لاستهداف العمق الروسي.. بريطانيا تعتزم إرسال صواريخ كروز بعيدة المدى لأوكرانيا
الحزمة ستشمل طائرات من دون طيار وذخيرة مدفعية وصواريخ دفاع جوي، إضافة إلى أسلحة أخرى.

ترجمات – السياق
في خِضم الشكاوى الأوكرانية المتكررة، بشأن بطء وتيرة المساعدات الغربية إليها، وفي ظل الاستعداد لصد هجوم روسي "كبير" محتمل، أعلنت بريطانيا استعدادها لتسليم كييف صواريخ بعيدة المدى، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد رفضت إرسالها، وفق صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن بريطانيا -التي تفاخرت بكونها متقدمة على حلفائها الغربيين في إدخال أنظمة أسلحة جديدة إلى أوكرانيا- اتخذت خطوة للأمام ووافقت على إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى كييف.
الإعلان البريطاني، جاء بعد أن كشف مسؤول أمريكي أن بلاده ستعلن -خلال الساعات المقبلة- حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بـ 1.2 مليار دولار.
وذكر في تصريحات لشبكة سي إن إن الأمريكية، أن الحزمة ستشمل طائرات من دون طيار وذخيرة مدفعية وصواريخ دفاع جوي، إضافة إلى أسلحة أخرى.
ومن المقرر أن تندرج حزمة المساعدات الأمريكية الجديدة، تحت مبادرة المساعدة الأمنية الأوكرانية (يو إس إيه آي)، ما يعني أن التعاقد عليها وشراءها سيكونان من الشركات المصنعة، بدلا من سحبها مباشرة من مخزون وزارة الدفاع (البنتاغون).
وتهدف هذه المساعدات إلى توفير إمدادات متوسطة وطويلة الأجل لأوكرانيا.
والأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية حزمة المساعدات الـ37 لأوكرانيا منذ أغسطس 2021.
وشملت الحزمة التي كانت بـ 300 مليون دولار ذخائر للمدفعية والدبابات وللمنظومة الصاروخية "هيمارس".
مساعدات بريطانية
وفي ما يخص المساعدات البريطانية، بينت "واشنطن بوست" أنه في إشعار شراء نُشر في 2 مايو الجاري من الصندوق الدولي لأوكرانيا بقيادة لندن -وهي مجموعة من دول شمال أوروبا التي أنشأت آلية لإرسال أسلحة إلى ساحة المعركة- طلبت وزارة الدفاع البريطانية "إبداء الاهتمام" بتقديم صواريخ بعيدة المدى، تصل إلى 300 كيلومتر أو ما يقرب من 200 ميل إلى أوكرانيا.
ووفقًا لمسؤول بريطاني، رفض تأكيد نوع أو توقيت أو كمية الأسلحة المستهدفة، لم يتخذ أي قرار نهائي، رغم أن إشعار الشراء بثلاثة أيام فقط للرد.
لكن الإشعار -وفق الصحيفة- يُعد خطوة جوهرية تجاه تزويد بريطانيا أوكرانيا بهذه الذخائر، لافتة إلى أن المواصفات للصواريخ المطلوبة تتطابق -بشكل وثيق- مع صواريخ كروز ستورم شادو التي تُطلق من الجو.
كانت أوكرانيا ناشدت الدول الغربية -منذ فترة طويلة- الحصول على صواريخ أطول مدى، بحجة أن هذه الأسلحة يمكن أن تُغير مسار الحرب، من خلال السماح لقواتها باستهداف مراكز القيادة الروسية وخطوط الإمداد والذخيرة ومستودعات الوقود في عُمق شبه جزيرة القرم والأراضي التي تسيطر عليها روسيا في الشرق الأوكراني.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه بينما تستعد كييف لشن هجوم مضاد كبير في أقرب وقت ممكن، خلال الأسابيع المقبلة، فإن القدرة على الضرب بعيدًا خلف الخطوط الأمامية لروسيا، ستساعد في تمهيد الطريق لهجوم بري بالدبابات وقوات المشاة.
وأوضحت أنه يمكن تركيب الصواريخ على طائرات أوكرانيا السوفيتية الصُنع والوصول إلى الأراضي الروسية، منوهة إلى أنه طالما سعت كييف إلى الحصول على هذه النوعية من الصواريخ، وحاولت تهدئة مخاوف الغرب من التصعيد، من خلال تعهدات بالامتناع عن استخدام الأسلحة المتبرع بها في هذه الهجمات.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف للاتحاد الأوروبي: "إذا تمكنا من الضرب على مسافة تصل إلى 300 كيلومتر لن يكون الجيش الروسي قادرًا على توفير الدفاع وسيضطر إلى الخسارة".
وشدد ريزنيكوف على أن أوكرانيا مستعدة لتقديم أي ضمانات بأن الأسلحة المتطورة لن تستخدم في الهجمات على الأراضي الروسية.
كانت موسكو اتهمت كييف، بتكييف طائرات من دون طيار للاستخدام بعيد المدى، بهجمات متفرقة في عمق روسيا.
ورغم أن كييف لم تؤكد مسؤوليتها عن أي من هذه الهجمات، فإنها ادعت أن لها الحق في ضرب أهداف روسية داخلية بأسلحتها الخاصة.
