الإخوان على طريق الحظر في أوروبا... هل تنجح باريس في تجفيف منابع التمويل؟

يقول الباحث في جامعة فيينا حسام حسن، إن تجميد ثمانية من أصل 20 صندوق هبات رصدت السلطات الفرنسية تبعيتها إلى الإسلام السياسي عمومًا، والإخوان على وجه الخصوص، خطوة مهمة جدًا يمكن البناء عليها، لمواجهة تمويل الجماعة في أوروبا.

الإخوان على طريق الحظر في أوروبا... هل تنجح باريس في تجفيف منابع التمويل؟

السياق

مع انحسار أنشطة ومصادر تمويل تنظيم الإخوان، في الشرق والمغرب العربي، ولى التنظيم الإرهابي وجهه شطر أوروبا، لعله يجد فيها منفذًا من المقصلة التي تهدد كيانه وأعضاءه.

ورغم أن الدول الأوروبية التي وضعها التنظيم الإرهابي نصب عينيه، لا تدقق كثيرًا في المنظمات، التي تتخفى خلف أنشطة أخرى غير دينية، فإن فرنسا وجهت سهامها الأمنية تجاه «الإخوان»، وتلك الجمعيات المحسوبة على التنظيم.

جهود أثمرت مصادرة 25 مليون يورو من أموال التنظيم، على خلفية التحقيق في قضايا إرهاب وتطرف، ضمن التحقيقات الموسعة التي تجريها أجهزة الأمن الفرنسية منذ عام 2021.

 

هل تنجح باريس؟

يقول الباحث في جامعة فيينا حسام حسن، في تصريحات لـ«السياق»، إن تجميد ثمانية من أصل 20 صندوق هبات رصدت السلطات الفرنسية تبعيتها إلى الإسلام السياسي عمومًا، والإخوان على وجه الخصوص، خطوة مهمة جدًا يمكن البناء عليها، لمواجهة تمويل الجماعة في أوروبا.

إلا أنه لتحقيق هذا الأمر، واستمرار ملاحقة مصادر التمويل، يجب أن يؤسس قانونًا لخطوة تجميد الصناديق، بشكل جيد، وأن تكون مبنية على قرائن تتفق مع القانون الفرنسي، حتى لا تسمح للإخوان الذي يعتمدون على قانونيين ضالعين في القانون الفرنسي بالطعن عليها ووقف تنفيذها، وفق الباحث في جامعة فيينا.

وبحسب حسام حسن، يجب الاستمرار في جمع المعلومات والأدلة القانونية، لتجميد بقية الصناديق بما تتضمنها من ملايين اليوروهات، لتوجيه ضربة قوية لشبكة تمويل الإخوان وأنشطتها في فرنسا.

أنشئت هذه الصناديق عام 2008، لجمع تمويلات خاصة، خصوصًا أنها لم تكن محل رقابة من السلطات، ما تعد أداة مهمة لتمويل أنشطة جماعات الإسلام السياسي، بعيدًا عن السلطات الأمنية.

وعن تداعيات الجهود الفرنسية، حال تجاوزها فخاخ الطعون القانونية للإخوان، أكد الباحث في جامعة فيينا، أنها ستكون بعد اكتمالها نواة لمسارات مشابهة في دول أوروبية، ما يضرب شبكات تمويل الإخوان في هذه الدول، ويؤثر بشكل كبير في أنشطتها.

وأشار إلى أن فرنسا تتعاون مع النمسا والدنمارك (وفق مخرجات مؤتمرات فيينا لمكافحة الإسلام السياسي) على سبيل المثال، في مكافحة جماعات التطرف الإسلامية، في ما يتعلق بتبادل المعلومات والخبرات، ما يعني أن نجاح الخطوات الفرنسية ستكون له أصداء كبيرة في فيينا وكوبنهاغن.

ويقول الباحث في جامعة فيينا، إن الكرة في ملعب السلطات الفرنسية، لتلافي عيوب وقعت فيها النمسا بتحقيقاتها ضد الإخوان، وتحصين قراراتها بشكل قانوني، ومن ثم وضع أساس قوي لمكافحة تمويل التنظيم على المستوى الأوروبي.

 

حفظ الهوية

في السياق نفسه، قال الباحث والأكاديمي المصري المقيم في نيويورك مصطفى النجار، في تصريحات لـ«السياق»، إن المتتبع للمسار السياسي الفرنسي، يرى أن قرار باريس بشأن تمويلات الإسلام السياسي متوقع، مشيرًا إلى أن فرنسا لديها تخوفات منذ سنوات من الوجود الإسلامي على أراضيها.

وأوضح الأكاديمي المصري، أن الأمن القومي لدى السلطات الأمنية الفرنسية، ورغبتها بحفظ هوية المجتمع العلماني انعكسا على القرارات السياسية لبعض القادة.

وأشار إلى أن هذا القرار وما سبقه من سياسات لمواجهة انعزال المجتمعات المسلمة داخل الفرنسي، يعبر عن توجه دولة بكل مؤسساتها، ما يعد قرارًا متوقعًا بسبب ظروف المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد.

لكن هذا التوجه، قد لا يمنع فرنسا من التراجع عن التحفظ على 25 مليون يورو من أموال جماعة الإخوان، بحسب النجار، الذي قال إن القرار يندرج تحت مسمى «الإجراءات الاحتياطية» ضمن قضية لمكافحة الإرهاب، وهو حق أصيل للحكومة لحفظ أمن البلاد.

 

أسئلة بلا أجوبة

وأوضح أن هناك عددًا من التساؤلات يجب الإجابة عنها، حتى لا يطعن على هذا القرار، وهي: كيف دخلت هذه الأموال وما المدة الزمنية التي ظلت فيها داخل فرنسا؟ وهل وُضعت في بنوك معروفة أم أنها مرت بعمليات غسل الأموال المتعارف عليها؟

الإجابة عن هذه الأسئلة توضح مستقبل هذه الأموال، يقول الأكاديمي المصري، مشيرًا إلى أنه إذا مرت هذه الأموال بعمليات لإدارة «المال القذر»، من الممكن أن يتصاعد الخلاف بين الجماعة وفرنسا.

وأشار إلى أن الخلاف لن يقف عند باريس، بل سيتجاوزه إلى أوروبا، لأن هناك تعاونًا أمنيًا مشتركـًا مع دول الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن هناك تخوفات من الجماعات الراديكالية في أوروبا بشأن ملاحقة مصادر تمويلهم.

وبحسب النجار، فإنه إذا أثبتت السلطات الفرنسية حججها ضد الإخوان، لن تكون هذه الخطوة تضييقًا على التيار الإسلامي فقط، بل ستحظرها، مشيرًا إلى أن هناك إجراءات بعد هذه الخطوة، تعتمد على التحري الدقيق، قبل اتخاذ إجراءات تصل لحد حظر وتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية.