حكومة الدبيبة تشعل غربي ليبيا... ما أهداف الضربات الجوية على الزاوية؟

المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، قال إن الدبيبة يستعد لعملية عسكرية في الزاوية لإزاحة خصومه

حكومة الدبيبة تشعل غربي ليبيا... ما أهداف الضربات الجوية على الزاوية؟

السياق

تصفها حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، بأنها تستهدف أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، بينما يراها منتقدوها استغلالًا للطيران المسير لإرهاب خصومها السياسيين... إنها الضربات الجوية التي تستهدف منطقة الساحل الغربي في ليبيا.

ومنذ الخميس الماضي، تشن حكومة الدبيبة ضربات جوية على ما تصفها بـ«أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر في مدينة الزاوية، غربي ليبيا»، بحسب وزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية منتهية الولاية.

وقالت الوزارة، في بيانها الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن «الطيران الوطني لوزارة الدفاع، نفذ ضربات جوية دقيقة وموجهة، ضد أوكار عصابات تهريب الوقود، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، في منطقة الساحل الغربي، وكانت -بفضل الله- ناجحة وحققت أهدافها المرجوة».

إلا أن الواقع لم يتجاوز البيان الرسمي لحكومة الدبيبة منتهية الولاية، فشنت قوى سياسية، حتى أولئك المحسوبة على المعسكر الغربي، هجومًا على حكومة الوحدة الوطنية، منددة بالخطوة التي قالت إنها تهدف لتحييد القوى التابعة لرئيس الحكومة الموقوف فتحي باشاغا.

الأطراف السياسية

عضو مجلس النواب الليبي علي أبوزريبة، قال خلال لقاء عدد من مشايخ وأعيان المنطقة الغربية، إن ما يحدث مخطط مـن بعض قادة مليشيات مصراتة لضرب مدينة الزاوية، مشيرًا إلى أن ما حدث لعبة من مصراتة وبعض قادتها.

وأوضح البرلماني الليبي، أن المليشيات المسلحة كانت تهدف لدفع التشكيلات العسكرية في الزاوية، لإخراج سلاحها وإشعال فتيل الحرب، مضيفًا: لدينا السلاح الذي يمكننا من المواجهة، لكننا حكمنا العقل، لأننا ندرك أنها لعبة سياسية حقيرة.

وأشار إلى أن الحرب ليست على الزاوية فقط، بل على المنطقة الغربية كلها، فحكومة الدبيبة تسعى إلى الفتنة بين الزاوية وصرمان وصبراتة والعجيلات، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك موقف قوي من مشايخ الزاوية والمنطقة الغربية.

بينما قال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في بيان المجلس، إن الدبيبة طور الحرب السياسية لاستخدام الطيران المسير، مشيرًا إلى أن بإمكان علي بوزريبة أن يمتلك بأمواله طيرانًا مسيرًا يضرب به عائلة الدبيبة.

وأوضح المشري، أن الدبيبة سيستمر في قصف أهداف خارج الزاوية وفي محيط مصراتة والساحل الغربي، لإنهاء الضوضاء التي صارت بشأن القصف، مشيرًا إلى أن الدبيبة طرف سياسي غير موثوق.

وبينما أكد رئيس "الأعلى للدولة" أن أي عملية كهذه يجب أن تُشارك بها الوحدات العسكرية من كل المناطق، قال إنه لا صحة بأن للحليف التركي دورًا في قصف الزاوية بالطيران المسير.

وأشار إلى أن استهداف الزاوية بالطيران المسير رسالة من الدبيبة للنائب علي بوزريبة وللنواب ولكل من يتحدث عن حكومة أخرى، مؤكدًا أن الدبيبة يريد أن يقول إن يدي طويلة وتستطيع أن تصل حتى إلى بيوتكم.

تداعيات الموقف

القصف المستمر من حكومة الدبيبة، ألقى بثقله على الأزمة السياسية في ليبيا، ودق جرس إنذار من إمكانية إعلان مدينة الزاوية -المستهدفة بالقصف- الانفصال عن الحكومة، بحسب عضو مجلس النواب جبريل وحيدة.

وقال البرلماني الليبي، إنه يخشى انفصال مدينة الزاوية عن حكومة الدبيبة، خاصة أن معظم مكونات المدينة موالون لمجلس النواب، مؤكدًا أن الدبيبة يستغل صفته وزيرًا للدفاع، للانتقام من خصومه السياسيين.

وأشار عضو مجلس النواب إلى أن أحداث الزاوية دليل على رفض الدبيبة للمسار الديمقراطي، مؤكدًا أن رئيس الحكومة منتهية الولاية اختار هذه العملية العسكرية، بعد إعلان لجنة 6+6 الانتخابية اتفاقات قانونية للذهاب نحو الانتخابات.

وأوضح أن الدبيبة سبق أن قال إنه لن يتنازل عن السلطة حتى لو اقتضى الأمر حمل السلاح، مؤكدًا أن الدبيبة يستغل الطيران المسير لإدخال ليبيا في فوضى قد تمتد لحرب طويلة، لتعطيل العملية السياسية بدعم تركي، لضمان بقائه أطول مدة في سدة الحكم.

وبينما قال البرلماني الليبي إن مهاجمة الدبيبة لمواقع مجموعات معارضة له في الزاوية، لتصفية حسابات سياسية وإشعال فتنة بين المجموعات المسلحة في المدينة، أكد أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الدبيبة تجاوز المجلس الرئاسي المتخصص وحده، بإصدار أوامر عسكرية من هذا النوع كقائد أعلى.

