هل هربت إيران أسلحة بين مساعدات الزلزال في سوريا؟
يشمل تهريب إيران للأسلحة الهجومية إلى سوريا أسلحة صغيرة وذخائر وطائرات من دون طيار غير محددة، وفقا لتقييم المخابرات الأميركية المسرب، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

ترجمات – السياق
عقب الزلزال الضخم، الذي ضرب الشمال السوري والجنوب التركي، في 6 فبراير الماضي، تساهلت دول، في فتح حدودها لتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، إلا أن إيران كان لها رأي آخر، واستغلت الأوضاع في نقل أسلحة إلى دمشق، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية .
ووفقا للمخابرات أمريكية، ومسؤول عسكري إسرائيلي مطلع- فإن إيران ووكلاءها تمكنوا من شن هجمات على القوات الأمريكية في سوريا، من خلال شحنات أسلحة سرية مخبأة داخل مساعدات إنسانية، تدفقت إلى المنطقة بعد زلزال فبراير الكارثي، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف.
استهداف أمريكيين
وحسب الصحيفة، تثير هذه النتائج -التي وردت في تسريبات لمعلومات سرية أمريكية، على منصة ديسكورد- تساؤلات عن قُدرة الولايات المتحدة وحلفائها على اعتراض أسلحة من مصادر إيرانية، تُستخدم لاستهداف أمريكيين، وقوات شريكة، ومدنيين في الشرق الأوسط.
وذكرت أن الوثيقة السرية للغاية -التي لم يكشف عنها- تدعم تقارير عن جهود إيران المزعومة لإخفاء المعدات العسكرية الدفاعية داخل شحنات المساعدات إلى سوريا، بعد كارثة زلزال فبراير، الذي دمر ذلك البلد وتركيا المجاورة.
نشاط الحرس الثوري
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول دفاعي أمريكي -طلب عدم كشف هويته لمناقشة الإفصاحات الحساسة- رغم رفضه التطرق إلى صحة الوثيقة، قوله: إن النشاط الذي تصفه الصحيفة يتوافق مع الجهود التي بذلها الحرس الثوري الإيراني "لاستخدام المساعدات الإنسانية التي تذهب إلى العراق وسوريا كوسيلة لإيصال المواد إلى الجماعات التابعة له في هذه البلدان".
نفي إيراني
في المقابل، لم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق من الصحيفة الأمريكية.
كان مسؤولون إيرانيون قالوا -الشهر الماضي- لوكالة رويترز للأنباء إن تقريرها، الذي يوضح بالتفصيل استخدام طهران المزعوم لطائرات الشحن، لتهريب أنظمة الدفاع الجوي إلى سوريا، تحت ستار المساعدة لمواجهة آثار الزلزال "غير صحيح".
ووفقًا لتقييم الاستخبارات الأمريكية المسرب، يشمل تهريب إيران المزعوم للأسلحة الهجومية إلى سوريا، أسلحة صغيرة غير محددة، وذخيرة وطائرات من دون طيار.
استغلال الفوضي
وتقول الوثيقة -بحسب "واشنطن بوست"- إن عمليات التسليم هذه كانت باستخدام قوافل سيارات من العراق، بالتنسيق مع جماعات مسلحة "صديقة" هناك، و"فيلق القدس"، وحدة التدخل السريع الإيرانية المتخصصة في إدارة المقاتلين بالوكالة وجمع المعلومات الاستخباراتية.
وهو ما أيده المسؤول العسكري الإسرائيلي للصحيفة، الذي اشترط أيضًا عدم كشف هويته لمناقشة معلومات حساسة، مؤكدًا أن "فيلق القدس" متورط في هذا النشاط.
وتؤكد وثيقة المخابرات المسربة، أنه في أعقاب الزلزال مباشرة، تحركت إيران والشركات التابعة لها بسرعة لاستغلال الفوضى.
هجمات مستقبلية
ففي 7 فبراير الماضي -بعد يوم واحد من الكارثة التي حطمت عشرات المنازل والمباني، وتبعتها جهود إنقاذ يائسة- دبرت مجموعة من المليشيات المتمركزة في العراق "نقل بنادق وذخيرة و30 طائرة من دون طيار، مخبأة في قوافل مساعدات لدعم الهجمات المستقبلية على القوات الأمريكية في سوريا".
وفي 13 فبراير، وجَّه ضابط في "فيلق القدس" مجموعة من المليشيات العراقية بـ"تضمين الأسلحة في المساعدات المشروعة للزلازل"، كما تشير الوثيقة الأمريكية المسربة.
