هل تحل الصين محل أمريكا كقوة عظمى للذكاء الاصطناعي في العالم؟

الذكاء الاصطناعي يدخل سباق التسلح.. لماذا تشعر أمريكا بخوف شديد من الصين؟

هل تحل الصين محل أمريكا كقوة عظمى للذكاء الاصطناعي في العالم؟

ترجمات -السياق 

«الصين قد تحل محل الولايات المتحدة قريبًا كقوة عظمى للذكاء الاصطناعي في العالم»، هكذا قالت صحيفة الأوبزرفر، في تقرير، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تشعر بخوف شديد.

وقالت الصحيفة البريطانية، إنه في الآونة الأخيرة، دخل سباق التسلح بين الدول، نوع جديد من الأسلحة، يطلق عليه بشكل فضفاض «الذكاء الاصطناعي»، مشيرة إلى أن عام 2021 كان كاشفًا لمدى قلق حكومة الولايات المتحدة حيال ذلك. 

وبحسب «الأوبزرفر»، فإن لجنة الأمن القومي للذكاء الاصطناعي، برئاسة إريك شميدت، الرئيس السابق لشركة جوجل، حذرت بتقريرها، الصادر في مارس من ذلك العام، من أن الصين قد تحل محل الولايات المتحدة قريبًا كـ «قوة عظمى للذكاء الاصطناعي» في العالم. 

وأشارت لجنة الأمن القومي إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستستخدم في «السعي وراء السلطة»، مؤكدة أن «الذكاء الاصطناعي لن يبقى في مجال القوى العظمى ولا الخيال العلمي». 

كما حثت الرئيس بايدن على رفض الدعوات لفرض حظر عالمي على الأسلحة ذاتية التشغيل، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي المثيرة للجدل، قائلة إن من غير المرجح أن تلتزم الصين وروسيا بأي معاهدة وقعتها.

إصرار صيني

ورأت الصحيفة البريطانية، أن «هذا كان أقوى مؤشر -حتى الآن- على القلق من الهيمنة، الذي يجتاح الولايات المتحدة، في مواجهة الإصرار الصيني المتزايد على المسرح العالمي»، مضيفة: «يفسر أيضًا سبب توقيع عديد من الباحثين لرسالة مفتوحة تدعو مختبرات الذكاء الاصطناعي إلى التوقف فورًا ستة أشهر على الأقل، عن تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر قوة من GPT-4. 

وبحسب الصحيفة البريطانية، إذا لم يكن بالإمكان تفعيل هذا التوقف المؤقت بسرعة، فإن الحكومات يجب أن تتدخل، في اللحظة التي نواجه فيها مشكلة، في محاولة إدارة التكنولوجيا التي نمتلكها من دون القلق بشأن مستقبل مضارب وبعيد.

لإلقاء نظرة على المخاوف التي تسيطر على الولايات المتحدة، قد يكون الفصل الأول من عام 2034: رواية من الحرب العالمية التالية، الذي شارك في تأليفه كاتب أفلام الإثارة وأدميرال أمريكي سابق، مفيدًا. 

يتضمن الفصل الأول: مجموعة حاملات أمريكية في بحر الصين الجنوبي، تذهب لمساعدة قارب صيد صيني مشتعل، إلا أنه تبين أن القارب يحتوي على مجموعة إلكترونية مثيرة للاهتمام. 

يطالب الصينيون بالإفراج الفوري عن السفينة، وعند هذه النقطة يكتشف الأمريكيون، غير المستعدين، أن أنظمتهم الإلكترونية أصبحت فارغة، وأنهم محاطون بمجموعة من السفن الحربية الصينية التي كانت على مقربة منهم، غير مدركين تمامًا. هذا ما تشعر به الدونية التكنولوجية إذا كنت قوة عظمى.

عتبة مهمة 

وبحسب «الأوزرفر»، فإن الدافع وراء رسالة «التوقف المؤقت» كان حسن النية، إلا أن من غير المجدي المخاوف من أن تكنولوجيا التعلم الآلي تجاوزت عتبة مهمة على الطريق إلى الذكاء الاصطناعي العام AGI، أي الآلات فائقة الذكاء. 

وأضافت: هذا معقول فقط إذا كنت تعتقد -كما يفعل البعض في عالم التعلم الآلي- أن التوسع الهائل في النماذج الكبيرة للغة سيقودنا في النهاية إلى الذكاء الاصطناعي العام»، محذرة من أنه «إذا حدث ذلك (كما يقول المنطق المرعب)، فقد يكون هذا خبرًا سيئًا للبشرية، ما لم تكن الآلات راضية عن الاحتفاظ بالبشر كحيوانات أليفة».

وقالت الصحيفة البريطانية، إنه بالنسبة لمؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، فإن احتمال وصول الصين إلى الذكاء الاصطناعي العام قبل الولايات المتحدة يبدو كأنه تهديد وجودي للهيمنة الأمريكية. 

وأشارت إلى أن عمالقة التكنولوجيا المحليون، الذين يهيمنون على التكنولوجيا، يثيرون هذه المخاوف الوجودية، مضيفة: هكذا يمكن أن يواجه العالم سباق تسلح جديدًا تغذيه الأجيال القادمة من التكنولوجيا التي جلبت لنا تشات جي بي تي».

ويعتمد هذا الخط في التفكير على ركيزتين، أولاهما: العقيدة التي تعني أن التوسع السريع في تكنولوجيا التعلم الآلي سيؤدي في النهاية إلى إنتاج الذكاء الاصطناعي العام، إلا أنها تبدو افتراضًا، بينما الأخرى تتمثل في: مفهوم خاطئ عن طبيعة المنافسة التكنولوجية. 

