ديون أمريكا في قبضة 5 دول... إحداها عدو لدود للولايات المتحدة

الحكومة الأمريكية مدينة بتريليونات الدولارات من الديون لكيانات أجنبية، بما في ذلك الحكومات والبنوك المركزية والشركات والمستثمرين الأفراد.

ديون أمريكا في قبضة 5 دول... إحداها عدو لدود للولايات المتحدة

السياق

مع احتدام أزمة سقف الدين، وما خلفته من أعباء ومخاطر، تخلف أكبر اقتصاد في العالم عن سداد ديونه، وتبعات ذلك على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، هناك نور في نهاية النفق المظلم.

ذلك النور، تمثل في تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، في ساعة مبكرة من صباح السبت، أكد فيها أن المفاوضين الديمقراطيين والجمهوريين، على وشك التوصل إلى اتفاق لحل أزمة سقف الدين، ما ينعش الآمال بنهاية وشيكة للخطر.

وفي تصريحات صحفية، قال بايدن إن «الاتفاق قريب جدًا وأنا متفائل (...) آمل أن نعلم بحلول الليلة ما إذا كان بوسعنا التوصل إلى اتفاق».

ورغم عدم وجود إشارات لإعلان رسمي وشيك، فإن ذلك يُعد -حتى الآن- أقوى مؤشر على إمكان حل الخلاف بين الحزبين الرئيسين، والسماح للحكومة بالاقتراض وتجنُّب التخلف عن السداد، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، التي قالت إن الاتفاق المحتمل سيجمد بعض النفقات لكن من دون المساس بالميزانيات المخصصة للدفاع وقدامى المحاربين، وسيتيح إرجاء خطر التخلف عن السداد سنتين، حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

الدول التي تحتفظ بأكبر قدر من الديون الأمريكية

يقول موقع USFACT، إنه أوائل عام 2023، امتلك المستثمرون الأجانب ما يقرب من ربع جميع الديون الأمريكية، مشيرًا إلى أن الحكومة الأمريكية مدينة بتريليونات الدولارات من الديون لكيانات أجنبية، بما في ذلك الحكومات والبنوك المركزية والشركات والمستثمرين الأفراد.

يشمل هذا الدين سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية، التي تحظى بشعبية لأنها تعد استثمارات آمنة، بحسب الموقع الأمريكي، الذي قال إن دولًا عدة تشتري سندات الخزانة الأمريكية (وتسمى أيضًا سندات الخزانة) لأنها أحد أكثر خيارات الاستثمار المتاحة أمانًا.

حجم ديون الولايات المتحدة

من يناير 2023، تمتلك الدول الأجنبية 7.4 تريليون دولار من سندات الخزانة، أو ما يقرب من 24% من إجمالي الدين الأمريكي، بحسب الموقع الأمريكي، الذي قال إنه خلال العقدين الماضيين، امتلكت البنوك المركزية والكيانات الحكومية 50-75% من الديون المملوكة للأجانب، واحتفظ المستثمرون المستقلون والشركات بالباقي.

وعام 2000، كان 1.7 تريليون دولار أو 18% من إجمالي الديون مملوكًا لأجانب، إلا أن هذا الرقم ارتفع إلى 7.7 تريليون دولار عام 2014، أو 34%، وهي أعلى نسبة في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي وقت مبكر من جائحة كورونا، تراجعت الملكية الأجنبية للديون الأمريكية، حيث باعت دول مثل المملكة العربية السعودية والصين والبرازيل حصصها من سندات الخزانة الأمريكية، مقابل رأس مال قصير الأجل. 

ورغم استئناف الدول الأجنبية شراء الديون الخارجية نهاية عام 2020، انخفض إجمالي الديون المملوكة للأجانب منذ ذلك الحين.

الديون الأمريكية

يقول موقع USFACT، إنه خلال العشرين عامًا الماضية، امتلكت اليابان والصين سندات خزانة أمريكية أكثر من أي دولة أجنبية أخرى.