وأفادت الوثيقة، بأن ضابطًا آخر في الفيلق ذاته، احتفظ بـ"مئات" المركبات والبضائع التي دخلت سوريا من العراق بعد الزلزال، في جهد واضح لإدارة المكان الذي كانت تتجه إليه الأسلحة المهربة.
تورط الحشد العراقي
وحسب "واشنطن بوست" يشير التقييم الأمريكي المُسرب إلى تورط "أبو فدك المحمداوي"، وهو مسؤول كبير في قوات "الحشد الشعبي" العراقية.
وتتلقى المليشيات الشيعية، المتحالفة في كثير من الحالات مع إيران، تمويلاً حكوميًا عراقيًا من خلال هيئة حكومية رسمية، هي لجنة "الحشد الشعبي".
من جانبه، نفى الحشد الشعبي، الادعاءات بأن الشركات التابعة له استخدمت شحنات المساعدة الإنسانية كقناة لتسليم الأسلحة.
تعليق عراقي رسمي
ونقلت الصحيفة عن مؤيد السعدي، المتحدث باسم الحكومة العراقية، قوله: إن حِزم المساعدات كانت مُرخصة من قِبل الحكومة العراقية، ووصلت إلى السوريين المحتاجين، مؤكدًا أن هذه المزاعم "لن تثني الشعب العراقي عن مساعدة الأشقاء السوريين والوقوف معهم في محنتهم الإنسانية، بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية أو غيرها".
ووفق الصحيفة، تولى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منصبه العام الماضي، بدعم من جماعات مرتبطة بإيران.
دور إسرائيلي
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الوثائق الاستخباراتية المسربة تضمنت أيضًا أن إسرائيل استهدفت قوافل يُشتبه في أنها تنقل أسلحة إلى سوريا ولبنان، لكن خطر ضرب شحنات إنسانية حسنة النية يُشكل تحديات.
وقالت الوثيقة: "من المحتمل أن يواصل الإسرائيليون جهود المنع، لكنهم يحتاجون إلى تأكيد استخباراتي أكثر صرامة قبل ضرب شحنات المساعدات المزعومة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين، تأكيدهم أن التهديد من الجماعات المتحالفة مع إيران في سوريا مازال مستمرًا، مشيرين إلى أن هناك نحو 900 جندي أمريكي يعملون مع القوات المحلية لـ"خنق عودة داعش" إلى البلاد.
وفي مارس -على سبيل المثال- قُتل متعاقد أمريكي يعمل في قاعدة هناك بطائرة من دون طيار إيرانية الصُنع، وقد أصاب الهجوم متعاقدًا آخر في القاعدة، وأصيب عديد من أفراد الخدمة الأمريكية بجروح في الرؤوس، جراء الانفجار.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول الدفاع الأمريكي قوله: إن المسؤولين الأمريكيين واثقون بأن الطائرة من دون طيار التي قتلت المتعاقد سكوت دوبيس، لم تهرب إلى البلاد في إحدى قوافل مساعدات الزلزال، رافضًا تقديم مزيد من التفاصيل.
وقُتل دوبيس، المتعاقد العسكري الأمريكي منذ فترة طويلة من ولاية كارولينا الجنوبية، في 23 مارس الماضي أثناء عمله على مركبة مدرعة في قاعدة أمريكية بالقرب من مدينة الحسكة شمالي شرق سوريا.
وقال مسؤول عسكري أمريكي آخر إن القاعدة التي كان يعمل فيها أثناء الهجوم لم تكن محمية بشكل جيد، مشيرًا إلى أن نظام الدفاع الجوي "أفينغر" كان موجودًا للحماية من التهديدات الجوية، ولا يزال من غير الواضح سبب وكيفية فشل هذا النظام في الاشتباك مع الطائرة من دون طيار.
قصف أمريكي
وبعد وقت قصير من وفاة دوبيس، قصفت الطائرات المقاتلة الأمريكية المليشيات المدعومة من إيران، التي يُعتقد أنها مسؤولة عن الهجوم، ما دفع الرئيس جو بايدن إلى توجيه تحذير صارم لطهران، قائلًا: "الولايات المتحدة سترد بقوة على الهجمات العنيفة على الأمريكيين".
ونقلت "واشنطن بوست" عن مايك دوبيس، الأخ الأكبر لسكوت دوبيس، قوله، إن المسؤولين الأمريكيين لم يقدموا لعائلته أي تفاصيل عن التحقيق.
وأوضح أن الافتقار إلى المعلومات كان محبطًا، لأنه لا تزال هناك أسئلة خطيرة عن كيفية تمكن المتشددين من اختراق دفاعات قاعدة عسكرية أمريكية، مضيفًا: "يبدو أنه لا يعمل ما يكفي لمنع ذلك".