مشاورات القاهرة بشأن ليبيا... فشل جديد في الاتفاق على مسودة الدستور وتأجيل الحسم

يقول المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ السياق، إن بيان البعثة الأممية بعد نهاية جولات القاهرة جاء متناقضًا، مشيرًا إلى أن البعثة الأممية لا تريد الاعتراف بفشلها، فقررت الحديث عن توافقات كثيرة قبل الحديث عن الخلافات والنقاط التي لم يتم التوافق عليها

مشاورات القاهرة بشأن ليبيا... فشل جديد في الاتفاق على مسودة الدستور وتأجيل الحسم

السياق

بعد أسبوع من مشاورات ليبية في العاصمة المصرية القاهرة، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، خاصة بعد ختام حمل الكثير من علامات الاستفهام على الجولة التي كانت الأنباء الإيجابية عن تطوراتها تهب من وقت إلى آخر.

إلا أن بيانًا «مبهمًا» خرجت به البعثة الأممية، في ختام المفاوضات التي انتهت فجر الاثنين، اكتفت فيه بالقول إن الجولة الحالية، خرجت بكثير من التوافق وببعض الخلافات، من دون أن تحدد النقاط الخلافية ولا تلك التي توافقت عليها اللجنة الليبية المشتركة، المكونة من مجلسي النواب والأعلى للدولة.

وقالت مصادر ليبية في تصريحات لـ«السياق»، إن الخلافات بين المجتمعين في مشاورات القاهرة، دبت قبل أيام من ختامها، خاصة بعد فشل اللقاء الذي كان مقررًا بين رئيسي مجلسي النواب المستشار عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري.

وأوضحت المصادر، أن اللقاء فشل، بعد تغيير خطط الاجتماع الذي كان مقررًا بين الرجلين، ليشمل التوافق على حكومة فتحي باشاغا، التي ما زالت تجد صعوبة في الحكم، خاصة إثر استمرار رئيس الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة في عدم تسليم السلطة.

وأمام هذه الخلافات التي ما زالت متجذرة ومع دق أجراس موعد انتهاء مشاورات القاهرة، خرجت البعثة الأممية بعد كثير من الانتظار، ببيان أكدت فيه ختام الجولة بكثير من التوافق.

 

خلافات قائمة

قالت المستشارة الخاصة للأمين العام ستيفاني وليامز، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن مفاوضات اللجنة المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، المتعلقة بالمسار الدستوري الليبي، انتهت فجر الاثنين، وأحرزت الكثير من التوافق على المواد الخلافية في مسودة الدستور الليبي.

إلا أن ويليامز، أكدت أن الخلافات ظلت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات، داعية رئاستي المجلسين للاجتماع خلال عشرة أيام في مكان يتفق عليه لتجاوز النقاط العالقة. ولم تكشف ويليامز عدد المواد التي جرى الاتفاق عليها، ولا تلك التي احتدم الخلاف بشأنها.

وتوجهت مستشارة الأمين العام، بالشكر إلى مصر حكومةً وشعباً على حسن استضافتهم جولات المحادثات الثلاث، التي عقدت في القاهرة، مشيدة بجهود أعضاء المجلسين لحل الخلافات التي احتدمت بشأن عدد من النقاط.

وتعهدت الأمم المتحدة، بالالتزام بدعم الجهود الليبية لإنهاء المراحل الانتقالية وانعدام الاستقرار الذي أصاب البلاد، عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة، في أقرب تاريخ ممكن، وتلبية تطلعات ما يقارب 3 ملايين ليبي ممن سجلوا للتصويت للانتخابات.

نقاط خلافية

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، في تصريحات صحفية، إن مسألة الترشح لرئاسة البلاد، كانت إحدى النقاط الخلافية، خلال محادثات الجولة الأخيرة للجنة المسار الدستوري.