قلق أمريكي
وترى "واشنطن بوست" أن المخاوف الأمريكية من أن أوكرانيا ستطلق صواريخ على أهداف في روسيا، تُعد سببًا لرفض إدارة بايدن مرارًا النداءات الأوكرانية لتزويد الولايات المتحدة إياها بذخائر طويلة المدى.
كانت الولايات المتحدة قدمت أنظمة الصواريخ الدقيقة متعددة الإطلاق، بما في ذلك نظام الصواريخ المدفعية عالي الحركة، أو "هيمارس"، لكن فقط مع الذخائر التي يقتصر مداها على نحو 50 ميلاً.
وفي حزمة أسلحة أُعلنها هذا العام، قال "البنتاغون" إنه سيرسل إلى أوكرانيا قنابل صغيرة القُطر، المعروفة بـ (جي إل إس دي بي)، يمكن إطلاقها من "هيمارس"، لكن موعد التسليم مازال مجهولًا حتى الآن.
ويمكن أن يسمح المدى الطويل للسلاح، للقوات الأوكرانية بضرب أهداف روسية كانت بعيدة المنال، كما سيساعدها في مواصلة الضغط على القوات الروسية، عن طريق الهجمات المضادة خلف خطوط القتال الأمامية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن "هيمارس" تمتلك أيضًا القدرة على إطلاق نظام الصواريخ التكتيكية، أو إم جي إم-140 أتاكمز، وهي ذخيرة صواريخ بعيدة المدى، تبلغ 300 كيلومتر، لكن إدارة بايدن كانت جادة في رفض النداءات الأوكرانية مع مسؤولي "البنتاغون" بسبب مخاوفهم من تصعيد الصراع، وتذرعت بنقص الإمدادات في الترسانات الأمريكية.
ورفض رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، التعليق على إعلان بعض الدول نفاد ذخيرتها كحجة لعدم دعم كييف، وقال: "إذا كانت هناك لحظة في هذا الصراع يُمكننا إحداث فرق، فلماذا لا نغتنمها؟ ما الذي ننتظره؟".
قبل أسابيع من تلك التصريحات، وفقًا لملف لم يبلغ عنه، مُدرج ضمن الوثائق الأمريكية السرية المسربة عبر الإنترنت، من خلال منصة الرسائل ديسكورد، أكدت المخابرات الأمريكية أن بريطانيا تعتزم إرسال عدد غير محدد من صواريخ ستورم شادو إلى أوكرانيا، إلى جانب خبراء بريطانيين لتدريب الأوكرانيين على الاستخدام.
وهو ما أكده سوناك بميونيخ، إذ قال: "ستكون المملكة المتحدة أول دولة تزود أوكرانيا بأسلحة طويلة المدى".
وحسب الصحيفة الأمريكية، كانت بريطانيا ثاني أكبر مورد للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، حيث أسهمت بـ 2.5 مليار دولار من الذخائر العام الماضي، رغم أن ذلك يُعد جزءًا بسيطًا أمام ما قدمته واشنطن لكييف.
وأرسل البريطانيون بعض الأسلحة المضادة للطائرات والدبابات المحمولة على الكتف لمكافحة الغزو الروسي في فبراير 2022، ومؤخرًا من خلال تدريب الطيارين على الطائرات المقاتلة المتوافقة مع معايير "الناتو".
ومنتصف يناير، اخترقت بريطانيا تردد الحلفاء في إرسال دبابات ثقيلة إلى أوكرانيا، بإعلانها من جانب واحد أنها سترسل 14 دبابة تشالنغر بريطانية الصنع، وفي النهاية حذت الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما في أوروبا حذوها ووعدت بإرسال دروعها الثقيلة.
وفي حين أن السياسة الأمريكية لم تتغير، لم يعرب مسؤولو "البنتاغون" عن قلقهم عندما سُئلوا عن احتمال إرسال بريطانيا صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وقال السكرتير الصحفي للبنتاغون الجنرال باتريك رايدر: "نشيد بالدعم الكبير الذي يقدمه الحلفاء والشركاء من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المملكة المتحدة، إلى أوكرانيا".
بينما حثّ المشرِّعون الأمريكيون من الحزبين، إدارة بايدن مرارًا وتكرارًا على تزويد أوكرانيا بنظام إم جي إم-140 أتاكمز وإف - 16.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن المسافة بين الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا وسيفاستوبول، أكبر مدينة في شبه جزيرة القرم ومقر أسطول البحر الأسود الروسي، تقع ضمن نطاق نظام ستورم شادو، الذي طور في الأصل كمشروع أنجلو فرنسي أوائل التسعينيات، ويقام في ترسانات عدد من الدول في أوروبا والخليج العربي.
ونوهت إلى أن بريطانيا استخدمت هذه الأنظمة في العراق عام 2003، وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا في ليبيا عام 2011، وتكيفت لتلائم عددًا من الطائرات المختلفة.
ونقلت الصحيفة عن مارك كانسيان، كبير المستشارين في برنامج الأمن الدولي، قوله، إن الأسلحة ستسمح لقوات كييف بتبني التكتيكات التي تستخدمها روسيا، والتي تطلق "صواريخ كروز من الطائرات، داخل أراضيها لتتجاوز الدفاعات الجوية الأوكرانية".