وكما أشار الفيلسوف كينيث تايلور، قبل وفاته المفاجئة، فإن أبحاث الذكاء الاصطناعي نوعان: الذكاء الاصطناعي كهندسة والذكاء الاصطناعي كعلم معرفي. 

تقدم مذهل

وتقول «الأوبزرفر»، إن ظهور النماذج الكبيرة للغة وروبوتات المحادثة، تؤكد إحراز تقدم كبير على الجانب الهندسي، لكن في المجال المعرفي، ما زلنا بعيدين عن اختراقات مماثلة. 

إلا أنه مع ذلك، فإن هناك حاجة إلى تقدم مذهل إذا كان لآلات التفكير أن تكون اقتراحًا قابلاً للتطبيق، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إن الاعتقاد الخاطئ هو أن هناك فائزين واضحين في سباقات التسلح. 

وكما أشار سكوت ألكساندر، قبل أيام، فإن الانتصارات في هذه السباقات تميل إلى أن تكون عابرة، رغم أن الميزة التكنولوجية قد تكون كافية -في بعض الأحيان- لترجيح كفة الميزان في الصراع، كما كانت الأسلحة النووية عام 1946. 

لكن هذا كان وضعًا ثنائيًا، حيث إما تمتلك أسلحة نووية وإما لا، إلا أن هذا لم يكن الحال مع التقنيات الأخرى: الكهرباء أو السيارات أو حتى أجهزة الكمبيوتر، ولن يكون كذلك مع الذكاء الاطصناعي، إذا وصلنا إليه. وفي الوقت الحالي، لدينا مشكلة كافية في محاولة إدارة التكنولوجيا التي لدينا من دون القلق بشأن المستقبل البعيد.

وتقول مجلة فورين بوليسي، إن الصين أمضت سنوات في تطوير قدراتها بمجال الذكاء الاصطناعي، وحددت طموحاتها في خطة عام 2017 التي سعت إلى جعل البلاد «مركزًا عالميًا للابتكار» في هذا المجال بحلول عام 2030. 

تقلص مساحة العمل

وأشارت إلى أن هذه الأهداف ولدت منافسة وكذلك تعاونًا بين العلماء والشركات الأمريكية والصينية، لكن نظرًا لأن العلاقة بين أكبر اقتصادين في العالم أصبحت خصومة بشكل متزايد -لا سيما على صعيد التكنولوجيا- فقد تتقلص مساحة العمل معًا على تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي بسرعة. 

وبحسب المجلة الأمريكية، فإن القيود التي فرضتها إدارة بايدن في أكتوبر الماضي على تصدير رقائق أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين، التي تهدف جزئيًا إلى قدرات الذكاء الاصطناعي في الصين، بمنزلة توسع كبير في العلاقة التي أصبحت أكثر حدة.

وقال جراهام ويبستر، الباحث ورئيس تحرير مشروع DigiChina في مركز السياسة الإلكترونية بجامعة ستانفورد، إن تعريف لحظة روبوت المحادثة بمصطلحات قومية بشكل مفرط قد يكون مضللًا. 

وتعد «تشات جي بي تي» بعيدة كل البعد عن نوع التكنولوجيا التي طورت تقليديًا في مختبرات الحكومة الأمريكية، بحسب ويبستر: «لا أعتقد أنه ينبغي على المرء أن ينظر إلى تشات جي بي تي على أنه فوز للولايات المتحدة في نوع من السباق». 

هناك أيضًا اختلاف كبير في كيفية تعامل الصين مع تنظيم الذكاء الاصطناعي، وفقًا لبول تريولو، نائب الرئيس الأول للصين قائد سياسة التكنولوجيا في مجموعة أولبرايت ستونبريدج، مضيفًا أن الولايات المتحدة تميل إلى التعامل مع الذكاء الاصطناعي كعنصر إضافي في التنظيم. 

من ناحية أخرى، ينظر المسؤولون الصينيون إلى الذكاء الاصطناعي كتقنية مهمة تتطلب إطارًا تنظيميًا، للتحكم في الجوانب السلبية لنشر خوارزمية الذكاء الاصطناعي، وأيضًا لتزويد شركات التكنولوجيا بإحساس واضح بالمكان الذي فيه رسم الخطوط التنظيمية لتشجيع الابتكار في القطاع.

استثمارات كبيرة

وقال روبوت المحادثة لمجلة فورين بوليسي، إن الصين ضخت استثمارات كبيرة بالذكاء الاصطناعي (AI) في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن قدراتها في هذا المجال تتقدم بسرعة.

وتشمل نقاط القوة بالصين في مجال الذكاء الاصطناعي معالجة اللغة الطبيعية ورؤية الكمبيوتر والتعلم الآلي، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن بكين أحرزت تقدمًا كبيرًا في تطوير التطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لمختلف الصناعات، مثل الرعاية الصحية والنقل والتمويل. 

ودعا الروبوت إلى «سياسات ومبادرات الصين الهادفة إلى جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات، ما أثار مخاوف بشأن إساءة الاستخدام المحتملة وانتهاك الخصوصية».

وبحسب روبوت «تشات جي بي تي»، فإن قدرات الذكاء الاصطناعي في الصين تتقدم بسرعة، مشيرًا إلى أن بكين تستعد لأن تصبح لاعباً رئيساً في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، إلا أنه مع ذلك، سيكون من المهم بالنسبة للصين معالجة المخاوف المتعلقة بالخصوصية، والتأكد من تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه بشكل مسؤول.