وأوضح متحدث البرلمان، أن أعضاء اللجنة المشتركة تجاوزوا عددًا من النقاط، خاصة أن المواد المتفق عليها في مسودة الدستور أكثر من المختلف عليها.

كانت الجولة الثانية من مشاورات القاهرة، التي ختمت أعمالها، في 20 مايو الماضي، توصلت إلى توافق مبدئي على 137 مادة (قرابة 70% من مسودة الدستور)، تتعلق بالباب الثاني المعني بالحقوق والحريات، فضلاً عن البابين الخاصين بالسلطة التشريعية والقضائية.

وبحسب مراقبين، فإن بيان البعثة الأممية، الذي تأخر كثيرًا موعد صدوره، كشف خلافات داخل المجلسين، بينما كانت تحاول وليامز احتواءه حتى اللحظات الأخيرة، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل.

 

بيان متناقض

وعن بيان البعثة الأممية، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن بيان البعثة الأممية بعد نهاية جولات القاهرة جاء «متناقضًا»، مشيرًا إلى أن البعثة الأممية لا تريد الاعتراف بفشلها، فقررت الحديث عن توافقات كثيرة قبل الحديث عن الخلافات والنقاط التي لم يتم التوافق عليها.

وعبر المحلل الليبي عن اعتقاده بأن النقاط التي اختلف عليها المجلسان تعد جوهرية وحساسة، مؤكدًا أنه لن يتم التوافق عليها بشكل سلس، بينما قال إن أبرز النقاط الخلافية، تتمثل في شروط انتخاب الرئيس، مؤكدًا أنها نقطة خلافية.

وأشار إلى أنه كان على البعثة الأممية عقد مباحثات جانبية أولية، قبل الدخول في هذه المباحثات، حتى تمهد الطريق لمشاورات أكثر سلاسة، لاسيما أن هذه الخلافات هي ذاتها التي كانت سببًا في إجهاض الانتخابات قبل 6 أشهر.

أما عن اللقاء الذي تعتزم المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا تنظيمه بين المشري وصالح، فقال المحلل الليبي إن نجاح الاتفاق بينهما، يعتمد على مدى رغبة الامم المتحدة في الوصول إلى اتفاق ليبي ملزم لكل الأطراف.

واستبعد المحلل الليبي، إمكانية التوصل لاتفاق، كون ويليامز تريد فرض آراء وأفكار معينة، وتريد استمرار الاتفاق الليبي برعايتها، لأنها ترى نفسها «الآمر الناهي» في ليبيا، مؤكدًا أن لقاء صالح والمشري يجب أن يسبقه تمهيد الطريق لحل النقاط الخلافية وإيجاد أرضية صلبة للتوافق حتى يكلل بالنجاح.

من جانبه، قال عضو الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور سالم كشلاف، في تصريحات صحفية، إن عدم الوصول إلى نتائج بين الطرفين في القاهرة كان متوقعًا، لأن كل طرف كان مختلفًا منذ البداية عن الآخر.

 

تعديل الدستور

وأوضح كشلاف، أن مجلس النواب يرى أنه بصدد تعديل مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، بينما يرى مجلس الدولة أنه بصدد إعداد قاعدة دستورية مؤقتة تجرى على أساسها الانتخابات، على أن يحال مشروع الدستور إلى السلطة التشريعية المقبلة، لإجراء الاستفتاء عليه.

وأشار إلى أن المبعوثة الأممية بالإنابة تحاول الآن تسويق أن الدستور هو القاعدة التي ستجرى عليها الانتخابات، بعد أن تنكرت له 5 سنوات، مؤكدًا أنها «تتجاوز اختصاصاتها».

وأكد أن خيار الاستفتاء على مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية أصبح ملحًا، يجب على الأطراف الدولية والوطنية تبيينه ودعمه، بعيدًا عن الحسابات أو التسويات السياسية بين أطراف أصبح من المستحيل نجاحها في التوافق على أي استحقاق وطني.