بعد حبسه 8 أيام.. ما مصير رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان؟

اندلعت احتجاجات عنيفة بعد توقيف خان، واقتحم متظاهرون منزل القائد العسكري للاهور وأغلقوا بوابات دخول مقر قيادة الجيش في روالبندي قرب إسلام أباد.

بعد حبسه 8 أيام.. ما مصير رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان؟

السياق 

قررت محكمة باكستانية، حبس رئيس الوزراء السابق عمران خان، ثمانية أيام على ذمة التحقيق، بعد توقيفه بتهم فساد، ما أثار تظاهرات احتجاج عنيفة من أنصاره في كل أنحاء البلاد.

وقال علي بخاري، أحد محاميي خان، لوكالة فرانس برس، عبر الهاتف بعد جلسة استماع مغلقة: "أقرّت المحكمة إيداع عمران خان الحبس الاحتياطي ثمانية أيام".

وأوردت وسائل إعلام محلية، نقلًا عن مصادر لم تسمّها، أن المدّعين طلبوا إيداع خان الحبس الاحتياطي 14 يومًا.

وأفادت محطة جيو تي في التلفزيونية، بأنه سُمح لخان بالتشاور مع محاميه خلال الجلسة، لكن لم يتسّن تأكيد تفاصيل المحاكمة التي عُقدت خلف أبواب مغلقة، من مسؤولي المحكمة.

وقال محامو خان إن الهيئة الرئيسة لمكافحة الفساد "المكتب الوطني للمساءلة" التي أمرت بتوقيف خان، طلبت من القاضي إيداعه الحبس الاحتياطي 10 أيام على الأقل.

وقال شير أفضل مروت، المحامي عن حركة إنصاف، لوسائل الإعلام، إن خان "معنوياته جيدة" لكنه اشتكى تعرضه للضرب على رأسه من الخلف ورجله، من القوات شبه العسكرية التي أوقفته.

يأتي توقيف خان، لاعب الكريكيت الدولي السابق، الذي تولى رئاسة الحكومة بين عامي 2018 و2022، في إطار أزمة سياسية في باكستان، بينما تستهدف عشرات التحقيقات القضائية خان (70 عامًا) منذ إطاحته عام 2022.

اتهم خان -خلال تجمع كبير نهاية الأسبوع في لاهور- ضابط الاستخبارات الكبير الجنرال فيصل نصير، بالتورط بمحاولة لاغتياله في نوفمبر، أصيب خلالها رئيس الوزراء السابق برصاصة في ساقه.

لكن بحسب الرواية الرسمية، فإن محاولة الاغتيال هذه التي أصيب خلالها خان في ساقه، من تنفيذ مسلح واحد، اعترف في شريط فيديو بثته الشرطة، بأنه منفذ الهجوم، وهو قيد الاعتقال.

 

احتجاجات عنيفة

منذ تأسيس البلاد عام 1947، أوقف عديد السياسيين الباكستانيين وسُجنوا، لكن حفنة منهم تحدوا الجيش الذي قام بثلاثة انقلابات على الأقل، وحكم البلاد أكثر من ثلاثة عقود.

واندلعت احتجاجات عنيفة بعد توقيف خان، واقتحم متظاهرون منزل القائد العسكري للاهور (شرق) وأغلقوا بوابات دخول مقر قيادة الجيش في روالبندي قرب إسلام أباد.

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، ضد المتظاهرين في كراتشي (جنوب) ولاهور.

وقال فاروق بهاتي، سائق شاحنة في روالبندي لوكالة فرانس برس صباح الأربعاء: "بينما نكافح لإطعام أطفالنا، تفاقمت حالة عدم اليقين".

وأضاف: "العنف لن يخدم أحدًا... الجميع سيتأثرون، لكنني أشك في أن صناع القرار يهتمون".

