ماذا يعني تعيين فرنسا لودريان مبعوثًا خاصًا إلى لبنان؟
يأتي تعيين لودريان، في الوقت الذي تشهد لبنان حالة انقسام حاد، في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد، لاسيما بعد اتفاق أحزاب مسيحية على ترشيح المسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور.

السياق
قبل أيام من عقد البرلمان اللبناني، جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ظل شاغرًا منذ 7 أشهر، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان مبعوثًا خاصًا إلى لبنان.
يأتي تعيين لودريان، في الوقت الذي تشهد لبنان حالة انقسام حاد، في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد، لاسيما بعد اتفاق أحزاب مسيحية على ترشيح المسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور.
ورأى مراقبون، أن تعيين فرنسا لوزير خارجيتها السابق جان إيف لودريان، مبعوثًا خاصًا إلى لبنان، يؤشر على تغير في المقاربة الفرنسية، حيال أزمة الشغور الرئاسي، خصوصًا بعد توصل المكونات المسيحية الرئيسة إلى إجماع على ترشيح أزعور.
وذكر المراقبون، أن القرار من شأنه أن يضع حدًا لاحتكار المستشارين باتريك دوريل وإيمانويل بون ورئيس الاستخبارات الخارجية برنارد إيمييه، لمسار حل أزمة الرئاسة في لبنان، حيث كان الثلاثي يدفع باتجاه خيار دعم مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الأمر الذي أثار امتعاضًا شديدًا في صفوف القوى المسيحية بلبنان.
مصيدة حزب الله للرئاسة... ما فقده بالتهديد يطلبه بالحوار
"ليس لدينا مرشح"
أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا –الخميس- أن باريس ليس لديها مرشح رئاسي في لبنان، وما يهمها أن يصبح له رئيس للجمهورية، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها.
جاءت تصريحات كولونا، خلال اجتماع مع وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبدالله بوحبيب، على هامش الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة داعش، في العاصمة السعودية الرياض.
وأعلنت الوزيرة الفرنسية أن "مبعوث فرنسا الجديد إلى لبنان سينشط ليسرّع في مسار انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية".
كان مستشار للرئيس الفرنسي، طلب عدم كشف اسمه، ذكر في أنّ لودريان (75 عامًا)، الذي كان وزير خارجية فرنسا خمسة أعوام حتى 2022، سيُكلّف بصفته رجلًا يتمتع بخبرة واسعة "في إدارة الأزمات"، بالمساعدة في إيجاد حلّ "توافقي وفعّال" للأزمة اللبنانية.
وأضاف المستشار أنّ لودريان "يخطط للذهاب إلى لبنان قريبًا جدًا"، مشيرًا إلى أنّ الرئيس ماكرون طلب منه "أن يعدّ له سريعًا تقريرًا عن الوضع" في هذا البلد يتضمّن "مقترحات عمل".
جاء تعيين لودريان، بعد أيام من زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى باريس، حاملًا معه مقترح القوى المسيحية بترشيح أزعور الذي يعده حزب الله "مرشح مواجهة وتحدّ".
تنسيق فرنسي أمريكي
بدوره، رأى رئيس حركة النهج النائب اللبناني السابق حسن يعقوب، أن تكليف وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان بالملف اللبناني من قبل فرنسا، يعكس توجهًا ومقاربة جديدين للملف الرئاسي، لأن لودريان يدير سياسة فرنسا الخارجية بالتنسيق مع الأمريكيين، وهذا يعني الابتعاد عن دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وأضاف يعقوب في "تويتر" أن "الجميع يبحثون عن الاسم الثالث، والسؤال هو كم يحتاج هذا الرئيس من الفراغ حتى يصل؟".
في المقابل يرى مراقبون أن فرنسا قد تذهب في سياق محاولة إقناع الثنائي الشيعي بقبول أزعور، خاصة إذا لم يتضمن برنامجه الرئاسي أي توجه استفزازي لكليهما، وانحصرت مفردات البرنامج في الدفع باتجاه استقرار الوضع السياسي والتركيز على الإصلاح الاقتصادي.
تنحي أزعور
بدوره، تنحّى مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور موقتاً من منصبه، وفق ما أفادت مسؤولة في المؤسسة الدولية، في خطوة جاءت بعد إعلان كتل نيابية عدة في لبنان، دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
وقالت مديرة التواصل الاستراتيجي في الصندوق جولي كوزاك: "من أجل تجنُّب أي انطباع عن تضارب المصالح، تخلّى مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور موقتًا عن مسؤولياته في صندوق النقد، وهو في إجازة".
جاء إعلان صندوق النقد، قبل أيام من جلسة برلمانية لانتخاب رئيس، وبعد إعلان القوى المسيحية الرئيسة ونواب آخرين تأييدهم وصول أزعور إلى سدة الرئاسة، في مواجهة الوزير الأسبق سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وكتل متحالفة معه.
وارتفعت أسهم أزعور الذي انضم إلى صندوق النقد عام 2017 وكان وزير المال اللبناني بين عامي 2005 و2008، في الأسابيع الأخيرة، إثر اتصالات مكثفة بين كتل معارضة أبرزها حزبا القوات الللبنانية الذي يحظى بكتلة برلمانية وازنة والكتائب اللبنانية، مع التيار الوطني الحر، حليف حزب الله المسيحي الأبرز والرافض لوصول فرنجية إلى سدة الرئاسة.
وأعلن 32 نائباً دعمهم ترشيح أزعور، بينهم النائب ميشال معوّض الذي كان أول من أعلن خوض السباق الرئاسي، بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون نهاية أكتوبر.
دعم فرنجية
أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، صهر عون، "تقاطع" حزبه مع كتل نيابية أخرى على اسم أزعور رغم الخصومة التي تجمعه بعدد منها، الأمر الذي أثار انتقادات حادة من حزب الله وحليفته حركة أمل.
في السياق، جدّدت كتلة حزب الله النيابية -الخميس- دعمها لفرنجية "كمرشح طبيعي مُطَمئن لشريحة كبيرة من اللبنانيين ومتصالح مع جميع فئاتهم"، موضحًا أن دعمه "لا يشكّل تحدّياً لأحد".
ويصف نواب في حزب الله أزعور من دون تسميته بمرشح "التحدي والمواجهة".
أزعور حائز -وفق موقع صندوق النقد- دكتوراه في العلوم المالية الدولية، ودرجة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية.
شغور رئاسي
منذ انتهاء ولاية عون، فشل البرلمان خلال 11 جلسة في انتخاب رئيس، وسط انقسام بين فريق مؤيد لحزب الله وآخر معارض له، وتباينات داخل كل فريق.
ولا يملك أي فريق سياسي أكثرية تخوله إيصال مرشحه.
ويحتاج المرشّح، في الدورة الأولى من التصويت، إلى أغلبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز.
وتصبح الأغلبية المطلوبة، إذا جرت دورة ثانية 65 صوتاً من 128 هو عدد أعضاء البرلمان، إلا أن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.
تدير لبنان حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد منذ عام 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.