وبين عامي 2000 و2022، نمت اليابان من امتلاك 534 مليار دولار إلى ما يزيد قليلاً على تريليون دولار، بينما نمت ملكية الصين من 101 مليار دولار إلى 855 مليار دولار.

واستحوذت اليابان والصين على ما يقرب من 50% من إجمالي ديون الولايات المتحدة المملوكة للأجانب بين عامي 2004 و2006، إلا أنه مع ذلك، انخفض هذا الرقم بمرور الوقت، فمن عام 2022 سيطر الأجانب على ما يقرب من 25% من الديون المملوكة للأجانب.

ومن يناير 2023، كانت الدول الخمس، التي تمتلك أكبر قدر من الديون الأمريكية هي: اليابان (1.1 تريليون دولار) والصين (859 مليار دولار) والمملكة المتحدة (668 مليار دولار) وبلجيكا (331 مليار دولار) ولوكسمبورغ (318 مليار دولار).

وشهد المستثمرون من روسيا والصين وإندونيسيا انخفاضًا حادًا في سندات الخزانة الأمريكية، خلال السنوات الماضية، بسبب العقوبات واحتياجات رأس المال قصيرة الأجل، من بين أسباب أخرى، بحسب الموقع الأمريكي، الذي قال إن معظم المستثمرين الأجانب يمتلكون اليوم ديونًا أمريكية أكثر مما كانوا عليه قبل عقد من الزمان.

لماذا تشتري الدول الأجنبية ديون الولايات المتحدة؟

أحد الأسباب التي تجعل المستثمرين الأجانب يشترون سندات الخزانة الأمريكية، أنها من أكثر الأصول أمانًا في العالم، فحكومة الولايات المتحدة تلتزم بسداد الديون في الوقت المناسب، الأمر الذي يمكن أن يكون جذابًا بشكل خاص في أوقات عدم اليقين الاقتصادي. 

وفي الواقع، يعد امتلاك الدولار الأمريكي في شكل سندات خزانة، جزءًا من السياسات النقدية الأجنبية، ويمكن أن يكون الاحتفاظ بمبلغ كبير من الدولارات الأمريكية مفيدًا، لأنها عملة مقبولة على نطاق واسع، في التجارة والمعاملات الدولية. 

ويمكن أن يوفر امتلاك سندات الخزانة الأمريكية مزايا إضافية مثل تنويع المحفظة، إضافة إلى معدل عائد أعلى مقارنة بالسندات الحكومية الأخرى المتاحة في العالم.

الحلول

بحسب تقديرات لوزيرة الخزانة جانيت يلين، وجهتها إلى رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، فإنه «بناءً على أحدث البيانات، تفيد تقديراتنا بأن موارد الخزانة لن تكون كافية للوفاء بالتزامات الحكومة، إذا لم يعمد الكونغرس إلى رفع سقف الدين العام أو تعليقه في الخامس من يونيو المقبل».

وقالت الوزيرة الأمريكية، إن أكثر من 130 مليار دولار من المدفوعات للمتقاعدين وقطاع الصحة وقدامى المحاربين، تستحق في اليومين الأولين من يونيو المقبل، ما يترك الخزانة مع مستوى موارد منخفض جدًا.

المخاطر

أكد المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بايتس، أن الجمهوريين على استعداد للمخاطرة بأكثر من ثمانية ملايين وظيفة، لإخراج الطعام من أفواه الأمريكيين الجياع.

وحال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي وحصول تصويت في مجلسي النواب والشيوخ، لن تكون الولايات المتحدة قادرة على سداد ديونها فحسب، بل غير قادرة -كذلك- على دفع رواتب بعض الموظفين الرسميين أو الإعانات الاجتماعية.

والتحدي، إلى جانب تجنُّب كارثة مالية واجتماعية واقتصادية، هو السماح لكل معسكر بالحد من الضرر على المستوى السياسي.