حكومة بنغازي

وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان الليبي، اللواء عصام أبوزريبة، قال في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن أحداث الزاوية تهدف إلى إشعال الفتنة بين أبناء الوطن.

وأوضح وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب، اللواء عصام أبوزريبة، أن أحداث مدينة الزاوية الأخيرة صادمة ومؤلمة بالنسبة إلى الجميع، موضحًا أن الاشتباكات التي شهدتها المدينة -منذ الخميس الماضي- تصرفات غير مسؤولة من أشخاص يهدفون إلى إشعال فتيل الحرب والفتنة بين أبناء الوطن.

وأضاف: «مصلحة الوطن والمواطنين أعلى من أي مصالح فردية أو جماعية، ولن ننجر وراء الفتن والانقسامات التي تستهدف وحدتنا وتماسكنا، وهدفنا العمل بروح الوطنية والمسؤولية وتحقيق الاستقرار والأمن والسلام لمدينتنا وبلادنا».

وأدانت هيئة رئاسة مجلس النواب، الاعتداء الذي وصفته بـ«السافر» على مقر سكن عضو مجلس النواب في الزاوية علي أبوزريبة، مستنكرة الاعتداء على المدنيين والمنشآت المدنية في الزاوية.

بينما قالت البعثة الأممية، إن هذه الأحداث تذكير بالحاجة الملحة إلى توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا، وتمكينها وجعلها خاضعة للمساءلة، لضمان سلامة الشعب الليبي واستقراره.

ضربات جوية على الزاوية

يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن الغارات التي تشنها حكومة الدبيبة، على مواقع بعض التشكيلات العسكرية غربي البلاد، تأتي بطلب مباشر من عبدالحميد الدبيبة، بعد أن زادت عليه الضغوط المحلية والدولية، لإعادة تشكيل حكومة موحدة للبلا،د تشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي يعمل على إنجازها المبعوث الأممي عبدالله باثيلي. 

وأوضح المحلل الليبي، أن الضربات ترمي إلى وضع عراقيل في طريق تنظيم الانتخابات، وإبقاء الأوضاع هشة في ليبيا، في محاولة لاستمرار الهيمنة التركية على القرار السياسي والاقتصادي والأمني في ليبيا.

وأشار إلى أن هذه التشكيلات تتكون من قوات عسكرية تتبع وزير الداخلية في حكومة باشاغا، وهي من مدينة الزاوية وصبراتة والعجيلات وصرمان، إضافة الى تشكيلات عسكرية لأسامة الجويلي من الزنتان، التي دخلت في تحالف ضد سيطرة الدبيبة ومصراتة على مفاصل الدولة الليبية، وحرمان مناطق الغرب الليبي الأخرى من السيطرة والنفوذ في العاصمة. 

وأكد المحلل السياسي الليبي، أن تلك التشكيلات تمثل تهديدًا لحكومة الدبيبة في طرابلس، مشيرًا إلى أن ذلك ما جعله يسارع للطلب إلى تركيا وهو طلب ينسجم مع استراتيجية أنقرة في إبقاء ليبيا دولة فاشلة للسيطرة عليها، لضرب مواقع هذه التشكيلات وشل حركتها نحو العاصمة طرابلس.

وبحسب كامل المرعاش، فإن حكومة الدبيبة ستنجح في تحييد تلك التشكيلات، لأن الطيران المسير التركي لم ولن يتوقف عن استهدافها، مؤكدًا أنها عاجزة عن الدفاع عن نفسها، لأنها تفتقد وسائل الدفاع اللازمة. 

وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن هذا الوضع لن ينتهي، بينما سيستمر الكر والفر، ما يعني استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتحقيق رغبة تركيا وحكومة الدبيبة التي ستبقى مسيطرة على موارد البلاد، إلا إذا تحرك المجتمع الدولي ونزع عنها الشرعية الدولية، بعد أن تحولت إلى حكومة محلية تتبع تركيا.

حكومة الدبيبة

يقول المرعاش: بعد فشل الجهود المصرية في إقناع الدبيبة بضرورة إدخال تعديلات على الحكومة، بإضافة شخصيات من شرقي البلاد، وباقتراح من قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، باتت حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية مهددة غربي البلاد.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن حكومة الدبيبة تقلص نفوذها كثيرًا في مدن الزاوية وصبراتة والزنتان وغيرها، مشيرًا إلى أن صراعًا قبليًا نشب وتحول إلى صراع بين قبائل مصراتة وبقية قبائل غربي ليبيا، ناهيك عن الجنوب وشرقي ليبيا، اللذين لم يكنا تحت نفوذ حكومة الوحدة الوطنية.

إزاحة الخصوم

المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، قال إن الدبيبة يستعد لعملية عسكرية في الزاوية لإزاحة خصومه، مشيرًا إلى أن هذه العملية بالتنسيق مع غرفة العمليات الاستخباراتية التركية والطيران المسير.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن هدف العملية تمكين المدعو أبو عبيدة الزاوي من السيطرة على المدينة، وألا تكون هناك قوات داخل المدينة سوى الموالية للدبيبة، مشيرًا إلى أن هناك تخوفًا من شن قوات موالية لمجلس النواب وللحكومة المكلفة من البرلمان هجومًا على طرابلس، يظهر ذلك من استهداف الطيران المسير لقوات أمنية لوزارة الداخلية ومجلس النواب، ولا علاقة لها بتجارة البشر ولا المخدرات.

وأشار إلى أن المنطقة الغربية مليئة بهؤلاء المهربين، لكنّ معظمهم موالون للدبيبة ولم يستهدفوا.