي بالاعتدال في المحتوى عبر الإنترنت، والمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تشريعات ضيقة، إلا أنها حذرت من استخدام هذه المخاوف كذريعة لإعاقة أفضل مبتكري التكنولوجيا، عندما تحتاجها الولايات المتحدة إلى جانبها.

وشددت على ضرورة أن يعمل الكونغرس على وقف التدفقات الهائلة لرأس المال الأمريكي إلى الأسواق الصينية، مشيرة إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر من الشركات الأمريكية في الصين، تضاعف بين عامي 2008 و2021، من أكثر من 50 مليار دولار إلى أقل بقليل من 125 مليار دولار.

وبحسب «فورين أفيرز»، على الكونغرس تثبيط الاستثمار العام والخاص في الدولة الشمولية للحزب الشيوعي الصيني، على سبيل المثال، من خلال الضغط على وزارة الخزانة الأمريكية، لرفض الإعفاءات الضريبية للاستثمارات في الصين.