بدوره، قال نياظ علي في بيشاور حيث أحرق عديد من النصب والمباني الحكومية: "إذا كانوا يعتقدون أن اعتقال عمران خان سيؤثر فينا، فهم مخطئون".

وأضاف: "نحن نقف مع عمران خان وسندعمه حتى الموت".

وأمرت السلطات بإغلاق المدارس، وأبقت على تقييد الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي، مثل "تويتر" و"فيسبوك".

وخاضت الشرطة معارك ضارية، مع أنصار حركة إنصاف الباكستانية، التي يتزعمها خان، في مدن عدة لساعات، مساء الثلاثاء.

وأعلنت الشرطة الباكستانية -الأربعاء- أن نحو ألف شخص أوقفوا في البنجاب، كبرى ولايات البلاد من حيث عدد السكان، منذ اندلاع الاحتجاجات، بعد اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان.

وقال مسؤولون، في بيان لوسائل الإعلام: "فرق الشرطة أوقفت 945 مخالفًا للقانون ومشاغبًا من كل أنحاء الولاية"، موضحين أن 130 ضابطًا ومسؤولًا جُرحوا في أعمال العنف، التي اندلعت بعد اعتقال خان الثلاثاء.

وأغلق متظاهرون بعض الطرق المؤدية إلى إسلام أباد، ظهر الأربعاء، لكن كان هناك وجود أمني كثيف في العاصمة، خصوصًا في المنطقة، حيث عقدت المحكمة.

وفي السياق، وافقت الحكومة الباكستانية –الأربعاء- على نشر قوات في إقليم البنجاب، للمساعدة في احتواء الاحتجاجات العنيفة، بحسب أمر رسمي من وزارة الداخلية.

من جهة أخرى، حث نائب رئيس الحركة شاه محمود قريشي أنصاره على الاستمرار في الاحتجاج "بطريقة قانونية وسلمية" مضيفًا أن محاميي الحزب سيقدمون استئنافًا والتماسات ضد اعتقال خان.

 

"لا ثأر سياسيا"

وقال وزير العدل عزام نظير ترار في مؤتمر صحفي، إنه لا "ثأر سياسيًا" يحيط باعتقال خان.

ورفعت القضية التي أدت إلى توقيفه، الهيئة الرئيسة لمكافحة الفساد "المكتب الوطني للمساءلة"، التي قالت إنه تجاهل الاستدعاءات المتكررة للمثول أمام المحكمة.

وأضاف ترار: "كل مرة كان يُستدعى إلى المحكمة (...) كان يأتي فقط بعد تلقيه تحذيرًا أخيرًا".

واجه خان عشرات الاتهامات منذ إطاحته في أبريل، وهو تكتيك يقول محلّلون إن الحكومات الباكستانية المتعاقبة استخدمته لإسكات معارضيها.

وقد يُمنع خان من تولي منصب عام، حال إدانته، الأمر الذي قد يؤدي إلى استبعاده من الانتخابات المقررة هذا العام.

جاء توقيف خان غداة تحذير وجهه الجيش له من إطلاق "مزاعم لا أساس لها" بعدما اتهم مجددًا ضابطًا كبيرًا بالتآمر لقتله.

هذا التحذير، الذي صدر مساء الاثنين، يظهر تدهور العلاقات بين الجيش النافذ في البلاد وخان.

كان الجيش قد ساند -في بادئ الأمر- وصوله إلى السلطة عام 2018 قبل أن يسحب دعمه له، ثم إزاحة خان من السلطة، عبر تصويت لحجب الثقة عن حكومته بالبرلمان، في أبريل 2022.

وقال مايكل كوغلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون إن "كبار مسؤولي الجيش لا ينوون ردم الهوة التي تفصلهم عن خان".

من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن -الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي في واشنطن- إن الولايات المتحدة تريد "التأكد من أن كل ما يحدث في باكستان يتوافق مع القانون والدستور".

وأضاف كليفرلي: "نريد أن نرى ديمقراطية سلمية في ذلك البلد".